كيف تخطط لحياتك (3)  الخطوة الاولى حدد هدفك(1)














بعد أن تعرفنا في المقالات السابقة على أهمية التخطيط والعقبات التي تعترض طريق التخطيط الفعال، بقى أن نخطو خطوات نحو التخطيط الناجح، وأولها تحديد الهدف بدقة وفاعلية.
الخطوة الأولى: حدد أهدافك.
عزيزي القارئ، هل تحب أن تقوم معي بتجربة مفيدة؟ هيا بنا لنعود إلى الوراء قليلا؛ لنحمل معنا أهم المعاني المتعلقة بتحديد الأهداف، والتي تحدثنا عنها باستفاضة في الحلقة الأولى من تلك السلسلة، حلقة صناعة الهدف.
راجع سيناريو حياتك.
ألا يذكرك هذا العنوان بعنوان شبيه به؟ كأني أسمعك تقول: نعم، يذكرني بعنوان (اكتب سيناريو حياتك)، فكما أرشدناك إلى أن تكتب سيناريو حياتك في (صناعة الهدف)، فها نحن نطلب منك اليوم أن ترجع إلى ما كتبت، ترجع إلى سيناريو حياتك الذي كتبت فيه (رسالتك) وهي أهدافك السامية ومهامك النبيلة التي عشت من أجلها، ثم رسمت فيه (رؤيتك) وهي أقصى طموح واقعي يمكنك تحقيقه لأداء رسالتك، ثم حددت فيه (أهدافك) وهي تلك النتائج المرحلية التي توصلك إلى تحقيق رؤيتك.
أما رسالتك ـ أيها المؤمن ـ فليس لك فيها خيار، فهي بلا تردد ترتكز على إرضاء الله تعالى من خلال صياغة الحياة بهذا الدين، ولكن لك الخيار في المجال الذي سترضي به ربك، وتنصر به دينك، ولكن لا تنسَ الدعائم الأربعة التي تعينك على اختيار المجال الذي ستحقق رسالتك من خلاله:
1. لا تكن غير نفسك فاحذر التقليد الأعمى.
2. الاستخارة والدعاء.
3. استشارة ذوي الخبرة من أقاربك ومعارفك.
4. امتلك القدرة على قول لا لمن يفرض عليك ما لا يتوافق وإمكاناتك وميولك.
أما رؤيتك فهي مرتكزة على جوانب أربعة رئيسة وهي:
1. الجانب الإيماني.
2. الجانب الاجتماعي.
3. الجانب التطويري.
4. الجانب المادي.
خماسية الهدف الفعال.
إنها فروع خمس تصب مياهها في مصب واحد، مصب الأهداف الفعالة؛ حتى تتحق الأهداف بشكل جلي، ويكون لها تأثير إيجابي، ولأن الأهداف هي الخطوة الأولى على طريق التخطيط الفعال، فكان لابد لهذه الأهداف أن تحوز تلك السمات الخمس، وهي:
1.المشروعية.
ونعني بها أن يكون الهدف متوافقًا مع شرع الله تعالى؛ وذلك حتى لا يصرف الإنسان عمره في تحصيل ما حرم الله، وفي نفس الوقت كيف تريد أن تستجلب عون الله وتوفيقه لك في تحقيق هدفك إلا أن يكون هدف يحبه الله ويرضى عنه؟! فالمولى تبارك وتعالى يقول في كتابه العزيز: {والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا}[العنكبوت: ٦٩]،ومهما كان سمو الرسالة فإنه لا يبرر عدم شرعية الهدف، فالنبي e يقول: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رَدٌّ)) [رواه مسلم].
2.الدقة والوضوح.
بأن يكون هدفك واضحًا ومحددًا، لا غموض فيه ولا لبس، (ومن وضوح الهدف أن يكون إيجابيًّا لا سلبيًّا؛ أي أن تحدد ما تريده بوضوح، إذ إن من الأخطاء التي يقع فيها كثير من الناس عند سؤاله عن هدفه أنه يذكر لك ما لا يريده، أما ما يريده فهو غير واضح في ذهنه، أو لم يفكر فيه أصلاً، ومن وضوح الهدف أيضًا أن تتخيل أكبر قدر ممكن من تفاصيله كأنه منجز متحقق حاصل بين يديك).
