إن المشكلة مع معظم المؤسسات هي أنها تحكمها أفكار عادية" وقد أبدى بيل أو براين العضو المنتدب المتقاعد لشركة هانوفر للتأمين هذه الملاحظة في كتاب بيتر سينج بعنوان رقصة التغيير أو The Dance of Change وهذه الأفكار لازالت واقع حتى يومنا هذا ولقد اندهشت بشدة خلال العشرون عاماً التي قضيتها في الدراسة وتقديم الاستشارات والتدريس للتنفيذيين بشأن كيف أن الأفكار السيئة تستمر في السريان في الشركات بل وتتأصل طاردة التفكير المبدع مما يدمر الأفكار المعنوية ويخلق ثقافات ضعيفة من اليأس.
لماذا يتعلق الناس بأفكار ضعيفة على الرغم آثارها المدمرة؟
الحقيقة أنهم لا يعلمون غالباً ما تحمله هذه الأفكار المرضة فعلاً. وإليكم عشرة من أكثر الأفكار السيئة انتشارا التي رايتها في محيط العمل.
1. يجب على كل فرد أن يحيا بقيمنا (ماعدا القليل من المتميزين الذين يأتون بمعظم الدخل)
توجد مشكلتين في مثل هذا التفكير. أولاً: افتراض أن الناس يحتاجون إلى التحدي لكي يعيشوا طبقاً لقيمهم هو افتراض خاطئ حيث يجب أن تكون قيم الشركة هي القيم التي لديك ولدى الناس من حولك والتي يجب أن تكون كظلهم. (في الواقع يجب تذكير الناس بقيمهم وخصوصاً أثناء أوقات التغير الجذري.) بالطبع فإن القيم في معظم الشركات (والتي تشبه كل قائمة من القيم التي نراها) تم وضعها على أسس عالية تم جلبها من الجبال حيث أحضر موسى الوصايا العشر وبالتالي فإنها ليست قيمنا وإنما هي القيم التي تتحدى كل شخص أن يستطيع تحقيقها مقارنة بقيم شخص آخر وهو شيء مهين ولا يمكن تحقيقه.
المشكلة الثانية هنا هي أن مجموعة من الناس -وهي المعروفة بالشلة وهي جماعة تعرف بأنها وقحة وذات مزاج سيء وأنهم يفعلون ما يحلو لهم مهما كان – وأنهم يميلون إلى التحدي بسهولة. هؤلاء هم من يجلبون الدخل لذا فهم متعالون مثل الملوك القدماء حيث أنهم يفعلون ما يحلو لهم وهم بعيداً عن أن يتم توجيه النقد إليهم. يجب أن ينتهوا نهايات مماثلة لنهايات أجدادهم الملوك: فسوف تحطم رؤوسهم (الواقعية) حيث أننا لسنا متشددين في التمسك بالقيم إلا إذا كان أحد شاذ عن هذه القاعدة.
2. الشركات العظيمة بنيت لكي تستمر
إنني أحترم جيم كولينز وجيري بوراس مؤلفي "بني لكي يخلد" احتراما شديداً. لقد ذكروا أن دراساتنا لم تجد أي شركة بنيت على النهج الصحيح وظلت عظيمة للأبد. بدلاً من ذلك فقد وجدنا أن عظمة اليوم لا تتبنأ بشيء عن الغد.
إن الشركات هي عبارة عن مجموعات من الأشخاص يتحدثون شخصياً أو عبر البريد وفي اجتماعات في وثائق رسمية. هذه الثرثرة ليست شيء تملكه الشركة وإنما هي الشركة ذاتها. من الممكن أن تتغير المناقشة في الشركة في وقت قصير جداً وذلك غالباً ما يحدث عندما يتولى الطغاة السوق أو عندما يضع السوق الشركة في موضع ضعيف أو أن تتولى القيادة أفكار عادية.
إن أفضل مثال لذلك هو مثل لاعب كمال الأجسام المرهق وقد أكل الكعك (وهو ما يشابه تبني أفكار عادية لمدة أسابيع عديدة) مما يجعلك تنحدر لكي تكون في التقدير المتوسط. إذا كنت لست في الشكل المناسب اليوم فأعمل بجد وتغذى التغذية السليمة وسوف يتغير ذلك. لكن لا أحد يوثق ما انتهى منه ماعدا من سوف يتم عمل تدبيس لمعدته نتيجة السمنة المفرطة.
3. عندما تتأزم الأمور يجب على الشركة مؤقتاً أن تعلق التدريب والتنمية
هذه الفكرة صعبة. وكملتزم (أنا وشركائي) قمنا برفع مرتبات الشركة على كروت الائتمان الخاصة بنا عندما كانت العملاء بطيئة في الدفع. لقد مررنا بأوقات مناسبات احتفالية وأوقات مجاعة. أنا أقول ذلك حتى لا يهمل ما يلي حيث أنه يأتي من أحد العلماء الأكاديميين الغير موجودين في العالم الحقيقي: حيث أنك يتم الحكم عليك بما تفعله أثناء الأوقات العصيبة وليس أوقات الرخاء. إن الشركة المليئة بالسيولة النقدية لا تثبت التزامها نحو العاملين بالاستثمار القليل في التدريب والتنمية. لكن نفس النوع من الشركات تثبت التزامها عن طريق تمزيق الثقافة ووضع مبادئها على النار عندما تضحي بهذه الأنشطة في الأوقات العصيبة.
