الفصل الثاني : تخطيط توظيف و تطوير القوى العاملة
* تخطيط القوى العاملة : هو نشاط متعلق بالتنبؤ بحاجة المنظمة من القوى العاملة في المستقبل ( و تسمى بالطلب ) و بمصادر الحصول عليها ( العرض) و كيفية الموازنة بينهما و تسوية الفرق سواء كان بالزيادة أو بالنقصان .
و يعتبر تخطيط القوى العاملة أحد الأهداف التي تسعى خطة التنمية الإقتصادية و الإجتماعية لبلوغها ، فكما تعمل الدولة لرفع مستوى الحياة للمواطنين عن طريق توفير السلع و الخدمات ، فهي تخطط للحصول على القوى العاملة التي تقوم بتلك النشاطات بكفاءة و فاعلية ، فتكون عملية التوظيف أي العمليات التي يتم عن طريقها استقطاب الأشخاص الباحثين عن العمل من ذوي الكفاءة و الصلاحية المناسبة لشغل الوظائف الشاغرة و القيام بعملية قياس و تقدير قدراتهم و صفاتهم و اختبار أكثرهم قابلية للنجاح في أداء أعمال تلك الوظائف ، و إضافة إلى ذلك تستخدم المنظمات الحكومية و مؤسسات الأعمال مدخلات مادية و فنية لتحقيق الأهداف التي تسعى لبلوغها ، و كلما كانت هذه المدخلات على درجة من الجودة و التطوير كان إسهامها أكبر في تحقيق أعلى قدر من الإنتاج و كفاءة الأداء ، فالقوى البشرية باعتبارها أهم هذه المدخىت ، توفر إمكانات تطويرها و تنمية أفرادها ذاتيا في مجالات غير محدودة لرفع مستوى الإنتاج و الإرتقاء بكفاءة .
في هذا النطاق نقسم هذا الفصل إلى : تخطيط القوى العاملة ، ثم توظيفها و أخيرا الجوانب المتصلة بتطويرها .





















المبحث الأول : تخطيط القوى العاملة
المطلب الأول : التنبؤ بالقوى العاملة
إن المرحلة الأولى في التخطيط للقوى العاملة هي التنبؤ و تعني الوسائل المستخدمة للتقدير في فترة زمنية في المستقبل و ذلك فيما يتعلق بـ :
1- عدد العاملين الذين سوف تحتاج إلأيهم المنظمة ، و يعرف بالطلب من القوى العاملة .
2- عدد العاملين الذين يتوقع أن تحصل عليهم المنظمة ، و يعرف بالعرض من القوى العاملة .
3- أي فروقات يتوقع أن تحدث بينهما ، سواء كان ذلك بالزيادة أو النقصان و عن طريق وضع البرامج ، حيث تبدأ المرحلة الثانية ، يتم التعبير عن النقص أو الزيادة في صورة أهداف لشؤون الموظفين ، التي تعمل بدورها كأساس لتطوير أمثلة موحدة أو برنامج لشؤون الأفراد كالترغيب و الإختيار و التدريب لبلوغ الأهداف المقررة ، و أخيرا بمرور الزمن يتم تقدير دقة التنبؤات و فعالية برنامج شؤون الموظفين و إدخال التغييرات اللازمة للتأكد من التحكم الإجمالي للخطة 1 و التنبؤ هو العملية التي يتم بموجبها التوصل إلى الكمية و النوعية من العاملين الذين تحتاج إليهم المنظمة لتحقيق أهدافها الإنتاجية أو الخدمية ، في فترة محددة ، كثلاث سنوات مثلا ، كما يعني معرفة العدد من القوى العاملة التي على رأس العمل التي يمكن الإستفادة منها في سد حاجة العمل المستقبلة ، و كم من العاملين الجدد يتوقع أن تحصل عليهم المنظمة من الخارج في نفس المدة ، و هل سيكون هناك نقص أو زيادة ؟ و إذا كان الأمر كذلك فكيف تحدث ؟ و ما هي المشكلات الأساسية في شؤون الموظفين و الفرص التي يمكن أن يعمل لها حساب ؟
هذه هي نوعية الأسئلة التي يحاول التنبؤ بالقوى العاملة الإجابة عنها .

المطلب الثاني : التنبؤ بالطلب
و أول مهمة في هذه المرحلة هي تقدير الطلب ( الحاجة ) من القوى العاملة في المستقبل ، و في موقف معين فإن العوامل التالية قد تؤثر على جانب الطلب من القوى العاملة في المستقبل :
1- أهداف المنظمة و خططها .
2- التغيير في التركيب التنظيمي أو محتويات الوظائف .
و يطلق عليها المؤثرات الأساسية و تنهض مهمة القائمين على تقدير الطلب على أمرين : أولهما الحصول من قيادة المنظمة و مديري الإدارات الإنتاجية على تقديرات للإتجاهات التي تسير فيها المؤشرات الأساسية ، و ثانيهما تقدير الأثار المترتبة لهذه الأحداث على أعداد و نوعيات العاملين اللازمين لأداء الأعمال المخطط لها .
إن معظم طرق تقدير الطلب من القوى العاملة تتصل بالخطوات الأربعة التالية :
1- الإختيار من بين المؤشرات الأساسية المذكورة أكثرها علاقة بموقف معين ذي علاقة بالحاضر .
2- إقامة العلاقة التاريخية التي تربط بين المؤشرات الأساسية التي تم إختيارها و الطلب من القوى العاملة .
3- الحصول على تنبؤات للموشرات الأساسية .
4- التنبؤ بالقوى العاملة بإستعمال المعلومات في الخطوتين (2) و (3) .


المطلب الثالث : أساليب التنبؤ
يستعمل عدد من أساليب التنبؤ للوقوف على حاجة المنظمة ( جانب الطلب ) من القوى العاملة ، و يتوقف الأسلوب الذي يستخدم على طبيعة العمل و نوعية الإنتاج و القوى العاملة التي تقوم به ، و على درجة الثقة التي يوليها القائمون بالتنبؤ للتحليلات الإحصائية في جانب و الحكم الإنساني في الجانب الآخر .
ففي طرق نجد الأساليب الكمية الصرفة ، و هي تعتمد في الأساس على إيجاد علاقة رياضية ثابتة بين المؤثرات الأساسية ، كالمبيعات و كميات الإنتاج من جانب و عدد العاملين اللازمين لها من الجانب الآخر هناك الأساليب التي تعتمد على التقدير الشخصي لقيادة المنظمة و مديري الإدارات الإنتاجية ، بناء على التوسع الطبيعي المتوقع في العمل أو الإنتاج أو المشروعات الجديدة أو إدخال تقنية حديثة أو متطلبات إعادة التنظيم ، في التوصل للأعداد المطلوبة من الوظائف 1 .
و لعله ليس من الحكمة الإعتماد على أساس الأسلوبين بصفة كلية دون الآخر في كل مراحل التنبؤ بالطلب من القوى العاملة ، فإن مزج الأسلوب الرياضي بجرعات من الحكم الشخصي هو الأسلوب الأنسب ، و في المنظمات لا يكون الماضي بالضرورة مقدمة للحاضر ، كما أن التغييرات الإقتصادية و التقنية و الإجتماعية و القانونية قد تحدث في أي وقت و تؤدي إلى تقادم العلاقة التاريخية ، هذا بالإضافة إلى أن المنظمات لا ترغب في ترك موضوع التنبؤ للفنيين وحدهم ، و هي تفضل إشراك مديري الإنتاج في العملية للتأكد من صحة النتائج و ايجاد درجة من إلتزام المديرين بها ، و في الجانب الآخر فإن تقديرات المديرين – بدون معلومات إحصائية تدعمها – قد تنقصها النظرة الثاقبة عن الماضي أو المستقبل ، و هكذا فإن أحسن تقديراتهم قد لا تصل قريبا من الحقيقة و بالإضافة إلى ذلك فإن غياب المعلومات قد يغري المديرين بوضع التقديرات للقوى العاملة التي يرغبون الحصول عليها و ليست اللازمة للعمل ، و على هذا الأساس ، و متى كان ذلك ممكنا – فإن التحليلات الإحصائية الدقيقة تعتبر ذات عون فعال حتى عند الإعتماد على التنبؤ القائم على الحكم الإنساني 2 .
و نقدم فيما يلي بعض أساليب التنبؤ بالطلب من القوى العاملة :
1- أسلوب حجم الإنتاج :
يستعمل أسلوب حجم الإنتاج في تقدير الطلب من القوى العاملة في الأعمال التي تقوم على إنتاج كمية محددة كما في صناعة الإسمنت مثلا ، و تكون معادلة القوى العاملة المطلوبة على النحو التالي :
[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtml1/01/clip_image002.gif[/IMG]حجم الإنتاج المستهدف – حجم الإنتاج الحالي × عدد القوى العاملة الحالية
حجم الإنتاج الحالي
و كمثال : عدد القوى العاملة الحالية = 400 فرد .
حجـم الإنتاج الحـالي = 2000 طن .
حجم الإنتاج المستهدف = 2400 طن .
إذن فعدد الأفراد المطلوب = [IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtml1/01/clip_image004.gif[/IMG] × 400 = 80 فردا .

و ذلك بإعتبار ثبات معدل الإنتاجية ، أما إذا تغير معدل الإنتاجية بالزيادة فيمكن أن يكون لدينا المعادلة التالية كمثال :
قوى العمل الحالية = 800 فرد .
حجم الإنتاج المستهدف = 150 % .
معدل إنتاجية العمل المستهدف = 120 % .
إذن فقوى العمل اللازمة = [IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtml1/01/clip_image006.gif[/IMG] = 960 فردا .
2- أسلوب معدل الإستثمارات :
قد يتبع أسلوب تخطيط قوى العمل على أساس معدل الإستثمارات الضرورية لتشغيل عامل واحد ، و يحسب ذلك على النحو التالي :
[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtml1/01/clip_image007.gif[/IMG]حجم الطلب من القوى العاملة = إستثمارات المشروع
الإستثمارات اللازمة لتشغيل عامل واحد
و من مشكلات هذا الأسلوب صعوبة تحديد الإستثمارات الضرورية لتشغيل عامل واحد في ظروف المتغيرات في التضخم الإقتصادي ( الأسعار ) ، و إدخال التقنية الحديثة في الأعمال ، و يتم في العادة التغلب على هذه الصعوبات بالرجوع إلى المعلومات و البيانات المتعلقة بالمنظمات الشبيهة 1 .
3- أسلوب تحليل الإنحدار : أسلوب تحليل مسارات الإنحدار من الأساليب الرياضية في التوصل للعرض من القوى العاملة ، و يقوم على فكرة إيجاد علاقة إحصائية بين حجم الإنتاج و عدد العاملين في أحد مجالات العمل لمدة معينة من السنوات في الماضي ، و تستخدم هذه العلاقة في التنبؤ بالقوى العاملة المطلوبة في السنة المستهدفة ، و في تحليل الإنحدار لكي يتم التوصل إلى أفضل مسار تستعمل المعادلات الجبرية على النحو التالي :
( بعد حذف عامل الخطأ و إعتباره صفرا ) y = a + bx
و يسمى x المتغير المستقل الذي تعتمد عليه قيمة y .
و يسمى y المتغير غير المستقل ( أو التابع ) .
و إعتمادا على العلاقة التاريخية بين حجم الإنتاج و عدد العاملين القائمين عليه يتم إيجاد قيمة لكل من a و b .
و على ذلك إذا كان إجمالي حجم الإنتاج في 12 سنة نتتالية معبرا عنه بآلاف الوحدات يساوي 228 x ، و إجمالي عدد العاملين لنفس المدة 348 y ، فإن المعادلة تأخذ الشكل التالي :
= 19 .[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtml1/01/clip_image009.gif[/IMG] = x
. 29 = [IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtml1/01/clip_image011.gif[/IMG]y =
= 0,76 [IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtml1/01/clip_image013.gif[/IMG] = [IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtml1/01/clip_image015.gif[/IMG] = b
a = y – b x = 29 – 0,76 (19) = 14.56 .

