نظراً لحداثة الموضوع في مجال التخصص فإن الدراسة الراهنة ستركز بالشرح
والعرض والتعليق على البعدين النظري والتطبيقي لضغوط العمل، حيث يتم تناول
الأول منهما في ثنايا هذا الفصل، أما البعد التطبيقي لضغوط عمل العاملين في
المكتبات الأكاديمية فقد احتواه الفصل الخامس الخاص بتحليل البيانات التي تم
جمعها ميدانياً، والتي من خلالها تم استخلاص نتائج الدراسة الحالية وتوصياتها،
والتي يؤمل أن تسهم في تخفيف ضغوط العمل في البيئة المقصودة، والتي يمكن
الاطلاع عليها في الفصل السادس. وسيدور الإطار النظري في هذا الفصل حول
المباحث الآتية:
أولاً: مفهوم ضغوط العمل.
ثانياً: أسباب دراسة ضغوط العمل.
ثالثاً: مصادر ضغوط العمل وأنواعها.
رابعاً: الآثار الناتجة عن ضغوط العمل.
خامساً: علاقة ضغوط العمل بالأداء الوظيفي.
سادساً: إستراتيجيات التعامل مع ضغوط العمل.
أولاً- مفهوم ضغوط العمل: للتعرف إلى الاشتقاق اللغوي لكلمة ضغط بالرجوع إلى المعاجم اللغوية نجد تعريفاً للضغط منسوباً إلى ضغط الدم ويقصد به الضغط الذي يحدثه تيار الدم على جُدُر الأوعية. أما مفهومه الهندسي فهو القوة الواقعة على وحدة المساحات في الاتجاه العمودي عليها. كما نجد كذلك تعريفاً للضغط الجوي في الطبيعة على أنه التركز على نقطة معينة بفعل الثقل الذي يحدثه عمود الهواء على هذه النقطة. والضَّغطَةُ: هي الضيق والقهر والاضطرار. والضُّغطَةُ: الزحمة والشدة والمجاحدة بين المدين والدائن. والضَّغِيطُ: تقال للرجل ضعيف الرأي لا ينبعث مع القوم (مصطفى: د.ت،541).
أما مفهوم ضغط العمل بوصفه مصطلحاً اصطلاحياً فقد نشأ في المؤسسات والمنظمات التي تعتمد في تحقيق أهدافها بصورة رئيسة على العنصر البشري، حيثُ يفترض من هذه العناصر أن تقوم بواجباتها المهنية بأسلوب يتسم بالفاعلية لتقديم الخدمات المنتظرة منها على أكمل وجه، ولكن على الرغم من الرغبة الصادقة التي قد تكون لدى أولئك المهنيين ومؤسساتهم في تذليل العقبات التي تقف في طريق تقديم الخدمات المطلوبة إلا أن هناك معوقات في بيئة العمل تحول دون قيامهم بدورهم بصورة كاملة، وهذا ما يطلق عليه ضغوط العمل Job Stress، وهي بشكل عام المتغيرات التي تحيط بالعاملين وتسبب لهم شعوراً بالتوتر، وتكمن خطورة هذا الشعور في نتائجه السلبية التي تتمثل في حالات مختلفة منها القيام بالواجبات بصورة آلية تفتقر إلى الاندماج الوجداني؛ والتشاؤم؛ وقلة الدافعية؛ وفقدان القدرة على الابتكار (عسكر؛ عبد الله:1988م، 65).
ومع أن المفهوم الاصطلاحي لضغوط العمل بصورة عامة يكاد يكون واضحاً وسهل الفهم، إلا أن الباحثين في هذا المجال اختلفوا في التوصل إلى تعريف لمعنى الضغوط متفق عليه، حيثُ يمثل المفهوم الإجرائي لضغط العمل لدى الباحثين الذين لديهم خبرات بحثية في الموضوع أنماطاً مختلفة من الاتجاهات، وفي ذلك مثلاً يرى الخضيري أن ضغط العمل هو كل ما له تأثير مادي أو معنوي ويأخذ أشكالاً مؤثرة على سلوك متخذ القرار ويعيق توازنه النفسي والعاطفي ويؤدي إلى إحداث توتر عصبي أو قلق نفسي يجعله غير قادر على اتخاذ القرار بشكل جيد أو القيام بالسلوك الرشيد تجاه المواقف الإدارية أو التنفيذية (الخضيري، 1991م).
وتعرف الهنداوي ضغوط العمل مستعينة بمعجم THE LANGUAGE OF THE HEART بأنها تجربة ذاتية تُحدث لدى الفرد محل هذا الضغط اختلالاً نفسياً كالتوتر أو القلق أو الإحباط، أو اختلالاً عضوياً كسرعة ضربات القلب أو ارتفاع ضغط الدم. ويحدث هذا الضغط نتيجة لعوامل قد يكون مصدرها البيئة الخارجية أو المنظمة أو الفرد نفسه، وتختلف المواقف المسببة لضغوط العمل باختلاف مواقع الأفراد وطبيعة عملهم (الهنداوي : 1994م،91).
في حين يشير فوزي فائق إلى أن كلمة ضغوط العمل تدل على مجموعة المواقف أو الحالات التي يتعرض لها الفرد في مجال عمله، والتي تؤدي إلى تغيرات جسمية ونفسية نتيجة لردود فعلية لمواجهتها، وقد تكون هذه المواقف على درجة كبيرة من التهديد فتسبب الإرهاق والتعب والقلق من حيث التأثير فتولد شيئاً من الانزعاج (فائق:1417هـ،136).
ويرى فائق أن ضغوط العمل هي استجابة وجدانية وسلوكية وفسيولوجية لمنبه مؤلم (فائق:1417هـ،137).
ويؤيد هيجان مفهوم ضغوط العمل لدى هنداوي بأنه تجربة ذاتية لدى الفرد تحدث نتيجة لعوامل في الفرد نفسية أو من البيئة التي يعمل فيها (هيجان: 1419هـ، 37).
أما المشعان فيعرف ضغط العمل بالتغيرات البيئية المكثفة التي يمكن الاستجابة غير التوافقية لها وتراكمها مع العوامل العضوية والنفسية التي تشكل مجتمعاً ضاغطاً على الفرد ينتهي بعجزه عن الوفاء بالتغيرات البيئية والاجتماعية (المشعان : 1421هـ، 72).
ولكن بارون يعرف ضغوط العمل بأنها استجابة مكيفة تتوسطها الفروق الشخصية الفردية أو العمليات السيكولوجية نتيجة حدث أو فعل بيئي خارجي بحيث تضع متطلبات سيكولوجية أو مادية مفرطة على الفرد(بارون:1999م، 53).
يبدو من استعراض السياق السابق لوجهات النظر حول ضغوط العمل عدم اتفاق الباحثين في إيجاد تعريف محدد لضغوط العمل، رغم وجود مجموعة من النقاط المشتركة التي يلتقي فيها المفكرون والباحثون في هذا المجال، وترجع سبب هذه الفروقات في البُعد المفهومي للمصطلح نتيجة اختلاف التجارب الشخصية والاهتمامات والخبرات للباحثين في مجال التخصص نفسه، إضافة إلى عامل أكثر قوة وهو ارتباط ضغوط العمل بعلوم عديدة ومجالات عمل مختلفة، حيثُ يمثل الموضوع نقطة اهتمام مشتركة لا يخلو منها أي مجال عمل مهما كان نوع العاملين المتخصصين فيه، لذا فإن الطريقة التي يتم دراسة الموضوع بها بالتأكيد لن تكون واحدة، وسيختلف مفهوم تحديد المصطلح بناءً عليها.
وتنظيماً لمفهوم الضغوط حسب نقاط اتفاق الباحثين حولها، تم تصنيفها إلى ثلاثة اتجاهات يمكن من خلالها تشكيل إطار عام لها، يجمع اتجاهات الباحثين فيها، ويوضح مسار دراساتهم، وذلك على النحو الآتي: الاتجاه الأول: المثيرات أو الأحداث الخارجية الموجودة في البيئة المحيطة بالفرد:
يميل أصحاب هذا الاتجاه إلى قصر مصادر ضغوط البيئة ومسبباتها على المثيرات والأحداث المختلفة الموجودة في البيئة المحيطة للفرد مثل وفاة شخص عزيز أو الكوارث الطبيعية من زلازل وغيرها أو الحروب. دون الأخذ بالاعتبار القوى الذاتية للفرد أو ردود أفعاله التي يبديها تجاه هذه المثيرات التي ينتج عنها مجموعة من التغيرات النفسية والجسمية.
الاتجاه الثاني: إدراك الفرد للحدث وتقديره له: يركز أصحاب هذه الاتجاه على استجابة الفرد للمصادر المسببة للضغوط دون وضع اعتبار لتفاعل الخصائص الذاتية للفرد مع بيئة العمل، لأنهم يقيسون النتيجة التي تنجم عن حالة الضغوط والتي تتمثل في الاستجابة التي يتخذها الإنسان نحو المثير أو المسبب للضغط.
الاتجاه الثالث: الاستجابة السيكولوجية للحدث ومثيرات البيئة: يرى أصحاب هذا الاتجاه وجوب حدوث تفاعل بين مثيرات الضغوط واستجابة الفرد لها، ينشأ بسببها لدى الفرد حالة من التغيرات الداخلية وردود الفعل الفسيولوجية والنفسية، تدفعهم إلى سلوك غير طبيعي في أدائهم لعملهم (محمد:1992م،72-73)(المشعان:2001م،73).
كما خرج هيجان أيضاً باتجاهات عامة للباحثين لا تختلف كثيراً عن سابقتها من استقرائه الأدبيات المتعلقة بالضغوط ووجهات النظر الخاصة بدراستها، والتي حاول عند عرضها أن تعكس التطور التاريخي لمفهوم ضغوط العمل وتعريفاتها حتى العصر الحديث، حيث قسم وجهات النظر فيها إلى ثلاث وجهات نظر أساسية تتعلق بدراسة الموضوع تمثلت في الاتجاهات الآتية:
1- النظر إلى الضغوط بوصفها استجابة للتهديد:
ويربط الباحثون موضوع الضغوط هنا بالبقاء بالنسبة للإنسان، وذلك لما يترتب عليها من محاولة الدفاع عن النفس والبحث عن وسائل الحماية. فكلما زادت حالة الإجهاد أو الضغوط انتقل الفرد إلى مرحلة المقاومة التي يشعر فيها بالقلق والتوتر والإرهاق، مما يشير إلى مقاومة الفرد للضغوط ويترتب على هذه المقاومة وقوع حوادث وضعف القرارات المتخذة والعرضة للأمراض خلال هذه المرحلة وذلك لأن الفرد لا يستطيع السيطرة على الموقف بإحكام.
ويرى SELYE أن ردود الفعل الناتجة عن الضغوط تتبع نمطاً يدعى " بنمط التكيف العام للأعراض المزمنة ADAPTATION SYNDROME GENERAL" حيث إن ردود الأفعال التي يبديها الفرد في مواجهة المثيرات التي يتعرض لها تساعده على تحقيق التكيف والتعامل مع مسببات تلك الضغوط التي يواجهها، وتحدث هذه الردود وفقاً لثلاث مراحل متتالية، تسمى الأولى بمرحلة التنبيه من الخطر أو الإنذار منه، وتعبر عنها ردود فعل الفعل الجسمية للفرد في حالة الضغط، حيث يقوم الجسم بإفراز هرمونات من الغدد الصماء ينتج عنها تغيرات جسمية متعددة، مثل سرعة ضربات القلب؛ وزيادة معدل التنفس؛ وارتفاع ضغط الدم؛ وزيادة سكر الدم.
وتبدأ المرحلة الثانية مع زيادة معدل الضغط الذي ينقل الفرد من مرحلة المقاومة إلى مرحلة الإنذار، وفي هذه المرحلة يحاول الجسم التغلب على الأعراض التي نتجت عن المرحلة الأولى السابقة، فيشعر بالقلق والتوتر والإرهاق، مما قد يترتب عليه وقوع الفرد في بعض الأخطاء؛ واتخاذ بعض القرارات غير الصائبة؛ والتعرض للأمراض بسبب فقدان السيطرة على جميع المواقف المختلفة معاً.
ثم ينتقل الفرد إلى المرحلة الثالثة حين تنهار مقاومته، حيث تستنفد طاقة الجسم ويصبح غير قادر على التكيف، وهنا تظهر الأمراض المرتبطة بالضغط النفسي كالصداع؛ وقرحة المعدة؛ وتصلب الشرايين؛ وأمراض القلب ... وغيرها كثير من الأمراض التي تؤدي بالفرد في النهاية إلى انخفاض مستوى أدائه في عمله، ومن ثم تأثر فاعلية إنتاجية المؤسسة وكفاءة أدائها بشكل عام(1968:SELYE)
2- النظر إلى الضغوط بوصفها تهديداً في حد ذاتها:
حيث ينظر إلى الضغوط هنا باعتبارها القوى البيئية المحيطة بالفرد التي تحدث تأثيراً سلبياً عليه، والتي يمكن تصنيفها إلى ثلاث فئات رئيسة تتمثل في: المصادر المتعلقة بالخصائص التنظيمية والعمليات؛ والمصادر المتعلقة بمطالب العمل وخصائص الدور؛ والمصادر المتعلقة بخصائص الفرد وتوقعاته، ومن التقسيم السابق يتضح تجاهل أتباع هذا التوجه للقوى الذاتية للفرد وردود أفعاله التي قد يبديها تجاه تلك المصادر. ويعتقد هيجان أن هذا التوجه نحو النظر إلى الضغوط بوصفها تهديداً بحد ذاتها يعد انعكاساً للتطور الصناعي؛ وما صاحبه من أحداث متعلقة بظروف العمل والعاملين، حيث إن الهدف من الدراسات المبنية على وجهة النظر هذه، هو التوصل إلى إيجاد ظروف عمل ملائمة يمكن من خلالها تحسين ظروف الإنتاج بمراجعة السياسات التنظيمية؛ والبناء التنظيمي؛ وظروف العمل؛ ومطالب الدور الوظيفي وخصائصه ومعرفة مدى تأثيرها على العاملين (هيجان:1419هـ،18).
3- النظر إلى الضغوط بوصفها أموراً داخلية متعلقة بالفرد:
يركز أصحاب هذا التوجه على الفروق الفردية بين الأفراد، والعوامل التي تؤثر في وجود اختلافات بين الأفراد استجابة للضغوط وعلاقتها بالأمراض، لأن إدراك هذه الفروق الفردية للأفراد والتعرف إليها يفسر ردود الأفعال تجاه ضغوط العمل التي تواجههم، والتي تمثل دافعاً للفرد نحو البقاء، لهذا فإن الفرد عندما يتعرض لقوى أو تأثيرات تهدد بقاءه، يحتم عليه ذلك التكيف أو التصرف لاستعادة حالة الثبات، كما يجدر القول إن هذه القوى أو المصادر المسببة للضغوط قد تكون كامنة في طبيعة الفرد ذاته وليس بالضرورة أن تكون خارج الفرد، حيث تمثل مصادر الضغوط بالنسبة له دوافع لمحاولة التكيف والبقاء في عالمه الخارجي (هيجان:1419هـ،21).
وجدير بالذكر في نهاية هذا المبحث الذي يستعرض مفهوم ضغوط العمل أن الدراسة الراهنة لن تتبنى أنموذجاً محدداً بل ستحاول أن يكون منهجها شاملاً يتناول الجوانب ذات العلاقة بضغوط العمل التي يتعرض لها العاملون في المؤسسات المعلوماتية من مكتبات ومراكز معلومات، من عوامل تنظيمية في بيئة العمل والأعمال التي يقوم بها الأفراد، وردة الفعل الناتج من الأفراد وعلاقة كل ذلك بحالتهم الصحية، والنفسية، والسلوكية.