أثناء الأوقات العصيبة فإن العاملين (والمديرين والتنفيذيين) غالباً لا يعلمون ماذا يفعلون على الرغم من أن هذا هو الوقت المضبوط الذي يمكن أن يفعل التدريب والتنمية فرقاً واضحاً (المقصود بالتدريب هنا التدريب المتقن وليس العاملون الضعفاء الذين يجاؤون إلى خطوات عديمة النفع واهية). والأهم من ذلك أنه في الأوقات العصيبة يكون هذا هو الوقت الذي يمكن الحكم على مقدرة قادة الشركات.
4. إن الغرض الرئيسي من الشركة هو تحقيق الأرباح أو بشكل آخر إن الغرض من الشركة هو أن تبلي بلاء حسناً.
إن جميع أنواع المتحمسين يديرون الشركات اليوم بعضهم يركزون فقط على الأداء المالي وبعضهم يجادل أن غرض أكبر يجب أن يخدم وإلا فلا داعي لوجود الشركة أصلاً.
إن المشكلة مع هذه الإجابات الواحدة المركزة هي أنها إجابات مركزة واحدة. إن للمنشأة أو الشركة لها حقوق عديدة مثل الأشخاص. فيمكن أن يكون لها أملاك أو يمكنها أن توظف عاملين ومن الممكن أن تدخل في عقود ، لذا لنتخيل أشياء أكثر من ذلك.
إن الشخص الذي يقول إن الغرض الوحيد في الحياة هو كسب أموال كثيرة يشبه إلى حد كبير من يقول أن الجشع هو شخصية جيدة طبقاً لجوردون جيكو وهو شخصية وهمية ظهرت في العديد من الأفلام. وغالباً هو شخص يرغب في أن يجعل العالم مكان أفضل وهو يقوم بذلك على حساب تجاهل أسرته ولا يعمل ومطلوب بواسطة الضرائب.
النقطة هي أننا مواطنين وأننا لدينا العديد من المسئوليات: بناء الأسر والحفاظ على الصحة ومساعدة مجتمعنا ولإدارة الشركات التي تدر الأموال. وهو نفس الشيء بالنسبة للشركات. (ماذا لو أن أسرتك لديها مدير تدوير يقيم باستمرار في منزلك؟)
وفي النهاية عندما تجول هذه النقاط في أذهاننا فإننا لن نحتاج إلى مجموعات مثل المسئولية الاجتماعية في الشركات لأن الشركات سوف تكون مسئولة اجتماعيا حينئذ. وكما يبحثون عن كسب الأموال يمكنهم عمل مساهمة إيجابية في المجتمع الدولي.
5. الإدارة هي مفتاح الأداء الناجح
إن هذه النقطة هي أسهل النقاط حيث أن الإدارة هي عبارة عن أنظمة ومعالجات و قوائم مراجعة وصيغ. وهي طبقاً لملاحظات جون كوتر القدرة على التنبؤ والتنظيم. فإذا أردت قدرة على التنبؤ والتنظيم فلا تدع قائد حول شركتك.
إن القيادة هي عبارة ترتيب ورؤية وتحديد الاتجاهات (مرة أخرى نشكر جون كوتر) مما ينتج التغيير غالباً لدرجة كبيرة.
إن الأداء المتميز يتطلب إعادة اختراع ما تفعله الشركة (القيادة والتغيير) والإدارة الرشيدة (الخطوات والمعالم والنتائج). إن الإدارة وحدها تخلق أرض الضياع واليأس حيث يلهث موظفيهم خلف الأرقام ويحاولون أن يعملوا الخطط ويحرقون أنفسهم والآخرين. إن الإدارة بدون قيادة لا يمكن أن تكون ذات أداء متميز لفترات طويلة.
6. فقط اتبع توصيات آخر كتب إدارة. إن المشكلة هنا هي أن معظم كتب الإدارة تقدم حلول غاية في البساطة لا تصلح لحل التحديات المعقدة لإدارة شركة. إن المطلوب هو التفكير والمناقشة وتوضيح الأمور مما يؤدي إلى فهم جماعي فيما يركزوا عليه ثم التنفيذ الصارم. ولنستبدل أول جزء من ذلك بآخر كتاب إدارة وتستطيع أيضاً أن تضع سيرتك الذاتية على موقع مونستر monster.com حينئذ قبل الآخرين.
7. تحفيز العاملين لزيادة الأداء. "افعل س تحصل على ي" هذا الأسلوب لا يجعل العاملين تفعل س لمدد طويلة. إن إعطاؤهم زيادة من ي تعطي العاملين يدعو إلى مزيد من التمرد. إن بعض المجموعات (مثل معظم رجال البيع) سوف يستجيبوا لصيغة افعل س تحصل على ي لكن ذلك لأن النظام يلعب دور هام في قيمهم.
