اتفق مسؤولون عن الموارد البشرية في شركات خاصة على أن عدم استقرار السعوديين في وظائف القطاع الخاص يعود لعدم وجود «بنية تحتية للموارد البشرية»، وأشار أحدهم إلى أن 80 في المئة من الشركات العاملة في السوق تعد «شركات متوسطة وصغيرة تفتقر لتلك الإدارات».

وقالوا لـ «الحياة»: «إن عدم وجود تلك الإدارة المختصة في الموارد البشرية وفقدان غالبية الشركات للسلم الوظيفي يجعل عملية الاستقرار فيها صعبة بالنسبة للشبان السعوديين».

وذكر الخبراء ضرورة تبني شركات القطاع الخاص فكر التطوير والتأهيل من خلال دورات وورش عمل للسعوديين بشكل مستمر، لرفع أدائهم الوظيفي، بما يتناسب مع تطلعات الشركة، خصوصاً في ظل افتقاد مبدأ المساوة مع الأجنبي الذي يرضى بالقليل، ولديه مهارات العمل في القطاع الخاص عكس السعودي».

وقال خبير الموارد البشرية الدكتور سمير حسن: «لا يستقر الشاب السعودي في وظيفته لأسباب منها عدم وجود بيئة العمل المناسبة في القطاع الخاص، إذ ان 80 في المئة من شركات القطاع الخاص صغيرة وغير مهيأة البنية التحتية لاستيعاب الشاب السعودي».

وأضاف: «معظم الشركات الصغيرة لا تستطيع التدريب والتطوير وتحافظ على الشاب السعودي مقارنة بالشركات الكبيرة»، مشيراً إلى أن عدد الشبان السعوديين المؤهلين ذوي الكفاءة «قليل نسبياً». وأضاف: «عدد فرص العمل في السوق كبيرة جداً، لكنها تخص الشاب المؤهل فقط».

وأضاف: «الرواتب في القطاع الخاص متفاوتة، منها المتجني ومنها المرتفع، لكن التحدي الحقيقي امام الشركات هي أن تستطيع استيعاب الشاب السعودي وتوفر برامج للحفاظ عليه لأن الشاب إذا رأى انه يعمل ويتدرب ويتطور فإنه سيستقر في الشركة، حتى إن كان راتبه ليس مرتفعاً».

واوضح أن معظم الشركات التي تفشل في الحفاظ على موظفيها السعوديين تعاني من عدم وجود سلم رواتب واضح ولا مسار وظيفي ظاهر، ولا تملك القدرة على تطوير موظفيها.

فيما حدد المدير العام للموارد البشرية في إحدى شركات القطاع الخاص خالد السيف أسباب عدم استقرار السعوديين في وظائف القطاع الخاص، وقال: «هنالك أسباب عدة تسهم في عدم استقرار السعودي في وظيفته، منها عدم معرفة الموظف بطبيعة العمل في الشركات الخاصة، إذا يعتمد العمل فيها على مستوى الإنتاجية ورفع أداء الشركة، إضافة إلى أن تجربة عمل الشاب السعودي ضعيفة بالعمل في القطاع الخاص، إذا يفتقر لأسس العمل في القطاع الخاص».

ويرى السيف أن الحل يكمن في وضع خطط تدريبية للشبان السعوديين، تعتمد على تلقينهم أسس العمل الصحيح داخل الشركات، لاسيما أن المنافسة شديدة مع الموظف الأجنبي القنوع».

وقال: «إن رغبة القطاع الخاص في الاحتفاظ بالعمالة الأجنبية وتفضيلها على السعودية، بهدف الوصول لإنتاجية محددة بحسب خطط الشركة، إضافة إلى عدم إلمام الشركات بأهمية الموارد البشرية واستقطاب الكفاءات، يجعل الموظف السعودي غير مؤهل لفكرة العمل في القطاع الخاص والتنقل من شركة لأخرى من دون استقرار وظيفي، خصوصاً خلال الخمس السنوات الأولى».

فيما يرى سعد الحارثي مدير الموارد البشرية في إحدى شركات القطاع الخاص ان عدم استقرار الشبان السعوديين في وظائفهم يعود إلى عدم ملاءمة تخصصاتهم الجامعية لسوق العمل، وقال لـ «الحياة»: «لو نظرنا إلى المناهج الجامعيّة لوجدناها تعتمد اعتماداً شبه كلّي على الدراسة التقليديّة النظرية، وافتقارها لوسائل التدريب العملي والتطوير الفعلي بما يتناسب حاجة سوق العمل من الناحية الواقعية والتأهيلية، ما يعوق عملية استقراره في ما بعد في الوظيفية».

مشيراً إلى ان احتقار بعض الشباب للأعمال المهنيّة على رغم من معرفتهم التامة بعدم وجود فرص عمل لهم أسهم في رفع معدلات البطالة وعدم استقرارهم في تلك الوظائف من دون مبررات مقنعة.

ولفت الحارثي إلى أسباب أخرى تعرقل استمرار السعودي في العمل منها عدم قيام القطاع الخاص السعودي بدوره في جذب العمال السعوديين، وتفضيله للعمالة الأجنبية الأقل أجراً، والتي يمكن أن يتخلص منها عندما يرغب في ذلك، إضافة إلى عدم رغبة الأجانب العاملين في المواقع المختلفة في تدريب السعوديين الداخلين حديثاً إلى العمل؛ خوفاً من أن يأخذوا أماكنهم ويتم الاستغناء عنهم.