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هل كل ما يشعر به الموظف يصنف على أنه من ضغوط العمل، لذا وضع كل من CLARCK ROY AND شروطاً ينبغي توافرها في الأحداث ليطلق عليها مسمى ضغوط وهي:
- أن يكون الحدث دالاً على التغيير والتواصل في نشاطات العمل اليومية.
- أن يكون الحدث قابلاً للتميز ، بحيث يكون منفصلاً وذا علاقة بأحداث الحياة.
- أن يكون الحدث قابلاً للملاحظة أكثر من كونه اعتقاداً أو شعــوراً شخصياً (ROY AND CLARCK:1989,4).
ثانياً- أسباب دراسة ضغوط العمل: أدت تكاليف الحياة المختلفة إلى أن تكون الضغوط سمة من سمات العصر الحديث، حيث يطلق عليها بعض الباحثين القاتل الصامتTHE SILENT KILLER ( العتيبي:1997م). وأصبحت العديد من المنظمات والمؤسسات في الوقت الراهن على اختلاف أنشطتها تعاني من ازدياد ضغوط العمل وانتشارها بشكل واسع بين العاملين فيها، وثبت أن استمرارها يترك آثاراً سلبية على صحتهم البدنية والنفسية ومن ثم على أدائهم الوظيفي (فائق:1417هـ،153).
والجدير بالذكر أن ضغوط العمل لا تعد خللاً في الأسلوب الذي تدار به المؤسسة أو في طريقة تنظيم العمل وأدائه بها، لأنها عنصر لازم ينشأ مع أي تنظيم إداري، حيث يصعب أن توجد مؤسسة لا يشعر العاملون فيها بمستويات مختلفة ومتنوعة من ضغوط العمل، مهما وضعت من خطط وبذل من جهد في أساليب إعدادها وتنفيذها (الهنداوي:1994م،125).
لهذا كان للولايات المتحدة سبق الاهتمام بموضوع ضغوط العمل منذ بداية السبعينات ، حيث احتل حيزاً ملموساً في فكر الباحثين والهيئات العلمية والمنظمات المهنية ورجال الأعمال لتزايد الشكاوى بإرهاق العمل، والإجهاد النفسي الناتج من الضجر، وتزايد حالات القلق؛ والتوتر والاكتئاب؛ والانهيار العصبي؛ والانفصام (الهنداوي:1994م،89).
كما أشار تقرير آخر عن كندا أن ما يقرب من 80% من العاملين الكنديين يعانون من ضغوط العمل والقلق بسبب عدم قدرتهم على الموازنة بين عملهم وتطلعاتهم الخاصة (GANSTER& SCHAUBROECK:1994).
كما أعلنت منظمة العمل الدولية التابعة للأمم المتحدة، والمعنية بشؤون العمل والعمال نتائج بحثها المستمدة من معطيات مجموعة من الدراسات الإحصائية والعلمية تتعلق بالموضوع أجرتها على خمس دول صناعية. وتبين أن نحو (10%) من البالغين يصابون بفعل ظروف العمل الضاغطة بأنواع من الإحباط المؤدية للكآبة كل عام. وتذكر الدراسة أن خسارة ألمانيا من المشاكل الصحية ذات الطبيعة النفسية الذهنية تقدر بنحو (2.2) مليار دولار في العام، وفي بريطانيا يعاني (30%) من قوة العمل من شكل من أشكال الضغط النفسي أو الإحباط. وفي بولندا نما القلق من ضغط العمل والخوف من فقدان الوظيفة بنسبة (50%) خلال الفترة من 97 وحتى 1999م. وفي فنلندا يضيع ما مجموعه 30 ألف ساعة عمل كل عام بسبب حالات الانتحار الناتجة من ظروف العمل السلبية. وأدت هذه النتائج السلبية إلى توقع المنظمة الدولية حدوث ارتفاعات شــــديــــدة في الضغـــوط النفسيـــة والكـــــــآبـــــــــة النــــــاتـجــــــة مـــن ظـــروف العمـــــل ([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]).
كما وجد الباحثون في جامعة ماسترخت الهولندية بعد متابعة أكثر من ثمانية آلاف موظف في شركات مختلفة لمدة ثلاث سنوات أن العاملين في وظائف تتصف بضغوط العمل وذات متطلبات وظيفية متعددة يصابون بأمراض القناة الهضمية والتهاباتها والأنفلـــونزا بنسبـــة 20% عـــن أقرانــهـــم العامليــن في الوظائــف الأقــل متطلبــات ([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]).
ويرى كل من BARUCH&LOIS أن أهمية دراسة ضغوط العمل ترجع إلى ما يترتب عليها من تحمل المؤسسات تكلفة غياب العاملين وتركهم العمل؛ وفقدان الرغبة في الإبداع؛ وانخفاض الدافعية؛ والالتزام بالعمل، ذلك إلى جانب خطرها على العاملين الذي يتمثل في عدم الرضا المهني وضعف الدافعية للعمل والشعور بالإنهاك النفسي مما يؤثر على جودة الأداء المطلوب (BARUCH&LOIS:1987).
في حين تعتقد الخثيلة أن أهمية دراسة ضغوط العمل تعود إلى أمرين أولهما قيمة العمل ذاته وأثره في حياة الأفراد وعلاقاتهم الاجتماعية والسياسية والاقتصادية وانعكاس تلك العلاقات على المجتمع بصفة عامة، فضلاً عن أثره على نفسية الإنسان واتزان مشاعره. الأمر الثاني هو ما تسببه الآثار السلبية لضغط العمل من شعور بالتوتر والإجهاد المتصلَيْن بالأمراض الجسمية والنفسية والعقلية التي تؤثر على الإنجاز والإتقان والإنتاج بشكل عام وهذا ما يؤدي في النهاية إلى ضرورة دراسة ضغوط العمل والوسائل الممكنة للحد من ذلك التوتر والإجهاد (الخثيلة : 1417هـ،88).
خاصة أنه بدأ الاعتراف في الآونة الأخيرة بشكل رسمي بتأثير ضغوط العمل العضوية والنفسية على صحة الفرد، وكثيراً ما نقرأ في الصحف عن أفراد قاضوا قانونياً شركات تسببت لهم بأمراض أو جرح لمشاعرهم وكسبوا من وراء تلك القضايا أموالاً طائلة، والتي تتركز غالباً في المجتمعات الغربية. هذا بالتأكيد بعد أن تم إثبات صلتها علمياً بضغوط العمل التي تعرضوا لها.
والجدير بالذكر أن الآثار السلبية لضغوط العمل لا تمس الموظف فقط في حد ذاته وإنما تمتد لتمثل تحديًا للمؤسسات التي يعمل بها أيضاً وتعيق مسيرتها الوظيفية الحالية والمستقبلية عن العمل والتطوير.
ومهنة المكتبات والمعلومات بوصفها مهنة اجتماعية حيوية تقوم بصفة رئيسة على الكوادر البشرية في الأعمال التي تؤديها، ويتوقع أن يتعرض العاملون فيها إلى مصادر ضغوط مختلفة تؤثر على أداء المكتبات ومراكز المعلومات بشكل عام وبالتالي على عرقلة مسيرتها في تحقيق أهدافها التي وجدت لأجلها، لذا ينبغي التعرف إلى مصادر تلك الضغوط والتعامل معها بحكمة لزيادة فاعلية خدمات تلك المؤسسات، لا سيما أن الدراسات العلمية في هذا الجانب لم تنظر باهتمام كبير لضغوط العمل للعاملين في المكتبات بشكل يتناسب مع دورهم الكبير المؤثر في قطاع المؤسسات المعلوماتية وتنفيذ الخطط الوطنية بشكل عام. مقارنة مع الدراسات الأجنبية الوفيرة والعربية القليلة التي تتناول ضغوط العمل لفئات أخرى كالمعلمين والأطباء. حيثُ تتولد ضغوط العمل من محصلة تفاعل مكونات عناصر المكتبة، ومن ثم فإن ارتفاع ضغط العمل أو انخفاضه يعد مؤشراً على درجة الاستقرار، وعلى قدرة تحمل العاملين البيئة المعلوماتية الحالية والتحديات المستقبلية ، وتقديرهم لروح مسؤولية العمل المناط بهم . لافتقار المجال إلى وجود كتابات حول موضوع الدراسة، ويتضح ذلك بجلاء في الدراسات العربية، خاصة الميدانية منها، مما ترتب عليه إهمال هموم هذه الفئة من العاملين، ومشكلاتها التي لم تناقش وتدرس بعد.
فضغوط العاملين ينبغي أن ينظر إليها بصفتها علماً يحاول تطوير أسسه النظــريــة وتقــويــــة الأبــحـــاث التطبيقيـــة حوله كرؤية شاملة وبعيدة لتطوير أداء مؤسسات المعلومات بشكل عام بزيادة كفاءة العاملين فيها، لا سيما في العالم العربي الذي لم يوجه اهتماماته بعد إلى البعد النفسي للعاملين وتأثيره على المنظمات والمؤسسات في تحقيق أهدافها. لأن تخطيط أي مؤسسة وتطويرها لا يتم بمعزل عن تفهم تأثير ضغوط العمل على العاملين فيها، لأنهم جزء من نظام المؤسسة الذي تنفذ أهدافها من خلاله .
كما أن الاهتمام بضغوط العمل يهدف إلى تحسين الأداء ؛ لذا تجد المكتبة المهتمة بهذا الأمر نفسها مضطرة إلى إعادة النظر في تقويم أداء عامليها وفاعلية إنجازهم، ومعنى ذلك أنها تقوم بعملية مراجعة تحليلية شاملة لنظام المكتبة، فتطور نواحي القوة فيه ، وتحاول تخطي نواحي الضعف في النظام لتطوير أداء العاملين، إلى جانب تطوير مهارات المدير وإدراكه للعوامل التي تؤثر على فعالية أداء العاملين.
والجدير بالذكر أنه رغم الاهتمام المتزايد بالآثار السلبية للضغوط، إلا أن جميع نتائجها ليست بالضرورة سلبية أو ضارة ، فقد تدفع الفرد نحو الإنجاز والتفوق وتكون حافزاً له لتحقيق أهدافه (KELLY:1994,26).
وتحفزه للعمل، لاعتقاد الفرد أنها أساس وجوده. إلا أن دراسة ضغوط العمل في أي مؤسسة بكل الأحوال لها فوائد عديدة بوصفها مؤشراً حقيقياً لتفسير سلوك العاملين سواء كان سلباً أو إيجاباً، لتقديم التوصيات اللازمة لتقليل النواحي السلبية في سلوك العاملين وأدائهم الوظيفي، وتنمية وتطوير النواحي الإيجابية التي تنتج من مستوى محدد مفيد من الضغط على السلوك الشخصي للعاملين وعلى مستوى العمل. حيثُ تفيد دراسة ضغوط العمل بشكل عام في تحقيق الأهداف الآتية:
- تمكين المؤسسة من تحسين أداء موظفيها باتباع الوسائل المختلفة الجادة والفاعلة للمتابعة والإشراف والتوجيه للتعرف إلى نواحي القوة والضعف في أداء العاملين فيها.
- مساعدة إدارة المؤسسة على الارتقاء بأدائها لتوظيفها لخبرات وقدرات العاملين حسب متطلبات العمل، والكشف عن إمكانات وقدرات العاملين الكامنة للاستفادة منهم في بعض المهام المتميزة والصعبة التنفيذ.
- إعطاؤها أبعاداً جديدة لسياسة التطوير الإداري والمهني في بيئة العمل يوضع فيها اعتبار لظروف العاملين الاجتماعية والنفسية.
- المساهمة في تفعيل البرامج التدريبية بالكشف عن مهارات العاملين الفعلية ومعارفهم، والقيمة الحقيقية للبرامج التدريبية التي يتلقونها، وقدرتها على تطوير مهاراتهم في أعمالهم التي يؤدونها، مع تصميم برامج مناسبة لاحتياجاتهم الفعلية.
- إظهار القدرات الإدارية للمدراء والمشرفين غير الظاهرة في مجال القيادة والتوجيه للمرؤوسين، وفاعلية أسلوبهم في إيجاد مستوى من العلاقات الإنسانية في العمل والثقة بين الرؤساء والمرؤوسين.
- العمل على التزويد بمعلومات من شأنها دعم الخطط التطويرية بالمؤسسة بالكشف عن عوامل الضعف التي تؤثر في أداء العاملين في المؤسسة بشكل عام منها ضعف التجهيز، وعدم ملاءمة المناخ الوظيفي للعمل، وضعف المعلومات لأداء الأعمال، وعدم إشباع الحاجات.
- زيادة حماس العاملين للعمل وتحملهم للمهام والمسؤوليات التي توكل لهم مما يسهم في الإنتاج الفعال الذي يطابق معايير الجودة والمواصفات التي يتطلبها العمل في المؤسسة.
- تفعيل الانضباط الإداري الذي يشمل الالتزام بمواعيد العمل والمحافظة على الممتلكات العامة والكياسة في التعامل مع الجمهور من المستفيدين.
مما سبق يلاحظ اهتمام العديد من الدراسات ببحث أسباب دراسة ضغوط العمل وفوائده وأهدافه التي دمجت فيما سبق لتركيز المعالجة وتعميم الفائدة من معالجة القضية.
ثالثاً- مصادر الضغوط وأنواعها: يأتي هذا المبحث حول مصادر ضغوط العمل بوصفه أمراً حتمياً ينبغي توضيحه بعد تناول مفهوم الضغوط وأسباب دراستها، حيثُ إن التعريف بمصادر الضغوط يرشد أو يكشف عن عنصر مهم لا بد من توضيحه عند دراسة الموضوع ، وهو التعريف بالعوامل والأسباب التي تؤدي إلى شعور الفرد بضغط العمل. ويندر أن نجد دراسة بحثت في مجال ضغوط العمل لم تتطرق للكشف عن مصادرها. لذا ظهرت العديد من التصانيف والنماذج التي وضعها الباحثون لتصنيف مصادر الضغوط تبعاً لمصادرها المسببة لها، والتي تباينت بحسب نظرة مصنفيها لمصادر الضغوط أو تطويرها بوصفها معايير يمكن بواسطتها قياس الضغوط في الدراسات التطبيقية التي طوعت لتناسب بعض المهن. ويرى هيجان أن الباحثين الذين اجتهدوا في وضع تصانيف لمصادر الضغوط سلكوا ثلاثة مسارات تتكون من التالي:
أولاً- الأنموذج الثنائي: يصنف مصادر ضغوط العمل في مجموعتين.
ثانياً- الأنموذج الثلاثي: يصنف مصادر ضغوط العمل في ثلاث مجموعات رئيسة.
ثالثاً- الأنموذج متعدد الأبعاد: يصنف مصادر ضغوط العمل في أربع مجموعات رئيسة فأكثر (هيجان:1419هـ،73).
ولامتياز تنظيم هيجان السابق بالمنطقية في تنظيم مذاهب الباحثين في إيراد مصادر ضغوط العمل فسيعتمد على هذا التنظيم في عرض هذا المبحث، كما تجدر الإشارة إلى أنه سيتم استعراض أشهر النماذج المعروفة التي تناولت مصادر ضغوط العمل، وذلك بهدف التعريف بها وليس حصرها:
1- الأنموذج الثنائي: يصنف مصادر ضغوط العمل في مجموعتين. يتألف أنموذج مصادر ضغوط العمل الذي وضعه BRIEF مع كل من VANSELL و SCHULERمن مجموعتين رئيستين من العوامل المسببة لضغوط العمل، تشتمل كل مجموعة على عدد من العناصر الفرعية، ويندرج تحت كل عنصر فرعي عدد من مسببات ضغوط العمل.
