/1 الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية ودورها فى تحقيق ميزة تنافسية للمنظمة:
2/1/1 مقدمة:
تتأثر المنظمات بالتغيرات التى تحدث فى البيئة الخارجية المحيطة بها ، ومن هذه التغيرات: النقص فى رأس المال اللازم للتمويل ، التغير فى الخصائص الديموجرافية للقوى العاملة.
وترتب على هذه النتائج زيادة المنافسة بين المنظمات ، وزيادة مستويات الأداء بالمنظمات ، وزيادة الاهتمام بالبقاء والاستمرار فى السوق.
(Coddington, et.-al., 1985, Smith and Reid 1986)
كما ترتب على زيادة المنافسة فى تلك البيئة تصفية الكثير من المشروعات، تجميد خطط القوى العاملة بها ، خفض القوى العاملة ، التغير فى الهيكل التنظيمى وزيادة التعلم التنظيمى وانخفاض عدد المستويات الإدارية وزيادة نطاق الإشراف بها.
ولكى تواجه المنظمات هذه التغيرات والنتائج المترتبة عليها ، فإن عليها تقديم السلع والخدمات بأسعار منخفضة عن المنافسين وبجودة مرتفعة.
(Wilson 1986)
وكذلك تطبيق مفهوم الإدارة الاستراتيجية فى كافة مجالات العمل بالمنظمة، ومن هذه المجالات إدارة الموارد البشرية والنظم الفرعية المكونة لها مثل الاستقطاب والاختيار ، التدريب والتطوير ، تقييم الأداء ، التعويضات والمكافآت.
(Tichy, et.-al., 1982, Schuler and Jackson 1987)
اهتم الباحثون فى مجال الإدارة الاستراتيجية للموارد البشرية ببحث ودراسة أثر السياسات والممارسات المتعلقة بالموارد البشرية على أداء المنظمة.
(Wright, et.-al., 2001)
واقترحت هذه الدراسات أن سياسات وممارسات الموارد البشرية يمكن أن تؤدى إلى زيادة أداء المنظمة وزيادة الميزة التنافسية بها ، وذلك لأن سياسات الموارد البشرية تعتبر متميزة وفريدة ومختلفة من منظمة لأخرى ، كما أنه من الصعب تقليدها و محاكاتها.
(Lado, Wilson 1994, Wright, et.-al., 2001, Callins and Clark 2003)
2/1/2 الميزة التنافسية لإدارة الموارد البشرية:
عرف (Kotler 2000) الميزة التنافسية بأنها "مقدرة المنظمة على أداء أعمالها بالشكل الذى يصعب على منافسيها تقليده".
ويمكن للمنظمة تحقيق الميزة التنافسية بواسطة تنفيذها لوظائف تعمل على خلق قيمة Creation-Value فى مجالات تخفيض التكاليف مقارنة بمنافسيها أو العمل على أدائها بأساليب تقود إلى التميز. وتخفض التكلفة ، وتحقيق التميز عن الآخرين يمكن أن يتحقق من خلال الوسائل الآتية:
#أ- الكفاءة المتفوقة Superior Efficiency: تتعلق بتكاليف المدخلات اللازمة لإنتاج مخرجات معينة ، فالإنتاجية العالية تقود إلى تحقيق كفاءة متفوقة ، كما أن الاستراتيجية المناسبة ، الهيكل التنظيمى المناسب ، نظم الرقابة التى تتبعها المنظمة كلها تساعد على تحقيق كفاءة عالية مقارنة بالمنافسين.
#ب- الجودة المتفوقة Superior Quality: تقاس الجودة من خلال ما تحققه المنتجات والخدمات التى تقدمها المنظمة من قبول لدى العملاء ، ومستوى أداء هذه المنتجات ، والجودة العالية من شأنها أن تساعد على تكوين اسم تجارى ذى سمعة جيدة ، وتقلل الجهد والوقت الذى يستغرق فى إصلاح العيوب فى المنتج.
#ج- الإبداع المتفوق Superior Innovativeness: يتحقق من خلال تقديم منتج جديد أو العمل بأسلوب جديد مختلف عن المنافسين.
#د- الاستجابة المتفوقة لدى العملاء Superior Customer Responsiveness: يتطلب ذلك حساسية عالية ومعرفة دقيقة باحتياجات العملاء أولاً ثم التركيز على هذه الاحتياجات التى يمكن إدراكها لتحقيق مستوى جودة معين يصعب على المنافسين تحقيقه. (الشيخ 2004)
والميزة التنافسية والتى تعنى مدى وجود قدرات وإمكانيات لدى المنظمة لتقديم أفضل السلع والخدمات عن المنظمات المنافسة يمكن تحقيقها من خلال مساعدة إدارة الموارد البشرية للمنظمة على أداء ذلك بشكل أكثر من المنافسين.
