عناصر الإدارة الفعالة للموارد البشرية
محمد العطار
تعرفنا على مدار الحلقتين السابقتين على أربع عناصر من عناصر الإدارة الفعالة للموارد البشرية كأساس من أسس بناء بيئة العمل الفعالة، وكانت العناصر كما يلي:
1. التدريب والتطوير.
2. الرواتب والأجور.
3. إدارة الأداء.
4. التوظيف واختيار الموظفين.
وفي هذا المقال نتعرف على عنصرين آخرين وهما:
1. علاقات الموظفين.
2. تقنية معلومات الموارد البشرية.
وبهذا نكون قد أكملنا الحديث عن الموارد البشرية ودورها في بناء بيئة العمل الفعالة في المؤسسات.
خامسًا ـ علاقات الموظفين:
(في ظل الظروف المثالية يفوز الشخص المحبوب، وحتى في ظل الظروف غير المثالية، يفوز الشخص المحبوب)، هكذا تقول الحكمة القديمة، وهكذا تتحق تلك الحكمة في المؤسسات؛ فإن أحد أدوار إدارة الموارد البشرية الرئيسية هي تسهيل الاتصال بين أعضاء الفريق؛ فالمنظمة الناجحة هي المنظمة التي يسهل فيها تبادل المعلومات ووجهات النظر بين الأفراد، كما يعبر الجميع عن مشاعرهم وأحاسيسهم في حرية تامة، ويتقبلون النقد الإيجابي ويحترمون آراء وأفكار الأخرى.
وفي ظل هذا الاتصال القوي بين أعضاء الموظفين يتحقق التكاتف والاتحاد الذي يعتبر أعظم محفز للموظفين، فالتكاتف هو أعلى صور التعاون؛ إنه محصلة تفاهم شديد، واتصال روحي عميق، واتفاق على تحقيق المنفعة للجميع؛ فينتج عن ذلك قوة هائلة من الإبداع والابتكار في حل المشاكل، ومن الفاعلية والحماس في تحقيق الأهداف، فكما يقول كامبو: ( عندما تجتمع العقول العظيمة معاً، وتفكر معاً؛ فليست هناك حدود لما يمكن تنفيذه حينئذ).
ولذا لا يجب أن يتوقف الأمر بالنسبة إلى إدارة الموارد البشرية على تقوية علاقتها بكل عضو من أعضاء الفريق فقط؛ بل إن دورها الرئيسي هو تقوية علاقة كل عضو من أعضاء الفريق بالآخر، فكما يقول فينس لومباردي: (نَمِّ في فريق العمل شعوراً بالتوحد، وإمكانية اعتماد أفراده أحدهم على الآخر، وإمكانية استمداد القوة من الاتحاد).
ويقول آلان ألدا: (في وقت الراحة، أحب أن يجلس الجميع ويتناولون الطعام معاً، ويمزحون ويتبادلون القصص والنكات؛ لأن بعض هذه الأشياء تحدث فعلياً في وقت العمل، مقدار الارتياح الذي ينشأ بين أفراد الفريق يبدو واضحاً في نتائج العمل)، وفي ذلك إشارة عملية إلى كيفية تكوين علاقات قوية بين أعضاء فريقك.
وفي البداية ستحتاج أن تكثر إدارة الموارد البشرية من التأكيد على هذا المعنى؛ أنهم أصدقاء أكثر من كونهم مجرد زملاء عمل، وستحتاج أن تدعوهم إلى تلك الخروجات، والزيارات، والمناقشات.
وبعد فترة من الوقت سيصبح ذلك أمرا طبيعيّاً بينهم ، بل سيفعلونه تلقائياً بينهم، وستأخذ العلاقات طريقها إلى القوة بصورة طبيعية وسهلة وغير متكلفة.
بالمثال يتضح المقال:
وفيما يلي بعض الأمثلة لما تعمله الشركات من أجل تقوية علاقات الموظفين:
مثال1: الغرفة التجارية الصناعية في المنطقة الشرقية:
تتميز بيئة العمل بالغرفة بالجو الودي والألفة الكبيرة بين الموظفين، وكذلك سهولة التواصل المستمر بين أي موظف وأي مسئول لكثرة اللقاءات الاجتماعية.
مثال2: شركة الزاهد للتراكتورات والمعدات الثقيلة المحدودة:
وجود علاقة متميزة بين الموظفين بعضهم البعض من جهة، وبين الموظفين وإدارة الشركة من جهة أخرى؛ يساعد على خلق جو العائلة الواحدة في الشركة.
مثال3: آرنست ويونغ وشركاهم (محاسبون قانونيون):
تقوم الشركة بالعديد من الأنشطة من أهمها تنظيم دوري كروي على النطاق المحلي والخليجي، وتنظيم ودعم نشاطات رياضية مختلفة طوال السنة، وعقد اللقاءات والاحتفالات الترفيهية المتعددة، والتي تضم الموظفين جميعهم بكل مستوياتهم الإدارية، وتسهم في تعزيز علاقات العمل خارج النطاق الرسمي.