فالمجموعة الرئيسة الأولى تشتمل على ثلاث مجموعات فرعية هي: السياسات التنظيمية؛ والهيكل التنظيمي؛ والمراحل التنظيمية.
وتشتمل المجموعة الرئيسة الثانية على خمس مجموعات فرعية هي: تجهيزات بيئة العمل المادية؛ والسلامة والصحة المهنية؛ وعلاقات العمل الشخصية؛ ومتطلبات الوظيفة؛ ومتطلبات الدور(1981,66: BRIEF ;VANSELL; SCHULER). وسار عسكر على المسار نفسه في تقسيم مصادر ضغوط العمل التي يواجهها الفرد، حيث يتكون تصنيفه لضغوط العمل من مجموعتين، تشمل كل منها أيضاً عدداً من العناصر الفرعية على النحو التالي:
المجموعة الأولى: تضم المصادر التنظيمية لضغوط العمل ، والتي من أهمها الاختلاف المهني؛ وغموض الدور؛ وصراع الدور؛ وعبء الدور؛ والمسؤولية عن الأفراد؛ والمستقبل الوظيفي؛ والافتقار إلى المشاركة في اتخاذ القرارات؛ والمساندة الاجتماعية.
المجموعة الثانية: وتضم المصادر الفردية لضغط العمل، ومن أهمها نمط الشخصية؛ والقدرة على التحكم في الأحداث؛ والقدرات والحاجات ؛ ومعدل التغير في حياة الفرد؛ والسمات الشخصية الأخرى (عسكر:1988م).
في حين لم يخرج DAILY عن التقسيم السابق لعسكر، حيث صنف مصادر ضغوط العمل أيضاً إلى مجموعتين رئيستين هما المصادر المتعلقة بالمنظمة التي يدخل فيها ظروف بيئة العمل، والمصادر المتعلقة بالفرد والتي يشمل صراع الدور وغموضه وعبء العمل (DAILY:1988).
ويؤيد هذا الأنموذج كذلك كل من حسني ومحمود اللذين قسما مصادر الضغوط في العمل إلى:
أ*- مصادر ترتبط بالبيئة المادية للعمل: تتمثل بالضغوط الناتجة عن افتقار بيئة العمل المادية إلى عوامل الراحة الجسمية والسلامة النفسية للعاملين ،مثل الهدوء، واعتدال الحرارة، ونقاء الجو من الأتربة، وصلاحية المباني والحجرات وتجهيزاتها المختلفة لراحة العاملين.
ب*- مصادر ترتبط بطبيعة العمل ذاته: وتنقسم إلى متطلبات العمل الزائدة التي تؤدي إلى تراكم التعب الجسماني وتجعله غير قادر على القيام بأعباء العمل، أو المتطلبات المتضاربة والتوجيهات المحيرة التي يكون مصدرها صراع الدور وغموضه، أو ضآلة استخدام قدرات الفرد لافتقار الوظيفة إلى الثراء الوظيفي وعناصر التشويق والتنوع في العمل الذي يستثير همم الفرد ويجدد نشاطه (حسني؛ ومحمود: 1993م ، 5-6).
2- الأنموذج الثلاثي: يصنف مصادر ضغوط العمل في ثلاث مجموعات رئيسة.
يرجع أصحاب هذا الاتجاه بشكل عام مسببات ضغوط العمل إلى ثلاث مصادر رئيسة هي العوامل المتعلقة بالفرد، والعوامل المتعلقة بالمنظمة، والعوامل المتعلقة بالبيئة.
ويتبع MCGRATH أنموذجاً ثلاثياً تنقسم فيه ضغوط العمل إلى ثلاثة أنماط تتمثل في التقسيم التالي:
1- ضغوط ناتجة عن البيئة المادية التي يتعرض لها الفرد داخل المنظمة أثناء تأدية الأعمال والواجبات وممارسة المسؤوليات المتنوعة.
2- ضغوط ناتجة عن البيئة الاجتماعية في العمل من خلال التفاعل مع الزملاء.
3- ضغوط ناتجة عن النظام الشخصي للفرد ذاته كالخصائص المتوارثة مثل القلق، والأساليب الإدراكية (MCGRATH:1979,169).
3- الأنموذج متعدد الأبعاد: يصنف مصادر ضغوط العمل في أربع مجموعات رئيسة فأكثر.
يتبنى كل من المير والمشعان أنموذج مصادر ضغوط العمل الذي وضعه GIBSON والذي لا يختلف كثيراً عن سابقه، إلا أنه يصنف مصادر ضغوط العمل إلى أربع مجموعات هي:
1- الفيزيقية: وتشمل البيئة المادية التي تعلب دوراً كبيراً في صنع الضغوط في منظمات العمل كعوامل الإضاءة، ودرجة الحرارة، والضوضاء، وتلوث الهواء، والمخاطر على الأمن وسلامة الموظف.
2- جماعة العمل: وتشمل ضعف العلاقة مع الزملاء، والمرؤوسين والمديرين، والافتقار إلى تماسك الجماعة، والصراع بين أفراد الجماعة، ونقص الدعم الاجتماعي من الجماعة ومؤازرتها.
3- الفردية: وتشمل عوامل صراع الدور، وغموض الدور، والعبء الزائد والمنخفض في العمل، وقلة الرقابة والمسؤولية، وعدم الاستقرار الوظيفي، وعدم توافر فرص التقدم والترقية والنمو المهني.
4- التنظيمية: وتشمل عوامل ضعف تصميم الهيكل التنظيمي، وعدم وجود سياسة محددة وواضحة، وعدم المشاركة في اتخاذ القرارات (المشعان: 1421هـ،74).
وذهب إدريس أيضاً إلى تقسيم مصادر الضغوط إلى أربعة مصادر رئيسة تكمن في الموظف نفسه، والتنظيم الوظيفي، والمصادر الخارجية، والعوامل الأسرية ( إدريس:1992م،322).
ويحدد محمد مصادر ضغوط العمل في ست مجموعات تتفرع إلى عناصر جزئية أصغر منها يمكن إيجازها في الآتي:
1- مطالب المنظمة: لكل منظمة مسببات الضغوط الخاصة بها، إلا أن هناك بعض المسببات المشتركة.
2- مطالب العمل: ترتبط هذه المطالب بالأنشطة المطلوبة التي ينبغي القيام بها لأداء عمل معين.
3- مطالب الدور: ويقصد به مجموعة التوقعات السلوكية التي يتوقعها الآخرون من الشخص القائم بدور معين.
4- مطالب ظروف العمل: وتتمثل في ظروف البيئة التي يعمل فيها الفرد.
5- مطالب المهنة: وهي نمو الوظيفة الذي يمر بها الفرد عادة بثلاث مراحل هي مرحلة بدء الوظيفة ثم مرحلة منتصف الوظيفة وأخيراً مرحلة نهاية الوظيفة، وما يصاحبها من تغير على حاجات الفرد وأهدافه وتوقعاته مع الانتقال من مرحلة لأخرى.
6- مطالب العلاقات مع الأفراد والجماعات: ويقصد به التفاعل الذي ينشأ عن تفاعل مكونات المنظمة من مكونات اجتماعية وتقنية، كوجود أشخاص عدائيين في العمل ومشاغبين، وارتفاع الكثافة الاجتماعية وافتقار الخصوصية، والفتور في المساندة الاجتماعية... وغيرها من مسببات لضغط العمل (محمد: 1992م).
في حين يلفت MONROE النظر إلى أهمية حدوث تفاعل بين المكونات الرئيسة لضغوط العمل لحدوث تلك الضغوط وهذا ما يختلف فيه فرد عن آخر، وتمثل تلك المكونات ما يسميه بالمثير بوصفه مسبباً للضغوط؛ والاستجابة كونها تمثل ردود أفعال سلوكية ونفسية وجسمانية؛ والتفاعل بوصفه نتاج للعوامل المثيرة ونمط الاستجابة لها (MONROE) . حيث إن غالبية الباحثين في هذا المضمار يركزون على استجابة الفرد الفسيولوجية والنفسية للضغوط دون ربطها بالعوامل المسببة للضغط. الشكل رقم(2) العلاقة بين مكونات ضغوط العمل
تشمل مصادر الضغوط المتعلقة ببيئة العمل أو المصادر التنظيمية كما يسميها بعض الباحثين الاختلاف المهني؛ وغموض الدور؛ وصراع الدور؛ وزيادة عبء الدور، والبعد النفسي للدور؛ وملاءمة الدور؛ والمسؤولية عن الأفراد؛ والمستقبل الوظيفي؛ والافتقار إلى المشاركة في اتخاذ القرارات؛ واتخاذ القرارات؛ والمساندات الاجتماعية.
في حين تضم المجموعة الثانية المصادر الفردية لضغوط العمل التي تشتمل على نمط الشخصية؛ والقدرات؛ والحاجات؛ ومعدل التغير في حياة الفرد؛ والسمات الشخصية (عسكر:1409هـ،10) (بارون: 1999م ، 50-51).
ولحداثة موضوع ضغوط العمل عن مجال المكتبات والمعلومات من الناحية النظرية والعملية، فالتعريف بمصادر ضغوط العمل في المكتبات تنبثق معه مشكلة تصنيفها ووضعها في أطر تبين أنواعها حسبما يدركها العاملون في المكتبات، لا سيما مع عدم وجود قاعدة يبنى عليها، لندرة وجود الدراسات السابقة التي تناولت الموضوع- كما سبق القول- لذا فإن الأمر يقتضي الاستعانة بالتصانيف النظرية الأخرى التي وردت في الدراسات السابقة والتي تناولت ضغوط أعمال في منظمات إدارية أخرى رأت الباحثة أنها ذات علاقة ببيئة المكتبات، وذلك لمحاولة رسم إطار خاص لمصادر ضغوط العمل لمهنة المكتبات، بجانب استطلاع ضغوط العمل الفعلية من نتائج المسح الميداني للدراسة الحالية التي أدلى بها العاملون في المكتبات الأكاديمية في مدينة الرياض. لاسيما بعد أن اتضح أنه لا يوجد تصنيف واحد متفق عليه بين الباحثين لمسببات ضغوط العمل.
وذلك إيماناً بأهمية أمين المكتبة بوصفه أحد الركائز المهمة في المنظومة المعلوماتية، ودوره الرئيس في تحقيق المؤسسات المعلوماتية قدراً أكبر من الكفاءة المطلوبة التي تقوم عليه في عملية البناء المعلوماتي، وتأثر مستوى أدائه وكفاءته هذه التي ينبغي الاهتمام بها بزيادة بضغوط العمل عليه. مما يتطلب معرفة مصادر ضغوط العمل التي تواجه العاملين في المكتبات، وتتفهم شخصياتهم وتتعرف إلى أهدافهم ودوافع سلوكهم.
ويوجد العديد من العوامل التي تسهم في حدوث الضغوط للعاملين في مجال المكتبات ومراكز المعلومات يمكن تصنيفها بشكل واسع إلى مجموعتين رئيستين تشمل إحداهما عوامل ومتغيرات لها علاقة ببيئة العمل، والأخرى متغيرات ذات علاقة بشخصيات العاملين بوصفهم أفراداً لهم خصائصهم وخبراتهم الذاتية المستقلة (BARON:1986,208). حيثُ ينشأ الضغط من محصلة تفاعل قوى تلك المتغيرات ومدى استجابة العاملين لها وإدراكهم لأهداف المؤسسة التي يعملون بها، وبالتالي يمكن القول إن العاملين في المكتبات ومراكز المعلومات قد يواجهون الضغوط التي يمكن تصنيفها إلى فئتين رئيستين على النحو التالي:
أ- المصادر التنظيمية: 1-الاختلاف المهني:
الهدف العام من التأهيل الدراسي مهما كان نوعه هو إعطاء الدارس علماً وخبرة تأهيلية تمنحه الثقة عند العمل وترفع من أدائه، لذا ينخفض أداء الذين يعملون في تخصصات مغايرة لتخصصاتهم، ثم يبدأ هذا الوضع يقلقهم ويسبب لهم ضغوطاً نفسية ومهنية بشعورهم من عدم الرضا عن أنفسهم أو عدم رضا المسؤولين عن أدائهم.
إلا أن فوزية فائق تعتقد أن ضغوط الاختلاف المهني ترجع إلى الجهود الجسمية والعضلية والفكرية المبذولة عند أداء بعض الأعمال التي تؤدي إلى الشعور بالتعب وفقدان الرغبة بالعمل ، وانتظار أول فرصة لاستبدالها وذلك مثل مهنة موزع البريد أو عامل البناء أو أمين المكتبة (فائق:1417هـ،147). أي أنها تحصر الضغوط في الوظائف التي تتطلب تقديم خدمات مناسبة يستفيد منها الجمهور أو تتطلب اتخاذ قرارات إدارية وتخطيطية استراتيجية.
ويرى عسكر من خلال دراسة أوردها أن هناك اختلافاً في مصادر الضغط لكل وظيفة، فالوظائف الإدارية مثلاً تعاني من مستوى عال من الضغوط بسبب الوقت والمقابلات الكثيرة وتحقيق معايير إنتاجية مناسبة، أما الوظائف التي يمكن أن توصف بأنها ذات مستوى ضغط منخفض فإن سبب الضغوط غالبًا ما يكون فيها مشكلات فنية مثل تعطل الآلة أو إحباط الدور مثل انخفاض المكانة الاجتماعية أو الإشراف غير الملائم (عسكر: 1988م،11).
وبتطبيق مصدر الاختلاف المهني على مجال المكتبات يتضح تواجد العديد من العناصر السابقة التي تتوافر في هذا المجال، حيث يلاحظ أن مجال العمل في المؤسسات المعلوماتية يضم العديد من العاملين الذين كان مجال دراستهم يختلف عن مجال عملهم وقد يكون ذلك لأسباب يتطلبها العمل أو بغير سبب مبرر، كما أن مجال العمل في المكتبة بيئة غنية تضم معظم التصانيف الوظيفية من مدراء، ومديري مكاتب، وعاملين فنيين، واختصاصيي خدمات مرجعية، وغيرهم من المطالبين بتقديم خدمات جيدة للرواد. مما يتضح معه ضرورة دراسة هذه البيئة، مع توقع الحصول على مستويات مختلفة من الضغوط نتيجة لتنوعها الوظيفي، وذلك بناء على ما توصل إليه الباحثون بشكل عام.
2- عبء الدور:
ويقصد به عبء العمل الذي يتضمن زيادةً أو انخفاضاً في الدور الذي يكلف به الموظف. وقد تكون الزيادة كمية كمطالبة الموظف بالقيام بمهام كثيرة لا يستطيع إنجازها في الوقت المحدد من قبل إدارته، أو عبئاً نوعياً كالتكليف بأداء مهام تتطلب قدرات جسمية ومهارات علمية عالية لا يملكها الموظف.