إذ يكون عدد العاملين في العام المستهدف إذا كان حجم الإنتاج المستهدف هو 35000 وحدة هو :
1 Y = 14,56 + 0,76 (35) = 41

المطلب الرابع : التنبؤ بالعرض
في التنبؤ بجانب العرض من القوى العاملة هناك مصادر داخلية و مصادر خارجية ، بالنسبة للمصادر الداخلية المقصود بالتنبؤ سد جانب من الطلب من القوى العاملة من المصادر الداخلية بالمنظمة ، أي ما هي أعداد و نوعيات العاملين التي ستكون متوفرة لمقابلة حاجة العمل في نهاية فترة الخطة ، و في إعداد مثل هذا التنبؤ يفترض عدم حدوث تغييرات أساسية في السياسات و الإجراءات الحالية لشؤون الموظفين ، و إذا كان هناك شيء من هذا يجب أخذه بعين الإعتبار .
الإجراء :
و يتم التنبؤ بحصر القوى العاملة التي على رأس العمل على أساس الفئات الوظيفية .
و يطرح من هذا العدد عدد العاملين المتوقع فقدانهم خلال مدة الخطة :
- التقاعد .
- فاقد العمالة الإختياري و الجبري ( الإستقالة و الفصل ) .
- الوفيات .
- إجازات الغياب .
- النقل للوحدات الأخرى .
و يضاف للعدد :
- الملتحقون بالمنظمة بالنقل من وحداتها الأخرى .
- الموظفون المتوقع ترقيتهم ليشغلوا إحدى وظائفها ( بعد عمل تسويات داخلية للموظفين المتوقع ترقيتهم من وظيفة لأخرى ) .
و يكون الناتج عرض القوى العاملة الداخلي .
و يتم التنبؤ بالعرض الداخلي للقوى العاملة بالتعاون مع مديري الإنتاج و أخصائيي القوى العاملة الذين هم في الغالب على علم بالعاملين المتوقع تقاعدهم أو فصلهم أو نقلهم خلال فترة الخطة .
و يعتبر التنبؤ بالعرض إجراء متطورا و مستقرا و يشمل على صعوبات أقل و معلومات أكثر دقة تتوفر لدى مدير شؤون الموظفين و مديري الإدارات الإنتاجية و أخصائيي القوى العاملة .
أما التنبؤ بمصادر القوى العاملة الخارجية يتم على أساس ما هو متوفر في سوق التوظيف ، و من أهم مصادره :
- التعيين بالنقل من الأجهزة الأخرى .
- التعيين من المدارس و المعاهد العليا و الجامعات .
- التعيين من مراكز التدريب المهني .
- استقدام الأجانب من الخارج .


الأسلوب :
يتم حصر القوى العاملة التي على رأس العمل وفقا للفئات الوظيفية (المراتب) ، و التنبؤ بالتغييرات المتوقعة عليها بالزيادة أو النقص و التحركات الداخلية ، كالترقية و النقل لتنتهي القائمة بالعدد المتوقع وجوده في نهاية فترة الخطة (جدول رقم 2-1) .
و تعتمد مثل هذه الجداول على نظم معلومات شؤون الموظفين ، و من أمثلتها : المعلومات عن كل موظف أو عامل فيما يتعلق بالاسم و مسمى الوظيفة الحالية و مرتبتها و موقعها في التنظيم و السن و الأقدمية في المرتبة الحالية و في المنظمة و تقديرات تقويم الأداء الوظيفي ، و فرص الترقية ، و الراتب ، و موقع العمل ، و الوظيفة السابقة ، و التقاعد .
و بعد الحصول على التنبأ بالعرض المتوقع يقارن بالطلب ، و يتم سد العجز عن طريق التعيين و النقل و التدريب .

جدول رقم 2-1
أسلوب التنبؤ بعرض القوى العاملة الداخلي

المراتب القوى العاملة الحالية 1 حسم إضافة تحركات داخلية العرض الداخلي المتوقع
8
التقاعد 2 الإستقالة
3
أخرى
4
نقل
5
ترقية 6 تخفيض 7
داخل خارج داخل خارج
5
7
8
9
10
250
150
100
80
60
3
0
4
5
4
10
8
7
6
3
5
6
8
3
3
3
5
6
4
2
20
15
12
6
8
26
20
16
9
12
0
0
0
0
0
0
0
1
0
0
229
136
82
67
48
640 562


المصدر : حسين حسن عمار إدارة الموظفين ، معهد الإدارة العامة ص 148 ، 1990 الرياض .

المطلب الخامس : الموازنة بين الطلب و العوض
الموازنة بين الطلب و العرض من القوى العاملة هي العملية التي يتم على أساسها التوفيق بينهما و التوصل إلى الفروقات ، سواء كانت بالزيادة أو النقص ، ففي حالة زيادة الطلب على العرض قد يرجع السبب إلى من الأسباب التالية :
- الزيادة المخططة للإنتاج .
- النمو الطبيعي في العمل اليومي .
- حاجات إعادة التنظيم .
- إنشاء فروع جديدة للعمل القائم .
- إنتهاء الخدمة الجبري و الإختياري .
- الترقية و النقل المتوقع .
أما في حالة نقص الطلب عن العرض ( أو زيادة العرض على الطلب ) فإن الأسباب قد تعود إلى :
- إدخال تقنية حديثة عى بعض الأعمال التي كانت تؤدى يدويا .
- حاجات إعادة التنظيم تدمج بعض الإدارات أو الأقسام بعضها مع بعض .
- تبسيط إجراءات العمل و اختصارها .
- نقص الإنتاج .
و في إجراء عملية الموازنة يجب إثبات أسباب الزيادة أو النقص و مقارنة العوامل التي أدت إلى أقل منها مع السنوات الماضية ، و يوضح الجدول الآتي عملية الموازنة :

جدول رقم 2-2
موازنة الطلب مع العرض من القوى العاملة

المرتبة الطلب العرض الفرق
النقص الزيادة
5
6
7
8
210
186
140
125
190
166
158
115
15

18
20

10


المصدر : حسين حسن عمار ، مرجع سابق ، ص 149 .
و في إيجاز فإن عملية الموازنة هي تسجيل الفروقات بين التنبؤ في جانب كل من الطلب و العرض ، و توضيح الأسباب التي أدت إليها في إيجاز ، و الغرض من ذلك هو توفير المعلومات للمرحلة المقبلة من التخطيط .

المطلب السادس : إعداد برنامج القوى العاملة
يبدأ إعداد برنامج شؤون الموظفين بتحديد أهداف تخطيط القوى العاملة و إتخاذ قرارات في سياسيات أنشطة إدارة الأفراد كالإختيار و التعيين و التطوير ، و ينتهي إعداد البرنامج بخطط العمل التي تقود الأنشطة و التخطيط للقوى العاملة لتحقيق أهدافها .
و نوجز فيما يلي خطوات إعداد البرنامج :
1- تحديد أهداف القوى العاملة .
2- تحديد بدائل الأنشطة و البرامج لمقابلة الأهداف .
3- تقييم النتائج المتوقعة للأنشطة و البرامج و إختيار أفضلها ، و توحيدها في استراتيجية .
4- إنشاء خطة العمل .

1- تحديد أهداف القوى العاملة :
إن أهداف تخطيط القوى العاملة هي غايات تخدم عرضين أساسيين ، أولهما : إيجاد دليل أو ضابط لبقية البرامج ، و ثانيهما : اتخاذها كمعيار لقياس النتائج ، و هي التي تحدد ما هو المطلوب عمله و متى و كيف يتم ذلك .
و تستمد أهداف التخطيط إما من الإنتاجية أو تكلفة القوى العاملة أو من السياسات الحالية لشؤون الموظفين و الأحداث المتوقعة ، البيئة الخارجية ، كالأنظمة و اللوائح الجديدة و التغييرات الإجتماعية .
و توجد علاقة وثيقة بين أهداف الإنتاج و أهداف تسوية الزيادة أو النقص في القوى العاملة ، فالتنبؤ بوجود نقص في القوى العاملة معناه أن الطلب يفوق العرض ، و بالتالي يتطلب الأمر وضع أهداف تعكس الحاجة لزيادة العرض . و قد يترتب على ذلك إيجاد نقص في الطلب عن طريق زيادة الإنتاجية بزيادة ساعات العمل أو إدخال تكنولوجيا حديثة أو التدريب أو الحوافز ، و في حالة زيادة العرض قد ينتهي الأمر بوضع أهداف لتقليل الإنتاجية لوقف الزيادة في الطلب .
الأهداف المستمدة من سياسات شؤون الموظفين تعكس مجالات محددة خلال فترة الخطة ، و من أهمها متطلبات الأنظمة و اللوائح كإعطاء ميزات خاصة لبعض فئات الوظائف كالوظائف المستثناة ، أو الأولية في التعيين لبعض فئات الأشخاص كالمنسقين من الخدمة .
أما الأهداف المستمدة من البيئة الخارجية فهي في العادة تقوم على إجراء دراسات و تحليلات للقوى العاملة في إطار قيم المجتمع و مبادئه و متغيراته ، مثل مجالات عمل المرأة ، أو مؤشرات الهجرة السكانية و توجهات الأجيال الجديدة في المجتمع .
2- تحديد بدائل الأنشطة :
في هذه المرحلة يتم وضع بدائل البرامج أو الأنشطة لتحقيق كل هدف من الأهداف ، و الغرض من ذلك تقديم خيارات لمتخذي القرار لإختيار أفضلها تحقيقا للهدف ، و نوضح فيما يلي نموذجا لتحديد البدائل .
الأهداف :
أ- زيادة 5% في إنتاج العامل بنهاية السنة :
1- إدخال تكنولوجيا حديثة مع تغيير طردي في أساليب الإختيار ، و التدريب ، و النقل أو إنهاء الخدمة ، أو زيادة الرواتب .
2- إجراء تغيير تنظيمي مع تغيير مناسب في الإختيار ، و التدريب ، و النقل أو إنهاء الخدمة ، أو تعديل في الرواتب .
3- زيادة قدرة العاملين على الإنتاج من خلال إختيار أفضل برامج تدريبية .
4- زيادة دوافع العاملين للإنتاج من خلال تحسين الرقابة ، و إثراء الوظائف ، و الحوافز المادية ، و التأديب .
ب – إضافة 90 موظفا للمرتبة الخامسة :
1- توظيف 90 موظفا جديدا .
2- توظيف 50 موظفا جديدا و الحصول على الباقي عن طريق الترتيبات و النقل الداخلي .
3- تعيين 75 موظفا جديدا و سد الفرق بالعمل خارج وقت الدوام .




