(منح التقدير للآخرين هو شيء رائع؛ إنه يجعل أفضل ما يملكه الآخرون ملكًا لك أيضًا)
فولتير
لقد تباينت وجهات نظر الباحثين في مجال الإدارة، والمسئولين في المنظمات، نحو الحوافز ودرجة أهميتها، وتأثيرها المباشر وغير المباشر في دفع سلوك الأفراد، وعن الحوافز الملائمة لجميع فئات العاملين، والأسس التي يتم بموجبها وضع نظم الحوافز، والتخطيط لها وكيفية التغلب على معوقات تنفيذ نظم الحوافز سواء كانت مادية أو معنوية.
مفهوم الحوافز:
تعددت وتنوعت التعريفات التي ذكرت عن الحوافز؛ وذلك تبعًا لاختلاف وتباين وجهات نظر العلماء والباحثين:
فيعرفها ب. سيمون بأنها: "هي مجموعة القوى، التي تجعل الفرد يتصرف أو يتفاعل مع قوة معينة".
كما يرى كلًا من ج. تيري و س. فرانكلين: "الحوافز هي التي بإمكانها سد حاجة معينة لدى الأفراد".
ويعرفها ديفيز كيث بأنها: "عبارة عن مجموعة من المتغيرات الخارجية، من بيئة العمل أو المجتمع، والتي تستخدم من قبل المنظمة؛ في محاولة للتأثير على الرغبات والإحتياجات".
كما يشير إليها د. علي السلمي: "هي شئ خارجي يوجد في المجتمع، أو البيئة المحيطة بالشخص، تجذب إليها الفرد؛ باعتبارها وسيلة لإشباع حاجاته التي يشعر بها".
أما صلاح بيومي فيرى أنها: " هي الوسائل المختلفة التي تستخدمها الإدارة؛ لحث العمال وتشجيعهم على زيادة الإنتاج بشكل أو بآخر، والوصول بمعدلاته وأرقامه إلى ما هو مخطط له؛ مما يدفع بعجلة الإنتاج إلى الأمام وتحقيق أهداف الوحدة الإنتاجية أو المصنع".
الحوافز... لماذا؟
تلعب الحوافز دورًا مهمًا في حفز العاملين على العمل وزيادة إنتاجهم، وهناك عاملان أساسيان يجب وجودهما في أي نظام حوافز؛ حتى يحقق هدفه، وهما أن يكون هناك توافق بين الحافز ورغبة الأفراد، وكذلك إرتباط الحافز بالإنتاج ومستوى الأداء، كما أن النظام الجيد للحوافز، يحقق نتائج مفيدة على مستوى الفرد والمنظمة كالآتي:
أولًا: على مستوى الفرد:
1. زيادة دخل الأفراد.
2. زيادة رضا الأفراد، وتحسين العلاقة بين الرئيس والمرؤوس.
3. إشباع احتياجات العاملين، بشتى أنواعها، وعلى الأخص ما يمس التقدير والاحترام والشعور بالمكانة.
4. إشعار العاملين بروح العدالة داخل المنظمة.
ثانيًا: على مستوى المنظمة:
1. زيادة أرباح المنظمة من خلال رفع إنتاجية العمل، وتحسين نوعية المنتجات أو الخدمات، وتخفيض التكاليف عن طريق تقليل المنتجات التالفة أو المعيبة.
2. تساعد الحوافز في تغذية المنظمة بالأفراد ذوي المهارات العالية، بجانب مساهمتها في المحافظة على المهارات الموجودة داخل المنظمة، بالإضافة إلى تشجيع الإبتكارات والإختراعات.
3. تؤدي الحوافز إلى التخلص من بعض المشاكل منها: مشكلة التغيب أو التأخر عن العمل، وتشجيع ساعات العمل الإضافية.
ثالثًا: بوجه عام:
1. المساهمة في إعادة تنظيم منظومة احتياجات العاملين وتنسيق أولوياتها.
2. المساهمة في التحكم في سلوك العاملين بما يضمن تحريك هذا السلوك وتعزيزه وتوجيهه وتعديله حسب المصلحة المشتركة بين المنظمة والعاملين.
3. غرس عادات وقيم سلوكية جديدة تسعى المنظمة إلى وجودها بين العاملين.
4. المساهمة في تعزيز العاملين لأهداف المنظمة أو سياساتها وتعزيز قدراتهم وميولهم.
5. ظهور الطاقات الإبداعية لدى العاملين بما يضمن إزدهار المنظمة وتفوقها.
6. المساهمة في تحقيق أي أعمال أو أنشطة تسعى المنظمة إلى إنجازها.