أما انخفاض عبء الدور فيقصد به أن الموظف لديه عمل قليل غير كاف لاستيعاب طاقاته وقدراته واهتماماته لأن لديه إمكانات أكبر من المهام والواجبات المكلف بها. وتسبب كلتا الحالين شعوراً بعدم الارتياح والملل والرتابة والتضجر والانتقاد (فائق: 1417هـ،142). مولدة خلفها ضغوط عمل قد تتسبب بتدني المستوى الصحي للفرد، وانخفاض مستوى الأداء على الصعيد الوظيفي، وتكرار الوقوع في الأخطاء نتيجة لعدم إتاحة الفرصة للموظف لإظهار كفاءته لتعجيله في الإنجاز، وعدم أخذ فترات راحة كافية لتجديد نشاطه، بجانب إسناد بعض الأعمال المعقدة إلى من لا تتوافر فيهم الكفاءة المطلوبة للإنجاز، أو اتخاذ قرارات حاسمة، أو لنقص العمل الذي لا يستثير حماس الأفراد ويؤدي بهم للشعور بعدم أهميتهم في المؤسسة.
كما يمثل وقت العمل أيضاً عبئاً إضافياً على بعض المهن التي تتطلب طبيعة العمل فيها العمل لساعات طويلة، أو تتطلب أداءً متواصلاً، أو عملاً ليلياً أو أثناء العطلات فهذه كلها تكون أسباباً لمصادر الضغوط أثناء العمل.
3- غموض الدور وتعدده:
يقصد بغموض الدور نقص المعلومات اللازمة للعاملين لأداء عمل محدد أو جهلهم بالمهام التي يفترض أن يقوموا بها أو حدود صلاحيتهم وسلطاتهم، أو قلة المعلومات عن النتائج المتوقع تحقيقها ذات العلاقة المباشرة بأهداف وسياسات المؤسسة التي يعملون بها. مما يجعلهم غير قادرين على الاندماج في العمل، وبالتالي الشعور بالضغط خوفا من ارتكاب أخطاء تعرضهم للمساءلة. وتشير بعض الدراسات إلى أن حديثي التخرج الملتحقين بالعمل أكثر شعوراً بالضغوط المعنيـــة، وأن تلك الضغــوط تقــل في الوظــائـــف العليـــا نتيجـــة للخبــرة المكتسبــة (DUA,1994). لذلك فإن وجود توصيف وظيفي جيد وإطلاع الموظف عليه في بداية عمله يسهم إلى حد بعيد بوضوح الدور لأنه يجيب عن أسئلة العاملين واستفساراتهم .
ويرى BEEHR إضافة إلى ما سبق أن الضغط الناتج من غموض الدور ينشأ عندما يفتقد الموظف للتغذية المرتدة التي تبين نتائج أدائه وما يترتب عليها، أو عندما تتركز التغذية المرتدة على السلبيات والأخطاء دون الإشارة إلى الإيجابيات، وعموما فإن BEEHR يميل إلى إرجاع مصادر ضغوط العمل المرتبطة بغموض الدور إلى أربعة أسباب رئيسة هي:
· نقص المعلومات الواردة من الرئيس للموظف عن الدور المطلوب منه للعمل.
· تقديم معلومات غير دقيقة من الرئيس أو الزملاء للموظف.
· عدم توضيح الرئيس للموظف الكيفية أو أسلوب الأداء التي يتم عن طريقها دوره المتوقع منه ليقوم بتنفيذه.
· غموض النتائج المترتبة على الدور المتوقع من الموظف مما يؤدي إلى فشله في تحقيق أهداف الدور أو تجاوزها (BEEHR:1995,37-36). 4- صراع الدور:
يعنى به التعارض بين الواجبات والممارسات والمسؤوليات التي تصدر في وقت واحد من الرئيس المباشر للموظف، أو من تعدد التوجيهات عندما يكون الرؤساء المشرفون أكثر من شخص مما يشعره بعدم الاستقرار ويجعله يقع تحت ضغوط مستمرة تستلزم إعادة توفيقها للتخلص من الضغط. ويعطي هيجان عدة صور من صراع الدور في المنظمات تتكون من العناصر الآتية:
· تعارض أولويات مطالب العمل: حيث إنه في كثير من الأحيان يجد بعض الموظفين أنفسهم وخاصة مديري الإدارة الوسطى في مأزق نتيجة لحاجتهم إلى إنجاز الأعمال التي تمليها عليهم أدوارهم اليومية والأعمال التي يكلفهم بها الرؤساء ويتوقعون لها الإنجاز الفوري، وكذلك فإن المديرين قد يجدون أنفسهم في موضع حرج وذلك نتيجة لتعارض مطالب الإدارة العليا مع مطالب الإدارة الإشرافية أو التنفيذية.
· تعارض حاجات الفرد مع متطلبات المنظمة: وذلك عندما يكون الفرد ذا شخصية ناضجة ويسعى لتحقيق الذات والاستقلال في الوقت الذي ترى فيه المنظمة أنه ينبغي على الأفراد الاعتماد عليها من خلال التخصص الدقيق في العمل ووحدات التحكم والسيطرة، وتطبيق الصيغ والإجراءات الرسمية بدقة في معاملاتها في الوقت الذي يفضل فيه الفرد اتباع صيغ غير رسمية في العمل .
· تعارض مطالب الزملاء مع تعليمات المنظمة: وغالباً ما يحدث هذا الموقف بالنسبة للموظف الجديد الذي قد يجد نفسه حائراً بين الالتزام بتعليمات وتوجيهات الإدارة التي يعمل بها والتي تتطلب منه الالتزام الدقيق بمهامه ومسؤولياته الموضحة في الوصف الوظيفي لعمله، وبين تنفيذ رغبات الزملاء في تقديم المساعدة لقسم آخر التي ربما تعني الخروج عن مهامه وواجباته. مثل هذه المشكلة تحدث على الدوام في بيئات العمل، حيث إن الموظفين القدامى غالباً ما يقومون بأداء كثير من الأعمال التي لا ينص عليها الوصف الوظيفي لأعمالهم ، إذ يعتبرونها نوعاً من المساعدة بين الأفراد في العمل في حين أن الموظف الجديد قد يشعر بالخوف والتردد في أداء هذه الأعمال لا سيما إذا كانت تتعارض مع توجيهات رئيسه المباشر.
· تعارض قيم الفرد مع قيم المنظمة التي يعمل بها: وتتمثل القيم عادة في الأشياء التي تبين الصحيح من الخطأ، وتوجد المشكلة عند وجود تعارض بين قيم الفرد مع قيم المنظمة تحول دون انسجام الأفراد مع أهداف منظماتهم وعجز المنظمات بالتالي عن تحقيق أهدافها التي تسعى إليها. وعلى سبيل المثال يجد الأشخاص الذين يعملون في البنوك أنه من الصعب عليهم القيام بواجباتهم في البنك في الوقت الذي لديهم قناعة تامة بأن العمل في البنك غير جائز بسبب أنه يقوم على المعاملات الربوية المحرمة شرعاً (هيجان: 1419هـ،177-178).
ويشير QUICK AND QUICK إلى أن صراع الدور يظهر في شكلين من الأشكال : أحدهما عندما يتابع عمل الموظف أكثر من مدير، كأن يكون مسؤولاً عنه مدير عام للمشروع يقيم عمله؛ ومدير تنفيذي آخر يوجهه ويتابع عمله، في حين يتوقع كل منهما منه أداء أو إجراء يناقض أحدهما الآخر. والشكل الآخر قد يكون حينما يشغل الفرد منصبين في وقت واحد، الأول بالأصالة والثاني بالنيابة ويريد كل منهما أن تعطى الأهمية والأولوية لأعماله (QUICK AND QUICK:1984,29). 5- عدم المشاركة في اتخاذ القرارات:
إن عدم مشاركة العاملين في اتخاذ القرارات خاصة التي تتعلق بأعمال يمارسونها يعد تجاهلاً للاحتياجات الطبيعية للعاملين بوصفهم أفراداً بحاجة إلى التقدير واحترام الذات وإثباتها، ويقود أيضاً إلى انخفاض الروح المعنوية للعاملين ، وتوحدهم ، وفقدان انتمائهم للمؤسسة التي يعملون بها.
ويرى FURNHAM أن عدم إشراك العاملين في اتخاذ القرارات يؤثر على علاقاتهم داخل العمل مع رؤسائهم وزملائهم حتى المراجعين مما يقلل من مستوى الاتصال بينهم (FURNHAM:1997,328).
إلى جانب ما سبق مما يسببه عدم مشاركة العاملين في اتخاذ القرارات، فإن المنطق ومصلحة العمل أيضاً يحتمان التعرف إلى مقترحات العاملين في القرارات التي سوف تنفذ، لأن في ذلك جانباً إيجابياً لتطوير العمل، فضلاً عن التأثير النفسي الذي ينعكس على أداء العمل لو قلصت فرص المشاركة في اتخاذ القرار. 6- تقييم الأداء الوظيفي:
ويقصد به مدى وجود نظام فاعل لتقييم أداء العاملين بالمنظمة، حيث إن عدم وجود معايير منطقية منضبطة يقتنع بها العاملون، من الممكن أن يكون مصدراً من مصادر ضغوط العمل إذا لم يتم وفق أسس سليمة تلبي حاجات الفرد والمنظمة في آن واحد.
ويؤدي ذلك كما تقول هنداوي إلى أن العاملين لن يؤدوا عملهم وفقاً لما تقتضي به واجباتهم الوظيفية لأنهم لن يحصلوا في النهاية على حقهم المناسب من التقدير المادي و الأدبي، وسيسود اعتقاد أن الجميع سواسية وأن من يعمل يتساوى مع من لا يعمل، مما يوجد حالة من الإحباط تجعل هؤلاء العاملين عرضة للعديد من الأمراض النفسية والجسدية (هنداوي:1994م،100). 7- النمو والتقدم المهني:
يؤدي النمو والتقدم المهني إلى تحقيق الذات ، وذلك بعد أن يشعر الفرد أنه تعلم قدرات جديدة تحقق أحلامه، ويدخل ضمن مفهوم النمو المهني الترقيات والحوافز.
حيث يتطلع كل موظف إلى الترقي في السلم الوظيفي لاكتساب خبرات جديدة تشبع طموحاته المادية والمعنوية (معهد الإدارة:1405هـ،184). وذلك لأن الأفراد لا يحتاجون فقط إلى أن يوظفوا مهاراتهم السابقة التي على أساسها تقلدوا وظائفهم الراهنة بل إنهم بحاجة إلى أن تتاح لهم الفرص لكي يطوروا مهاراتهم ويكونوا مهارات جديدة تؤهلهم إلى تحسين مكانتهم الوظيفية إلى جانب تحسين وضعهم المالي.
ورغم أهمية هذا العنصر بوصفه هدفاً رئيساً ينشده العاملون ويتطلبه التطور الوظيفي والمهني، إلا أنه قد يكون سبباً من أسباب ضغوط العمل السلبية خاصة عندما لا يكون لدى المؤسسة خطة للتطوير الوظيفي، أو تكون الفرص محدودة جداً لتطوير العاملين، أو عندما يكون نظام الأجور والحوافز فيها أدنى من نظائرها في المؤسسات والمنظمات الأخرى ، مما يؤدي بهم إلى الملل من العمل وعدم الحماس في الإنجاز وضعف الولاء للمنظمة التي يعملون فيها، أو يجعلهم يبحثون عن عمل آخر يحققون فيه ذاتهم (هيجان:1419هـ،193-195). ويكفل لهم مقابلاً مناسباً لما يقدمونه من جهد وخدمات.
كما يدخل في التطور المهني فرص الترقية والتقدم والنمو الوظيفي، حيث إن إحساس الفرد بأن فرصة ترقيته في مجال عمله ضعيفة أو تحكمها معايير أخرى غير كفاءة الأداء، يعد أحد المصادر المهمة لضغط العمل لتعارض وضعه مع طموحاته، ومحاولته تأكيد مستقبلة المهني (الهنداوي: 1994م،102). ورغم ما قد يعترض الفرد من ضغط بسبب عدم حصوله على الترقية في عمله في الوقت المناسب، إلا أن هذا الشعور أيضًا يستمر عندما يترقى لعمل يفوق قدراته الشخصية وطاقاته (ماهر:1991م، 296). 8- بيئة العمل المادية:
ويقصد بها الظروف المادية للعمل وما تحتويه من عوامل مادية مثل طريقة تصميم المكتب ومستوى الإضاءة، ودرجة الحرارة، والخدمات المساندة، ووسائل الصحة والسلامة من احتمال التعرض لأية مخاطر أو أمراض مهنية، وغيرها من العوامل التي يكون تأثيرها مباشراً على العاملين ومستوى أدائهم وحبهم لعملهم أو النفور منه. فإذا كان جو العمل غير مناسب فإنه يؤدي إلى النفور منه، ويتولد لدى العاملين فيه ضغوط بمستويات مختلفة تزيد وتنخفض بحسب نوع العمل وطبيعته، ولكنها تؤدي في النهاية إلى قلة الإنتاج أو كفاءته أو الاثنين معاً.
ويحصر الهويش مصادر ضغوط العمل المرتبطة بظروف العمل الطبيعية في أربعة عناصر هي على النحو الآتي:
- ارتفاع درجة الحرارة أو انخفاضها عن الحد المعقول في مكان العمل.
- الضوضاء الشديدة وخاصة الأصوات العالية .
- الإضاءة المتوهجة بمختلف أنواعها والأشعة تحت الحمراء أو فوق البنفسجية.
- ظروف العمل القاسية كما في الصناعات الثقيلة كالحديد والصلب على سبيل المثال (الهويش:1420هـ، 20).
وخلصت دراسة علمية ألمانية أجراها باحثون مختصون من معهد روبرت كوخ العلمي على أكثر من 1700 شخص إلى أن الضجيج والإجهاد يؤدي إلى مرض ضغط الدم المرتفع الذي يعد من أخطر أمراض العصر، كما وجدت الدراسة أن سكان الأحياء الهادئة والبعيدة عن الضجيج هم أقل عرضة للإصابة بمرض ضغط الدم المرتفع، والعكس صحيح حيث إن الاصابات بين سكان المناطق المزدحمة أكثر شيوعاً وانتشاراً بين السكان. كما ربطت الدراسة بين الضجيج والإصابة بأمراض أخرى منها أمراض الدورة الدموية والقلب والأمراض النفسية ([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]).
كما أن ارتفاع درجة الحرارة في مكان العمل يتعدى التأثير النفسي للفرد إلى التأثير الجسماني، فعندما ترتفع درجة الحرارة في مكان العمل إلى حد يتعدى قدرة الجسم البشري على التكيف، ينتج عنها اضطراب في جهاز التنظيم الحراري لجسم الإنسان، وباستمرار فترة التعرض لدرجة الحرارة وفقدان الجسم لكميات كبيرة من السوائل عن طريق الإفرازات يفقد معها الأملاح وانخفاض كمية المعادن المهمة التي تسبب تغييرات في الحساسية الكهربائية للعضلات تؤدي إلى التقلص الحراري الذي يصيب الفرد دون سابق إنذار وتصاحبه آلامٌ مبرحة في عضلات الجسم. كما أن الأمر قد يتطور بسبب ارتفاع درجة الحرارة إلى الإجهاد الحراري الذي تكون نتيجته عدم قدرة الجسم على التخلص من الحرارة الزائدة عن طريق إفراز العرق، مما يحدث خللاً خطيراً في تدفق الدم بسبب تجمع الدم في الأوعية الواقعة تحت الجلد مباشرة، وإن كانت هذه الحالة أقل خطورة من ضربة الشمس التي تعد من أخطر الحالات المتعلقة بالحر، إلا أنها يمكن أن تؤدي لها، والجدير بالذكر أن ضربة الشمس قد تحدث حتى لو لم تكن الشمس السبب الرئيس لها ، وذلك في العمل في أوقات ترتفع فيها درجة الحرارة وترتفع معها الرطوبة مع انخفاض سرعة الرياح مما يفقد المصاب الوعي، وتصل نسبة الوفيات بها إلى 50% إذا لم يتلق المصاب العلاج المناسب (الجهني: 1996م، 123)؛(مبادئ الإسعافات الأولية: (د.ت)، 48-49).