3- تقويم النتائج المتوقعة للبرامج :
إن أفضل البدائل هو البديل الذي يعمل أكبر قدر من التوقعات لتحقيق الأهداف المرغوبة ، و ذلك في إطار الزمن المحدد و بأقل تكلفة ممكنة في ظل ظروف موضوعية ، و يتم الإختيار في العادة على أحد أساسين هما : النموذج الرياضي أو برمجة الأهداف ، ففي الحالة الأولى يجري تطوير نموذج رياضي للآثار المترتبة على كل واحد من الخيارات ، ثم يجري وضعها في شكل مشروع ، و أكثر لمعرفة الآثار التراكمية لها ، و قد يكون المدى الزمني مددا محددة أو إلى حين معرفة نتائج أهداف محددة سلفا .
أما برمجة الأهداف فهو أسلوب يصمم للتعرف عن طريق الكمبيوتر على الحلول المناسبة ( كالحد الأدنى من التكلفة ) لأهداف محددة سلفا ، مع الصعوبات المتوقعة في سبيل تنفيذها .
4- إستراتيجية موحدة للبدائل :
إن إعداد إستراتيجية موحدة للبدائل هو تتبع منتظم للبرامج لحذف التداخل و عدم الإتساق بينهما ، فقد يكتشف مثلا أن بعض البرامج يمكن دمجها أو تنسيقها ، و من أمثلة ذلك أن قد يتم تأخير إختيار الموظفين الجدد إلى حين تصميم برنامج تدريبي مناسب لهم .
5- وضع البرامج التشغيلية :
بعد تبني إستراتيجية البرامج توضع في صورة مجموعة من برامج العمل ، و هي عبارة عن بيانات عامة تمد المديرين بإرشادات العمل ، و في حين أنها لا تختلف في الصيغة إلا أن مكوناتها تشمل على خمسة عناصر أساسية ، هي :
1- بيان بالهدف أو الأهداف .
2- النشاطات الأساسية أو البرامج التي ينبغي القيام بها .
3- المدة المحددة للإنجاز و التاريخ النهائي .
4- الموارد التي ينبغي توفيرها .

المطلب السابع : التقويم و التحكم
التقويم و التحكم هما المرحلة الأخيرة من عملية تخطيط القوى العاملة ، و هدفها مراجعة المراحل المبكرة من التخطيط و توفير التغذية العكسية عن النتائج و التغذية العكسية قد تقدم للقيادة العليا للمنظمة أو لمديري الإنتاج لإعانتهم في تعديل المواقف غير المخططة ، و لمديري و أخصائيي شؤون الموظفين ، لمساعدتهم في تكييف أنشطتهم وفقا للأهداف ، أو لأخصائيي القوى العاملة أنفسهم للحصول على قاعدة للمعلومات لإجراء تحسينات في تنبؤاتهم و خططهم للمستقبل .
إن نظاما متقدما بالتقييم و التحكم ينبغي أن يشتمل على العناصر التالية :
1- مجموعة مستويات مناسبة .
2- وسائل لمقارنة الأنشطة و النتائج على هذه المستويات و لتقرير أسباب الإنحرافات .
3- قنوات يتم من خلالها توصيل الإنحرافات و أسبابها للجهات ذات الصلاحية لإتخاذ الإجراءات التصحيحية .
و في عملية التقييم و التحكم قد يصلح الإطار التالي كمرشد :
1- مراقبة العدد الحقيقي للطلب و العرض من القوى العاملة في مقابل التنبؤ ، و تقديم الإنحرافات للدائرة ، و إجراء التعديلات اللازمة ( النقص و الزيادة ) في تقرير الموازنة ، و في أهداف تخطيط القوى العاملة و في خطط العمل .
2- مراقبة تنفيذ الأنشطة على أساس خطط العمل . و في حالة عدم الإلتزام بالجدول الزمني ، يجري متابعة الموضوع مع الأشخاص المسؤولين لتحديد الأسباب و البدء في التنفيذ .
3- مراقبة العمل و نتائج البرامج في مقابل الأهداف ، تجري أسباب الإنحرافات ، و تقديم التغذية العكسية للمسؤولين عند إدارة البرامج و الحصول على المعلومات كمدخلات أساسية للمرحلة التالية من التنبؤ و إعداد البرامج .
و يوجد عدد من المؤشرات تعين على إجراء التقييم و التحكم :
- مؤشرات الإنتاجية .
- تكلفة العمالة .
- إحصائيات فئات الوظائف .
- نسبة فاقد العمالة الطبيعي .
- الوظائف الشاغرة .
- نسبة التعيين .
- المدة اللازمة لشغل الوظائف .
- نسبة الترقية و النقل .
- نتائج مسح إتجاهات العاملين .
4- مراقبة تكلفة البرامج في مقابل الميزانيات و تقديم التغذية العكسية لمديري البرامج و الإحتفاظ بالمعلومات للمساعدة في بدائل البرامج في المستقبل .
و في النهاية من الممكن النظر إلى التقييم و التحكم على أنهما عملية مستمرة في تخطيط القوى العاملة و تتعلق بصيانة الخطة حركية ، منتظمة و مستمرة .
















المبحث الثاني : توظيف القوى العاملة
المطلب الأول : أسلوب الترغيب
الترغيب هو الأساليب والمجهودات التي يتم عن طريقها جذب الراغبين في العمل عن طريق الإعلانات و وسائل الإتصال الأخرى ، سواء كانوا من خريجي الجامعات و المدارس و معاهد و مراكز التدريب أو من المنظمات الأخرى ، بغرض التقدم لشغل الوظائف الشاغرة .
و يعتبر الترغيب نشاطا وسيطا يعمل كصلة بين التخطيط للقوى العاملة و الإختيار ، ذلك أن تخطيط القوى العاملة يحدد الوظائف الشاغرة التي ينبغي شغلها من خارج المنظمة ، و تبقى مهمة الترغيب في إيجاد رصيد من القوى العاملة التي يتم الإختيار من بينها لشغل تلك الوظائف 1 .
و تأتي أهمية الترغيب من أن الفشل في استقطاب عدد معقول من الأشخاص المؤهلين لشغل الوظائف الشاغرة يمكن أن يكون مكلفا ، ذلك أن هذا الأمر يمكن أن يعقد عملية الإختيار عن طريق تخفيض مستواه ، و هذا بدوره يعني تكلفة إضافية لتطوير قدرات الموظفين و مراقبتهم ، للحصول على مستويات مرضية من الأداء و المواظبة ، و لتجنب فاقد (دوران) عمالة غير مرغوب فيه .
و هكذا يتبين لنا أن فعالية عملية الترغيب يمكن أن تلعب دورا رئيسيا في تحديد الموارد التي يجب توجيهها للأنشطة الأخرى في شؤون القوى العاملة و مدى نجاحها النهائي .
و هناك بعض العوامل المقيدة لمسألة الترغيب ، منها بعض القوانين التي تحمي فئات معينة من المواطنين من التحيز ضدهم ، مثل قوانين فرص التوظيف المتساوية في الولايات المتحدة الأمريكية 2 ، و منها سوق التوظيف و عوامل العرض و الطلب التي تؤثر على عملية الجذب بالسلب أو الإيجاب ، و على ذلك فإن كل ترتيبات الترغيب يجب تصميمها بحيث تناسب مدى وفرة الأشخاص الذين يحملون المهارات و القدرات المطلوبة لشغل الوظائف ، و هذا الأمر يجعل عملية الإختيار قائمة على الموضوعية في ظل الظروف السائدة .

المطلب الثاني : أسلوب الإختيار
الإختيار هو العملية التي يتم بموجبها معرفة أكثر الأشخاص المتقدمين للعمل صلاحية لشغل الوظائف الشاغرة ، و يتم ذلك عن طريق التعرف على مهارات و قدرات و شخصيات طالبي التوظيف بأساليب علمية و فعالة .
و يستمد الإختيار أهميته من أهمية الإنسان نفسه ، فالإنسان هو أهم عنصر في التنمية و التطوير الإداري ، و إختيار الأفراد ذوي التأهيل العلمي و التخصصي و القدرات المناسبة لشغل الوظائف المعلن عنها ، له أثر فعال على كفاءة الأداء بالخدمة المدنية ، ذلك أنه يؤدي إلى أشغال الوظائف بموظفين ينهضون بواجباتها و مسؤولياتها بمقدرة و فاعلية ، و هذا يقود بدوره إلى إنجاز الأعمال بمستوى عال كما و كيفا ، و هل يقلل من تكلفة الإنتاج و تطوير القوى العاملة و التدريب ، بالإضافة إلى أنه يوجد روح الإنتماء بين مجموعة العمل و المنظمة التي يعملون فيها .
و لكي يكون الإختيار قائما على الموضوعية و العدالة يجب أن تكون هناك أسس واضحة و محددة لإجرائه .



