العوامل المؤثرة في استثمار رأس المال البشري :
يرتبط الاستثمار في رأس المال البشري بمجموعة من العوامل تختلف من دولة إلى أخري ، ومن هذه العوامل نذكر ما يلي : 1) العوامل الجغرافية : تشمل هذه العوامل موقع الدولة ومناخها وبيئتها الطبيعية ومصادر مواردها 0 فالمناخ يحدد السن الملائم لبدء التعليم وبداية ونهاية السنة الدراسية ففي الجهات الشمالية التي تنتشر فيها العواصف الثلجية والبرودة مثل السويد والنرويج والدانمارك يتأخر سن التعليم الإلزامي إلى السابعة ، بينما في المناطق المعتدلة والحارة يبدأ من السادسة ، أما العطلات الدراسية الصيفية ففي معظم البلاد العربية تبدأ في شهر يوليو وتنتهي في سبتمبر لارتفاع درجة الحرارة في هذه الفترة ، ، بينما تبدأ هذه العطلة في البرازيل في شهر ديسمبر وتنتهي في فبراير لأنها شهور الصيف في النصف الجنوبي من الكرة الأرضية ، كما يؤثر المناخ في شكل وتكلفة المباني المدرسية وما تحتاجه من تدفئة صناعية أو تبريد صناعي 0 أما البيئة فانه في كثير من الدول يتم إدخال جانبا من المقررات الدراسية يتعلق بطبيعة البيئة ساحلية أو زراعية أو صناعية أو صحراوية وغيرها ضمن محتويات البرامج التعليمية والتدريبية 0 وفيما يتعلق بمصادر الموارد مثل الموارد الزراعية القائمة على خصوبة التربة واتساع الرقعة الزراعية ، أو الموارد التعدينية القائمة على وفرة الخامات المعدنية كالذهب والنحاس والحديد والفحم والبترول وغيرها ، فان وجود هذه الموارد وتحقيق عائد منها يتيح للدول الموجودة بها مصادر مالية تمكنها من الإنفاق على تنمية الموارد البشرية 0 2) العوامل السكانية : يتأثر الاستثمار في رأس المال البشري بشكل مباشر بالعوامل السكانية خاصة التركيبة السكانية ومعدل النمو السكاني حيث يحدد التوزيع العمري للسكان في الفئات الموازية للمراحل التعليمية الكم المطلوب من المرافق والموارد التعليمية ، كما يترتب على الزيادة في معدل النمو السكاني الحاجة الى توفير المزيد من هذه المرافق 0 وفي حالة عجز الإمكانات الاقتصادية عن توفير هذه المرافق والموارد في دولة ما تتفاقم مشكلات الأمية وازدحام الفصول التعليمية والضغط على الجامعات بأعداد كبيرة والاهتمام في كافة المراحل التعليمية بالجانب الكمية على حساب النوع مما يترتب عليه إهدار الاستفادة من الموارد البشرية وضعف التوافق بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل وانتشار البطالة وغيرها من المشكلات 0 3) العوامل الاجتماعية : وتشمل المؤثرات المرتبطة بالدين واللغة والتكوين الاجتماعــي 0 ويأتي تأثير الدين بشكل مباشر في النظام التعليمي مع تمسك المجتمع بالحفاظ على العقائد الدينية مما يلتزم معه المختصون بوضع المقررات التعليمية على أسس دينية تنمي الثقافة الدينية وترسخ العقائد والمبادئ والالتزامات المرتبطة بها 0 أما اللغة فهي تؤدي دورها في تشكيل النظم التعليمية باعتبارها تشكل التراث الثقافي والفكري للمجتمع ووسيلة التعبير والاتصال بين أفراده 0 وفيما يتعلق بالتكوين الاجتماعي فانه يؤثر في النظام التعليمي من خلال ارتباط الفرد بالمجتمع من ناحية وتكون المجتمع في تركيبته من الأفراد القائمين به ، ويؤدي مدى الاتجاه الذي يتبناه المجتمع لإتاحة فرص التعليم لأفراده إلى تحديد حجم شمولية التعليم وفرصه سواء لكافة سكان المجتمع في سن التعليم أو لفئات معينة منــه 0 4) العوامل الاقتصادية : هناك ارتباط وثيق بين كل من الاقتصاد ، والتعليم والتدريب حيث تؤثر الأوضاع الاقتصادية في النظم التعليمية والتدريبية من حيث تحديد محتوى التعليم والتدريب ومناهجها وأساليبها ومدتها وتوفير التكاليف سواء للإنفاق الكامل عليها أو لدعمها ، كما أن المؤسسات التعليمية والتدريبية تمد المشروعات الاقتصادية بالأيدي العاملة المؤهلة والمدربة في مجالات أنشطتها 0 5) العوامل السياسية : حيث تؤثر الأوضاع السياسية السائدة في حركة النظام التعليمي ومحتواه ، فالأيديولوجية التي تشكل مجموعة الأفكار المؤثرة في النظام السياسي للدولة تجعل النظام التعليمي يختلف من دولة أو مجموعة من الدول لأخرى حيث يختلف هذا النظام في الدول التي تتبنى النظرية الرأسمالية عن تلك ذات الأيديولوجية الاشتراكية ، والدول التي عانت من احتلال دول أخرى لها قد تأثرت برامج تعليمها بثقافة الدولة المحتلة ، بالإضافة إلى تأثير الاستقرار السياسي في فعالية التعليم واستمراريته 0