7. تحسين صورة المشروع أمام المجتمع.
التطور التاريخي للحوافز:
المرحلة الأولى: المرحلة التقليدية:
وتتكون هذه المرحلة من النظريات التقليدية في الإدارة، فهي تعتبر المنظمة وحدة إقتصادية مثالية لا علاقة لها بالبيئة الخارجية؛ حيث إستندت إلى جانب العمل الفني، ونظرت إلى الإنسان على أنه جزء من آلة كبيرة هي المنظمة التي تتكون من أجزاء مترابطة، ويرى ماكس فيبر مؤسس النظرية البيروقراطية أن الفرد كسول بطبعه وغير طموح ويسعى دائمًا إلى إشباع حاجاته المادية والأمنية، وقد اقتصرت الحوافز في هذه المرحلة على الحوافز المادية فقط.
وكذلك الحال بالنسبة إلى مدرسة الإدارة العلمية ومعلمها المهندس فردريك تايلور؛ حيث وضعت سياستها التحفيزية على الأساس المادي أيضًا، فقد وضع تايلور ثلاثة إفتراضات هي:
1. إن الإنسان كائن رشيد وعقلاني يسعى دائمًا إلى زيادة العوائد الإقتصادية.
2. أن كل فرد يستجيب إلى الحوافز المادية.
3. إن الإنسان آلة يعمل على أساس نمطي ومعياري.
المرحلة الثانية: مدرسة العلاقات الإنسانية:
من وجهة نظر هذه المدرسة أن المنظمة عبارة عن نظام كبير ومعقد التكوين؛ حيث يتكون من أجزاء متباينة في الأداء، أهمها الجانب الإنساني، وبالتالي المنظمة هي وحدة إجتماعية فنية يتم في داخلها التفاعل بين الجانب الإنساني والفني، وهذه المدرسة تنظر إلى الإنسان بإعتبار أن له مشاعر وأحاسيس ويعمل في داخل جماعات.
لذلك نجد أن هناك تطورًا واضحًا في النظر إلى الإنسان وكيفية التعامل معه، فالمنظمة بالإضافة إلى كونها وحدة إقتصادية، فهي وحدة إجتماعية أيضًا، لذلك نجد أن هناك تنوعًا عند منح الحوافز في هذه المرحلة، فبالإضافة إلى الحوافز المادية هناك الحوافز المعنوية مثل منح الفرصة للمشاركة في إتخاذ القرار والتعبير عن الرأي، وكذلك التقدير والإحترام.
المرحلة الثالثة: المرحلة الحديثة:
وهي متمثلة بالنظريات الحديثة في الإدارة، مثل نظريات الإدارة بالأهداف ونظرية النظم، وقد استفادت هذه المدارس من تجارب ما سبقها من نظريات وتجارب، وحاولت تجنب أهم الأخطاء التي وقعت فيها هذه النظريات، فهي تنظر للنظام على أنه نظام مفتوح، وليس نظامًا مغلقًا كالآلة الكبيرة التي كانت تراها المدارس التقليدية.
وقد نادت المدارس الحديثة بربط الحوافز بالنتائج المتحققة، ودعت إلى إختلاف ما يحصل عليه العاملون من حوافز سواء كانت مادية أو معنوية، وذلك حسب مستويات الأداء والنتائج التي يبلغونها، وكذلك دعت إلى ضرورة إشراك العاملين مع الإدارة في وضع خطط الحوافز من خلال دراسة حاجات الأفراد وكيفية إشباعها.
من يقوم بعملية التحفيز؟
يلعب كل من مدير إدارة الموارد البشرية والمديرين التنفيذيين في المنظمة أدوارًا مختلفة، بالنسبة لكل من نظام الحوافز ونظام المزايا والخدمات، ولو نظرت إلى الجدول التالي، ستجد أن مدير إدارة الموارد البشرية، يلعب الدور الأساسي والأهم في كل من تصميم تلك الأنظمة، وحساب المستحقات منها للعاملين، وإدارتها، والتنسيق بين كافة الجهات؛ لضمان إدارة سليمة لهذه الأنظمة.
أما المديرون التنفيذيون، فإن مهمتهم هي المساعدة في تصميم هذه الأنظمة، والمساعدة في الحفاظ عليها، والرد على استفسارات العاملين بشأنها.
مدير الموارد البشرية
المديرون التنفيذيون
1. تصميم أنظمة الحوافز، ومزايا وخدمات العاملين.
2. حساب مستحقات العاملين من الحوافز والمزايا والخدمات.
3. مساعدة العاملين في تقديم المزايا والخدمات إليهم.