(Brackbank 1999)
يمكن التمييز بين مستويين من مستويات ممارسة أنشطة إدارة الموارد البشرية هما: المستوى التشغيلى ، والمستوى الاستراتيجى ، وتشير الأنشطة التشغيلية للموارد البشرية إلى الأنشطة الروتينية اليومية التى تمارسها إدارة الموارد البشرية. أما الأنشطة الاستراتيجية فهى أكثر تعقيداً ، وتتصف بعدة صفات منها:
1- طويلة الأجل. وهى الأنشطة التى يتم ممارستها فى الأجل الطويل الذي يمتد لعدة سنوات.
2- الشمولية. وهى تشمل عدة أنشطة داخل إدارة الموارد البشرية.
3- مخططة. وتعنى وجود خطة واضحة ومحددة لأنشطة إدارة الموارد البشرية.
4- التكامل. أى مدى تكامل هذه الأنشطة مع الأنشطة الأخرى فى المنظمة.
5- ذات قيمة مضافة مرتفعة. وهى أنشطة هامة لنجاح المنظمة وتحقيقها لأهدافها.
وفى السنوات الأخيرة ظهر مفهوم المبادر وتم استخدامه فى مجال إدارة الموارد البشرية ليحل محل مفهوم رد الفعل.
وبدمج هذين البعدين (التشغيلى والاستراتيجي – المبادر ورد الفعل) ينتج إطار ينظم أنشطة إدارة الموارد البشرية فى المنظمة كما يوضحه الشكل التالى:
Source: Brockbank, W., ifHR were Really Strategically Proactive: Present and Future Directions in HR's Contribution to Competitive Advantage, Human Resource Management, (Vol. 38, No. 4, 1999), P. 339.
رد الفعلالمبادرالاستراتيجيتنفيذ
الاستراتيجيةتنفيذ البدائل
الاستراتيجيةالتشغيلىتنفيذ وظائف
الموارد البشريةتحسين وظائف
الموارد البشرية
من الشكل السابق يتضح أن هناك أربعة خلايا هى:شكل (2/1)
أبعاد الميزة التنافسية لأنشطة الموارد البشرية
1- رد الفعل التشغيلى: وفى هذه الخلية فإن إدارة الموارد البشرية تهتم بتنفيذ الوظائف المختلفة لإدارة الموارد البشرية ، مثل: إدارة المنافع والتعويضات ، الأجور والحوافز ، تعيين العاملين ، تدريب وتطوير العاملين.
2- المبادر التشغيلى: وفى هذه الخلية ، فإن إدارة الموارد البشرية تعمل على تحسين تصميم وتنفيذ وظائف الموارد البشرية ، وذلك من خلال الإجابة على سؤال رئيسى مؤداه: كيف يمكن تحسين أنشطة الموارد البشرية من حيث الكم والجودة قبل حدوث مشاكل بها ، وهذه الأنشطة تشمل: إعادة هندسة الموارد البشرية ، تطبيق مفهوم الجودة الشاملة فى الأنشطة المتعلقة بإدارة الموارد البشرية ، التأكد من وجود الروح المعنوية الإيجابية لدى العاملين بالمنظمة.
3- رد الفعل الاستراتيجى: وتهتم هذه الخلية بتنفيذ استراتيجية النشاط والتى يفترض أنه تم تصميمها بشكل فعال ، ومن هذه الاستراتيجيات: النمو ، تقديم منتجات جديدة ، الابتكار ، خفض وقت الإنتاج ، الدخول فى أسواق جديدة. ويمكن لإدارة الموارد البشرية أن تساعد فى تنفيذ هذه الاستراتيجيات من خلال تحديد وتطوير المعرفة الفنية لدى العاملين وزيادة المهارة لديهم ، خلق وإيجاد وتكوين ثقافة المنظمة التى تتفق مع متطلبات استراتيجية النشاط ، إدارة التغيير وتسهيل تنفيذه.
4- المبادر الاستراتيجي: تهتم إدارة الموارد البشرية فى هذه الحالة بخلق وإيجاد البدائل الاستراتيجية ، مثل خلق ثقافة الإبداع والابتكار ، تحديد إمكانية اندماج وانضمام المنظمة مع منظمات أخرى ، وكذلك خلق وإيجاد الإمكانيات والقدرات الداخلية للمنظمة التى تدعم تسويق المنتجات ورأس المال اللازم لذلك.