وينبه QUICK AND QUICK إلى قضية مهمة وهي أن الأفراد يختلفون في درجة تحملهم للحرارة بحسب البيئات التي يعيشون فيها واستجابتهم الفسيولوجية والنفسية لمستويات الحرارة المختلفة، فبعض الأفراد لديهم القدرة على التكيف أكثر مع البيئات الحارة، في حين أن البعض الآخر يكون تكيفهم أكثر مع البيئات الباردة (QUICK AND QUICK:1984,32).
أما ارتفاع مستوى الضوضاء والضجيج في مكان العمل فيصيب العاملين بأمراض السمع والجهاز العصبي عند التعرض لها لفترة طويلة، مما قد يؤدي إلى العديد من الآثار السلبية منها الصمم أو ضعف السمع بشكل ملحوظ؛ والتوتر العصبي وحدة المزاج؛ بجانب عدم التركيز الذهني. لذا ينبغي التنبه لهذه القضية لا سيما أن المكتبات الأكاديمية ترتفع فيها كثافة عدد الرواد، بجانب كون مبانيها مغلقة وذات مساحة محدودة نسبياً مقارنة بعدد روادها. 9- الاتصالات:
يقصد بالاتصال السلوك الذي يتعلق بأسلوب نقل المعلومات بين أفراد المنظمة، والتي غالباً ما ينظر لها بوصفها مهارة ينبغي توافرها في جميع المديرين. ويعتقد فائق أن أسلوب الاتصالات بين الأفراد داخل المنظمة غالباً ما يؤدي إلى مستقبل مرتفع من الضغط، يتولد بشكل كبير إذا كان الأفراد يعملون تحت تنظيم عامودي وبيروقراطي، بعكس نظرائهم الذين يشعرون بضغط أقل أثناء العمل لأنهم يعملون في ظل تنظيــم ذي هيكـــل مسطـــح وأقــل بيـــروقـــراطيــة (فائق:1417هـ،143). وأياً كان أسلوب تنظيم العمل بين الإدارة والعاملين فإن هيجان يرى أن الاتصال الواضح المبني على الثقة المتبادلة بين الطرفين يشكل عاملاً مهماً من تخفيف حدة الضغوط في بيئات العمل، لما يترتب عليه من زيادة لكفاءة الاتصال في المؤسسة، وإيجاد جو تعاوني يوثق بين علاقة الأفراد بمرؤوسيهم وزملائهم في العمل (هيجان:1419هـ،189).
ويرى محمد أن أية منظمة عمل هي عبارة عن نظام اجتماعي تقني بالغ التعقيد، يقوم على التفاعل بين أفرادها والجماعات ذات العلاقة، سواء كانت هذه الاتصالات رسمية أو غير رسمية، فمن الطبيعي أن ينشأ عن هذا التفاعل العديد من مسببات الضغوط لوجود شخصيات عدائية ومشاغبة في العمل، أو ارتفاع الكثافة الاجتماعية وافتقاد الخصوصية في العمل، أو تفشي الصراعات، أو الفتور في المساندة الاجتماعية (محمد: 1413هـ، 83). 10- المساندة الاجتماعية:
يقصد بها العلاقات التي يتمتع بها الفرد في محيط بيئته التي من شأنها تنشيط استجابته نحو مثيرات ضغوط العمل أو تخفيفها (BEEHR:1995). فالإنسان عادة لا يستطيع أن يبدع إلا بعد إشباع حاجاته الخاصة للحب والنماء، ويدعمها الانتماء إلى العائلة وتكوين أصدقاء وهي ما تسمى بالحاجات الفسيولوجية حتى إن البعض قد يتخذ سلوكاً مخالفاً لاتجاهاته الأصلية من أجل إرضاء أصدقائه والمحافظة على انتمائه لهم. ولم يغفل الدين الإسلامي هذا الضعف الإنساني وحذر من مغبة الانتماء لبعض الفئات ذات السلوك المنحرف. ب- المصادر الشخصية لضغط العمل:
ويقصد بالمصادر الشخصية لضغوط العمل تلك العوامل أو المتغيرات المتعلقة بالفرد التي أدت إلى تكوين شخصيته كالوراثة، والبيئة التي عاش فيها وتربى، إضافة إلى التركيبة الذاتية الخاصة لكل فرد التي تتكون من طبيعة الأحداث التي يتعرض لها وأثرت في بناء شخصيته، هذا إلى جانب وعي الفرد بذاته وفهمه لها، واستيعابه لردود أفعاله تجاه المؤثرات التي يتعرض لها في حياته، سواء كان ذلك في نطاق العمل أم خارجه. كل ذلك يشكل مصدراً قوياً من مصادر ضغوط العمل، لأن من المتعارف عليه أن الآثار التي تتركها العوامل الوراثية والبيئية على سلوك الفرد كثيراً ما ينقلها معه إلى بيئة العمل، وتسهم في حدوث ضغوط عمل لديه، وتؤثر كذلك على أدائه للعمل سلباً أو إيجاباً. ومن أبرز العوامل التي تتعلق بالمصادر الشخصية العناصر التالية: 1- نمط الشخصية:
أدت الدراسات التي قام بها الدكتور راي روزنمان المدير المساعد لمركز أمراض القلب في المركز الطبي لمستشفى سان فرانسيسكو في الستينات الميلادية – إلى أنه يوجد فصائل للشخصية كما يوجد فصائل للدم، تدعى بأنماط سلوك الشخصية ، وتم تصنيفها إلى نمطين هما ( نمط الشخصية أ، و نمط الشخصية ب) وأن لهذه الفصائل من الأنماط السلوكية علاقة مباشرة بأمراض القلب، والأوعية الدموية من ضغط الدم وزيادة نسبة الكولسترول.. .
ويتميز صاحب نمط الشخصية (أ) بخاصية الإقدام - والتنافس- والمثابرة - والنشاط الزائد- وكثرة الحركة- والإقبال على العمل. ولكنه يتحدث بانفعال ويستعجل الآخرين لتنفيذ ما يقوله، كما أنه يكافح لإنجاز أكبر عدد من المهام في أقل وقت، وهو غير صبور ويكره الانتظار، وفي صراع دائم مع الأفراد والأحداث، ويحب أن يكون مشغولاً دائماً ، ويكره أن يكون لديه وقت فراغ. لذا فإن صحته ضعيفة ومعرضة أكثر من غيره للإصابة بمرض القلب وتصلب الشرايين والدورة الدموية، نتيجة لتأثره بضغوط العمل واستجابته لها بقدر كبير.
أما صاحب نمط الشخصية(ب) فهو شخص هادئ الطباع – ومسترخي الأعصاب- ويتميز بحساسية الطباع - والتفوق العلمي. لذا يقل تعرضه لأمراض القلب والدورة الدموية. والجدير بالذكر أن الدراسات التي تلت تلك الدراسة خرجت بنتائج قسمت نمط الشخصية (أ- A) إلى فئتين: الفئة الأولى هي الشخص الذي يرى نفسه محور الكون فيستخدم عبارة أنا أفعل- أنا أهتم- أنا أعتقد، وغيرها من العبارات التي تدل على أنه يرى نفسه محور كل شيء، وهذه الفئة هي التي تتعرض لأمراض القلب ونوبة القلب. أما الفئة الأخرى التي لا تتحدث كثيراً عن نفسها ولا تركز على ذاتها فإنها أقل تعرضاً لأمراض القلب وتتساوى مع نمط الشخصية(ب- B) ([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]) . حيثُ يتفاوت الأفراد من فرد لآخر حسب قدرتهم على السيطرة الداخلية والخارجية لديهم، فالذين يشعرون بدرجة عالية من التحكم الداخلي يعتقدون أن باستطاعتهم التحكم بكثير مما يحدث لهم، بينما الذين يشعرون بدرجة عالية من التحكم الخارجي يعتقدون أن ما يحدث في حياتهم يكون بسبب عوامل خارجة عن إرادتهم. وذلك حسب نظرة الفرد لشخصيته ولذاته (KAHN AND COOPER:1993,67). 2- الجنس:
يعد عامل الجنس من ذكور وإناث من الخصائص الشخصية المؤثرة في دراسة ضغوط العمل، لاسيما مع زيادة معدلات دخول الإناث في سوق العمل، والتي يختلف موقعها الاجتماعي والوظيفي عن الرجل من تداخل مسؤولياتها بين العمل والمنزل، والعزلة الاجتماعية التي يفرضها عليها مجتمعها، ومحدودية الدور الوظيفي الذي يسمح لها به، ناهيك عن التفرقة في التعامل كونها امرأة عند الترقية أو اختيارها لمناصب عليا (MCGRATH, et al:1990). 3- التوافق بين قدرات الفرد وحاجات العمل:
تتحد مواقف الأفراد وسلوكياتهم بناء على مقدار ما يتمتعون به من قدرات شخصية واحتياجات وظيفية، لذا يعد عدم التوافق بين قدرات الفرد وحاجات العمل من العوامل المؤدية لضغوط العمل. ويرى عسكر أن الموظف الذي يملك مهارات عالية لن يعاني من الضغوط الحادة لقدرته على مواجهة متطلبات الإنتاج والتصدي للمشكلات الطارئة(عسكر:1988م،19). لذا يعدُّ التعليم والخبرة من الخصائص الشخصية التي تؤثر في ضغوط العمل ومستوياتها لدى العاملين. لأن المعرفة والخبرة السابقة تمكنهم من التعامل مع الضغوط وتساعدهم على فهم الضغوط الجديدة وإدراكها ومعالجتها (الصباغ:1401هـ، 30). 4- الحالة النفسية والبدنية:
تؤثر الحالة النفسية والبدنية للأفراد على مقدار استجابتهم لمثيرات ضغوط العمل التي يتعرضون لها في داخل بيئة العمل أو خارجها ، وذلك تبعاً لاستجاباتهم النفسية والسلوكية والعاطفية، وحسب الفروق الفردية التي خلقهم الله بها (BEEHR:1995). كما يربط كثير من الباحثين بين الأمراض النفسيـــة والبدنية، ويرون أنها منشأ كثير مـــن الأمراض الجسميـــــة التـــــي تعود إلـــــى اضطـــرابـــات نفسيــــــــة (GIRDANO:1990,35). والاضطرابات النفسية التي تصيب الأفراد نتيجة لضغوط العمل كثيرة ومتنوعة منها القلق والإحباط والاحتراق الداخلي وتوهم المرض، وقد تؤدي هذه الحالات أو إحداها بالفرد إلى الشعور بعـــدم الأمــان وزيادة الحساسية والتوتر والمبالغة بردود الأفعال السلوكية ( COLEMAN:1988,48). ويؤكد هيجان أن أي نوع من التوتر لا بد أن يصاحبه نوع من التغيرات البدنية الظاهرة والتغيرات الفسيولوجية الداخلية، أي عندما يمر الفرد بحالة من الضغط فإنه من الممكن أن يتلمس آثار هذه الحالة على ما يجري في جسمه من زيادة ضربات القلب؛ وزيادة ارتفاع ضغط الدم؛ وزيادة معدل التنفس؛ وتصبب العرق؛ وجفاف الحلق، وتتطور تلك الآثار الناجمة عن ضغط العمل ببطء محدثة نتائج فسيولوجية واضطرابات نفسية وسلوكية؛ (هيجان:1419،257).
يتضح من تصنيف مصادر ضغوط العمل السابق صعوبة تصنيفها أو حصرها في عوامل محددة وثابتة لتشعب أصلها، وتأثرها باختلاف بيئة العمل واختلاف طبيعة الفرد بوصفه كائناً بشرياً يصعب التنبؤ بسلوكه والسيطرة عليه، لذا لم تتفق الدراسات السابقة التي تناولت الموضوع على أنموذج واحد محدد لتصنيف مصادر الضغوط. وتعد هذه القضية من أكثر الإشكاليات التي تصادف الباحثين الراغبين في البحث في هذا المجال، ويزيد هذا المجال تعقيدًا في بحث الدراسة الراهنة ندرة الدراسات السابقة الناضجة أو المتكاملة التي وضعت تصنيفاً لمصادر ضغوط العمل في مجال المكتبات والمعلومات التي يمكن الركون إليها بوصفها إطاراً عاماً لمصادر ضغوط العمل للممتهنين في هذا المجال. ذلك عدا دراسة واحدة قديمة صنفت ضغوط العمل إلى اثني عشر مصدراًَ يندرج تحت كل منها عدد من المتغيرات التي يشكل كل منها جانباً من جوانب ضغوط العمل للعاملين في مجال المكتبات ومراكز المعلومات، ويمكن التعرف إليها من خلال الجدول التالي: الجدول رقم(1) أنموذج مصادر ضغوط العمل في المكتبات لدى BUNGE
2- عبء العمل في المكتبة:
- العمل أكثر من الطاقة.
- عدم كفاءة الموظف.
- الأعمال المستعجلة.
- تأخير العمل.
1- المستفيدون من المكتبة:
- الأسئلة وقت الانشغال.
- المستفيدون الذين يتكلون على أمين المكتبة ولا يساعدون أنفسهم.
- المستفيدون ذوو المشاكل.
- الأطفال في ساعة الحكاية.
4- برنامج العمل اليومي:
- الأعمال الكثيرة غير المتجانسة.
- البيانات الكثيرة التي تحتاج إلى إدخال.
- الأسئلة الصعبة التي لا يمكن توقع إجاباتها.
- تجزيء الأعمال.
- عدم القدرة على ترتيب الأولويات، لاستحداث أعمال العاجلة.
3- الإشراف والإدارة:
- عدم معرفة المشرف.
- الإشراف غير الثابت.
- المسؤولية بدون صلاحيات.
- عدم الأخذ برأي العاملين من ذوي الخبرة.
6- زملاء العمل:
- عدم وجود روح الجماعة والتعاون.
- الموظفون غير الملتزمين بالعمل.
- الأعمال الكيدية من بعض الموظفين.
5- التغذية المرتدة الإيجابية:
- عدم الإشادة بالعمل الجيد.
- عدم الحصول على معلومات راجعة إيجابية، فقط تسلم الشكاوى.
- عدم النظر إلي كمحترف.
- عدم إدراك المستفيدين لأهمية المهنة.
- المرتب المنخفض.
تابع الجدول رقم (1)
8- الملل من روتين العمل:
- تنازع الاحتياجات بين العمل والحياة.
- عدم القدرة على تخمين ردود أفعال الآخرين.
- عدم القدرة على ضبط العمل المكلف به.
- ضرورة إظهار البشاشة والمودة في كل وقت.
7- الحاجة إلى التدريب وزيادة المعلومات:
- الحاجة إلى دورات لتذكر معلومات سابقة.
- عدم وجود معلومات لأداء العمل بكفاءة.
- قلة خبرة المدربين، وقدرتهم على الإجابة عن جميع الاستفسارات.
- ضعف الاتصال مع الإدارة.
10- البيئة المادية:
- الجو العام لتنظيم المكتبة.
- عدم وجود الخصوصية.
- بيئة العمل المزدحمة.
9- التقنيات والأجهزة المستخدمة:
- الأعطال التقنية .
- الأعطال في ذروة العمل المتأخر.
- الاستجابة البطيئة من النظام.