سادسًا ـ تقنية معلومات الموارد البشرية:
يمثل الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات نوعاً من التطور المعاصر شديد التأثير على الإدارة بصفة عامة، وعلى إدارة الموارد البشرية بصفة خاصة، حيث أصبح الاحتفاظ بسجلات ومعلومات الأفراد لا يتم بالشكل اليدوي المعتاد، بل أصبح بشكل إلكتروني، وباستخدام الحاسبات الآلية ونظم المعلومات والشبكات، وأصبحت سجلات الأفراد يتم إدخالها وتخزينها وتبويبها وتحليلها إلكترونيّاً.
بل إن كثيراً من التقارير الخاصة بالموارد البشرية يتم إعدادها واستخراجها إلكترونيّاً وبسـرعة فائقة، وأصبحت ممارسات إدارة الموارد البشرية يتم إعدادها واستخراجها إلكترونيًّا وبسرعة فائقة، وأصبحت ممارسات إدارة الموارد البشرية تتم بشكل سريع، وبشكل يترك المجال للمسئولين عن إدارة الموارد البشرية في أن يخططوا وينظموا ويراقبوا المجال بشكل كبير.
أثر عصر الكمبيوتر على إدارة الموارد البشرية:
يؤثر استخدام الكمبيوتر وتكنولوجيا المعلومات بصفة عامة على الملامح التالية لإدارة الموارد البشرية:
1- تقليل العمالة الروتينية: يحل الكمبيوتر محل العمالة الروتينية، فعلى سبيل المثال يمكن استخدام الكمبيوتر وبرامجه في العمليات المحاسبية، حينئذ يمكن تقليل عدد المحاسبين بشكل كبير؛ ولذلك لأن الكمبيوتر وبرامجه تقوم بعمل المحاسبين.
2- السرعة في الأداء: أصبح من الممكن تحقيق عمليات كثيرة في وقت قليل بفضل الكمبيوتر؛ مما يوفر الوقت لمدير الموارد البشرية لكي يقوم بأعمال أكثر أهمية، مثل اتخاذ القرارات الإستراتيجية والمهمة في مجال الموارد البشرية، ويتحقق ذلك أيضاً في الحصول بأسرع وقت ممكن على أكبر وأفضل معلومات من نظام معلومات إدارة الموارد البشرية.
3- الدقة في الأداء: حينما تتوافر بيانات الموارد البشرية للمسئولين عن إدارة الموارد البشرية بالسرعة والشكل المطلوب تزداد الدقة في اتخاذ القرارات والتصرف في مشاكل العاملين.
4- قدرة أعلى على التخطيط: حيث يمكن تخطيط التعيينات، والتنقلات، والترقيات، وذلك من خلال الاستخدام السريع للمعلومات المتاحة في الكمبيوتر ونظم معلومات الموارد البشرية.
5- قدرة أعلى على التنظيم: حيث يمكن التنسيق بين أعداد الموارد البشـرية الموجودة في مختلف الأقسام، والسرعة في تشكيل مجموعات العمل من عدة أقسام مختلفة.
6- قدرة أعلى على الرقابة: حيث يمكن فحص ممارسات كافة الأقسام في المنظمة فيما يمس مواردها البشرية من حيث كفاءتها ورضاها وتكاليفها بالدخول مباشرة على بيانات الأقسام مباشرة.
يقول الأستاذ أسامة محمد صالح متحدثاً عن واحدة من أهم ممارسات الشـركات الفائزة في مسابقة بيئة العمل المثالية، ألا وهي أنظمة الخدمة الذاتية للموظفين:
(تولي كثير من الشركات المدرجة في القائمة اهتماماً خاصاً لاستخدام تقنية المعلومات الخاصة بإدارة عمليات الموارد البشرية، حيث تتيح لهم هذه الأنظمة تحقيق قدر أكبر من الفاعلية والسرعة في تنفيذ كافة الإجراءات المتعلقة بأعمال الموارد البشرية.
ويطبق كثير من الشـركات مثل سيسكو سيستمز وإيه بي بي العربية السعودية والطويرقي وأوراكل سيستمز والتصنيع الوطنية وسبكيم والمراعي أنظمة إدارة موارد المنشأة المتكاملة التي توفر الترابط التام بين أنظمة الموارد البشرية وبقية أنظمة المعلومات في هذه الشركات.
كما تتيح هذه الأنظمة في بعض المنشآت نظام الخدمة الذاتية للموظفين الذي يتيح لهم إمكانية تنفيذ كافة الإجراءات المتعلقة بأعمالهم ذاتياً وبشكل مباشر دون الحاجة للرجوع إلى إدارات الموارد البشرية).
الخلاصة:
ونستخلص مما سبق أن المعيار الثاني لبيئة العمل المثالية وهو ممارسات إدارة الموارد البشرية، يحوي ستة عناصر هامة، وهي نظام التدريب والتطوير، سياسات الأجور والمرتبات، نظام إدارة الأداء وتقييمه، كما تساهم سياسات التوظيف في ذلك أيضًا، بالإضافة إلى أثر العلاقات الوظيفية بين الموظفين، وأخيرًا وليس آخرًا أثر التكنولوجيا الحديثة في ذلك.