أسس الإختيار :
كان إختيار الموظفين في الماضي يتم في معظم الدول الصناعية و غيرها على أسس حزبية أو شخصية ، ففي أروبا كان النبلاء و الوزراء و ذوو الجاه يحتكرون الوظائف لأهلهم و محاسيبهم ، و كانت الوظائف الهامة يتوارثها الأحفاد على الآباء و الأجداد ، و كانت الوظيفة العامة مصدر تشريف و تقديس تمنح من الدولة كهبة للمواطنين ، من ذوي الثقة الذين يدافعون عن مصالحها و سلطاتها في مقابل الآخرين ، و لذلك كان الموظفون يتمتعون بسلطات مطلقة و لا أحد من المواطنين يستطيع أن يعارضهم أو يقف في وجههم ، و لم يكن لمسألة الكفاءة و المهارة و الخبرة شأن يذكر في شغل الوظائف 1 .
و في الولايات المتحدة الأمريكية سادت لفترة طويلة قاعدة "إلى المنتصر تعود الغنائم" و يعود هذا المبدأ إلى فكرة أن الحزب الفائز في إنتخابات الرئاسة يكون له الحق في إقالة مؤيدي الحزب المهزوم و شغل الوظائف بمؤيديه هو ، و في الدول النامية بصفة عامة كانت العوامل الشخصية –كصلة القرابة و الموطن و الصداقة و المعرفة- تشكل أساسا غالبا لإختيار المتقدمين لشغل الوظائف .
و قد كانت هذه الممارسات الخاطئة في أروبا و أمريكا و غيرها سببا في كثير من السلبيات في الخدمة المدنية ، لعل من أهمها ، تفشي المحسوبية و التسيب ، و تردي الأداء و الإنتاج لقلة الكفاءة ، و استغلال النفوذ و التزلق من جانب المرؤوسين للرؤساء ، إلأى غير ذلك من الصفات و السلوكيات المذمومة .
و نتيجة لمجهودات المخلصين من رجال الإدارة و الممارسين و أعضاء الجمعيات التشريعية الذين ما لهم ما آل إليه أمر الخدمة المدنية ، فقد حدث العديد من التطورات في سبيل إصلاح الخدمة المدنية بصفة عامة ، و مسألة الإختيار للوظيفة العامة بصفة خاصة ، و لعل من أهم هذه الإصلاحات صدور تقرير لجنة نورثكبوث تريفليان في بريطانيا 1854 م ، و التي جاء في توصياتها الأساسية حظر الرعاية في التوظيف و ابدائها بتعيين الموظفين على أساس الخدمة الدائمة في سن مبكرة و على قاعدة الإختبارات التنافسية ، ليعملوا في خدمة مدنية موحدة ، كما رسمت خطا فاصلا بين الأعمال الإدارية و النمطية ، و وضعت نظاما للترقية على أساس الجدارة ، خلافا للمحسوبية و العلاقات الشخصية أو الإعتبارات السياسية التي كانت سائدة حتى ذلك الوقت 1 .
و في الولايات المتحدة الأمريكية صدر في عام 1883 م قانون بندلتون الذي جعل الجدارة أساسا للإختيار و الترقية في الخدمة المدنية الفدرالية 2 و قد أخذ مبدأ الجدارة في الإختيار مكانا بارزا في كتابات علماء الإدارة لاحقا ، و من أهمهم ( ماكس فيبر ) الذي أكد على ضرورة تحديد العمل المطلوب بصفة دقيقة ، و تقسيمه إلأى مستويات وأسية متخصصة ، و إختيار الموظفين على أسس موضوعية وفقا لمؤهلاتهم الفنية المناسبة لطبيعة مهام الوظائف .
و من هذا يتبين أن الجدارة في الإختيار لشغل الوظائف كانت العامل المشترك في هذه التطورات .
و يمكن تعريف الجدارة في إيجاز بأنها إختيار الموظفين على أساس من الموضوعية و الكفاءة و العدالة لشغل الوظائف الشاغرة ، و من أهم أسسها ما يلي :
- الإعلان عن الوظائف الشاغرة على أساس مفتوح .
- تحديد إشتراطات الحد الأدنى من المؤهلات العلمية و الخبرات العلمية و المهارات ، و أي صفات أخرى لاومة لشغل الوظيفة و فقد قواعد التصنيف .
- إعطاء فرص متساوية للمتقدمين .
- إتباع أسس موحدة في الإختيار .
- كفالة حق المنافسة لجميع من تنطبق عليهم الشروط .
- التقييم الموضوعي للمتنافسين و ترتيبهم .
- الإختيار حسب ترتيب النتيجة النهائية .
و بهذه الطريقة يتحقق أكبر قدر من الرشد في الإختيار بما يمكن من أداء أعمال الوظائف بمستوى أقرب إلى تحقيق النتائج المتوقعة منها .
أساليب الإختيار :
أساليب الإختيار هي السبل أو الكيفية التي يتم عن طريقها إختيار قدرات و مهارات و معلومات الأشخاص المتقدمين لشغل الوظائف ، و مؤشرات سلوكهم و جوانب شخصياتهم ، و توجد بصفة عامة ثلاثة أساليب للإختيار في المؤسسات :
1- الإختبارات التحريرية .
2- الإختبار العملي .
3- الإختبار الشفهي ( المقابلة ) .
1- الإختبارات التحريرية :
ترمي الإختبارات التحريرية لقياس نا لدى النتقدم لشغل الوظيفة من معلومات عامة أو متخصصة و معارف أو أفكار بسمعة الإطلاع ، بالإضافة إلى القدرة على التعبير عن النفس في موضوعية و تسلسل منطقي .
و توجد بصفة عامة أربعة أنواع من الإختبارات التحريرية ، هي :
- الإختبار التحريري الحر .
- إختبار أسئلة الصواب و الخطأ .
- إختبار أسئلة الخيارات المتعددة .
- إختبار أسئلة التكميل .
أ- الإختبار التحريري الحر :
المقصود بالإختبار التحريري الحر أن يجيب طالب الوظيفة عن أسئلة مباشرة مكتوبة ، عن طريق التعبير تحريرا عما يراه إجابة لكل سؤال .
و تتوقف طبيعة السؤال على نوعية المتقدمين لشغل الوظائف ، فإذا كان طالبوا التوظيف من الخرجين الجدد من الجامعات و المدارس الثانوية - فيما عدا بعض التخصصات المهنية – يفضل أن تكون موضوعات الأسئلة في معظمها ذات صيغة عامة ، و ليست أكاديمية بحتة أو تخصصية دقيقة ، و نقصد بذلك أن تكون ذات صلة بالجوانب الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية و الجغرافية و التاريخية المتعلقة بالبيئة المحلية ، مما يمكن الإطلاع عليه في الصحف و المجلات و الإذاعة و التلفاز ، و لا بأس من بعض الأسئلة ذات العلاقة العامة بالوظيفة المراد شغلها ، أما إذا كان الجالسون للإختبار من الموظفين الذين يتسابقون لشغل وظائف أعلى في مجال عملهم ، فالوضع الطبيعي أن توجه الأسئلة لمحتويات الوظائف و المعارف و أنماط السلوك المتصلة بها .
و تسعى الإختبارات التحريرية الحرة إلى الوقوف على المعلومات التي لدى المجالس و القدرة على التعبير و ربط الأفكار و ترتيبها منطقيا و تسلسلها وفقا لأهمية العناصر الواردة فيها ، كما تهدف إلى معرفة مدى فهم المتقدم للسؤال و الإجابة عنه في الزمن المحدد .
ب- إختبار أسئلة الصواب و الخطأ :
يوضع هذا النوع من الإختبار في صورة عدد من الجمل المفيدة في صيغة إثبات أو نفي ، و تكون الواحدة منها إما صحيحة أو خطأ ، و يترك في بدايتها أو نهايتها فراغ يطلب من الجالس للإمتحان أن يؤشر عليها بعلامة (ü ) أو (×) حسبما يرى . و يجب في هذا النوع من الإختبارات صياغة الأسئلة بدقة حتى لا تكون قابلة للتأويل في معناها أو تحمل أكثر من معنى واحد .
جـ- إختبار أسئلة الخيارات المتعددة :
مثله في ذلك مثل أسئلة الخطأ و الصواب ، فإن أسئلة الخيارات المتعددة تهدف إلى معرفة معلومات طالب الوظيفة ، و يتم ذلك عن طريق إعداد عدد من الأسئلة أو الجمل المثبتة و ثلاث إجابات لكل سؤال أو جملة بينها إجابة واحدة فقط هي الصحيحة ، و على طالب الوظيفة أن يضع علامة (ü ) في نهاية الإجابة التي يرى أنها الصحيحة فقط .
د- إختبار أسئلة التكميل :
في هذا النوع من الإختبارات توضع جمل ناقصة و يترك أمام كل منها فراغ ، يطلب من الجالي للإختبار أن يكمل واحدة منها حسبما يرى أنه الصحيح .
2- الإختبار العملي :
الإختبار العملي عبارة عن إختبار أداء لمعرفة ما لدى طالب الوظيفة من مهارات و معارف فنية أو حرفية أو كتابية ، و يعد هذا النوع من الإختبارات بصفة خاصة للأشخاص الذين يرغبون في شغل وظائف يعتمد أداؤها على آلات أو معدات أو ماكينات بالإضافة إلى بعض الحرف اليدوية ، و من أسئلة وظائفها : الناسخ على الآلة الكاتبة ، و المحضر الكيماوي ، و إصلاح السيارات أو قيادتها ، و أعمال النقش و الزخرفة و الخراطة .
و يتم الإختبار العملي في العادة في مواقع العمل أو أماكن تعد بصفة خاصة لهذا الغرض .
3- الإختبار الشفهي ( المقابلة ) :
الإختبارات الشفهية ( أو المقابلة الشخصية ) تعتبر وسيلة مكملة للإختبارات التحريرية ( أو العملية ) ، ذلك أن الإختبارات التحريرية قد تعطي فكرة عن مدى وفرة معلومات طالب الوظيفة و قدرته على التعبير عن نفسه و تسلسل أفكاره ، و لكنها لا توفر عناصر يعتمد عليها في معرفة جوانب شخصيته ، و الإختبارات الشفهية تسد هذه الحاجة ، ذلك أنها تهتم بتحليل جوانب الشخصية من واقع إجابات المتقدمين عن طريق أسئلة لجنة المقابلة و تصرفهم و سلوكهم و ميولهم التي تتكشف أثناءها ، كما أنها تقود لمعرفة ما قد يتمتعون به من ذكاء و لباقة و حكم صائب على الأمور أو غير ذلك ، بالإضافة لذلك ، هي وسيلة لفحص و تقصي المعلومات الواردة بطلب التوظيف من تخصص و خبرات و غيرها .
و لكي تكون المقابلة ناجحة من الضروري توفر بعض العناصر الإيجابية التي تساعد على ذلك ، و من أهمها ما يلي :
- توفير مناخ مادي و ذهني مريح مثل هدوء المكان الذي تجرى فيه المقابلة و اضاءته بصورة جيدة ، و توفير جو من الصداقة و الألفة مع طالب الوظيفة .
- مهارة أعضاء اللجنة في إدارة دقة المقابلة بنجاح ، و ذلك عن طريق استعمال اللباقة و الكياسة و الود في التعامل مع المتقدمين ، و توجيه الأسئلة في عبارات سهلة و واضحة و بطريقة مشجعة للتحدث في حرية ، و الإستماع بعناية و اهتمام ، و عدم الإنشغال بأشياء أخرى أثناء المقابلة أو مقاطعة المتحدث بصورة فجائية أو إرباكه بأسئلة جانبية مفاجئة .
- اتساع خبرات و وفرة معلومات أعضاء اللجنة –أو واحد منهم على الأقل- في مجالات السلوك الإنساني و مكونات الشخصية .
- توفر التصنع العاطفي لدى أعضاء اللجنة من حيث تجنب تأثيرات الهوى و الميل الشخصي على الحكم الصائب على الأمور .
- معرفة تامة بالوظيفة و البيئة التنظيمية ذات العلاقة .
- إنهاء المقابلة بلباقة و ود و بطريقة غير مباشرة [1].
أنواع المقابلات :
يوجد بصفة أساسية نوعان من المقابىت الوظيفية ، الأول : مقابلة موجهة ، و هذه تصمم فيها الأسئلة في الموضوع أو الجانب الذي يراد مناقشته مباشرة ، و قيادة النقاش تتم بلباقة لكي لا يخرج عن موضوع السؤال .
و النوع الثاني : مقابلة غير موجهة ، و فيها يتم توجيه السؤال لطالب الوظيفة و تترك الحرية له ليجيب عنه كما يشاء ، و تنحصر مهمة أعضاء اللجنة في ملاحظة مدى قدرته على الإجابة في حدود السؤال أخذ فاصل الزمن في الإعتبار .
كما ينبغي أن توجه المقابلة لطبيعة عمل الوظائف بحيث تكشف عن الجوانب النفسية و الصفات التي يتمتع بها طالب الوظيفة ، فوظائف التدريس و مواجهة الجمهور مثلا تتطلب الصبر و إعتدال المزاج و الشجاعة الأدبية و اللباقة ، و التي قد لا تتطلبها بنفس القدر الوظائف المكتبية العادية .
موضوعات المقابلة :
موضوعات المقابلة هي محتوى المقابلة ، و ينبغي أن يتفق أعضاء لجنة المقابلة على مجموعة الأسئلة التي توجه لكل متقدم و موضوعاتها ، بحيث تكون متكافئة و غير مزدوجة ، و توفر في النهاية المعلومات المطلوبة و تحليل جوانب الشخصية ، و تقسم موضوعات المقابلة بصفة أساسية إلى التالي :
- المظهر العام ، أي البنية الجسدية ( إذا كانت الوظيفة تتطلب ذلك ) .
- القدرة على التعبير من النفس : الطلاقة ، و البساطة ، و الوضوح ، و اللباقة في الإجابة عن الأسئلة الصعبة .
- القدرة على التحليل و الموضوعية في الرأي .
- المزاج و الطباع : التعامل مع الآخرين ، و كيفية الإستجابة لمواقف الإستفزاز و الحرج .
- الجانب الإجتماعي : القدرة على السير مع الآخرين و التعاون و العمل في مجموعة متجانسة .
هذه بالإضافة إلى أية جوانب أخرى قد يراها أعضاء اللجنة .
تقييم المقابلة :
يتم تقييم المقابلة في العادة في نهايتها ، و ذلك بإعطاء كل من أعضاء اللجنة –الذين يكونون ثلاثة في الغالب- درجة أو تقديرا لكل متقدم ، و يفضل أن يكون التقييم بعد إنصراف طالب الوظيفة ، ذلك أن محاولة رصد درجات أو تقدير أثناء المقابلة قد يربكه لأنها مسألة مصيرية بالنسبة إليه ، و هذا الأمر قد لا يمكنه من الإجابة بصورة طبيعية عن الأسئلة اللاحقة ، كما ينبغي في التقييم مراعاة أن المتقدمين الذين يدخلون في البداية على اللجنة يكونون أكثر تعرضا للضغوط النفسية و الرهبة من مواجهة الموقف ، في حين تقل هذه الجوانب في الذين يلونهم ، كما أن الأخيرين قد يستفيدون من المعلومات و نوع الأسئلة التي طرحت على الذين سبقوهم .
و لكي تستمر المقابلة حيوية و موضوعية يجب تقسيم سيرها من وقت لآخر بالإستفادة من التغذية العكسية من واقع إجابات المتقدمين و الأسئلة التي طرحت و مدى صعوبتها أو سهولتها ، و فيما إذا كان هناك بعض المتقدمين الذين واجهوا أسئلة أكثر صعوبة من غيرهم ، إلى غير ذلك من الأمور التي تزيد من فعالية المقابلة و تكفل العدالة و تكافؤ الفرص .

