إدارة المعرفة وموظفو الخط الأمامي
إدارة المعرفة هي مقاربة يمكن أن يستفيد منها جميع العاملين ضمن إحدى المؤسسات اعتباراً من المدير الأعلى مروراً بمجموعة الخط الأمامي من الموظفين وحتى خارج حقل العمل
وبالرغم من أهمية هذا المنهج، إلا أن العديد من دراسات الحالات كانت تركز على الإدارة والهيئة الاستشارية، ولم تخاطب البيئة الفريدة والتي تعتبر الوجه الشعبي للتنظيم. يتناول الموضوع الذي نطرحه اليوم الطريقة التي تعمل فيها هيئة الخط الأمامي، وكيف يمكن أن يتم استخدام إدارة المعرفة لتحقيق احتياجاتهم. لا تقدم هذه المقالة الإجابات القاطعة عن الصعوبات في تطبيق إدارة المعرفة على هيئة الخط الأمامي ؛ بل هي تتطلع إلى تشجيع المناقشة والبحث في هذا المجال.
ممن تتكون هيئة الخط الأمامي؟
أعضاء هيئة الخط الأمامي هم أولئك الذين يتفاعلون بشكل مباشر مع الزبائن أو العامة، ويتضمنون:
- مجموعة استقبال الزوار .
- مجموعة خدمة الزبون.
- مجموعة الفرع بشكل عام.
- مركز الاتصالات.
كما يوجد أنواع أخرى متعددة من مجموعة الخط الأمامي مثل مجموعة المبيعات، وأولئك الذين يعملون خارج مكان العمل.
يتمتع أفراد الخط الأمامي بهامش تفاعلي واسع مع الزبائن أو العامة
بيئة الخط الأمامي:
من الهام أن نتفهم البيئة التي يعمل فيها موظفو الخط الأمامي، فهي تختلف تماماً عن بيئة الإدارة والفعاليات الإدارية في معظم المؤسسات.
من المقومات الأساسية لهذه البيئة:
- نموذجياً، تكون الأدوار التي يقوم بها موظفو الخط الأمامي محددة بدقة.
- يتمتع هؤلاء بهامش تفاعلي واسع مع الزبائن أو العامة.
- البنية الإدارية في بيئات الخط الأمامي، هرمية واضحة ، وهي نموذجياً تنحدر من المدير الأعلى إلى مدراء المنطقة إلى مدراء الفروع ، قادة الفرق، ونهاية بمجموعة خدمة الزبائن.
- تتبع خطوط الاتصالات هذا التنظيم الهرمي "سلسلة الأوامر".
- معظم أعضاء هيئة الخط الأمامي يحتلون مواقع ثانوية داخل التنظيم
- غالبية أدوار الخط الأمامي غير احترافية.
- تتلقى مجموعة الخط الأمامي بشكل عام تدريباً منظماً عند بداية تعيينهم.
- يعاني موظفو الخط الأمامي من ضغوط كبيرة من حيث الوقت والموارد.
- تعتبر بيئات الخط الأمامي ضمن خط المراقبة المباشر وذلك نظراً لفعالياتها النشطة والمستمرة.
- تعتبر الشركة مسؤولة قانونياً عن فعاليات وأعمال هذه المجموعة.
- تعتبر فرص الإبداع لمجموعة الخط الأمامي محدودة في إطار العمل المسند إليهم.
- الهدف الرئيسي من وجودها الاستمرارية وليس الإبداع.
الإبداع مقابل التكرار :
كثيرون هم من وجهوا أهمية إدارة المعلومات إلى دعم الإبداع ضمن التنظيم. وهذا ما أدى بدوره إلى التركيز على مقاربات مثل مجموعات العمل والتحرك نحو خلق منظمات "متمكنة معلوماتياً".
البنية الإدارية في بيئات الخط الأمامي، هرمية واضحة ، تنحدر من المدير الأعلى وصولاً إلى مجموعة خدمة الزبائن.
وإذا كنا لا نختلف على أهمية تطوير مقاربات جديدة بالنسبة لكثير من التنظيمات، إلا أن التحدي يبقى بالنسبة للبعض "كيف تحافظ على وضعها كما هو".
غالباً ما تكون الوكالات الحكومية مثالاً جيداً عن هذا التوجه، فهي عادة ما تمارس نوعاً من الأعمال القانونية (تقديم إجازات السوق، أو مدفوعات التأمين الاجتماعي...). في هذه التنظيمات هناك حاجة لتقديم نفس المستوى من الخدمة اليوم وغداً والسنة القادمة وربما لمدة عشر سنوات...
هذا لا يعني أن خدمات هذه التنظيمات لا تتطور أو أن الإبداع لا دور له فيها؛ ما يجب علينا أن ندركه هو أن هذه التنظيمات لا تسعى نحو فرص سوق جديدة ، أو توجد منتجات جديدة، أو تغير في طبيعة الخدمات التي تغيرها.
في هذه الحالات يجب أن تركز إدارة المعلومات على:
الاستمرارية
التكرار
الدقة
يكمن التحدي هنا في المحافظة على هذه العوامل الثلاث في مواجهة إعادة الهيكلة التنظيمية، وإنهاء خدمة مجموعة من الموظفين، وتجاه مصادر عدم الاستقرار الأخرى أيضاً.