3.القابلية للتقويم والقياس.
فلا قيمة لهدف لا يمكن تقويمه أو قياسه، إذ كيف سيمكنك أن تعرف مدى تقدمك نحو هدفك، لا تقل مثلاً هدفي في الجانب الإيماني أن أكون عابدًا لله، بل قل: أن أصلي كل يوم إحدى عشرة ركعة من قيام ليل، وأتلو جزءً من كتاب الله كل يوم.
إن وضعك لأهدافك في صورة كمية يمكن قياسها، سيمنح لك القدرة ـ بإذن الله ـ على تحقيقها بنجاح؛ لأن معرفتك للتقدم الذي تحرزه حيال أهدافك سوف يشجعك، ويرفع من روحك المعنوية، ويعطيك الثقة بنفسك، فتوقن أنك قادر بعون الله على تحقيق أهدافك.
4.القابلية للتحقيق.
وذلك بأن يتسم هدفك بالواقعية والطموح في آن واحد، فكلا طرفي قصد الأمور ذميم، وذلك بأن يكون الهدف بعيدًا عن يدك، ولكنه ليس بعيدًا عن عينك، فكثير من الناس يضع أهدافًا بعيدة المنال كل البعد، بحيث يغلب على الظن أنه من المستحيل تحقيقها.
5.مراعاة الزمن.
يجب أن تكون لأهدافك نقاط بدء ونقاط انتهاء، وذلك بوضع فترات زمنية محددة لتحقيق هذه الأهداف، (فلابد لهدفك من إطار زمني؛ فبالوقت يمكنك أن تحقق أهدافك، بالضبط مثل السماء والنجوم تتحرك جميعها جنبًا إلى جنب).
إن الأهداف التي لا تملك إطارًا زمنيًا ما هي إلا أمنيات، فعندما تحدد لهدفك وقتًا محددًا فإنك تكون أكثر التزامًا، وأعلى تحفيزًا لتحقيق هذا الهدف خلال تلك الفترة.
وننبه هنا على أنه لابد أن يكون الزمن المقدر مناسبًا لتحقيق الهدف بلا إفراط أو تفريط، فإذا كان الزمن غير كافٍ لتحقيق الهدف، فقد حكمت على نفسك بالفشل، كمن يريد الحصول مثلاً على شهادة التخرج من كلية الهندسة في عام واحد، أما إذا كان الزمن زائدًا على حاجة الهدف ففي هذا تضييع للعمر، وخسارة للوقت الذي هو رأس مال الإنسان الحقيقي في الحياة.
كيف تضع أهدافك؟
أولًا: حدد رؤيتك في كل جانب من هذه الجوانب الأربعة (الإيماني، الاجتماعي، الشخصي، المادي)؛ فكلها ضرورية للحياة الفعالة، ولكي يمكنك تحقيق التوازن بينها إليك هذه المفاتيح:
1. أن تكون رؤيتك في كل جانب معبرة عن رسالتك.
2. التركيز على المبادئ القويمة التي قامت عليها رسالتك.
3. كتابة أدوارك في كل جانب من جوانب رؤيتك في بداية كل أسبوع.
مثال:
@ رسالتي في الحياة: إرضاء الله تعالى من خلال إسعاد نفسي وأهلي والآخرين بتخفيف الألم والمعاناة عنهم.
@ رؤيتي في الجانب المهني:
1 ـ أن أعمل أستاذًا في كلية الطب قسم الأمراض الباطنية.
2 ـ أن أكون مديرًا لمستشفى خاص.
3 ـ أن أملك عيادة خاصة.
4 ـ أن أكون نقيبًا للأطباء في بلدي.
خاتمة:
تعرفنا في هذا المقال على الخطوة الأولى نحو تحقيق الأهداف، ونتعرف على المقال القادم إن شاء الله على الخطوات التالية.
أهم المراجع:
1. صناعة الهدف، صويان الهاجري وهشام مصطفى وآخرون.
2. حتى لا تكون كلاً، د. عوض القرني