12- التغيير:
- التغيير المستمر.
- تغيير السياسات وطريقة العمل باستمرار.
- تغيير خطة العمل في منتصف المشروع.
11- طبيعة العمل:
- عمل روتيني وممل.
- عمل خال من التحدي الذهني.
- كثرة الإحصاءات والتقارير المطلوبة.
(BUNGE:1987)
وانطلاقاً من الوضع السابق الذي تم توضيحه من عدم وجود دراسة تبنت تصميم أنموذج شامل لمصادر ضغوط العمل للمتخصصين في مجال المكتبات والمعلومات، ولاختلاف النماذج العامة الأخرى في أصولها. فقد اعتمدت الدراسة الراهنة على إطار خاص بها، يركز على مصادر ضغوط العمل المتعلقة بطبيعة عمل المكتبات وبيئتها التنظيمية، لإمكانية تحكم المسؤولين في المؤسسات المعلوماتية من مكتبات ومراكز معلومات بها وإحداث تغييرات جوهرية فيها إذا ما توافرت الشروط والرغبة لدى السلطات التنفيذية في تنظيمات العمل. ذلك إلى جانب العوامل الفردية المتعلقة بالعاملين.
وبتطبيق التقسيم السابق من مصادر ضغوط العمل على بيئة المكتبة يمكن القول إنّ مصادر ضغوط العمل فيها تصنف إلى مصادر بيئية خارجية وداخلية، ويتكون الداخلي منها من الآتي:
- الجانب التنظيمي الذي يشمل مجموع اللوائح والأنظمة التي تنظم إدارة المكتبة لسير العمل.
- الجانب التقني والبيئة المادية بشكل عام الذي يشمل مختلف التجهيزات من معدات وآلاتٍ وأجهزة، وتجهيزات مكتبية ضرورية من مكاتب وإضاءة وتكييف...، تساعد على تسهيل أداء العمل في المكتبة وتوظيف إمكاناتها في الخدمة المكتبية.
- الجانب الإنساني الذي يضم إدارة المكتبة ورؤساء أقسامها ومخططي برامجها وخبراء المعلومات والمستفيدين.
- العلاقات الشخصية بين أعضاء المكتبة من عاملين ومستفيدين، وبقدر ما تكون هذه العلاقات طيبة وحميمة وواعية بقدر ما تفضي إلى تحسين أداء المكتبة ومستوى خدماتها.
- الجانب الأخلاقي الذي يتصل بالقيم والمبادئ التي تسود بين العاملين في المكتبة وبين المستفيدين، فبث التعاون بينهم يدعم روح الفريق ويقوي التكامل والتضافر في الجهود لتلبية الاحتياجات ورفع مستوى الأداء (فرسوني:1406هـ، 73).
أما البيئة الخارجية للمكتبة فتتكون أيضاً من مجموعة متنوعة من العوامل التي تختلف حسب الأفراد العاملين في المكتبة وبيئاتهم الاجتماعية التي انعكست على شخصياتهم، ويضاف إليها تأثير الفروق الفردية للعاملين من عمر، وجنس، وخبرة، وتعليم. التي يمكن أن تحدث تغييرات في مستوى الإحساس بالضغوط لدى كل منهم. رابعاً- الآثار الناتجة عن ضغوط العمل:
الأشخاص الذين يتعرضون لضغوط عمل شديدة عرضة لكثير من النتائج السلبية التي تتركها تلك الضغوط، عندما لا يستطيعون تحمل تلك الضغوط العالية أو التعامل معها بطريقة إيجابية وإن تباينت الاستجابة من فرد لآخر.
وذلك لأنّ أي نوع من التوتر أو الانفعال لا بد أن يصحبه نوع من التغيرات البدنية الظاهرة والتغيرات الفسيولوجية الداخلية، هذه التغيرات يتم التحكم فيها من خلال الجهاز العصبي الذي ينظم الجسم من خلال السيطرة على أجهزة الجسم الأخرى بروابط عصبية خاصة تنقل له المثيرات المختلفة الداخلية والخارجية ويستجيب لها بشكل تعليمات توجه إلى أعضاء الجسم، تؤدي إلى تكييف نشاط الجسم ومواءمته لوظائفه المختلفة للحياة بانتظام وتكامل، وبالتالي يستطيع الجسم أن يتفاعل مع بيئته الداخلية والخارجية. لذا فإننا عندما نمر بحالة من الضغط والتوتر فإنه يمكن ملاحظة التغيرات التي تحدث في أجسامنا من الشعور بزيادة ضربات القلب، أو ارتفاع ضغط الدم، أو زيادة معدل التنفس، أو تصبب العرق وجفاف الحلق، استجابة لتلك الضغوط التي نتعرض لها، ونتيجة لاستثارة العضو العصبية، والهرمونية للغدد الصماء والاتصال الداخلي للجهاز العصبي وجهاز المناعة (هيجان:1419هـ،217).
وتلك الآثار هي سبب الاهتمام بضغوط العمل من قبل المنظمات، لاسيما إذا كانت ذات أوجه سلبية تؤثر على سلوك العاملين داخل المؤسسات، وتكلف خسائر مالية طائلة تحسب على المؤسسات من ضياع ساعات العمل وأيامه، إضافة إلى الجهد الذي ينفق في معالجة الأمراض الناجمة عنه (المشعان:1421هـ،86).
ومن أهم الآثار التي يحدثها ضغط العمل على الفرد آثار سلوكية، وصحية، وتنظيمية، يوضحها الشكل التالي: الشكل رقم (3) الآثار الناتجة عن ضغوط العمل
التأثيرات الصحية: كثيرة هي الدراسات التي تربط بين ضغوط العمل والمشكلات الصحية والنفسية التي تؤكد على أن الضغوط تؤدي إلى تضخم عضلة القلب وبالتالي إلى أمراض القلب والشرايين. كما قام الدكتور بارفوت وهو باحث في جامعة نورث كارولينا الأمريكية بدراسة متابعة استمرت 25 عامًا اتضح له من خلالها أن الأفراد الذين تحصلوا على مراتب عالية من الغضب من اختبار عادي للشخصية معرضون بنحو خمس مرات إلى الموت بسبب الإصابة بنوبة قلبية أكثر من نظرائهم الذين هم أقل غضباً.
كما ذكرت إحدى الدراسات أنه على المدى الطويل فإن استمرار تعرض الفرد لضغوط العمل يمكن أن يؤدي إلى أمراض القرحة، والتهاب المفاصل، وتلف الكبد، وسرطان الرئة، ومختلف أمراض القلب، كما أن البعض حاول أن يثبت وجود علاقة بين ضغوط العمل والأمراض العقلية. والعديد من الأمراض لأن الضغوط تضعف جهاز المناعة لدى الإنسان، وتقلل من قدرته على مقاومة الأمراض. والتعب بدون جهد يذكر، وارتفاع الحرارة أو انخفاضها .
أما فيما يتعلق بالمشكلات النفسية التي تسببها الضغوط فهي على سبيل المثال : الاكتئاب، والقلق، والإحباط، والملل، والتوتر العصبي ([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]). التأثيرات السلوكية: عندما تتجاوز الضغوط مستوياتها العادية تترجم إلى العديد من ردود الأفعال السلوكية التي يتخذها الفرد ضد نفسه أو المؤسسة التي يعمل بها والتي تتمثل في الغياب غير المبرر عن العمل، والنزعة العدوانية، والتخريب ، والإرهاق، والإفراط في الأكل، أو اللجوء إلى التدخين أو الإدمان. بوصفها نمطاً من أنماط ردود الأفعال السلوكية تجاه ضغوط العمل. التأثيرات التنظيمية: يتضح مما سبق أن ثمة علاقة وثيقة بين ضغوط العمل والآثار الصحية والسلوكية التي قد تطرأ على الفرد بسببها، والمتضرر من هذه الآثار ليس الفرد فقط بل تمتد بدورها لتشمل المنظمة التي يوجد بها الفرد، حيث ينبثق من تفاعل الجانب الصحي والسلوكي لأفرادها الذين يمثلون حجر الزاوية في أية مؤسسة العديد من المخرجات التي تؤثر على القيم التنظيمية واستراتيجيتها التنفيذية التي تتحكم في مسيرتها.
فإذا لم تعر المؤسسات ضغوط العمل الاهتمام الكافي فسوف يكلفها ذلك بالتأكيد كثيراً من الخسائر التي تنتج بسبب الآتي:
- قلة الاستفادة من الخبرات والقدرات المتوافرة في العمل بشكل جيد.
- ضعف مبادرة العاملين وابتكارهم لأساليب حديثة تساعد في تحسين العمل وأدائه بشكل أفضل.
- إعاقة قدرات العاملين على التصرف المستقل في إنجاز الأعمال؛ والقدرة على تحمل مهام المسؤوليات خاصة ما يحتاج منها إلى قرارات.
- تبديد وقت العمل وعدم استثماره في إنجاز الأعمال بالسرعة والدقة المطلوبتين لعدم انتظام العاملين بالدوام الرسمي، وقلة تركيزهم.
- هدر الإمكانات المادية المتاحة وعدم الاستفادة منها بشكل جيد في تنفيذ المهام الموكلة للعاملين.
- تعقد العلاقات بين الرؤساء والمرؤوسين وبين الزملاء فيما بينهم أو بين العاملين والمستفيدين من الأعمال التي تقدم خدمات مباشرة للجمهور.
الجدير بالذكر أن من الممكن أيضاً أن يكون لضغوط العمل المنخفضة آثار سلبية على المؤسسة توازي آثار ارتفاع الضغوط فيها، حيث تؤدي الضغوط المنخفضة إلى انعدام النشاط لدى العاملين والدافعية المحركة لإشباع حاجاتهم وتحسين مستوى أدائهم، لوجود مستويات ضغوط معينة تعمل بوصفها مثيرات للأداء الجيد. خامساً- علاقة ضغوط العمل بالأداء الوظيفي:
يفترض أن يؤدي التوافق بين قدر العمل الذي يمارسه الفرد وإمكاناته الخاصة إلى ارتفاع الأداء والشعور بالرضا، في حين إن عدم التوازن بين تلك الأطراف يؤدي إلى زيادة حدة الضغوط على الموظف بوصفه فرداً ، وإلى تدني عامل الرضا لديه (Furnham:1981,56). لوجود علاقة بين الضغوط ومستوى أداء العاملين حيث يدل وجود مستوى أداء منخفض على وجود حالات من الضغوط بمستويات عالية بسبب محدودية القدرة والتأهيل والمهارة، وبالعكس إذا كان مستوى الضغوط منخفضاً فإنه يدل على زيادة أداء العاملين بشكل طبيعي، هذا مع الأخذ في الاعتبار أن تلك العلاقة العكسية ستكون متذبذبة بناء على اختلاف شخصيات العاملين واستجابتهم للعوامل المؤثرة (فائق:1417هـ،147).
وهذا بطبيعة الحال سيؤثر على التكلفة الإنتاجية في المؤسسات المعلوماتية. حيث تؤكد بعض الدراسات العلمية على وجود علاقة تناسب طردية بين مستوى الضغوط المهنية السلبية والتكلفة الناتجة عنها، تتمثل في شكل حرف U لأن العلاقة الرابطة بينهم علاقة منحية تزداد مع الضغوط السالبة مؤدية إلى زيادة التكاليف الإنتاجية (العميري: 1416هـ،163).
لضعف الولاء الوظيفي للعاملين الذي يتسبب في قلة الدافعية للعمل وتحين الفرص للتغيب عنه، وتأخر إنجاز الأعمال، وعدم الحرص على إنجازها على الوجه المطلوب، وقلة الحرص على تطوير الذات والمهنة، واختفاء العلاقات الإنسانية مع الزملاء والمستفيدين، وعدم المرونة في التعامل معهم.
أو بسبب التأثيرات الجسمية التي أوجدتها ضغوط العمل كأمراض القلب، واضطرابات الهضم والقرحة، والروماتيزم … وغيرها؛ أو النفسية كالشعور بالاكتئاب، والقلق، وعدم الاستقرار، واضطرابات الشخصية، والإحباط، والكآبة، والشك بالقدرات الذاتية، وأهمية الدور الذي يقدمونه، والشعور بالاضطهاد.
ويفسر ذلك الدراسات الوجدانية التي تعتقد أن الضغوط تفرض على الفرد أن يكون متجهاً بحواسه وطاقته النفسية والعقلية إلى مصادر الضغوط وإلى التكيف معها، مما يجعل من الصعب عليه أن يؤدي عمله بانتباه عال لإيجادها نوعاً من المضايقة والإحباط الذي يؤثر سلبياً على الحالة المزاجية والدافعية للعمل وعليه ينخفض مستوى الأداء (ماهر: 1991م ،296 ).
وفي الاتجاه المعاكس أشارت نتائج بعض الدراسات إلى وجود علاقة إيجابية بين الأداء وضغوط العمل، فعندما يكون مستوى ضغط العمل منخفضاً جداً أو منعدماً فإن العاملين أيضاً يقل مستوى أدائهم، وذلك لانعدام النشاط أو الدافعية له. أما في مستويات الضغوط المتوسطة فإن العاملين يستحثون لتحسين مستوى أدائهم، لأنه في حقيقة الأمر يوجد مستويات ضغط معينة يمكن أن تعمل بوصفها مثيراً للأداء، لذا عندما ترتفع مستويات ضغط العمل إلى أقصى الدرجات فإن الأداء ينخفض مرة أخرى بصورة ملحوظة نتيجة لتكريس الفرد قدراً من جهده وطاقته لتخفيف الضغط الواقع عليه بدلاً من توجيه جهده نحو الأداء، وعندما يستمر الضغط على المستوى العالي لفترة طويلة يشعر الفرد بضرورة التغيير قبل أن يصيبه الانهيار، وتظهر في هذه المرحلة أعراض متعددة من أهمها العدوانية والتخريب أو ترك العمل والغياب (الهنداوي: 1994م،110).
في حين تؤكد دراسات باحثين آخرين عدم وجود أية علاقة بين الضغوط والأداء الوظيفي. وأصحاب هذا الاتجاه يزعمون أن الأفراد قد أبرموا عقداً نفسياً بينهم وبين المنظمات التي يعملون بها ، وبمقتضى هذا العقد فعليهم أن يقدموا جهودهم ويؤدوا العمل بكفاءة، وذلك في مقابل ما يحصلون عليه من أجر ومميزات، حيث يمثل هذا العقد نوعاً من الوعي لدى الأفراد يجعلهم لا يتأثرون بالضغوط الملقاة على عاتقهم، ولا يتجاوبون معها أثناء أدائهم للعمل، لأن التهيئة النفسية السالفة أوجدت لديهم القدرة على الفصل التام بين العمل وحياتهم الخاصة، فهم يتوجهون للعمل لإتمام شروط العقد (ماهر: 1991م ،297).
يكتشف من العرض السابق أن الدراسات التخصصية التي تناولت علاقة ضغوط العمل بالأداء ما زالت غير مستقرة، ولا يمكن الركون إليها لعدم اتفاق نتائجها. ولتفسير هذا الخلاف يمكن القول إن مستوى الأداء الأمثل يتحدد من مستوى الضغط ونوعه، ويحكم علاقتها بالأداء انخفاض عبء العمل أو زيادته، حيث يلاحظ أن مستوى الضغط المنخفض على الفرد يؤدي إلى المحافظة على نمط محدد من الأداء، لأنه لا يشعر بالمعاناة أو التوتر أو الإجهاد عند تأدية المهام والواجبات. والعكس صحيح حيث يحفز الفرد وينشط عندما يواجه زيادة في ضغوط العمل ترفع مستوى أدائه وقد تساعده على خلق أساليب ونشاطات مبتكرة لمحاولة حل مشكلة صعبة يواجهها. ولكن في المقابل إذا كانت مستويات الضغوط التي يواجهها الفرد عالية جداً فإن التأثيرات السلبية تبدأ بالظهور كالشعور بالإجهاد – أو عدم الرضا – أو ترك العمل – أو الغياب غير المبرر، ويظهر كذلك بعض السلوك العدواني مثل التخريب والاعتداء وما شابه ذلك.
