السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لاشك ان هنالك الصلة وثيقة بين التعليم والاقتصاد. فالتعليم يسهــم في التنمية بشكل مباشرة من خلال ما يُقدمه لها من قوى بشرية متعلمة ومن معارف علمية، هي ثمرة البحث العلمي الذي يرتبط بالتعليم وما يغرسه من مواقف تجاه العمل، والمجتمعات تحابي جميعها التنمية بشكل أو آخر. فالاقتصاد يوفــر للتعليم موارده المختلفة. ويتم النظر إلى التعليم، على المستويين الفردي والمجتمعي، باعتباره مزيجاً من الاستهــلاك والادخار، اذ يُنفــق على التعليم كاستثمارعلى أمل الحصول منه على عوائــد مستقبلــة.

لذا فإن "جُرعة الاستثمـار" تتزايد أهميتها كلما ارتفعنـــا على السلــم التعليمــي. وبالتالي فان الرأسمال البشري يعد نقطة الارتكاز الأساسية التي تميز المجتمعات المتقدمة عن الاخريات الاقـــل تقدمــا.

لعل مقولة التنمية أمست اليوم محوراً مشتركاً لمعظم العلوم الإنسانية وتطبيقاتها، وقد عرّف إعلان " الحق في التنمية " الذي أقرته الأمم المتحدة في العام 1986 عملية التنمية بأنها " عملية متكاملة ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية، تهدف إلى تحقيق التحسن المتواصل لرفاهية كل السكان وكل الأفراد، والتي يمكن عن طريقها إعمال حقوق الإنسان وحرياته الأساسية". وهناك الكثير من التعريفات للتنمية المستدامة، والتعريف المتفق عليه هو " التنمية المستدامة هي التنمية التي تفي باحتياجات الحاضر دون التقليل من قدرة أجيال المستقبل على الوفاء باحتياجاتها ".

لقد فرضت التغييرات الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والتقنية منذ نهاية القرن الماضي، تحولات جذرية في مسار التعليم العالي ودوره بالنسبة للتنمية الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، ولبناء مستقبل الجيل الجديد وتزويده بالمهارات والمعارف والقيم الجديدة.

حيث تتزايد المعلومات بشكل مطرد يصعب معه تتبعه اذ تشير الدراسات الحديثة الى ان السنوات العشر الاخيرة شهدت كما من المعلومات يعادل كمية المعلومات التي انتجتها البشرية على مدى القرون المنصرمة، وقد اتخذت الجهود العلمية في التغلب على مشكلة التزايد اللامحدود في حجم المعلومات وصعوبات تقصى المعلومات خلال السنوات الماضية مسارين رئيسيين هما :ـ

1- التركيز على دراسات علم المعلومات من اجل التحسين والتطوير في عملية فهم طبيعة المعلومات ومكوناتها وكيفية حصرها وتجميعها وتبويبها وتصنيفها وتحليلها بهدف الاستفادة منها بفاعلية عالية.
2- ظهور وتطور تقنيات المعلومات التي استخدمت في التحكم بالمعلومات وتجميع البيانات ومعالجتها وتخزين المعلومات وتحديثها واسترجاعها وبثها وتوزيعها.

وباعتبار أن تطور التقنيات لـم يعـد تطوراً تقنياً بحتاً يتعلق بالآلة أو الوسيلة أو المنتج، وانما امتد إلى جـذور وبنيان المجتمع بأسره. ولعـل هـذا ما يؤكد على حقيقة التخلـق المجتمعـي الجديدة فالثـورة المعلوماتية آخـذه في مطاردة المجتمع الصناعـي القديم ليحل محلـه المجتمع المعلوماتي الجديد، بمعنى أنه يلعـب دوراً هامـاً ونوعياً فـي كافـة التطـورات المجتمعية الاقتصادية والسياسية والثقافيـة.وان ثورة الاتصالات وظاهـرة انفجار المعلومات وانتشـار استخـدام تقنيات المعلومات وتطورهـا، أدى إلى حدوث طفرات مجتمعية مثل (اقتصاد المعرفةKnowledge-Based-Economy) كما سنرى لاحقا.

اذ ان تطور اقتصاد المعلومات او الاقتصاد المعرفي يرجع اساسا للدور المعلومات الذي لا يمكن انكاره في كل مناحي الحياة الانسانية فهي الشئ الوحيد الذي لا غنى عنه في الحياة اليومية لكل فرد، عليه لم تعد المعلومات مادة البحث العلمي والتعليم بمراحله والتدريب والتأهيل واستراتيجيات القيادة ومقومات المنافسة في الانتاج وخطط التسويق والاعلان وتقديم الخدمات وما الى ذلك فحسب، بل اصبحت الوسيلة الحاسمة التي تقرر فاعلية كل ذلك.