المطلب الثالث : عملية التعيين
التعيين هو العملية التي تلي الترغيب و الإختيار ، و يتم بموجبها شغل الشخص الذي تم إختياره الوظيفة بصفة نظامية و يحدث ذلك بقرار تصدره سلطة ذات إختصاص ، أو بعقد يوقع عليه كل من السلطة المختصة و الموظف المعين ، حسبما تكون الحالة .
و يترتب على صدور التعيين (أو العقد) و مباشرة العمل إقامة العلاقة بين الموظف (أو المتعاقد) و الجهة التي يعمل لديها ، و يستلزم إصدار أداة التعيين وجود مسوغات وظيفية من أهمها : اشتراطات العمر ( الحد الأدنى و الأعلى للسن ) ، و الحصول على وثيقة الجنسية بالنسبة للذين يعينون كمواطنين ، و الحد الأدنى من مطالب التأهيل العلمي لشغل الوظيفة ، و خلو صحيفته من السوابق الحدية و الجنائية و التأديبية إلا إذا مضت عليها مدة معينة أو صدر بشأنها عفو من رأس الدولة ، و توفر اللباقة الصحية لشغل الوظيفة ، و غير ذلك من الأمور التي يرى المشرع أنها لازمة لشغل الوظائف .
و يكون تاريخ مباشرة الموظف لمهام وظيفته هو تاريخ بداية خدمته العامة .
















المبحث الثالث : تطوير القوى العاملة
المطلب الأول : القيادة و التوجيه
يقصد بالقيادة و التوجيه هنا نشاطات المديرين و سلوكياتهم التي تؤثر على تطوير القوى العاملة و زيادة كفاءتها الإنتاجية ، فالتنظيم الإداري يتأثر بشخصية المدير و أسلوبه في إدارة المرؤوسين ، فصفات المدير و قدراته الفنية و أسلوبه القيادي تشكل "الروح القيادي له" و هي تسري في جميع مستويات التنظيم الإداري ، فإهتمام قيادة المنظمة بإختيار الأشخاص ذوي الكفاءة و الصلاحية لشغل الوظائف الشاغرة و حفزهم على الأداء المبدع و تطوير قدراتهم ، كل ذلك يؤثر على توجهات المديرين الوسيطين و نظرتهم للعمل ، و علاقاتهم الوظيفية و مفاهيمهم تجاه العمل و معنوياتهم و درجة إنتمائهم للمنظمة .
و نتناول هنا بإيجاز نشاطات المدير الفعال في تطوير القوى العاملة من جوانب قدراته التخطيطية ، و مهاراته الفكرية و الإنسانية ، و أسلوبه في الإشراف و التوجيه ، و الحفز .
القدرات التخطيطية :
من الأمور الهامة في تطوير القوى العاملة أن تكون لدى المدير القدرة على التخطيط و تحديد أفضليات العمل ، و التخطيط هو أن تقرر مسبقا ماذا تريد أن تعمل و كيف تقوم بالعمل و متى ينجز و من الذي سيقوم به ، و من أهم عناصر التخطيط ، وضع الأهداف ، و توزيع الأدوار ، و تخصيص الموارد و تشغيلها لتحقيق النتائج .
فالمدير الفعال هو الذي يستطيع أن يضع أهدافا واقعية للعمل الذي يقوم به ، و الأهداف الواقعية هي القابلة للتحقيق ، و مثل هذا النوع من الأهداف يقود للتركيز على النتائج المطلوبة و سبل إنجازها و الوسائل المؤدية إليها و الأشخاص المسؤولين عن ذلك ، و هي تسهل على العاملين فهم نقاصد العمل و مساره و مدى إسهامهم فيه و مستوى الكفاءة المطلوب لأدائه .
و يرتبط بوضع الأهداف توزيع الأدوار الذي يتطلب تقسيم العمل تنظيميا في صورة تخصصات و مستويات و وضع دوائر اختصاصات لكل موظف مبنية على وصف مكتوب للوظائف ، و هذا يؤدي إلى تجنب الإزدواجية أو الإتكالية في العمل و يسهل عملية الرقابة و المساءلة عن الأخطاء و معرفة مستويات الأداء لكل موظف ، و ما قد يترتب على ذلك من ثواب أو جزاء .
و غني عن القول أن تحديد الأدوار بهذه الصورة يشجع الموظفين على بذل الجهد و تطوير الذات و زيادة المهارات ، ليكونوا في المستوى الذي يمكنهم من القيام بها على أفضل الوجوه ، على أن توزيع الأدوار يلزمه تخصيص الموارد ، و الموارد هي الإمكانات المادية و الفنية كالأموال و المعدات و الآلات و التجهيزات اللازمة لأداء العمل ، و هي مدخلات التشغيل ( أو العمليات ) التي تجعل من تنظيم العمل و تحديد مهام الوظائف أدوات للإنتاج لتحقيق الأهداف ، و بالإضافة إلى ذلك فإن تحديد الأدوار و توزيع الموارد يتطلبان تفويض المستويات الرئاسية السلطات و الصلاحيات اللازمة لإنجاز المهام ، و ذلك لتمكينهم من القيام بالعمليات التشغيلية عن طريق إدارة المرؤوسين و حفزهم و مجازاتهم .
و أخيرا فإن فائدة القدرات التخطيطية للمدير لا تقتصر على التخطيط الشامل أو طويل الأجل ، و إنما يمكن أيضا أن تشمل برامج العمل قصيرة الأجل و تأدية العمل اليومي و بالتالي توجد لدى العاملين مناخا للتفكير المرتب و الأساليب العلمية للقيام بالعمل .


المهارات الفكرية و الإنسانية :
المهارات الفكرية و الإنسانية هي القدرة على التصور الموضوعي و التعامل مع الإنسان ، و هي تعني القدرة على التفكير المرتب و المنطقي و على التحليل و إيجاد العلاقات و الدلالات بين مكونات مختلفة و معلومات مجزأة ، و استخلاص النتائج التي تخدم الأهداف المطلوبة ، بالإضافة إلى التفكير المبادر و استكشاف آفاق الفعاليات و كيفية الإستفادة منها و السلبيات و سبل التغلب عليها .
و هذه المهارات ضرورية للمدير ليس لأنها مرتكز للمهارات التخطيطية و التنظيمية و حسب ، و إنما لأنها أيضا تزيد من قدرات المدير على مواجهة المواقف المختلفة ، كإتخاذ القرارات و تطوير أساليب العمل و حل المشكلات للعاملين ، و هي تعطيه القدرة على الهام المرؤوسين و غرس فضائل العمل و سلوكياته في نفوسهم ، عن طريق الإقناع بما يجعلهم يتبنون الآراء و القرارات التي تصدر عنه و يعملون على تحقيقها كما لو كانت صادرة منهم 1 .
وبناء على ذلك فهي توجد لدى العاملين روح التعلم و البحث و زيادة الحصيلة العلمية و المعلومات المهنية ، ليكونوا في مستوى التعامل مع المدير .
و ترتبط بالمهارات الفكرية قدرات المدير الإنسانية ، و هي المهارات المتعلقة بمعرفة جوانب الإنسان أو مكونات شخصيته ، و دوافعه للعمل ، و الحاجات التي يريد إشباعها ، و قيمه و أفكاره و اتجاهاته كفرد و عضو في مجموعة العمل ، يضاف إلى ذلك معرفة سلوك و مفاهيم و قيم و دوافع جماعة العمل و الحاجات التي تسعى إليها و تأثيرها على أعضائها ، و نظرتها للإدارة و أسلوبها في التعامل معهم .
و تقتضي هذه المعرفة من المدير أن يهتم بالإتصالات البناءة و فهم الناس و العلوم السلوكية ذات الصلة ، كعلم الإدارة و علم النفس الإجتماعي و علم النفس الصناعي ، و علم الإجتماع ، و غيرها من العلوم ذات الصلة بالبيئة الإجتماعية و الفرد ، ليتمكن من التعامل الموضوعي مع أفراد القوى العاملة و مجموعاتها بما يوجد التوافق بين حاجاتها و تحقيق أهداف المنظمة .
و من الطبيعي أن مثل هذا الفهم و ذلك التعاون يؤديان للتجاوب من جانب العاملين للبرامج و القرارات التي تتخذها الإدارة ، بغرض زيادة الإنتاجية و ترقية الأداء و رفع كفاءة العاملين .
الإشراف و التوجيه :
يقصد بالإشراف و التوجيه قيادة مجموعة العمل لتحقيق الأهداف التي تسعى لها المنظمة ، و يكون ذلك عن طريق قيام المدير بالمهام و إيجاد المناخ الملائم الذي يمكن العاملين من الإسهام بفعالية في تحقيق الغايات المطلوبة ، و من العناصر الأساسية في الإشراف و التوجيه الفعال : المعرفة الفنية بالعمل ، و تشجيع المبادرة ، و اللباقة في استعمال السلطة ، و الإتصالات ، ففي جانب المعرفة الفنية للعمل يتعين على المدير أن تكون لديه المعرفة الفنية و المهارة الوظيفية بأبعاد و عمق العمل الذي يقوم به المرؤوسون و مدى تكامله و الخطط و السياسات التي يسير في إطارها و الأنظمة و اللوائح التي تحكمه بصفة عامة ، و ذلك حتى يكون قادرا على حل مشكلات الأداء و تكون توجيهاته و تعليماته منطقية و محل إحترام المرؤوسين ، و لا يشترط أن يلم الدير في المستويات العليا بتفاصيل العمل في كل المستويات لأن هذا غير ممكن عمليا و غير مرغوب ، لأنه لا يدع له مجالا للتفكير و التطوير ، و إنما ينبغي أن تكون لديه القدرة المهنية على إعطاء المشورة السديدة و التعليمات الموضوعية لمرؤوسيه المباشرين ، بالإضافة إلى التنسيق بين أعمالهم و توجيههم لأفضل السبل لإنجازها في إقتصاد و توفير للوقت و الجهد .
و يتصل بايجابية المعرفة الفنية للمدير ألا تسعى رقابة لهم –في الأساس- لإكتشاف الأخطاء لمساءلتهم عليها ، و إنما تقصد تصحيحها و توجيههم لسبل تفاديها مستقبلا ، و يدعم هذا الإتجاه البناء الإعتراف بإنجاواتهم و الإشادة بها و تشجيعهم على المبادرة و الإبتكار ، و مواجهة مواقف الصعوبات و التحدي التي تنمي القدرات الإيجابية فيهم .
و على صعيد اللباقة في استعمال السلطة ينبغي للمدير تلطيف إنعكاساتها على المتلقين ، ذلك أن من ضمن زاجبات القرارات و إعطاء التعليمات المتعلقة بالأداء و السلوك الملزمة للمرؤوسين ، و أسلوب استعمال السلطة له تأثيره الإيجابي أو السلبي على العاملين ، و يضع على عائق الدير في هذا الشأن التوفيق بين الحق في طلب العمل من الآخرين و معاملتهم كآدميين ، و ذلك بإعطاء الإعتبار الكافي لمشاعرهم و إنسانيتهم ، و السبيل إلى ذلك هو اللباقة في استعمال السلطة مع إزالة التوتر الناشئ عنها ، و يكون ذلك بأسلوب بناء بحيث يشعر المرؤوسون بأن الإشراف عليهم و توجيههم هما بغرض تنمية قدراتهم و مهاراتهم لتمكينهم من القيام بالمهام الموكلة لهم بكفاءة و فاعلية .
و اللباقة في لستعمال السلطة صورة من صور الإتصالات الفعالة ، و الإتصالات هي وسيلة الرؤساء لإحداث التأثير المتبادل بينهم و بين المرؤوسين ، فعن طريقها يستطيع المدير توصيل المعلومات و الأفكار و التوجيهات المتعلقة بالعمل أو تعديل السلوك للمرؤوسين ، و بالمقابل يتلقى منهم الآراء و المقترحات ذات الصلة بالتطوير و التحسين في أساليب العمل أو الإنتاج أو عرض مشكلاته و المشاركة في إيجاد الحلول لها ، و الإتصالات الفعالة تحقق التفاهم و الثقة بين المديرين و مجموعة العاملين معهم ، و أخيرا فإن الإتصالات –شفهية كانت أو مقروءة- أداة أساسية في أيدي المديرين لممارسة الإشراف و الرقابة و التوجيه على المرؤوسين و حفزهم .
الحفز :
إن الحافز هو الشيء الذي يؤثر على سلوك الأفراد و يرغبهم في العمل ، و المدير الفعال هو الذي يحرك دوافع الموظفين للعمل عن طريق الحوافز الإيجابية ، و قد يكون الحافز ماديا كالعلاوة أو المكافأة أو زيادة الراتب ، و قد يكون ماديا و معنويا كالترقية أو الإبتعاث ، و قد يكون معنويا كالحصول علة ميداية أو شهادة تقدير ، و من أهم أساليب القائد الإداري الناجح استعمال الحوافز الترغيبية لإنجاز الأعمال ، و البعد عن الحوافز السلبية التي تقوم على استعمال السلطة و الجزاءات في تأدية المهام بين اشباع حاجات العاملين و تحقيق أهداف المنظمة ، و لكي يقوم المدير بهذا الأمر يتوجب عليه أن يدرس دوافع العاملين للعمل و معرفة أنواعها ، لكي يكون قادرا على تحديد الحوافز التي تحرك دوافع كل مجموعة منهم للعمل ، و من أنواع الحوافز ما يلي :
حوافز مادية :
- زيادة الراتب .
- علاوة إضافية .
- مكافأة تشجيعية .
- سيارة بأقساط مريحة أو بنصف ثمنها مثلا .
حوافز مادية و معنوية :
- الترقية .
- التدريب .
- الإبتعاث .
- إجازة تفرغ للدراسة ( براتب ) .

