يمثل الإنسان محطة مستقلة للإتصالات، ويتكون المخ من بلايين الوحدات العصبية التي تتولى تجهيز وإعداد الرسائل، وتقوم الحواس الخمسة بتلقي الرسائل وتنظيمها وتنقلها بصفة مستمرة بصورة شعورية ولا شعورية، ولديه جهاز عصبي يتكون من ملايين الخيوط التي تتألف منها أسلاك وشبكات فرعية تنقل الرسائل من المخ وإليه.
ولا يتوقف الإنسان عن إرسال وإستقبال الرسائل، حتى لو كانت لدينا الرغبة، فكل صوت أوحركة مقصودة أوغير مقصودة حتى أثناء النوم تؤدى وظيفة الإتصال. وعندما تُقدم على الإتصال لاتستطيع أن ترسل كل ما يجول في خاطرك بصورة كاملة، لأن أفكارك ومشاعرك وخبراتك وآراءك هى من خصائصك التي تنفرد بها وتكون ذاتك، ولا يستطيع غيرك أن يشاركك فيها بصورة متشابهة تماماً أو متطابقـة.
وتشبه الرسالة قصة تحاول بها أن تصنع فكرة في عقل الآخرين، ولكن كيف تضمن أن الطرف الآخر قد أدرك الهدف من القصة (الرسالة) عليك أن تدبر فكرتها بنفسك بداية من تجميع عناصرها وإعدادها فإذا لم تستطيع تحديد هذه العناصر فسوف ترتجل تصرفاتك وكلماتك.
ولا يصلح لك أن تستعير خبرات الآخرين من حيث الفكرة والأسلوب حيث يجب عليك أن تضيف أو تحذف كلمات وتصرفات معينة حتى تضمن أن الرسالة تسير في أفضل الطرق محققة الهدف منها.
وتمثل قدرة الإنسان على صنع الكلمات وصياغة الرموز ظواهر عالمه الخارجي وعالمه الداخلي على السواء هى من أهم الخصائص التي تميز الإنسان عن بقية الكائنات.
و تشكل الكلمات المعني الذي يصب فيها الإنسان أفكاره ومفاهيمه وتصوراته مثلما تزوده برموز تعبر عن معتقداته وقيمه، فالكلمات تحتمل الكثير من التأويلات التي تختلف من شخص إلى آخر وتتأثر أيضاً بإختلاف الظروف أوالأوضاع، وعلى العكس من بعض الرموز الأخرى التي لاتتضمن سوى معاني محددة وثابتة كالأرقام أوالأعداد على سبيل المثال.
وللكلمة أهميتها وخطورتها في عملية الإتصال، وذلك يعني أن اللغة هى أداة الإتصال الرئيسية في المجتمع الإنسانى، وذلك لأنها الوسيلة الأكثر فاعلية في تمكين الفرد من التفاعل مع الآخرين من خلال العلاقات الإجتماعية المختلفة وهى الأداة الرئيسية في عملية التكامل والتكيف مع الثقافة والبيئة التي يولد وينشأ فيها.
ولايعنى ذلك أن جميع أفراد المجتمع يفهمون اللغة السائدة بنفس الطريقة ونفس الدرجة وذلك على الرغم من أن الجميع يتعلمون نفس اللغة بمفرداتها وقواعدها المعروفة ومعانيها المحددة، ولكن هناك عوامل إجتماعية وإقتصادية وثقافية وسياسية تؤدي إلى التفاوت بين أفراد المجتمع في إدراكهم للغـة وطرق إستخدامها.
ولغة الفــرد هي بمثابة الموجه الداخلي الذي يحدد ويرسم علاقاته بالناس بجانب أنها حلقة وسيطة يستخدمها في توصيل آرائه وأفكاره وإنفعالاته، ومن هذا المنطلق كانت قدرة الفرد على الإتصال تتوقف إلى حد كبير على حصيلته من المفردات والتراكيب اللغـوية.
ويوجد دائماً في الأنواع المختلفة للمجتمعات الإنسانية، خلال جميع مراحل التاريخ نوع من الرقابة على الأفكار والآراء ومظاهر السلوك، وتخضع عملية الإتصال بين أفراد المجتمع الواحد وكذلك أساليبه ووسائله وقنواتــه لعنصر من التوجيه وبعض القيود.
ولا تشمل القيود على عمليات الإتصال أنواع الموضوعات ومحتوياتها فقط، بل تمتد إلى أداة الإتصال نفسها، أي اللغـة التي تستخدم في الحديث وتوصيل المعلومات.
فإستخدام اللغة بشكل وطريقة معينة بل وإنتقاء كلمات وألفاظ ومصطلحات معينة لإستخدامها في مواقف محددة تسهل وتدعم إستمرار القيم والإتجاهات السائدة في المجتمع، أوتعدل أوتطور الأفكارالتي يـراد لها أن تسـود. ويعنى هذا أن يتحول الإتصال لعامل تماسك وتضامـن وتكامل في المجتمع إذا تم إستخدامه بالطريقة التي تخدم الهدف.
ويمكن أن يتحول الإتصال أداه لإحداث الخلل والتفكك والإضطراب عند استخدامه بطريقة أخـرى لتحقيق هذا الهدف.
وتمثل حرية التعبير عن الفكر وإبداء الرأي عن طريق أدوات ووسائل الإتصال المختلفة من خلال الكلمة المنطوقة أو المكتوبة وتبادل الآراء خير ضمان لإستمرار التماسك والتضامن في المجتمع.
وإتجهت علوم الإتصال حديثاً إلي إستخدام تطبيقات علم البرمجة اللغوية العصبية (NLP) كأسلوب علمي لإحداث التكامل بين طرق التفكير الإنساني والبناء اللغوي والقوى الداخلية الوجدانية، وكيفية العمل على تحفيزها لخلق قوى دافعة تقودالإنسان بصورة دائمة نحو التغير للأفضل، بحيث يصبح أكثر إلتزاماً وقدرة على تحمل المسئوليات وأن يحرر نفسه من أثر قيود التفكير والثقافات السابقة غير الصالحة.
دكتور
محمد عبدالغني حسن هلال
نقلا عن كتاب مهارات الاتصال
الكتاب متوفر في
مركز تطوير الاداء والتنمية
153 شارع جسر السويس -هليوبوليس-القاهرة
ت : 26363887 \26398677 \26382228
: فاكس 26398677
: الرمز البريدي11351
احمد السروي