وجدت دراسة أعدها باحثون من كلية سليمان عليان لإدارة الأعمال في الجامعة الأميركية في بيروت، حول إدارة الموارد البشرية في القطاع المصرفي العربي، «فروقاً في إدارات الموارد البشرية بين البلدان». ورأت أن «ممارساتها هي الأفضل في البحرين وقطر وعُمان والكويت والأردن والإمارات وفلسطين». واعتبرت أن "دور مديري الموارد البشرية في مصارف هذه البلدان أكثر استراتيجية وظهوراً».

وقاد الدراسة الأستاذتان فدى أفيوني وشارلوت كرم، بمعاونة الباحث المساعد حسين الحاج. وشارك فيها مديرو الموارد البشرية من 98 مصرفاً في 13 بلداً عربياً، لدى الواحد منها أكثر من مئة موظف. واندرجت المصارف المشاركة في فئة المصارف التجارية أو الاستثمارية أو الإسلامية أو العالمية أو الخاصة أو المختلطة، وموّل الدراسة المجلس الوطني للبحوث العلمية في لبنان.

واعتبرت أفيوني، أن «المصارف العربية اليوم هي من أكثر المصارف ريادة في العالم النامي، وبعضها ينافس مصارف عالمية كبرى». ولفتت إلى أن اتحاد المصارف العربية «صنّف أداء القطاع المصرفي في الشرق الأوسط بالأفضل عام 2009، مقارنة بمعظم دول العالم النامي، لكنه ادنى كثيراً من أداء المصارف في الدول الصناعية ودول شرق آسيا». ولاحظت أن «مقدار التجديد في القطاع المصرفي في الشرق الأوسط يبقى منخفضاً مقارنة بالدول الصناعية، كما لا تزال المصارف العربية متلكئة في الاندماج لتشكيل مشاريع أكبر وأقوى».

وخلصت الدراسة إلى «وجود نموذج للموارد البشرية العربية يتميّز بالتركيز على التوظيف من الداخل، والتدريب الكثيف، وتنمية المواهب والتمسّك بها، والاهتمام الشديد بالأفراد وبناء علاقة ثقة مع الموظّف والمديرين على كل المستويات». ولفتت إلى أن «ما يغيب عن هذه المصارف، هو ترتيبات العمل البديل، واعتماد التعهدات الخارجية، وتصغير نطاق العمل، والصرف الجماعي، وأدوات الإدارة المتطورة».

وأوضحت أفيوني، أن هذا النموذج «يظهر أيضاً أن البيئة التي تعمل فيها إدارة الموارد البشرية مركزية بامتياز وبيروقراطية وجامدة». ورأت أن المصارف العربية هي «مؤسسات تراتبية لا يمكن الموظف فيها إلا تنفيذ الإرشادات بدلاً من اتخاذ قراراته بنفسه، لذا لا يتجاوب بسرعة مع متطلبات العمل المتغيّرة».

وأظهرت الدراسة، أن «79 في المئة من مديري الموارد البشرية يملكون معرفة قوية بعمليات المصارف وممارسات الموارد البشرية في القطاع المصرفي، لكنهم لا يتدخلون بقوة في تصميم استراتيجبات العمل، ولديهم اطلاع محدود على عمليات دمج المصارف وشرائها الجارية في بلدانهم، وهم ليسوا معنيين بقضايا إدارة التنوع في العمل»، ما اعتبرته أفيوني إشارة إلى أن «مديري الموارد البشرية ليسوا شركاء استراتيجيين أو صنّاع تغيير، ما يتناقض نوعاً ما مع ما وجدته دراسة سابقة عن الأهمية المعطاة لإدارة المواهب والدرجة العالية من الإحتراف لديهم». وأشارت إلى أن الدراسة تبيّن أن «هؤلاء المديرين في المصارف المشاركة فيها، من المحترفين لكنهم لا يؤدون دوراً استراتيجياً». لذا أكدت ضرورة أن «تقوم الإدارات العليا للمصارف بترقية مديري الموارد البشرية فيها إلى المستوى التنفيذي، وأن تخفّض مستوى البيروقراطية والصرامة الإدارية فيها لتصبح إدارات الموارد البشرية وحدات استراتيجية تزيد القيمة المكتسبة للمصرف».

يُذكر أن هذه الدراسة هي قيد المراجعة للنشر الأكاديمي في المجلة الدولية لإدارة الموارد البشرية، وستقدّم في جامعة كمبريدج خلال اللقاء البحثي الخليجي بين 6 و9 تموز (يوليو) المقبل.