2/1/3 العلاقة بين إدارة الموارد البشرية واستراتيجية النشاط:
فى معظم المنظمات ، فإن إدارة الموارد البشرية ترتبط بعملية تخطيط وتنفيذ استراتيجية النشاط ، كما أن إدارة الموارد البشرية يجب ألا تتم بمعزل عن إدارة المنظمة ككل من خلال مدخل استراتيجى إجمالى.
بافتراض أن العنصر البشرى من العناصر الضرورية فى تكوين وتنفيذ القرارات الأساسية بالمنظمة ، لذلك فإن المنظمة عليها أن تنفذ استراتيجيتها لإدارة هذا المورد وربطه بالاستراتيجية الكلية للمنظمة.
إدارة الموارد البشرية ترتبط مع استراتيجية النشاط من خلال أربعة روابط هى:
1- الإداري. والاهتمام الأساسى ينصب على المنتج ، السوق ، العمال التنفيذيين ، ويتم الحصول على أفضل الأفراد عندما نحتاج إليهم ، وهذه هى مهمة إدارة الموارد البشرية.
2- آحادى الاتجاه. بمجرد أن يتم وضع استراتيجية النشاط ، فإننا نتأكد أن الموارد البشرية قد فهمت واستوعبت حاجات وأهداف المنظمة ، كما أن المنظمة تقوم بحث الأفراد على الاستجابة لهذه الحاجات من خلال برامج إدارة الموارد البشرية المناسبة.
3- ثنائى الاتجاه. وفى هذه الحالة يوجد ارتباط بين إدارة الموارد البشرية واستراتيجية النشاط ، ولذلك يتم تصميم وتنفيذ استراتيجية الموارد البشرية ، والتى تشمل الاختيار والتعيين ، تدريب وتنمية العاملين ، تقييم الأداء.
4- التكامل. فى هذه الحالة ، فإنه يتم تنفيذ الأنشطة المتعلقة بالإنتاج والتسويق ، الموارد البشرية بشكل متكامل وذلك كما يوضحه الشكل التالى:
Source: Fattler, M., Achieving Competitive Advantage Through Strategic Human Resource Management, Hospital & Health Services Administration, (Vol. 35, No. 3, Fall 1990), P. 351نوع الروابط بين استراتيجية الموارد البشرية واستراتيجية النشاط
الإدارىآحادى الاتجاهثنائى الاتجاهمتكاملنتائج أثر ممارسة الموارد البشرية على استراتيجية النشاطعدم وجود ارتباطتدعيم جزئىدرجة مرتفعة من التدعيمتدعيم ثابت ومستقرنتائج أثر ممارسة الموارد البشرية على تحقيق ميزة تنافسية للمنظمةممارسة الموارد البشرية تخفض من الميزة التنافسيةأثر محدود لممارسة الموارد البشرية على الميزة التنافسيةتحسن ممارسة الموارد البشرية من الميزة التنافسيةتعظم ممارسة الموارد البشرية من الميزة التنافسية
من الشكل السابق يتضح ما يلى:شكل (2/2)
نتائج ممارسة الموارد البشرية على كل من استراتيجية
النشاط والميزة التنافسية للمنظمة.
1- فى ظل المدخل الإدارى فإنه لا توجد علاقة بين استراتيجية الموارد البشرية واستراتيجية النشاط ، وعلى ذلك فإن النتيجة المتوقعة هى فقد المنظمة للميزة التنافسية للمنظمات الأخرى.
2- فى ظل العلاقة آحادية الاتجاه ، فإن استراتيجية الموارد البشرية تدعم جزئياً الميزة التنافسية للمنظمة.
3- فى حالة العلاقة ثنائية الاتجاه ، فإن الوضع أفضل من الحالة السابقة ، ولكننا لم نصل بعد إلى الوضع الأفضل والأمثل.
4- المدخل التكاملي ، وفيه يحدث تكامل بين استراتيجية الموارد البشرية واستراتيجية النشاط ومرحلة التكامل هذه مرغوبة لأنها تسمح لكل الموارد سواء البشرية ، المالية ، التكنولوجية فى المساهمة فى وضع الأهداف وتقدير الإمكانيات اللازمة لتنفيذها ، كما أن الإدارة العليا تدعم استراتيجية الموارد البشرية من خلال المشاركة فى حل المشاكل المتعلقة بها وتوفير الإمكانيات والموارد اللازمة لتنفيذها ، ونتيجة لذلك فإن تدعيم استراتيجية الموارد البشرية يؤدى إلى تدعيم استراتيجية النشاط.