تعتبر الموارد البشرية الثروة الحقيقية لكل بلد اذا احسنت ادارتها واستثمرت استثمارا أمثل فهي أكثر أهمية وأعظم قيمة من كل الموارد الطبيعية.
فرأس المال المادي والموارد الطبيعية رغم أهميتها فهي بدون المورد البشري لن تكون لها قيمة لأن القوى العاملة المتعلمة والمدربة تدريبا جيدا هي التي تستطيع استثمار تلك الموارد لخدمة أهداف الدولة التنموية وتسخيرها لخدمة المجتمع ورفاهيته. فالثروة الحقيقية للدول تكمن في قدرات مواردها البشرية العلمية والعملية وامكانيتهم على التكييف مع المتغيرات العالمية والتطور العلمي والتكنولوجي. فكثير من الدول تطورت تطورا سريعا لاعتمادها على الانسان، فاليابان على سبيل المثال من الدول الصناعية التي تقود العالم وفي المقابل لا تملك أياً من الموارد الطبيعية ومع هذا اصبحت في مصاف الدول المتطورة لأنها اعتمدت على ما تملكه من ثروة بشرية..
ففي دولة الكويت لدينا عقول خلاقة وأفراد مبدعون في كثير من المجالات لكن للأسف الشديد نفتقد الى كيفية استثمارها بل إن الدولة غير مدركة أصلا الى أهمية دور العنصر البشري في التنمية الشاملة، فهذه خطتنا التنموية المريضة 2035 تتحرك بطريقة سلحفائية في كل المجالات الاقتصادية أو المشاريع التنموية وبطريقة شبه ميتة في مجال التنمية البشرية.
من يقرأ الهدف الثالث في تلك الخطة والمتعلق بالتنمية البشرية ير كلاما انشائيا مرسلا غير محدد، ولم نرَ منذ اعتمادها سنة 2010 حتى كتابة هذا المقال خططا تشغيلية تبين كيفية تنفيذ هذا الهدف ومن هي الجهات المعنية في تنفيذه. وما يعنينا في هذا المقال أن الكويت تمتلك ثروة حقيقية من الموارد البشرية غير مستغلة فمهما استثمرت كل ما تملك من وفرة مالية في التنمية الاقتصادية لن تؤتي ثمارها ان لم يواكبها زيادة في الخبرات والمهارات.
من هذا المنطلق يجب على الدولة أن تدرك أهمية هذه الثروة المنسية وأن تضعها في أول اهتماماتها فهي هدف ووسيلة كل خطة تنموية، والدولة التي لا تستطيع استثمار مواردها البشرية لن تستطيع أن تحقق أهدافها التنموية لذلك عليها أن تفرد لها هدفا استراتيجيا في خطتها التنموية يتعلق في التعليم والتدريب بشكل خاص لأنهما أساس صناعة الانسان.
على أن يشمل هذا الهدف المحددات التالية :
1. تطوير النظام التعليمي بما يواكب التطور العلمي وأن يكون موجهاً للفكر والانتقال من نظام التلقين الى نظام التفكير ومن طريقة نقل المعلومة الى القدرة على الحصول على المعلومة وبذلك يكون المتعلم هو محور العملية التعليمية وليس المعلم.
2. ايجاد مناهج تواكب التطور ومتطلبات التنمية وخططها وادخال التدريب كأسلوب جديد لاكتساب مهارات التعلم الذاتي والقدرة على التحليل والتفكير وصنع القرار والقدرة على العمل الجماعي ومهارات الاتصال مع الاخرين ويمكن الاستفادة في هذا المجال من التجربة (الدنماركية والكندية والاسترالية وغيرها من الدول التي نجحت في تطوير النظام التعليمي).
3. تطوير مؤسسات التدريب في القطاع العام ومراكز خدمة المجتمع في الجامعات وتوفير الميزانيات اللازمة لها لتنفيذ خططها التدريبية السنوية.
4. التركيز على تدريب القيادات المكلفة بتنفيذ خطة التنمية من خلال تكثيف الدورات المتعلقة بالمهارات القيادية وفن الادارة.
5. تفعيل دور المؤسسات التدريبية في القطاع الخاص وإشراكها في خطة التنمية واعطائها دورا في تطوير الموارد البشرية لما تملكه من اساليب حديثة ومعارف جديدة وطرق متطورة في تطوير امكانيات الفرد مهاريا.
6. احتضان المبدعين من الشباب الكويتي ودعمهم ماديا ومعنويا وارسالهم في دورات خارجية وحضور مؤتمرات في مجال تخصصهم للاستفادة منهم في المجالات النادرة
الخلاصة : اذا اردنا أن نستثمر مواردنا الطبيعية المتاحة ووفرتنا المالية يجب أولا أن نستثمر في الانسان الذي يدير هذه الموارد ويقود التنمية.
وكما يقولون دائما «الغلبة في عصرنا الحالي للإنسان القوي نشأة وتعليما وتأهيلا وتدريبا».