يتكون مفهوم تنمية الموارد البشرية المعاصرة من شقين اثنين أساسيان هما كما يلي(1)
1- التدريب و التنمية عملية إستراتيجية:
ينظر في الوقت الحاضر إلى التدريب و التنمية على أنها عملية إستراتيجية، تأخذ شكل نظام فرعي مكون من أجزاء متكاملة، وتعمل ضمن نظام وإستراتيجية أكبر هي إستراتيجية المنظمة، وضمن إطار ودور إدارة الموارد البشرية فيها. وتتكون إستراتيجية التدريب و التنمية من مجموعة مخططة من برامج التدريب و التنمية البشرية المستمرة، التي تهدف وتسعى إلى تطوير وتحسين أداء كل من يعمل في المنظمة وتعليمه كل جديد بشكل مستمر، من أجل مساعدة الجميع على تحقيق مكاسب وظيفية ومستقبل وظيفي جيد. وفي الوقت نفسه تسعى هذه الإستراتيجية إلى تشكيل بنية تحتية من المهارات البشرية التي تحتاجها المنظمة في الحاضر و المستقبل، لرفع كفاءتها الإنتاجية وفاعليتها التنظيمية باستمرار، لتحقيق الرضا لدى زبائنها، حيث يتوقف وجودها على هذا الرضا. وكذلك التأقلم و التكيف مع التغيرات التي تحدث في البيئة وينعكس أثرها على نشاط المنظمة في المدى القصير و البعيد، حيث تحتاج هذه التغييرات إلى تعليم و اكتساب مواردها البشرية المهارات الجديدة و المتنوعة لاحتوائها و التعايش معها، فهذه المهارات الجديدة التي تخلقها التنمية، تساعد إلى حد كبير على تخفيف الضغوط التي تشكلها التغييرات على الموارد البشرية.
يمكن القول إذا بأن التدريب و التنمية كإستراتيجية، تسعى إلى بناء نظام معرفي حديث لدى الموارد البشرية في المنظمة، وتطوير مهاراتها الحالية، وإكسابها أخرى جديدة ومتنوعة، وتعديل اتجاهاتها السلوكية للأفضل، بهدف الاستيعاب و التأقلم مع التغييرات التي تحدث في البيئة وتفرض على المنظمة تبنيها و التكيف معها.
2- التدريب و التنمية عملية تعلم مستمرة:
التدريب و التنمية البشرية كعملية تعلم مخططة تتكون من قسمين:
التدريب: عمل مخطط يتكون من مجموعة برامج مصممة من أجل تعليم الموارد البشرية كيف تؤدي أعمالها الحالية بمستوى عالي من الكفاءة، من خلال تطوير وتحسين أدائهم.
التنمية: عمل مخطط يتكون من مجموعة برامج مصممة من أجل تعليم الموارد البشرية وإكسابها معارف، جديدة، متوقع أن تحتاجها في أداء مهام أو وظائف جديدة في المستقبل، و التأقلم و التعايش مع أية مستجدات أو تغييرات تحدث في البيئة وتؤثر في نشاط المنظمة.
يتضح مما تقدم أن القسمين أعلاه التدريب و التنمية يعتمد كلاهما في الوقت الحاضر على التعلم المستمر، الذي يعتبر الآن الركيزة التي تقوم عليها إستراتيجية تدريب وتنمية الموارد البشرية، فالتدريب و التنمية لكي يكونا فعالين، يجب أن يقوما على أساس تعليم المتدربين كيف تفعل الأشياء بشكلها الصحيح، وأيضا تعليمهم أشياء جديدة يحتاجونها في أعمالهم الحالية و المستقبلية. فالمتدرب الذي لم يتعلم شيئا من التدريب و التنمية، معنى ذلك أن الجهود التي بذلت في هذا المجال قد باءت بالفشل، فالتعلم هو حصيلة ونتاج لعملية التدريب و التنمية، فعندما يتحقق التعلم معنى ذلك أنه قد حدث لدى المتدرب تغيير ملائم ومطلوب في:
معرفته Knowledge، ومهاراته Skills، واتجاهاته Attitudes، وسلوكياته Behaviors، وخبرته Experience.
نخلص من ذلك:
بأن التدريب و التنمية كإستراتيجية وعملية منتظمة يعتمدان على التعلم، ويهدفان إلى بناء معارف ومهارات واتجاهات وسلوكيات لدى الموارد البشرية، من أجل تطوير وتحسين أدائها الحالي و المستقبلي، و التكيف مع تغيرات البيئة الدراماتيكية، وهما مساعي حثيثة وجادة لأحداث المطابقة و المواءمة بين خصائص الموارد البشرية من جهة وخصائص أعمالها الحالية و المستقبلية من جهة ثانية، وجعل أدائها في حالة تحسن مستمر.
الهوامش:
(1) عمر وصفي عقيلي، إدارة الموارد البشرية المعاصرة: بعد إستراتيجي، عمان، دار وائل، 2005، ص ص 437-438.