أثر المتغيّرات الدولية على الاقتصاد السوري
في ظل المتغيرات العالمية والتكتلات الاقتصادية الدولية يواجه الاقتصاد السوري تحديات جديدة:
ü دخول سورية في نطاق منظمة التجارة العالمية والشراكة السورية الاوربية.
ü دخول سورية في نطاق منظمة التجارة الحرة العربية.
ü الاتحاد الجمركي العربي
ü تنفيذ الاستراتيجية العربية الموضوعة على جدول قمة الملوك والرؤوساء العرب
غير ان متطلبات انضمام سورية الى منظمة التجارة العالمية
لاتختلف في جوهرها عن متطلبات الاصلاح الاقتصادي
وعن متطلبات الانضمام الى منظمة التجارة الحرة العربية
والشراكة السورية الاوربية، التي تهدف الى تسريع وتائر النمو الاقتصادي في سوريا عن طريق استثمار عوامل الانتاج في سوريا ومميزاتها النسبية والاستخدام المثل لما فيه مصلحة شعبنا ورفاهيته.
وهنا سوف نبحث عن الآثار السلبية لعضوية منظمة التجارة العالمية على الاقتصاد السوري التي تتمثّل بصعوبة التكيّف الاقتصادي ونقص إيرادات الخزينة ومناخ الاستثمار والخطر يتهدّد الصناعات التحويلية والتكلفة الاجتماعية عن هذا الانضمام.
1. انّ الانضمام الى منظمة التجارة العالمية سوف يفرض على الاقتصاد السوري سرعة التكيّف الأمر الذي قد يهدّد الاستقرار الاجتماعي والسياسي بالاضافة الى عرقلة النموّ الاقتصادي الذي لابدّ ان يحدث في بداية الانفتاح نظراً لأن رجال الأعمال متردّدون في الاستثمار واعادة أموالهم من الخارج في ضوء الدروس التي تعلّموها من تجربتهم خلال نصف القرن الماضي.
2. ان الاقتصاد السوري يعتبر من الاقتصاديات المتحولة حيث لاتستطيع ان تجد طريقها الملائم لاقتصاد السوق وهذا يشكّل خطراً في حال تحرير التجارة الخارجية بسرعة.
3. ان الغاء الرسوم الجمركية على الواردات وبعض الصادرات والتي تمثل جزءاً من ايرادات الخزينة وتلك الرسوم عالية جدّاً وكان الهدف منها فرض حماية فعّالة لمصلحة الانتاج فعلى الدولة ان تتبع أحد خيارين احلاهما مرّ: أ- تخفيض الانفاق العام (الانفاق على الخدمات الاجتماعية) هذا يؤدّي الى اضعاف الطلب المحلي الفعّال ويؤدّي الى ضيق السوق المحلية واضعاف الحافز على الاستثمار وعرقلة النمو هذا من جهة ومن جهة اخرى يؤدّي ان اختلال التوازنات الاجتماعية ويؤدّي الى اضطرابات اجتماعية.
ب- أو فرض ضرائب جديدة غير مباشرة (ضريبة على القيمة المضافة)
أو فرض ضرائب مباشرة على دخول قطّاع الأعمال مما يشكّل للاستثمار وعقبه في طريقه. وهذا وفي كلّ الحالات تكون النتيجة واحدة وتعارض مع هدف تحرير التجارة الخارجية التي تهدف أساساً الى تحسين مستوى المعيشة ورفع مستويات النموّ.
4. يرى البعض ان مناخ سوريا الاستثماري غير مشجع بسبب عدم الاستقرار المني في المنطقة واخطار نشوء الحرب في أيّ لحظة.
5. الخطر الذي يتهدّد صناعاتنا التحويلية التي تتصف بصغر حجمها وضعف تجهيزها الرأسمالي وتدني انتاجية العامل مما يجعلها غير قادرة على اعادة الهيكلية والتكيف مع متطلبات التقدم التكنولوجي وهذا بدوره مهدد بالزوال بالتالي خروج آلاف العاملين الى البطالة اضافة الى غيرهم.
ولكن وعلى صعيد النشاط الاقتصادي حيث ان انضمام سوريا الى المنظّمة السابقة وتحرير التجارة الخارجية سيكون له تأثيراً إيجابي على مجمل النشاط الاقتصادي حسب النظرية الاقتصادية وماأثبتته تجارب الدول الناميه في تحرير تجارتها الخارجية ووفقاً لدايفد ريكاردو انه لكل بلد ميزة نسبية مقارنة مع غيره من شركائه ويمكن لكل بلد بموجب هذه النظرية ان يربح من المتاجرة مع غيره حتّى ولو لم يكن يتمتّع بأيّ ميزة انتاجية :
1. ان تحرير التجارة الخارجية على النمو الاقتصادي هوتأثير أكيد وإيجابي:
أ#- تحرير المستوردات يؤدي الى توسيع القاعدة الانتاجية وتطويرها وتحديثها عن طريق توفير وسائل الانتاج الضرورية المر الذي يؤدّي الى تخفيض السعار.