ويرى فائق في هذا المجال علاقة ضغوط العمل بالأداء علاقة متذبذبة يحكمها شدة وقوة ونوعية الضغوط، وطبيعة استجابة الأفراد وتأثره بها. فإذا كان مستوى الضغط يتراوح ما بين العالي والمنخفض فإن تأثيره على الأداء سوف يكون بشكل عادي ومتوسط حسب طبيعة الفرد في الاستجابة للمؤثر أو المنبه. وإن كان من الطبيعي أن يتأثر أداء الفرد بالضغوط فإذا كان مستوى الأداء منخفضاً يعني هذا وجود حالات من الضغوط بمستويات عالية بسبب محدودية القدرة والمؤهل والمهارات، وبالعكس فإذا كان مستوى الضغط منخفضاً فإنه يدل على زيادة أداء الأفراد بشكل طبيعي (فائق : 1417هـ،147).
والجدل السابق بين اختلاف الآراء حول نوعية العلاقة بين ضغوط العمل ومستوى الأداء يزيد الموضوع المبحوث أهمية، ويدعو إلى التعمق في معرفة مسببات ضغوط العمل لكل مهنة من قبل المتخصصين فيها، ومعالجتها بالأساليب المناسبة التي تحقق الكفاءة المطلوبة للأداء الوظيفي، إلى جانب محاولة التوصل إلى بعض التفسيرات الوجدانية والنفسية لممتهني هذا العمل التي تقود إلى نتائج سلبية في الأداء في ظل ضغوط منطقية مقبولة، لتحقيق الكفاءة المناسبة في النهاية والارتفاع بمستوى الأداء للعاملين. والحقيقة رغم أهمية هذا الجانب إلا أنه يصعب التعمق فيه في الدراسة الراهنة لأنه يخرج عن مسار أهدافها، حيث يتسع ليشكل مساراً مستقلاً يحتاج إلى دراسة مستقلة . والذي يهم الدراسة الحالية أكثر بعد عرضها للعلاقات المختلفة بين ضغوط العمل والأداء هو أساليب الكشف عن ضغوط العمل. أساليب التعرف إلى ضغوط العمل:
1- مقارنة الوظائف والأعمال والمهام بمؤهلات شاغليها وخبراتهم، لأن النقص قد يمثل في المقارنة مصدراً من مصادر الضغوط.
2- التقارير اليومية أو الأسبوعية التي يرفعها العاملون عن سير أدائهم.
3- تقييم الأداء الوظيفي السنوي للعاملين الذي يتتبع الكفاءة ونواحي الضعف في الأداء.
4- التقرير السنوي الشامل للمؤسسة بجميع بنوده من إنجاز؛ وصيانة؛ ومصروفات وعوائد ... إلخ .
5- مقارنة الإنتاج بالأهداف المطلوب تحقيقها.
6- فتح المجال للمناقشات والشكاوى والتعبير عن النفس للكشف عن ضغوط العمل مع توفير الضمانات الكافية لسرية المعلومات كتخصيص صندوق للشكاوى مثلاً.
7- تحديد ضغوط العمل عبر استطلاع آراء العاملين بتوزيع استبانات تستقصي مصادر تلك الضغوط في بيئة العمل، وتساعد المسؤولين على الخروج برؤية شاملة عن سلبيات العمل.
وختاماً يجدر التنبه إلى أن أساليب الكشف عن مصادر ضغوط العمل ما هي إلا وسائل لتحسين الأداء وزيادته في المؤسسات المعلوماتية أو أي مؤسسة، حيث إن زيادة الأداء أو تحسينه سوف يحدثان تلقائياً إذا ما درست مصادر تلك الضغوط على أساس من التخطيط الجيد والتنظيم السليم للطاقات البشرية المتاحة في المؤسسة، وتوفير الظروف التنظيمية والطبيعية التي تحفز على الأداء والإبداع فيه. سادساً- إستراتيجيات التعامل مع ضغوط العمل:
بعد الاتفاق على أن الضغوط سمة من سمات العصر الحديث، ونتيجة لإفرازات تفاعلات العناصر المدنية المعقدة التي لا يمكن تجاهلها أو تجنبها تماماً بأية حال من الأحوال، ولكن يمكن إدارتها بالسيطرة عليها بتحسين قدرات الأفراد على التكيف، وتنمية القيم الإدارية الملائمة لديهم، والسيطرة على العوامل المؤثرة في المناخ العام للمؤسسة للتصدي لها قبل وقوعها أو الاستفادة منها وتوجيهها التوجيه السليم.
حيث من الممكن أن يواجه الإنسان في حياته العديد من الضغوط ويتعامل معها بفاعلية ويحد من آثارها السلبية عليه، لذا نجد بعض الأفراد المقاومين للضغط STRESS RESISTANT الذين يتمتعون بالصحة النفسية والجسدية ولا يظهر عليهم غير أعراض طفيفة من التوتر رغم ما يواجهونه من ضغوط، في حين أن زملاء لهم يشعرون أو يصابون بأمراض مختلفة لتعرضهم لمصادر الضغوط نفسها (KOBASS:1982). لقدرتهم على التكيف مع المشكلات التي يواجهونها ويستطيعون التعامل معها بفاعلية، ومن أبرز تلك الاستراتيجيات للتعامل مع ضغوط العمل الآتي:
1- الرجوع إلى الدين: للدعم الروحي والانفعالي والرضا والهدوء، وتجاوز المواقف الضاغطة بالإكثار من العبادات والدعاء المتصل لله سبحانه وتعالى الذي يضفي على النفس الهدوء والسكينة، ويزيد الفرد قوة على تحمل الضغوط ] أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ [ (الرعد: الآية28) ولأن المكتبات العامة والمتخصصة والأكاديمية السعودية وبالأخص الجامعية تمثل نماذج لأفضل المكتبات في المملكة العربية السعودية من ناحية الحجم وعدد الزوار أو المستفيدين وأعداد الموظفين ، فهي تعد الأكثر ديناميكية وحركة في بيئة المعلومات، لذا فهي بحاجة دائمة إلى تركيز الاهتمام بها وتطويرها وهذا ينطبق كذلك على كل البيئات المعلوماتية محلياً وعالمياً إضافة لمكتبــة الـدولــة الوطنية.. وقوله تعالى: ]إنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ[ (يوسف: من الآية86)، ]وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكاً[ (طـه: من الآية124) ، لذلك فإن جميع الحلول ينبغي أن تستمد من الدين الإسلامي الحنيف، لأن الإيمان أعظم دواء. وفي هذا الصدد يكشف ابن الجوزية في كتابه - مدارك السالكين- وبعرض منطقي استدلالي ومشوق في الوقت نفسه للحلول التي تحقق السعادة للإنسان في الدارين الدنيا والآخرة أن تبدأ بالتسليم لحكم الله تعالى الكوني القدري ]فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً[ (النساء:65) ثم الصبر على ذلك القدر، الذي يعده الإمام أحمد رحمه الله تعالى من عظم منزلة الصبر أنه واجب على الفرد لذكره في نحو تسعين موضعاً في القرآن الكريم ]اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ [ (البقرة: من الآية45) وقوله تعالى: ]وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلا بِاللَّهِ[ (النحل: من الآية127) . وقولـــه سبحـــانه: ]وَأَنْ تَصْبِرُوا خَيْرٌ لَكُمْ[ (النساء: من الآية25) ، ويلحق بالصبر الرضا وهي مرتبة أعلى وغايته التسليم لقضاء الله وقدره وبه تتحقق الطمأنينة القلبية والسكون إلى أن اختيار الله للعبد هو الأفضل من صحة، وعافية، وغنى، وأولاد ... كما قال النبي صلى الله عليه وسلم"والذي نفسي بيده، لا يقضي الله للمؤمن قضاءً إلا كان خيراً له. إن أصابته سراء شكر، فكان خيرًا له. وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له. وليس ذلك إلا للمؤمن "، وفي ذلك ملاءمة لمقتضى الطبيعة، ويجد العبد من خلالها حلاوة الإيمان؛ وسرور النفس؛ وقرة العين؛ وحياة القلوب والتخلص من الشر الذي ينبعث من عدم التسليم لله وأحكامه ومفعولاته. فلا يأسى على ما فاته ولا يخاف على ما آتاه (ابن قيم الجوزية:1408هـ-ج2: 152-178).
2- الكشف الطبي وممارسة الرياضة والهوايات: إن التعرض المستمر لضغوط العمل له تأثيرات سلبية على الصحة، ومن ثم فإن الكشف الطبي الدوري يعد بداية إجراءات التخلص من ضغوط العمل أو التخفيف منه بمعالجة نتائجه الصحية باتخاذ الإجراءات الطبية المناسبة حيالها مع محاولة تكوين عادات صحية سليمة كالإقلاع عن التدخين، والتقليل من شرب المنبهات من شاي وقهوة، ومحاولة تخفيف الوزن.
وفيما يخص ممارسة الرياضة فلا بد أن يكون لدى الجميع ثقافة في معرفة فوائدها في المحافظة على الصحة، وتجديد النشاط، والتقليل من شدة التوتر الناتج عن الضغوط. لأن التمارين الرياضية وما تنتجه من تفاعلات فيزيائية تقلل نسبة الإندروفين في الجسم، وتزيد من النشاط وتحسن الصحة وبالتالي التقليل من الضغط العصبي.
ويساعد من تخفيف ضغوط العمل وتحسين الصحة ممارسة الهوايات من أعمال يدوية أو الاهتمام بزراعة المنزل أو الانضمام إلى بعض الجمعيات المهنية أو أي مهام أخرى من شأنها أن تتيح للفرد الاندماج في حياة خاصة به تخلصه من التفكير في مشكلات عمله وتساعده على التغلب على الضغوط (. ([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]
3- تغيير مفهوم فلسفة الحياة وإعادة بناء الذات : وتتكون هذه الإستراتيجية من عدد من الإجراءات تشمل الآتي:
أ- إعادة التفسير الإيجابي : وهي تفسير الموقف الضاغط في إطار إيجابي يقتضي تغيير أهداف الفرد وتعديلها، ويساعد هذا على تحويل المواقف الضاغطة السلبية إلى مواقف إيجابية تساعد الفرد على استرداد أفعال نشطة توجه نحو مصدر المشكلة، ]َ وعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [ (البقرة: من الآية216) ؛ فرب ضارة نافعة، من خلال تفسير المواقف الصعبة أو المصائب حتى عن فائدة ورزق للفرد لا يتضح له إلا بعد انجلائها.
ب- التفكير الرغبي والتفاؤل: بالانشغال بالمستقبل، وتخفيف حدة التفكير في زوال المشكلة وما تسببه من توترات. وأفضل ما يمكن أن يقام به هو عدم استباق الأحداث مع التفاؤل بأن الغد سيكون أفضــل ممــا سبــق، ]فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ[ (المائدة: من الآية52) فدوام الحال من المحال، ولكن ينبغي الانتظار، قال تعالى: ]أَتَى أَمْرُ اللَّهِ فَلا تَسْتَعْجِلُوهُ [ (النحل: من الآية1). وتعتقد الباحثة لدعم هذه الإستراتيجية أن يتعود الفرد إجراء حوار مع نفسه يبث فيه أفكارًا تفاؤلية ومطمئنة ليستطيع السيطرة على ضغوط العمل والتوتر الذي يشعر به. حيث يلاحظ أن الضغوط تزداد . وتزداد ردود الفعل عندما ترد إلى النفس أفكار سوداء أو غير جيدة في حين أن مستوى الضغوط وردود الفعل كذلك تنخفض حينما يبتعد الإنسان عن الأفكار السلبية ويفكر بطريقة إيجابية.
4- تغيير نمط السلوك من خلال التدريب: وهي إستراتيجية تسعى إلى تعديل سلوك الفرد في استجابته لمصادر ضغوط العمل من خلال الممارسة لتحقيق التغير المطلوب والتي تتناول على سبيل المثال الآتي:
أ- الراحة والاسترخاء: بالحصول على فترات راحة مناسبة خلال وقت العمل، بجانب إجازة رسمية بعيداً عن جو العمل وضغوطه، مع ضرورة عدم التفكير في المشكلات التي تزعجه وممارسة الهوايات والأنشطة الرياضة المحببة إلى نفسه. ويتطلب الاسترخاء البعد عن كل ما يجعل الفرد يتذكر الضغوط حتى يعيد الجسم إلى توازنه الطبيعي.
حيث إن قضاء الإجازة بصورة خاطئة من دون التمتع بها يزيد مستويات التوتر النفسي والعصبي بدلاً من أن يحسن النفسية والمزاج. ودعا خبراء الجمعية الملكية الطبية في لندن المؤسسات والشركات إلى التأكيد على موظفيها لأخذ الإجازات المقررة لهم بالكامل، وعدم السماح لهم بالعمل المرهق حتى لا تتأثر إنتاجية العمل بسبب الإجازات المرضية المتكررة. كما أن التمتع بالإجازات يغير من نمط الحياة ويدخل البهجة والسرور إلى النفس.
وفيما يتعلق بالاسترخاء للتغلب على ضغوط العمل أكدت عدة دراسات عرضت حديثاً أن العلاج بالتدليك والمساج يحسن من وظيفة الخلايا المناعية في الجسم ويقلل حالات التوتر التي يتعرض لها الإنسان لأنه يقلل من هرمونات التوتر لدى الشخص وزيادة كمية خلايا الدم البيضاء في جسمه، لذا فإنه يوصف علاجاً وقائياً للحفاظ على الصحة واجتناب حالات القلق والاكتئاب. كما ينبغي تفادي شرب كميات كبيرة من القهوة أو أيــة منبهــات أخــرى تمنع الفرد من الحصول على الاسترخاء المطلوب ([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]).
ب- التريث وكبح الغضب: محاولة إجبار الذات على عدم الانفعال والانتظار للوقت المناسب وعدم التسرع. وبالرغم من أن هذه الاستراتيجية تبدو سلبية إلا أنها تجعل سلوك الفرد موجهاً نحو التعامل بفاعلية مع الموقف الضاغط، وتحقق له الاسترخاء والتأمل في مصادر الضغوط ومسبباتها والعمل على التقييم الهادئ الموضوعي لها، ومراجعة النفس دون انفعال، مما يكشف عن الأخطاء الحقيقية للضغوط أو حجمها الحقيقي الذي يريح الفرد في النهاية في التعامل مع الضغوط. وتفيد هذه الطريقة أيضاً في مساعدة الفرد على تحقيق أهدافه في العمل والمحافظة على علاقاته الشخصية.