حوافز معنوية :
- خطاب اشادة و تقدير عن الإنجاز .
- نشر أسماء الموظفين الجدد في لوحة إعلانات المنظمة أو التنويه بكفاءتهم في اجتماع عام للعاملين .
- قيام العلاقات بين الرؤساء و المرؤوسين على الثقة و الإحترام المتبادل و ليس على السلطة و الزجر .
- توفير فرص الحياة الإجتماعية للعاملين كالنشاطات الرياضية و الإجتماعية و الثقافية ، مثل إقامة حفلات ، لقاءات ، أو القيام برحلات من وقت لآخر .
- أن يستند تقويم الموظفين إلى الموضوعية بعيدا عن المؤثرات الشخصية و مع وجود نظام الإستئناف .
- أن تكون سياسات شؤون الموظفين في مسائل الترقية و النقل و الإنتداب و الإعارة و غيرها ، واضحة و معروفة للجميع و تقوم على الجدارة و الموضوعية 1 .
و من الواضح أن بعض هذه الحوافز فردية أو جماعية محددة و بعضها جماعي عام ، و ينبغي أن يربط الحوافز المحددة كالمكافآت التشجيعية و الزيادة في الراتب بإنجازات تتعلق بالإنتاج ، و من ذلك زيادة في الكمية أو تحسين في النوعية أو تخفيض في التكلفة و غيرها ، و بهذه الطريقة فإنه يشجع الموظفين مع بذل الجهد في أداء الأعمال و تلمس مجالات المبادرة و الإبتكار و تطوير أساليب العمل ، عن طريق تطوير مهاراتهم و زيادة حصيلتهم العلمية ذات العلاقة بالتخصص .

المطلب الثاني : التدريب
مفهوم التدريب :
التدريب هو عملية تزويد الموظف بمهارات و معارف و قواعد سلوك موجه لتطوير أداء وظيفته ، أو استعمال تقنية حديثة تتعلق بها ، أو تأهيله لشغل وظيفة أعلى في المستقبل .
و يختلف التدريب عن التعليم في أن الأول يسعى لإكساب المتدرب معلومات و خبرات و اتجاهات خاصة بالعمل ، في حين أن الثاني يركز على إعطاء الفرد معارف و معلومات و قدرات عامة موجهة لشخصه ، و ذلك باستثناء بعض أنواع التعليم التي تشتمل بطبيعتها على تدريب عملي كالطب و الزراعة و التعليم الفني و الحرفي .
و نتناول هنا أهمية التدريب ، و أهدافه ، و أنواعه ، و الحاجات التدريبية ، و التغذية العكسية .
أهمية التدريب :
يستمد التدريب أهميته من أنه وسيلة لتطوير قدرات الموظفين ، ليسد الثغرة بين الأداء الفعلي و المستوى المطلوب 2 و من جانب آخر فإن الدول التي تعتبر الخدمة العامة مهنة عمر ينبغي أن ينقطع لها الموظف ، تسعى لتجعله في مستوى التوقعات التي يفرضها عليه التقدم الوظيفي ، و ذلك عن طريق زيادة مهاراته و تطوير سلوكه و علاقاته الوظيفية ، للإستمرار في الخدمة و التدرج في مستوياتها طوال حياته العملية ، يضاف إلى ذلك أن إدخال التقنية الحديثة في العمل و تطوير أساليبه و إجراءاته يتطلبان التدريب عليها من قبل الموظفين الذين على رأس العمل أو الأشخاص المؤهلين الذين يلتحقون بالخدمة ، و أخيرا فإن التدريب يوجد نوعل من الإنتماء بين الموظف و المنظمة ، و ذلك يجعله أكثر قدرة على أداء أعمال وظيفته و بالتالي أكثر رضا عنها .

أغراض التدريب :
تتعدد الأغراض التي يهدف إليها التدريب ، إلا أن هناك ثلاثة تعتبر أهمها و هي :
1- تطوير كفاءة الموظف لتمكينه من القيام بأعمال وظيفته بصورة أفضل و بالتالي ترقية الأداء و زيادة الإنتاج .
2- تأمين حاجة العمل في المستقبل من الموظفين و المدرين المدربين .
3- تنمية الإتجاهات و السلوك البناء و التعاون بينهم .
أنواع التدريب :
يتفرع التدريب حسب المجموعات الوظيفية التي يخدمها ، و توجد بصفة أساسية ستة أنواع من التدريب ، هي : التدريب التعريفي ، و التدريب الإعدادي ، و التدريب التأهيلي و التدريب على رأس العمل ، و التدريب أثناء الخدمة ، و تدريب القيادات الإدارية .
و الشكل التالي يوضح ذلك :
الشكل رقم 2-1

تدريب القيادات الإدارية
[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtml1/01/clip_image016.gif[/IMG]

و نتناول في إيجاز كل واحد من هذه الأنواع :