وبالرغم من أن هذا المجال ليس جذاباً كما هو حال الإبداع، إلا أنه يحتوي على الكثير مما يمكن أن تقدمه إدارة المعلومات.
نشر المعرفة:
بخلاف مجالات العمل الأخرى، فإن بيئة عمل الخط الأمامي لا تعتمد على الفريق أو على المشروع، عوضاً عن ذلك، يقوم الخط الأمامي بإنجاز المهمات التي يحددها مجال العمل، عاكسة أي تغيير أو مبادرة قد تقوم بها الإدارة.
يجب أن يكون الهدف الأولي لإدارة المعرفة هو نشر المعرفة بشكل فعال ابتداء من الإدارة المركزية وحتى جميع الفروع والمراكز.
لاحظ أن نشر المعرفة ليس مجرد إرسال المعلومات، فتوفير المعلومات شيء وجعل المجموعة تعمل عليها شيء آخر.
الخطوة الأولى في نشر المعرفة هي وضع خطة لاستخدام المعلومات التي ستصل إلى جميع العاملين في الخط الأمامي. ستكون هذه فيما بعد المصدر الوحيد للتطوير والأخبار.
إلا أن هذا هوجزء فقط من الحل، صحيح أنه بمقدور البنية التحتية المعلوماتية أن تقدم المعلومات بسهولة، إلا أن هذا ببساطة لا يعني سوى أن تضع أمام مجموعة الخط الأمامي سيلاً جارفاً من المعلومات، ومع الوقت القليل المتاح تجد المجموعة نفسها عاجزة عن التواصل مع هذا الكم...
يجب أن يتم نشر المعرفة بطريقة مفصلة على الحاجات المحددة لمجموعة الخط الأمامي . هذا يعني تواصلاً مختصراً واضحاً ومركّزاً.
وراء ذلك يجب أن تدار المبادرات ضمن كل فرع من الفروع للتأكد من أن المعرفة تصل إلى أفراد الخط الأمامي، وليس فقط إلى مدرائهم أو قادة الفرق.
أفضل طريقة للتأكد من أن أفراد المجموعة متواصلون مع خط المعرفة هو إشراكهم في تصميم الحلول. في تجربتنا، يمتلك أفراد الخط الأمامي فهماً واضحاً لمسؤولياتهم والمعرفة التي تؤهلهم للقيام بها.
ضمان الاستمرارية:
تعتبر كمية المعرفة التي يحتاجها أفراد الخط الأمامي مذهلة وهي تتضمن: معلومات عن المنتج أو الخدمة، معرفة مفصلة عن التنظيم نفسه، الأخبار وأحدث المستجدات، الاحتياجات القانونية للشركة...وغيرها كثير.
أفضل طريقة للتأكد من أن أفراد الخط الأمامي متواصلون مع خط المعرفة هو إشراكهم في تصميم الحلول
الكثير من هذه المعرفة يستخدم بشكل يومي ، وبالتالي يكون من السهل تذكره، مع ذلك يبقى القليل مما يمكن أن يستجد. هذه المعلومات هي التي تشكل التحدي الأكبر.
غالباً ما يحتاج موظفو الخط الأمامي المعلومات قبل أي شخص آخر في التنظيم، فلو أن أي موضوع يهم التنظيم تم طرحه على صفحات الصحف ، يجب أن يكون أعضاء هذا الخط أول من يطلع عليه ليتمكنوا من الإجابة على الأسئلة والمكالمات الهاتفية.
التحدي الأخير هو أن يكون هناك استمرارية في تامة في المعلومات التي تُقدم إلى الزبون. فلو أن الزبون اتصل هاتفياً بمركزين من مراكز الخدمة في الشركة يجب أن يتلقى نفس الإجابة على سؤاله من كلا المركزين، بل الأمر يتعدى ذلك إلى وجوب تطابق الإجابات بين فروع التنظيم.
وللوفاء بجميع هذه الاحتياجات، كان من الضروري تطوير "قاعدة معرفة " knowledgebase، تحتوي على تفاصيل موثقة للمنتجات والعمليات وأسئلة الزبائن. يجب أن تكتب هذه بطريقة تدعم الدخول السريع والفهم السهل.
إلا أنه، ولسوء الحظ، يقف الشكل الهرمي التنظيمي الذي يحكم طبيعة عمل الخط الأمامي حائلاً أمام أشكال إدارة المعرفة المشتركة الأخرى مثل جماعات التنظيم أو الممارسات التنظيمية. ففي حين تكون إدارة أشكال المعرفة هذه مفيدة في أحد الفروع، ، تكون المشاركة فيها باهتة مع الفروع أو المواقع الأخرى للتنظيم. ومع استمرار وجود هذه البنية، تبقى الإدارة تعاني من الإخفاق في تمكين الخط الأمامي من المعلومات التي يحتاجها فعلاً!
إن ضرورة مشاركة أفراد هذا الخط بوضع الحلول تحتِّم الاحتفاظ بهم في مركز الدائرة