ب#- تحرير المستوردات يؤدي الى تحفيز الانتاج الوطني وبالتالي دخول المنافسة الدولية.
2. دفع الانتاج الوطني الى الأعلى نتيجة توفير الأسواق الخارجية للمنتجات السورية وتمكينها دخول الأسواق الأخرى.
3. تحسين شروط نقل التكنولوجيا نتيجة التزام سوريا بحماية الملكية الصناعية وبالتالي تحسين مناخ الاستثمار حيث أن سوريا ملتزمة بقواعد ثابتة وشفافة.
4. على صعيد المتحصلات الجمركية:
سوف يؤدي الى ارتفاع في المتحصلات الجمركية نتيجة تحرير التجارة الخارجية واستبدال التعرفة الحالية بتعرفة جمركية توفّر حماية الصناعة الوطنية وتراعي وضع ميزان المدفوعات.
وبالرغم من ذلك فإن انضمام سوريا الى منظمة التجارة العالمية لن يحول دون امكانية لجوءها الى اجراءات الوقاية التي أقرتها منظمة التجارة العالمية في حال حدوث حالات طوارئ تخل بميزان المدفوعات.
5. على صعيد المنتجات الزراعية: ان ارتفاع أسعارها في الأسواق الدولية وانعكاس ذلك على أسعار هذه المنتجات في سوريا سيوفر للمزارعين السوريين حوافز هامة لزيادة الانتاج..
التحديات والمبادئ الحاكمة للحلول
- ان محاولة تبين الحلول التي يمكن اقترانها لتطوير الاقتصاد السوري والصناعي خاصة لكي يكون قادر على المنافسة الخارجية يتطلّب تحديد المعطيات الرئيسية التي تنطلق منها صياغة هذه الحلول من جهة والمبادئ الأساسية التي تحكم عملية اختيارها من جهة أخرى وهذه المعطيات الرئيسية تمثّل تحديّات ثلاث:
1- النفط ثروة ناضبة كمصدر لموارد ماليه من التصدير.
2- تزايد سكان سوريا بمعدلات متزايدة 28% سنوياً وهي من أعلى نسب التزايد في العالم.
3- سيترتب على الانفتاح التجاري هزّة عنيفة تصيب النسيج الصناعي السوري اذ لن يصمد عدد لايستهان به من الصناعات السورية التي تعيش في ظلّ الحماية:
1. الصناعات القادرة على الصمود هي أساساً تلك التي تتوفر لانتاجها المزايا النسبية من حيث توفر المادّة الأولية والخبرة الفنيّة محلياً وحجم المنشأة المناسب وخطوط الانتاج التكنولوجية المتقدمة وقادرة على المنافسة في الداخل والتصدير للخارج.
(صناعة النسيج- الا لبسة الجاهزة- التريكو..)
2. صناعات ستؤول الى الزوال بحكم اعتمادها الكلي على المكونات من الخارج (صناعات كهربائية- منزلية- منظّفات).
3. منشآت قادرة على الصمود اذا ماتمت اعادة هيكلتها وتاهيلها بجدية سواء لتوفر المزايا النسبية لانتاجها او لأنها صناعات كثيفة العمالة.
حيث لابد من تحديد واضح لأولويات الاستثمار تجنباً لنموّ عشوائي غير متوازن ويكون هذا التحديد على مستوى القطاعات والتكنولوجيا أولاً وعلى مستوى التوجه الاقتصادي نحو الداخل او الخارج ثانياً.
فعلى مستوى القطاعات والتكنولوجيا يقترح ان نسير في خطين متوازيين في آن معاً خطّ الصناعات التكنولوجية التقليدية أي صناعة النسيج إذ يجب تصنيع القطن السوري بكامله وتصديره نسيجاً وألبسة الخط الثاني يتمثل بالتكنولوجية العالية التي تتطلبها صناعة قطع الغيار الخاصة بالصناعات الكهربائية.
على مستوى توجّه النشاط الصناعي لابدّ من السير معاً في طريق التوجّه الداخلي والخارجي بمعنى أن نعطي الأولوية للصناعات التصديرية تعويضاً عن نضوب النفط وضماناً لتوازن ميزاننا التجاري وتحقيق فائض منه أي أن التحديات السابقة تفرض نفسها بقوة مما يتطلّب:
اعادة هيكلة الصناعة السورية وتقوية قدراتها التنافسية في اطار اقتصاد السوق واطلاق المبادرات الوطنية لقوى الانتاج بهدف زيادة الانتاج وتحسين نوعيته وجودته مما ينسجم مع معايير الجودة العالمية.. ولكن للأسف مازال صناعيوا سوريا يطالبون بالقوانين والتشريعات التي تحمي وتطيل فترة حماية الصناعة الوطنية وكأنهم لم يدركو بعد أن سبب عدم قدرتهم على المنافسة اليوم تعود الى فترات الحماية الطويلة التي قدمتها لهم الأنظمة والقوانين والتعليمات.