1- التدريب التعريفي :
يقدم هذا النوع من التدريب للموظفين الجدد بعد تعيينهم و قبل مباشرتهم للعمل ، و الغرض منه تزويدهم بمعلومات أساسية عن المنظمة و أهدافها و تنظيمها و بيئتها و حقوق الموظف و واجباته ، و قد يعطى كل منهم "دليل الموظف الجديد" إن وجد ، و الذي يحتوي على مثل هذه المعلومات و غيرها .
و قد يوضع لهم برنامج زمني من جانب إدارة العلاقات العامة و من المفضل أن يبدأ البرنامج بمقابلة الإداري الأول في الجهاز كالمدير العام أو الوكيل الذي يرحب بهم و يعطيهم فكرة عن الجهاز و أهدافه و نشاطاتهم و سياساته في معاملة الموظفين و الفرص المتوفرة لهم في التقدم الوظيفي و الحوافز و تطوير قدراتهم و غير ذلك من الأمور ، إن مثل هذا اللقاء في البداية يشعر الموظفين الجدد بقيمتهم لدى المنظمة ، و يخلق لديهم الشعور بالإنتماء و الرغبة في العمل ، يلي ذلك القيام بطواف على الإدارات و الأقسام الأساسية في المنظمة أو تقسيمهم إلى مجموعات إذا كان العدد كبيرا نسبيا ، لتقضي كل مجموعة عددا من الأيام في كل منها للتعرف على العمل و التحدث مع بعض الرؤساء و الزملاء .
إن أهمية هذا النوع من التدريب أنه يتيح للموظفين الجدد فترة تمهيدية قبل مباشرة العمل ، يتعرفون فيها على بيئة العمل و ما تشتمل عليه من أنشطة و علاقات و ظروف و شروط خدمة تجعلهم يتخطون حاجز الخوف و الرهبة في وضعهم الجديد ، و يقبلون على العمل بشيء من الرغبة و الثقة .
2- التدريب الإعدادي :
يقصد بالتدريب الإعدادي تقديم برنامج تدريبي منتظم لمجموعة أفراد ، يؤهل المتخرجين فيه بنجاح لشغل وظائف في الخدمة المدنية ، و هناك ثلاثة فروق أساسية بين التدريب التعريفي و التدريب الإعدادي : الفرق الأول أن التدريب التعريفي يحدث بعد تعيين الشخص على وظيفة في الخدمة المدنية و بداية فترة التجربة ( و لكن قبل مباشرة عمل الوظيفة ) ، بينما يتم التدريب الإعدادي قبل التعيين أصلا في الخدمة المدنية ، أو بعد التعيين على وظيفة متدرب ، و لا يعين المتدرب على وظيفة ذات واجبات و مسؤوليات في الخدمة المدنية إلا بعد نجاحه في البرنامج التدريبي الإعدادي ، الفرق الثاني ، هو أن التدريب التعريفي غير منتظم و تتوقف محتويات البرامج على ظروف الجهة الإدارية المختصة ، في حين أن التدريب الإعدادي منتظم و محدد و محتوياته مكثفة و يقوم به أساتذة و مدرسون متخصصون في جهة مركزية أو مصلحية ، الفرق الثالث هو أن التدريب التعريفي مدته قصيرة و تتفاوت بين عدد من الأيام و أسبوعين أو ثلاثة أسابيع ، و ر ينال المتدربون في نهايته شهادات و لا يغير في وضعهم الوظيفي ، أما التدريب الإعدادي ، على النقيض من ذلك ، فمدته طويلة و تتراوح في العادة بين ستة أشهر و سنتين ، ينال الخريجون في نهايته شهادات أو (دبلومات) تؤهلهم لشغل وظائف أعلى من وظائف المتدربين التي كانوا يشغلونها أثناء مدة التدريب .
و التدريب الإعدادي قد تقوم به جهات مركزية أو مصلحية ، و من الجهات المركزية ، معاهد الإدارة العامة ، و مراكز التدريب المهني و الفني و الحرفي ، و ذلك لتلبية حاجات بعض وظائف الخدمة المدنية ، و منها : الدراسات الإدارية ، و الدراسات المالية ، و النسخ على الآلة الكاتبة ، و استعمال الحاسوب ، و بعض المهن الحرفية كالكهرباء و النجارة و غيرها ، و من الجهات المصلحية بعض الوزارات و المصالح الحكومية التي تقدم برامج إعدادية لمتدربين يرتبطون بوظائفها بعد التخرج ، و ذلك مثل : برامج التدريب على الوظائف الفنية في المهن الطبية كالأشعة و البصريات و المختبرات و العلاج الطبيعي ، و البرامج ذات العلاقة بالمهن الهندسية كمراقبي المباني و الإنشاءات و الوظائف الفنية و الهاتف و غيرها ، و خلاصة القول أن البرامج الإعدادية تعد المتدرب الذي التحق بها في إحدى مراحل التعليم ، لتقلد مهام وظيفة معينة .
3- التدريب التأهيلي :
يقدم التدريب التأهيلي لبعض فئات العاملين الذين كانوا يشغلون بعض الوظائف التي لم تعد الحاجة قائمة ، و ذلك لتأهيلهم لأداء أعمال أخرى .
و من أمثلة ذلك وجود فائض كبير في عدد الموظفين في قسم الملفات و السجلات في أحد الأجهزة المركزية نتيجة إدخال حاسب آلي في العمل ، و بالتالي تدريب هؤلاء الموظفين في أعمال تحتاج إليهم الوزارة أو المصلحة فيها ، كالأعمال الكتابية أو المحاسبية أو غيرها .
و هذا النوع من التدريب أكثر ما يحدث في الدول الصناعية ، و ذلك بغرض إعادة تأهيل العمال و الفنيين الذين صاروا فائضين في بعض الصناعات المتقلصة كصناعة السفن في بريطانيا مثلا ، للعمل في الصناعات المزدهرة كالإلكترونيات أو السيارات أو غيرها .
4- التدريب على رأس العمل :
التدريب على رأس العمل هو التدريب الذي يناله الموظف أو العامل على الطبيعة بعد مباشرته عمل الوظيفة ، و هو التدريب الذي يتم عن طريق المشاهدة و الممارسة و التوجيه و زيادة المعلومات عن كيفية أداء واجبات و مسؤوليات الوظيفة ، و يدخل في ذلك معرفة استعمال الدفاتر و النماذج و الكشوفات و الآلات و المعدات التي تستخدم إنجاز العمل ، و هذا النوع من التدريب يتلقاه الموظف الجديد من الرؤساء المباشرين و الزملاء القدامى ، و الغرض منه تمكينه من أداء أعمال الوظيفة بنفسه فيما بعد .
و في الحقيقة أن التدريب على رأس العمل عملية مستمرة طوال الخدمة ، فالموظف يحتاج للتدريب طوال حياته العملية أولا على إتقان القيام بمهام الوظيفة التي يشغلها ، و ثانيا لتقلد الوظائف الأعلى في المستقبل ، و يدخل في إطار هذا الأمر تفويض السلطات من الرؤساء للمرؤوسين لتدريبهم على القيام بجزء من أعمال الوظائف الأعلى ، و من ميزات التدريب على رأس العمل أنه يمكن الموظف من أداء العمل بنفس الأسلوب الذي يمارسه الموظفون الآخرون ، و من عيوبه أنه قد يكرس لدى الموظف الأساليب و الإجراءات القديمة أو الخاطئة التي يؤدي بها ، و ذلك على عكس أنواع التدريب التي تتم في جهات متخصصة ، فهي تزود المتدرب بالأساليب و المهارات و المعرفة الحديثة في أداء العمل .
5- التدريب أثناء الخدمة :
يقدم هذا النوع من التدريب للموظفين الذين رأس العمل و لهم خبرات معقولة في مجال التخصص ، و ذلك بغرض زيادة مهاراتهم و صقل خبراتهم و تزويدهم بالجديد من الأساليب و المعارف و الإتجاهات السلوكية التي ترفع من مستوى كفاءتهم الإنتاجية ، و مثله في ذلك مثل التدريب على رأس العمل ، فإن هذا النوع من التدريب يهدف إلى جعل الموظف أكثر قدرة على أداء أعمال وظيفته الحالية أو تقلد واجبات و مسؤوليات وظيفة أعلى في المستقبل .
و تقدم عملية التدريب أثناء الخدمة لمختلف المستويات الوظيفية ، كالوظائف الإشرافية المباشرة ، و الإدارة المتوسطة ، و الإدارة المتقدمة و الإدارة المتخصصة ، و الوظائف التنفيذية و الكتابية و الفنية و الحرفية .
و تقوم عملية التدريب على أساس تحديد الأجهزة الإدارية لحاجتها التدريسية وفقا لسياساتها و خططها في مجال القوى العاملة ، و تقدم للجهات التدريسية سواء كانت مركزية أو مصلحية للتنفيذ ، كما قد يتم التدريب بالخارج .
و من ميزات التدريب أثناء الخدمة أنه يزود الموظف بقدرات إيجابية للأداء و ينمي فيه روح الإبتكار و التجديد ، و من نقاط ضعفه أنه قد يكون نظريا أكثر من اللازم ، أو يمده بممارسات و مفاهيم إدارية لا تناسب بيئته .
6- تدريب القيادات الإدارية :
هذا المستوى من التدريب يختص برجال القسمة الإدارية ، و يدخل في نطاقهم وكلاء الوزارات و المديرون العاملون للمصالح الحكومية و المؤسسات العامة و نوابهم و مساعدوهم و بحكم خبراتهم الطويلة و مواقعهم الرفيعة ، فإنهم يتمتعون في الغالب بقدرات عالية و يقومون بأعمال كبيرة ، كمساعدة الوزارة في وضع السياسات العامة لأجهزتهم ، و إتخاذ القرارات ، و التخطيط و الإتصالات و التوجيه ، و الحفز لتحقيق الأهداف المقررة ، و الغرض من تدريبهم هو تطوير المهارات القيادية لهم ، و منها : المهارات المهنية ، و المهارات الإنسانية ، و المهارات التحليلية ، و هي مهارات تمكنهم من القيام بمهامهم بصورة أكثر فاعلية ، و لذلك فإن تدريبهم يختلف محتوى و أسلوبا من تدريب الموظفين أثناء الخدمة ، فمن حيث المحتوى هو لا يقدم في شكل مواد متخصصة بغرض تزويدهم بمهارة ما في أداء عمل بذاته ، و إنما يطرح في صورة موضوع أو مشكلة –واقعية أو مفترضة- تتطلب قدرات عالية من التفكير و التحليل في إيجاد الحلول المناسبة لها ، و من حيث الأسلوب لا يتم تدريب هذه الفئة عن طريق المحاضرات أو ورش العمل ، و إنما عن طريق ندوات أو حلقات علمية تقدم فيها أوراق عمل أو أبحاث من المسؤولين عن التدريب أو المشاركين فيه أو الممارسين الآخرين ، و تتضمن دراسات حول بعض المشكلات الإدارية من البيئة المحلية و المداخل النظرية لها ، و من أمثلتها إتخاذ القرارات ، أو تقويم أداء الموظفين ، أو إدارة المشروعات ، و تكون هذه الأبحاث منطلقا للنقاش و تبادل الآراء و الخبرات بين المشاركين ، و الوقوف على الجديد في أساليب القيادة الإدارية لتحقيق الأهداف ، و الوصول إلى فهم مشترك حول طبيعة المشكلة المعروضة للنقاش و إقتراح الحلول المناسبة لها .
و قد تشكل هذه المقترحات أساسا لتطوير إداري في موضوع المشكلة التي جرت مناقشتها .
العملية التدريبية :
يقصد بالعملية التدريبية : تحديد الحاجات التدريبية و وضع أهداف التدريب ، و التنفيذ ، و التقويم و التغذية العكسية . و تتم العملية التدريبية في إطار خطة الدولة و سياساتها في القوى العاملة و التدريب ، و خطة المنظمة للتدريب و القوى العاملة و سياساتها في التوظيف و الترقية ، و نتائج تقويم الآداء الوظيفي لمجموعة العاملين بها .

الشكل رقم 2-2
[IMG]file:///C:/Users/Delta/AppData/Local/Temp/msohtml1/01/clip_image017.gif[/IMG]










تحديد الحاجات التدريبية :
يقصد بتحديد الحاجات التدريبية معرفة من من الموظفين يحتاج لتدريب ، و نوعية التدريب المطلوب .
و تقع هذه المهمة على عاتق مدير شؤون الموظفين ( أو مدير التدريب ) و مدير وحدة التنظيم و الإدارة و محلل الوظائف ، بالتعاون مع مديري الإدارات التنفيذية .
و يقوم تحديد الحاجات على دراسة و تحليل التنظيم ، و الأعمال ، و القوى العاملة .
ففي جانب التنظيم ينبغي دراسة أهداف الإدارة و التخصصات المتفرعة منها ، و موارد الإدارة المادية من أموال و معدات و تجهيزات ، و مدى كفايتها و ملاءمتها لتحقيق الأهداف ، و كفاءة توزيعها على أوجه الإستفادة منها ، و البيئة التي تعمل فيها المنظمة من علاقات و قيم و اتجاهات إيجابية أو سلبيية .
و في جانب العمل يتعين دراسة أوصاف الوظائف و تحليلها ، للوقوف على محتوياتها من الواجبات و المسؤوليات و مدى دقتها في التعبير عن نوعيات العمل و مستوياته كوحدات تنظيمية صغرى ، ثم مطالب التأهيل و الخبرات و المهارات اللازمة للقيام به ، يلي ذلك مقابلة حجم العمل بالوظائف عن طريق دراسة أساليب الأداء و معدلاته ، لمعرفة ما هو عدد الوظائف الضروري للقيام بالعمل المطلوب لتحقيق الأهداف .
و على صعيد القوى العاملة يتعين دراسة أعدادها و مستوياتها من حيث المراتب ، و تركيبها من حيث المؤهلات العلمية و الخبرات العملية و التدريب ، و المدة الباقية للتقاعد ، و فرص الترقية المتاحة لشغل وظائف أعلى بعد التدريب ، و الحوافز المتوفرة لهذا الغرض ، و يدخل في ذلك دراسة مستويات الآداء الفعلي للعاملين ( تقارير تقويم الآداء الوظيفي ) مقارنة بمعدلات الأداء المقررة لوظائفهم ، و معرفة جوانب الضعف التي تحتاج للاغلب عليها عن طريق التدريب .
و يترتب على دراسة كل من التنظيم و العمل و القوى العاملة أن تتوفر لدينا صورة واصخة عن :
- مدى ملاءمة تخصصات العمل و الموارد المتاحة و توزيعها لتحقيق الأهداف .
- مدى ملاءمة الوظائف من حيث نوعياتها و مستوياتها و مطالب شغلها لأداء العمل ، من حيث الكم و النوع بناء على معدلات أداء كمية ما أمكن ذلك .
- مدى قدرات و مهارات القوى العاملة الموجودة في القيام بالعمل ، و الحاجة إلى رفع مستوياتها و التغلب على جوانب الضعف فيها ، عن طريق التدريب و الحوافز .
و في النهاية فإن معايير تحديد الحاجة للتدريب لكل موظف تتكون من المعادلة التالية :
حجم العمل و نوعيته + وصف الوظيفة + مستويات الأداء المطلوبة – مستوى الأداء الفعلي للموظف حسب تقارير تقويم الأداء الوظيفي = جانب الضعف أو الحاجة للتدريب .
و في الحقيقة فإن الحاجة للتدريب قد لا تقوم فقط في جانب الأداء الفعلي للموظف في عمله الحالي ، و إنما قد تنشأ جسب الحاجة إلى رفع إنتاجية أو مستوى أدائه لشغل وظيفة أعلى ، كما قد تقوم نتيجة للنقص في بعض جوانب السلوك ، كالتعاون مع الآخرين ، و التعامل مع أفراد الجمهور ، و الإتصال الفعال .
و بعد معرفة أعداد الموظفين الذين يحتاجون للتدريب ، و الجوانب التي تتطلب ذلك ، و طبيعة الأعمال التي يقومون بها ، و المستويات الوظيفية التي يشغلونها ، ينبغي التعرف على الكيفية التي تم بها هذه الحاجات أو أهداف التدريب .
الأهداف :
أهداف التدريب هي النتائج التي يراد الوصول إليها من التدريب 1 ، فقد يكون الهدف كميا كالزيادة في الإنتاج بنسبة مئوية معينة عن طريق رفع مهارات العاملين أو تقليل أعداد الموظفين الذين يقومون بعمل ما ، و قد يكون نوعيا بمعنى الإرتقاء بمستوى آداء الموظفين في عمل مكتبي و تقليل الأخطاء بزيادة معارفهم و معلوماتهم عن العمل و أساليب الأداء ، و قد يكون لإعداد موظفين جدد لشغل وظائف معينة أو مديرين لشغل وظائف أعلى ، كما قد يكون الهدف تزريد المتدربين بمهارات و قدرات تتعلق باستخدام تقنية حديثة أدخلت في العمل كالحاسب الألي مثلا .
و أخيرا قد يأتي الهدف ببساطة من الحاجة إلى إكساب مجموعة من العاملين في مجال ما خصائص سلوكية كمهارات الإتصال و التعاون البناء و إقامة العلاقات الودية مع الآخرين .
التنفيذ :
تنفيذ التدريب يشمل كل النشاطات التي تؤدي إلى تلقي التدريب من جانب الموظفين الذين يحتاجون إليه ، و من ذلك إختيار البرنامج الملائم لكل فرد أو مجموعة منهم ، و يدخل في نطاق ذلك ما إذا كان البرنامج عاما ، أي من البرامج المنتظمة التي تقدمها إحدى جهات التدريب المركزية أو مصلحيا بمعنى أنه تقوم به المنظمة الإدارية بنفسها ، كما قد يكون البرنامج خاصا يفضل لفئة معينة من الموظفين كالمجاسبين أو المراجعين أو أمناء الصناديق و تقوم به جهة مركزية أو مصلحية أو يستقدم له بيت خبرة إستشاري ، إلأى غير ذلك من الأمور و يتضمن التنفيذ أيضا ترشيح الموظفين للبرامج الملائمة ، و إعداد الترتيبات اللازمة لالتحاقهم بالدورة في الوقت المناسب سواء بالداخل أو الخارج ، و تكليف من يقوم بمهام وظائفهم في فترة غيابهم ، و الإتصال بجهة التدريب لمعرفة مدى تقدمهم خصوصا إذا كانت الدورة طويلة نسبيا .