ج- القبول والاستسلام: وهو قبول الواقع ومعايشته كما هو والاعتراف به، وإن كانت هذه الاستراتيجية تتضمن موقفاً سلبياً من الفرد تغيب فيها فاعلية حل الموقف إلا أنها تساعد على التخلص من تخفيف الضغوط . فما مضى فات وتذكر الماضي والتفاعل معه واستحضاره والخزن على ما جرى به قتل للإرادة وتبديد للحياة، ويولد العجز على العمل ويبدد الجهد. كما أن على المؤمن الإيمان بقضاء الله والقدر،جف القلم، ورفعت الصحف، وكتبت المقادير، وقضي الأمر ، ]مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إلا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا[ (الحديد: من الآية22) ، فما يصيب الإنسان في حياته هي مقادير من عند الله سبحانه وتعالى ، وبذلك تهدأ النفس ويسكن الغضب، وترتاح النفس، لأنــه مهمـــا فعـــل الفـــرد فسيقع المكتــوب، لأنه تقدير العزيز الحكيم، لا سيما إذا أخذ الإنسان بالأسباب.
5- التأييد الاجتماعي : ويتمثل في البحث عن المساندة الاجتماعية من قبل الفرد إما للحصول على المعلومات التي تساعد على فهم المشكلة التي تسبب الضغط لإيجاد أساليب لحلها أو للمساندة العاطفية التي تعين على تحمل موجة الانفعال بإقامة علاقات صداقة حميمة مع أفراد يشعر بالارتياح لهم ويثق باتزانهم وصحة حكمهم على الأمور.
6- فرص العمل البديلة: تستخدم هذه الاستراتيجية بعد فشل جميع المحاولات السابقة حين يعتقد الفرد أن ضغوط العمل الواقعة عليه قد تعدت الحد وأنها تقرب به من نقطة خطر، ومن ثم فإن ترك العمل والبحث عن فرصة عمل أخرى بديلة لتغيير الموقف كله هو الحل الوحيد (إبراهيم: 1994م،106-108) ؛ (النهداوي:1994م، 125-127).
7- طلب المساعدة من المتخصصين: يلجأ الفرد إلى هذا الأسلوب عندما لا تجدي المحاولات السابقة في إعادة بناء الشخصية، حيث إن الضغوط قد تكون من الحدة بحيث يعجز الشخص عن مواجهتها بالأساليب السابقة مما يحتم طلب المساعدة من الأشخاص المتخصصين في معالجة الضغوط من أطباء علم النفس. ومن أعراض الضغوط التي يقرر الفرد بعدها اللجوء إلى مختص الآتي:
أ- شعور الفرد بالأعراض العضوية والنفسية الشديدة كأمراض القلب؛ والتهاب المفاصل؛ وآلام الظهر؛ والاضطرابات الهضمية؛ والاضطرابات الجلدية؛ والاكتئاب ... .
ب- طول المدة التي يتعرض لها الفرد للاضطرابات الصحية أو النفسية من جراء ضغوط العمل، الشعور العام بعدم القدرة على الأداء بشكل سليم.
جـ-عدم القدرة على التخلص من المشكلات المسببة للضغوط أو الإخفاق في العمل أو الحياة بصفة عامة بسبب الضغوط.
د- صعوبة الانسجام مع أشخاص محددين في العمل مثل الرؤساء، أو مع أشخاص آخرين بشكل عام.
هـ- الشعور بالفشل والإخفاق في تحقيق الأهداف الشخصية أو العملية، أو القنوط من الحياة والرغبة في الموت مما يترتب عليه انسحاب الفرد من كثير من أنشطة الحياة التي كان يمارسها من قبل وقوعه في دوامة الضغط.
فإذا كان الشخص يعاني مثل هذه الأعراض فالواجب استشارة خبير نفسي للنصيحة وطلب العون (هيجان:1419هـ،355-356).
وإلى جانب كل المحاولات الفردية السابقة لتقليص ضغوط العمل يبقى على المؤسسات والمنظمات الوظيفية دور مهم جداً يقع في نطاق مسؤولياتها بشكل مباشر لتحفيز العاملين وحملهم على أداء الوظائف الموكلة إليهم بنجاح، حيث إن الحد من مشكلات العمل وضغوطه وتقليصها في مساحة محدودة منطقياً يرجع بالدرجة الأولى إلى دور المشرفين في بيئة العمل، ومستوى خبرتهم، وفهمهم لأبعاد هذه القضية، وعدم الاعتماد على قدرات الموظفين الذاتية فقط للتكيف مع ما يواجهونه من صعوبات وظيفية ( هيجان:1419هـ،365).
ويبدأ التخطيط لمعالجة ضغوط العمل بإدراك الإدارة لمتطلبات العاملين بوصفهم بشراً لهم احتياجاتهم التي يعملون على تلبيتها من المؤسسات التي يعملون بها، لذا فإن التخطيط لإستراتيجيات معالجة الضغوط ينطلق من تحليل مبادئ المؤسسة وفلسفتها التي تؤمن بها في العمل، لتحقيق أكبر قدر من إشباع دوافع العاملين. لذا فإن أغلب الدراسات التي اهتمت بدراسة ضغوط العمل اتسع مجالها الأكاديمي والبحثي من دراسة الظاهرة إلى محاولة وضع علاج للحد من آثارها الاجتماعية والاقتصادية وما ينتج عنها من هدر للموارد على المستوى المؤسسي أو الوطني .
ولرفع كفاءة إنتاجية العمل والأداء في المكتبات ومراكز المعلومات لتتبوأ مكانتها التي يفترض أن تحتلها في المجتمع. فلا بد من وجود رؤية سليمة وواضحة لتطوير أداء العاملين، تشمل النظر في ضغوط العمل في المكتبات، وشاحذة للهمم التي تنبثق منها رسالة مؤسسات المعلومات وأهدافها بصورة عامة. وفي هذا الصدد يمكن للمعنيين بشؤون المكتبات اعتماد إستراتيجية مرنة تتكون من عدد من الإجراءات قابلة للتعديل والتغيير يكون من بنودها على سبيل المثال الآتي:
أ- اختيار مدراء أو مشرفين أكفاء لإدارة المكتبات والمؤسسات المعلوماتية ملمين بالأهداف المطلوب تحقيقها وبأحوال العمل وظروفه، وعارفين بقدرات العاملين الذين تحت إشرافهم مع قدرتهم العامة على التأثير في بيئة العمل ومحتوياتها حيث تؤدي القيادة دائماً الدور الرئيس في التأثير في بيئة العمل واستثمار إمكاناتها البشرية والمادية.
ب- تطوير نظم اختيار وتعيين أمناء المكتبات التي تتعرف إلى كفاءتهم على تحمل أعباء العمل المطلوب، وقياس قدرتهم على تحمل الضغوط الناجمة منه، لإيجاد تناغم وانسجام بين الموظف والمهارات المطلوبة لأداء العمل مع السماح بالمرونة الكافية في تطبيق قواعد العمل ونظمه .
جـ- التوفيق بين توقعات المكتبات ومراكز المعلومات بوصفها مؤسسات لديها مهام وظيفية ترغب تنفيذها من خلال موظفيها وبين توقعات الموظفين من تلك المؤسسات حول ما ينبغي أن يتلقوه منها في المقابل، من خلال توصيف وظيفي رسمي يوضح المهام والواجبات لكلا الطرفين.
د- التحسين المستمر لجميع العوامل ذات العلاقة بضغوط العمل ضمن خطة واضحة يعتقد أغلب العاملين أنها تخدم مصالحهم الشخصية ومصلحة المكتبة، مع التأكيد على تحديث بيانات المسؤولين في المكتبة عن مشاكل العاملين باستطلاع آرائهم، لإيجاد انسجام بين المؤسسات المعلوماتية وبيئتها الداخلية لتستوعب التغييرات الحاصلة في البيئات الخارجية.
هـ- وضع خطط تنفيذية يمكن اتباعها لإحداث تغييرات لها علاقة بتخفيف ضغوط العمل على العاملين في المكتبة وإطلاع العاملين عليها، مع تحديد أساليب العمل المواكبة للتغيير، والسماح لهم بالاطلاع على تقييم أدائهم الوظيفي للتعرف إلى مدى ما أحرزوا من تقدم، مع التأني بعدم استعجال النتائج والتدرج بأسلوب التنفيذ حيث يمكن تطبيق تلك الخطط على مجموعة من العاملين دون غيرهم مع ملاحظة أداء المجموعة ومدى ما طرأ عليهم من التحسن الوظيفي.
و- وضع برامج متطورة لتدريب العاملين في المكتبات لتقليص الشعور بضغط العمل لشعورهم بالنمو والتقدم المهني، سواء كان الهدف من التدريب هو رفع كفاءة أدائهم ومهارتهم أم تعديل سلوكهم أثناء العمل لدمجهم وانسجامهم مع بيئة العمل، خاصة بالنسبة للعاملين حديثي العهد بالوظيفة لترسيخ ولائهم للعمل، حيث يؤدي التدريب تلقائياً إلى حفز الشعور الداخلي وإثارته لتوليد النشاط والرغبة على أداء العمل وإتقانه، وبالتالي إلى تخفيف الضغوط.
ز- تغيير مواقع العاملين الذين يرى المدير أنهم يعانون من ضغط العمل لتطعيم البيئة المكتبية بروح التفاؤل واكتساب ثقافة الرضا، واجتذاب كفاءات جديدة تملك الرغبة والقدرة على تحريك المنافسة وكسر الروتين.
ح- وضع معايير واضحة ودقيقة لتقديم الحوافز المادية والمعنوية المختلفة ليشعر العاملون بالعدل وأن أداءهم وجودة عملهم محل تقييم موضوعي من قبل المسؤولين وبالتالي سيتقلص شعورهم بالظلم وضغط العمل.
ط- الاستعانة بالاستشاريين لجمع المعلومات عن مصادر ضغوط العمل الخاصة في المكتبة وتحليلها، مع إتاحة الفرصة للعاملين بالاجتماع بهم ومناقشتهم. وتوفير برامج إرشادية وتوجيه مساندة لدعم العاملين نفسيًا وسلوكيًا وصحيًا، للتغلب على ضغوط العمل بتوفير فريق من الاختصاصيين النفسيين والأطباء.
ي- توثيق الروابط الإنسانية بين المدير وفريق العمل الذي يعمل تحت إدارته بحيث تقوم علاقة ودية تقوم على المشاركة والمساندة في توجيه اقتراحات لحل المشكلات التي تواجههم والتعرف إلى مفاتيح شخصياتهم عند توجيه الأوامر والنواهي المتعلقة بالعمل والتعامل معهم على أنهم بشر وليسوا أدوات فقط للأداء والإنتاج، وإن كانت حلول مشكلات العاملين تأخذ كثيراً من وقت المدير وتحتاج إلى كثير من الصبر إلا أن السماع لهم يجعلهم يفرغون ما بهم من شحنات لينفقوا طاقاتهم بعد ذلك ويوجهوها في أداء أعمالهم.
ك- تحسين بيئة العمل المادية والمعنوية باستخدام التقنيات الحديثة التي تسهل من عبء العمل وتقلله، والاهتمام بقواعد الأمن والسلامة وأجهزتها، مع وضع وسائل لتلطيف الهواء وتنقيته وإزالة الغبار. مقومات تنفيذ إستراتيجيات ضغوط العمل:
1- وضوح العناصر التي تسبب ضغوط العمل لدى المدراء والمشرفين المعنيين بمعوقات العمل والتطوير وإلمامهم الجيد بها، مع فهم للدور المرتقب منهم إذ ليس من المعقول أن يقودوا الآخرين وهم أنفسهم لا يعلمون إلى أين يتجهون.
2- وضع أهداف واضحة ومحددة من عملية دراسة ضغوط العمل في المؤسسة كتطوير الخدمات المعلوماتية التي تقدم للمستفيدين، وزيادة أنواعها أو رفع جودة أداء العاملين أو تطويرهم وتنمية خبراتهم .
3- التأكد من دقة المعلومات الواردة عن العاملين وأدائهم التي سوف يُستند عليها في اتخاذ القرارات المختلفة.
4- وضع خطة متدرجة وتفصيلية لتقليص ضغوط العمل ذات مسارات معقولة يمكن تحقيقها، على أن تناسب أهداف تلك الخطة قناعة العاملين بفاعليتها ودورها في الإصلاح ليساهموا بالتعاون في إنجاحها.
5- وأخيراً ، وإن كانت مسؤولية جماعية وليس مكتبة بعينها ينبغي وضع مقياس واضح أو معايير وأسس لمؤشرات ضغوط العمل وانعكاسها على أداء العاملين ونشاطهم ، ومستويات التجاوب مع الأهداف الموضوعة من قبل إدارة مكتبتهم، وحبذا كذلك لو وجد جهاز كفء يقيم عملية التنفيذ هذه.
من استعراض الأبعاد المختلفة السابقة لضغوط العمل تبرز أهمية الموضوع على شتى الأصعدة والمجالات الوظيفية المختلفة ، وأهمية دراسته حيث اتضح أن ضغوط العمل لها مظاهر سلبية تنعكس على الأفراد وعلى مؤسساتهم التي يعملون بها، مع التأكيد على أن ضغوط العمل ليست جميع نتائجها سيئة بالضرورة ، فبعض ضغوط العمل تعد مصدراً دافعاً لتحسين الأداء إذا ما أديرت بوعي من قبل الفرد ذاته، وتفهم من قبل المؤسسة أو المنظمة التي يعمل بها.
استخدم مصادر القوة الخمسة *
يمتلك كل موظف خمسة مصادر للقوة يستطيع أن ينطلق من خلالها, واستناداً إلى ذلك, عندما يستعد لأخذ المبادرة, قم بتقييم ما لديك من مصادر القوة الممكنة وقم باستخدامها... (مشاركات: 5)
طرق التوصيل الأرضي – ورباط التوصيل ومنع مصادر الإشعال بسبب الكهرباء الساكنة
Grounding and Bonding Procedures - Prevention of Static Electricity Ignition Sources
1- مقدمة:_
إن الاستخدام الشائع... (مشاركات: 1)
السلام عليكم ....:)
عندي بحث تخرج عن (الضغوط المهنية التي تواجه العاملين )وموجود في الخطة استبانة بليييييييييييييييييييييييييز ابغى اي مساعدة سواء في المراجع او الاستبانة او اي شي...... (مشاركات: 0)
هل تبحث عن الطريق الامثل للوصول الى اهدافك بطريقة تمكنك من اكتشاف وصقل مواهبك ومهاراتك وحل مشاكلك والتغلب عليها، وعلى ضغوط الحياة، عليك إذا بهذه الجلسات الفريدة من نوعها في اللايف كوتشنج، هي تجربة حياة تساعدك على معرفة ذاتك، وهي طريقة مبتكرة تساعد المشاركين على استكشاف شخصياتهم وتشخيص مشكلاتهم بمساعدة الكوتش المحترف.
برنامج يتناول موضوع تحليل ذكاء الاعمال واستخدام البيانات لتسحين صنع القرار وتقديم المعلومات على شكل مقاييس ومؤشرات KPIs والتحليلات الكمية والنوعية للاعمال و تحليل البيانات الحالية و القديمة و حل مهام تحليل الأعمال في العالم الحقيقي في (SQL) و (Tableau)
مراجعة وتدقيق أعمال ادارة الموارد البشرية بالشركات واحدة من احدث الاتجاهات التطبيقية في ادارة الموارد البشرية تهتم بمراجعة وفحص السياسات والاجراءات الحالية والتوثيق والانظمة الاخرى المستخدمة حاليا في ادارة الموارد البشرية بالشركة
هذا البرنامج يزودك بالمهارات والخبرات اللازمة للعمل كمحلل أمني في مركز العمليات الأمنية يتناول البرنامج اكتشاف التهديدات السيبرانية وتحليل السجلات الأمنية وفحص الثغرات الأمنية ومراقبة الشبكات وتحليل الشبكة باستخدام برنامج ويرشارك وتشفير البيانات وامن الشبكات.