4. الرد على تساؤلات العاملين فيما يمس الحوافز والمزايا والخدمات.
5. التنسيق بين كافة الجهات؛ لضمان إدارة سليمة لأنظمة الحوافز والمزايا والخدمات.
1. المساعدة في تصميم انظمة الحوافز والمزايا والخدمات.
2. الاحتفاظ ببعض السجلات التي تحدد أحقية العاملين في الحوافز والمزايا والخدمات.
3. تحميس العاملين للحصول على مزيد من الحوافز.
4. المساعدة في الرد على بعض التساؤلات في الحوافز والمزايا والخدمات.
5. التعاون مع إدارة الأفراد بمدها بالمعلومات اللازمة لإدارة أنظمة الحوافز والمزايا والخدمات.
على أي أساس تُمنح الحوافز؟
إن أهم أساس أو معيار على الإطلاق لمنح الحوافز، هو التميز في الأداء، ولا يمنع الأمر من استخدام معايير أخرى مثل المجهود، والأقدمية، وفيما يلي عرض لهذه الأسس أو المعايير:
1. الأداء:
يعتبر التميز في الأداء المعيار الأساسي، وربما الأوحد لدى البعض في بعض الحالات، وهو يعني ما يزيد عن المعدل النمطي للأداء، سواء كان ذلك في الكمية، أو الجودة، أو وفر في وقت العمل، أو وفر في التكاليف، أو وفر في أي مورد آخر، ويعتبر الأداء فوق العادي، أو التميز في الأداء، أو الناتج النهائي للعمل، أهم المعايير على الإطلاق لحساب الحوافز.
2. المجهود:
يصعب أحيانًا قياس ناتج العمل؛ وذلك لأنه غير ملموس وواضح، كما في أداء وظائف الخدمات، والأعمال الحكومية، أو لأن الناتج شيء احتمالي الحدوث، مثل الفوز بعرض في إحدى المناقصات أو المسابقات، وبالتالي فإن العبرة أحيانًا بالمحاولة وليس بالنتيجة.
وقد يمكن الأخذ في الحسبان ومكافأة المجهود أو الأسلوب، أو الوسيلة التي استخدمها الفرد لكي يصل إلى الناتج والأداء، ويجب الاعتراف بأن هذا المعيار أقل أهمية كثيرًا من معيار الأداء أو الناتج النهائي؛ لصعوبة قياسه وعدم موضوعيته في كثير من الأحيان.
3. الأقدمية:
ويقصد بها طول الفترة التي قضاها الفرد في العمل، وهي تشير إلى حد ما إلى الولاء والانتماء، والذي يجب مكافأته بشكل ما، وهي تأتي في شكل علاوات في الغالب؛ لمكافأة الأقدمية، وتظهر أهمية علاوات الأقدمية في الحكومة بشكل أكبر من العمل الخاص.
4. المهارة:
بعض المنظمات تعوض وتكافيء الفرد على ما يحصل عليه من شهادات أعلى، أو رخص، أو براءات، أو إجازات، أو دورات تدريبية، وكما تلاحظ فإن نصيب هذا المعيار الأخير محدود جدًا، ولا يساهم إلا بقدر ضئيل في حساب حوافز العاملين.
وأخيرًا، لا يتبقى إلا أن نركز مرة أخرى على أن أهم المعايير هي الأداء.
وختامًا:
تذكر ما قاله بريان تراسي: (لكي يكون الحافز أعظم ما يمكن، إمدح علنًا، وقيَّم على انفراد)، وسوف نكمل في المرة القادمة ـ إن شاء الله ـ الجزء الثاني من التحفيز.
أهم المراجع:
1. الانتصار مع فرق العمل، كاترين كاريفلاس.
2. القيادة الفعالة، بريان تراسي.
3. رسالة ماجيستير بعنوان التحفيز ودوره في تحقيق الرضا الوظيفي لدى العاملين، عارف بن ماطل الجريد.
4. موارد بشرية، ب. سيمون.
5. مباديء الإدارة، ج. تيري و س. فرانكلين.
6. السلوك الإنساني في العمل، ديفيز كيث.
7. إدارة الأفراد والكفاءة الإنتاجية، على السلمي.
8. حوافز الإنتاج في الصناعة، صلاح بيومي.
9. إدارة الموارد البشرية، أحمد ماهر.
10. رسالة ماجيستير بعنوان أثر الحوافز على أداء الأطباء السعوديين، سعود ضيف الله الدالة.
11. رسالة ماجيستير بعنوان أثر الحوافز على رفع مستوى الكفاءة الإنتاجية، سامية خرخاش.