هذه هي المسألة الهامة أنه بدلاً من معاملة العاملين على أنهم فئران يحتاجون إلى مزيد من الطعام يجب أن تعرف الناس الذين تعمل معهم أكثر كأفراد وتكتشف قيمتهم ثم تقوم ببناء الوظائف طبقاً لقدرتهم الأصلية على الالتزام وتدفع لهم بالعدل حينئذ تحصل على الأداء الجيد. اطلب منهم أن يعملوا طبقاً لقيمهم ومقابل زيادة مالية مما يجعلهم في قمة النشوة.
8. رتب العمليات لزيادة قدرة الشركة على المنافسة. إن هذا الترتيب عظيم ويجعل معظم الشركات تبذل جهد أكبر مما يبذلون. لكن الترتيب وحده لا يزيد القدرة التنافسية.
للوصول إلى الميزة التنافسية العظمى يجب أن تعرف السوق والأذواق المتغيرة للمستهلكين ونقاط أسعار المنتجات والخدمات ثم تحديد مقترح بالقيمة المناسبة للمستهلكين والشركة. هذه عملية صعبة وتسبب لبعض الناس صداع عند محاولة عمل ذلك. لذا تناول دواء مسكن وعد إلى العمل ثم ابحث عن عرض من شركتك يجعل كل شخص سعيد. (إن ترتيب قليل هو شيء لطيف وهو بمثابة هدية للمستثمرين).
9. ضع إستراتيجية جديدة وسوف يشعر العاملين بأنهم مخولين لتطبيقها. إن المشكلة الأساسية هنا هي أن هاذين الشيئين – يعني خطة التغيير وتفويض العاملين – هما الشيئين الشاذين والمضادين لبعضهما. إن التغيير المخطط يعتمد على توجيه الأوامر "افعل ذلك لأني قلت ذلك". إن تفويض العاملين يعني تمكين العاملين من التصرف طبقاً لعواطفهم لذا فإن هذا الاتجاه من التفويض والتخويل لتنفيذ استراتيجيات الإدارة هو عبارة عن مجرد حديث زيادة. (يرجع الفضل في توضيح هذا التناقض إلى كريس آرجيرس).
ما هي الفكرة الأفضل؟ حصل آن مولتشاهي عليها أثناء الأيام الحالكة التي مرت بها شركة زيروكس: إبدا بالاستماع لكل ما يريده كل شخص – العملاء والعاملين والموردين والشركاء، ثم ضع كل ذلك مع بعضه حتى عندما تعلن الاستراتيجية الجديدة فإن كل منهم يقول "نعم هذا صحيح". بالطبع سوف يقولون أن ذلك صحيح – حيث أنها فكرتهم ولكن تم وضعها مع أفكار أخرى وتم وزنها حتى تعني شيء للمنشأة. حينئذ لا تحتاج إلى أن تسأل الناس أن يفوضوا أو يخولوا لأن التفويض تم إدماجه في الاستراتيجية. أما بالنسبة لمن يقولوا أن هذا يأخذ وقتاً طويلاً جداً فإن الرد هو كالتالي: "إن ذلك يستهلك وقت أقل من تطبيق إستراتيجية ليس لها أي فرصة في النجاح. وبالنسبة للناس الذين يقولون "لكن الناس لا يفهمون وضع السوق" إما أنك قمت بوظيفة قذرة ونعني تعيين الناس أو ربما أن رؤيتك للسوق هو رؤية صغيرة محدودة.
10. إن الشركات تحتاج إلى أن تركز على ما يجعلهم ناجحين من الدرجة الأولى
إن هذا هو عويل موت الشركة قبل أن تلفظ أنفاسها الأخيرة: نحن لن ننجح لذا سوف نعود إلى ما جعلنا ننجح منذ عشر سنوات (أو أكثر). سوف نضاعف مجهوداتنا للوصول لذلك بطريقة صحيحة. أحد الأمثلة الأكثر شهرة لهذه الفكرة الضعيفة في العمل هي عندما اعتقد الموظفون التنفيذيون لشركة بيبول إكسبريس أن ما جعل الشركة عظيمة هو التدريب والتعاطف مع العاملين لذا قاموا بالتدريب والتدريب بينما اتجهت الصناعة إلى نماذج تسعير جديدة أخرجتهم من هذه الصناعة.
ما لا يجب أن تغيره الشركة أبداً هو هويتها الأصلية. وخير مثال على ذلك هو شركة أبل والتي توضح ما يحدث عندما تقوم الشركة بذلك بطريقة صحيحة وأن السنوات قبل أن تأتي الوظيفة بثمارها توضح مدى السوء الذي يمكن أن يتم التعرض له. إن كل شيء ويشمل الاستراتيجية وكل شيء آخر تحتاج بشدة أن تعاد ابتكارها كل عدد قليل من السنوات وإلا فإن المنافسة سوف تخرج كل ذلك من إطار المنافسة.