التقويم :
عملية التقويم هي دراسة أثر التدريب على العمل ، و بتعبير آخر هي تحليل و معرفة مردود التدريب على الأداء و الإنتاجية ، و يقوم بهذه المهمة مدير شؤون الموظفين أو مدير التدريب بالتعاون مع الرؤساء المختصين ، و المقصود منها مدى تحقيق التدريب للأهداف المقررة ، و يكون ذلك بقياس معدلات و مستويات الآداء و الإنتاجية و السلوك لدى مجموعة العاملين الذين جرى تدريبهم مقارنة بما كانوا عليه قبل التدريب ، و معرفة الفروقات فيما بينها .
التغذية العكسية :
في هذه المرحلة ترفع نتائج تقويم التدريب إلى القيادة العليا للمنظمة و إلى جهة التدريب مع الأراء و المقترحات الملائمة ، للتغلب على أوجه القصور فيه –إن وجدت- أو تطويره ليفي بالأغراض التي يسعى لتحقيقها .

المطلب الثالث : تقويم الأداء الوظيفي
المفهوم :
يقصد بتقويم الأداء الوظيفي رصد و تحليل و تقويم مستويات الموظفين ، من حيث الإنجاز و نوعية الأداء و العلاقات الوظيفية و الخصائص الشخصية ، و يتم ذلك من خلال التعامل اليومي بين الرؤساء و المرؤوسين ، فيما يتصل بالإشراف عليهم و مراقبتهم و توجيههم لأداء العمل .
و تستمد تقارير تقويم الأداء أهميتها من أنها تخدم أغراضا حيوية للإدارة و الرؤساء و المرؤوسين على حد سواء ، ففي جانب الإدارة تعتبر أداة أساسية للتغذية العكسية التي تتخذ على ضوءها قرارات شؤون الموظفين ، كالتثبيت في الخدمة في نهاية فترة التجربة و الترقية و النقل و العلاواة و الحوافز و التدريب 1 . و في جانب الرؤساء هي وسيلة هامة للتعرف على مستويات المرؤوسين ، عن طريق إيجاد علاقة موضوعية بينهما قائمة على الإتصال الفعال فيما يتعلق بأداء العمل و سبل تطويره و إكتشاف الأخطاء و المشكلات و إيجاد الحلول المناسبة لها . و في جانب المؤوسين تعتبر هذه التقارير حافزا جوهريا لتطوير مستوياتهم ، في أداء و زيادة الإنتاجية و تنمية قدراتهم الذاتية و مهاراتهم العملية .
و نتناول هنا : أنواع تقويم الإداء الوظيفي ، و نماذج التقارير .
أنواع تقويم الأداء الوظيفي :
ربما يعتقد كثير من الموظفين أن أسلوب تقويم الأداء الوظيفي واحد هو :
التقارير التي يعدها الرؤساء عن المرؤوسين في فترات زمنية دورية و الواقع أن هناك عددا من نظم تقويم الإداء الوظيفي الأخرى التي تستخدم في مختلف الدول و منظمات الأعمال ، و أول هذه النظم لجان المشرفين التي تشكلها الإدارة لتقويم أداء المرؤوسين الذين يعملون معهم ، و ثانيها : المسابقات الوظيفية كالإختبارات التحريرية و المقابلات الشفهية و ثالثها إستخدام عامل التقويم الذاتي للإنجازات و مراجعته بواسطة الرؤساء ، و رابعا : أسلوب الإدارة بالأهداف أو مدى تحقيق الموظف للأهداف المقررة في فترة زمنية محددة ، و أخيرا : تقديم الموظف عن طريق تقديرات مقارنة بآخرين كأن يعتبر أحد أفضل خمسة في مجموعته .
تهدف هذه الأساليب و غيرها إلى تقويم المستويات الحقيقية للموظفين ، و محاولة تجنب تأثير العوامل الشخصية و التعسف الإداري ، و نظرا لأن تقارير تقويم الأداء الوظيفي هو أكثرها استخداما سنقصر حديثنا عنه .

نماذج تقارير التقويم :
تستخدم معظم الدول و منظمات الأعمال نماذج تقارير تقويم لأداء الوظيفي كمعيار لمعرفة مستويات العاملين بها ، و تختلف النماذج التي تستعملها في مكوناتها و أشكالها اختلافا بينا ، ففي أحد الطرفين تصمم النماذج الشاملة و المفصلة و تقسم إلى عناصر أساسية كالأداء و السلوك و العلاقات الوظيفية ، و التي تشتمل كل منها على عدد من العوامل الفرعية يلحق بكل منها مدى من التقديرات الوصفية أو الرقمية أو الإثنين معا ، و في الطرف الآخر تقتصر وسائط التقويم على عدد من العوامل العامة ، مثل : " الإعجاز ، التفكير ، الإدارة ، العلاقات ، و المعرفة " ، و يقسم كل منها إلى تقديرات قليلة يقوم المشرفون بقياسها ، و بين هذين الطرفين أنواع متدرجة 1 .
و من الصعوبة بمكان القول إن هذا النوع أو ذاك من النماذج أكثر موضوعية في قياس أداء الموظفين ، لأن الموضوع يتعلق بجوانب عديدة ، لعل من أهمها : مدى موضوعية عناصر التقويم ، و علاقتها بطبيعة العمل ، و توازنها و سهولة فهمها ، و قدرة الرؤساء على تعيئتها في موضوعية و تجرد ، و الضمانات المتوفرة لمراجعتها إلى غير ذلك من الأمور التي يعتبر غيابها من مشكلات أسلوب التقارير .





















خاتمة الفصل :
تناولنا في هذا الفصل تخطيط القوى العاملة على مستوى المنظمة و الدولة ، و قد أوضحنا فيه المفاهيم الأساسية و الأهداف ، و ناقشنا مراحل تخطيط القوى العاملة و التي تشتمل على التنبؤ في جانبي الطلب و العرض و الموازنة بينهما و وضع البرامج و التقييم و التحكم و التغذية العكسية .
و في جانب التوظيف تناولنا بالعرض و التحليل و التوظيف مفاهيمه و مكوناته الأساسية من ترغيب و إختيار و تعيين و فترة التجربة كما تعرضنا في هذا الفصل إلى تطوير القوى العاملة من جوانب القيادة و التوجيه و التدريب و كذا الأداء الوظيفي .






























HENEMAN ,PERSONNEL HUMAN RESOURCE MANAGEMENT , RICHARD IRWIN INC , ILLINOIS 1980 , P 175 .1

1 حسين حسن عمار ، ميزانية الوظائف بالمملكة العربية السعودية بين الحاجة و المغالاة ، مجلة الإدارة العامة ، العدد 40 ربيع الثاني 1404 هـ / يناير 1984 م ، معهد الإدارة العامة – الرياض ، ص 138 .

, OP CIT . P 178 .مرجع سابق HENEMAN , 2

1 فؤاد محمد القاضي ، تخطيط القوى العاملة على مستوى المشروع ، مجلة الإدارة العامة ، العدد (28) مارس 1981م ، معهد الإدارة العامة – الرياض ، ص (147-148) .

1 عبد الرحمان أبو الحسن موسى ، تخطيط القوى العاملة للمشروع ( مذكرة ) ص 16 و 17 .

, P 210 .مرجع سابقHENEMAN , 1

EQUAL EMPLOYMENT OPPORTUNITY ( E.E.O ) LAWS , USA .2

1 عبد الله راشد السنيدي ، مبادئ الخدمة المدنية و تطبيقاتها في المملكة العربية السعودية – ط1- الرياض 1985 ، ص 98 ، 99 .

FERREL HEADY , PUBLIC ADMINISTRATION , ( SECOND ED ) MARCEL DEKKER , INC , NEW YORK AND BASEL , 1966 , P 199 . 1

IBID , P 199 .2

[1] زكي محمود هاشم ، الإتجاهات الحديثة في إدارة الأفراد و العلاقات الإنسانية ، ذات السلاسل للطباعة و النشر ، القاهرة 1979 ، ص (212) .

1 حسين حسن عمار ، العملية الإدارية ، معهد الإدارة العامة بالرياض 1982 ، ص (48) .

1 حسين حسن عمار ، مرجع سابق ، ص (58) .

2 علي عبد الوهاب ، التدريب و التطوير ، نعهد الإدارة العامة ، الرياض 1981 ، ص (19) .

1 علي عبد الوهاب ، مرجع سابق ، ص (39) .

1 حسين حسن عمار ، تقدير كفاءة الموظفين بين النماذج و الموضوعية ، مجلة الإدارة العامة ، العدد 31 نوفمبر 1981 ، معهد الإدارة العامة ، الرياض ، ص 85 .

PAUL PIGORS AND CHARLES , AMYERS , PERSONNEL AUMINISTRATION , MC – GRAW- HILL KOGAKUSHA , TOKYO , P 48 . 1