منقول من جريدة كل العراق [مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]: عائد رأس المال الفكري
عائد رأس المال الفكري
عائد رأس المال الفكري
قديما كان الموظف أقل أهمية من الآلة التي يعمل عليها, ولم يكن لوجوده مبرر سوى أن يراقب الآلة أو يغذيها بالوقود أو المواد الخام التي تعتمد عليها الآلة بانتاج السلع, في ذلك العصر البعيد تغلبت الآلة على الموظف أمام المستثمرين فكان الاعتماد عليها واضحا مما نتج عنه تقليل أهمية رأس المال الفكري,


أما اليوم فقد تحولت تلك السلوكيات الى الاهتمام بالقوى العاملة التي أصبحت قوى عالمة مفكرة , فهي حاليا تستطيع ان تشارك وتدخل في كثير من التعديلات الضرورية ليس فقط على الآلات ولكن أيضا على المراقبة والانتاج والتسويق مضيفة بذلك ابتكارات جديدة للمستثمرين, وبالرغم من التحول الحديث إلا أنه بالمقابل أفرزت الآلات من جانبها قوة عمالة تتميز بالمعرفة والابداع المتواصل, بمعنى انه كلما تطورت الآلات وازدادت تقنية وتحديثا كلما ازدادت الحاجة إلى عمالة متخصصة مثقفة تستطيع تشغيلها بالصورة المطلوبة, فلو تأملت مثلا بامعان منتجات شركات السيارات الأجنبية مرسيدس الألمانية أو جنرال موتور الأمريكية أو تويوتا اليابانية وتساءلت كم يعمل بها من مهندسين وخبراء وفنيين وكم يعمل بها من محاسبين واداريين وما هي أهمية كل فئة منهم للمصنع وما هي نسبة كل فئة الى الأخرى لوجدت مدى استثماراتهم في رأس المال الفكري ولظهرت لك مدى أهمية العنصر البشري ودوره الفعال في كيان تلك الشركات ولك أيضا ان تتخيل كيف يمكنك ان تحافظ على عناصر رأس المال الفكري في شركتك, لذلك فإن رأس المال الفكري يعتبر رأس المال الحقيقي الذي يتوقف عليه نجاح أية شركة محلية كانت أو أجنبية بل ويعتمد به على قدرتها في تكوين المزيج الأكفأ من رؤوس الأموال بأنواعها المتعددة الموجودة لديها, فرأس المال الفكري هنا يشمل المعرفة المفيدة والمهارة التي يمكن توظيفها واستخدامها لصالح الشركة, فلا تصبح أي فكرة أو معرفة ذات قيمة وفائدة مرجوة ما لم يتم تطبيقها ووضعها موضع التنفيذ مباشرة, ومع ذلك فنجد ان بعض المديرين يتجاهلون أهم ممتلكاتهم الثمينة عنوة, فهم يعرفون تماماً كل الأصول المالية والمادية التي لديهم سواء الأموال التي يحتفظ بها في البنوك وفي قيمة الأراضي والمباني, أما رأس المال الفكري للشركة الذي له قيمته التي لا تقل عن سابقتيها فغالبا ما ينال النصيب الأدنى من الاهتمام والرعاية منهم, فكان على رأس المال الفكري في شركتهم أن يثبت وجوده بأي شكل دون أي دعم يذكر, والحقيقة التي لا تقبل الشك أن قيمة رأس المال الفكري استثمار له عائد مجز على المدى الطويل, ولكي يتحقق هذا العائد يجب أن تكون هناك تكاليف مالية تتحملها الشركات نظير حصولها على هذا العائد لاحقا, فيفترض منها ان تضع في اعتبارها بأن رأس المال الفكري انما هو استثمار تبذل من أجله كل الطاقات في سبيل الحصول عليه, ولكن يبدو ان واقع الأعمال مختلف تماما لمثالية التطبيق, فبعض الشركات ما تزال تعتقد بأن تنمية مواردها البشرية وتدريبها انما هو عبء ومضيعة للمال والجهد, الأمر الذي جعل الكثير منها لا تنظر الى التدريب نظرة ايجابية استثمارية, وهذا بدوره انعكس سلبيا عليها حيث ان عدم توفر التدريب لكافة موظيفها يؤدي تلقائيا في صورته النهائية الى عدم رفع كفاءتهم أو تطوير مهاراتهم والشكل الذي يتماشى مع عولمة القرن الحادي والعشرين, ويمكن علاج هذا القصور بأن ينمي المديرون رأس المال الفكري باستغلال المعلومات المتوفرة لدى الموظفين أنفسهم وبالعمل على منحهم موقعا آمنا يمكنهم خلاله من المشاركة بأفكارهم ومرئياتهم في الاجتماعات الدورية, كما تأتي أهمية تنمية الموارد البشرية من حيث انها ذات تأثير مباشر في زيادة انتاجية السلع, فهناك علاقة طردية بين مستوى أداء وكفاءة الموظف وبين انتاجيته, فكلما كانت هناك عمالة متعلمة ماهرة قادرة على استخدام وتشغيل التقنية المتطورة كلما كانت أفضل في أدائها من غيرها غير المؤهلة.