يقول مدير أول الموارد البشرية في شركة بيت الاستثمار الخليجي عارف العجمي إنه علينا التحرر من الفكر السائد لدى الكثيرين من القائمين على الشركات والمؤسسات، لأنه في حال تتم تهيئة صفوف ثانية ووجد بديل للمدير أصبح بالإمكان الاستغناء عن هذا المدير، متناسين الدور الكبير لهذا المدير بإعطاء الإحساس بالأمن والاستقرار. ويوضح العجمي في لقاء مع «القبس» ان كثيراً من الشركات الكويتية تختار موظفيها بناء على بعض العلاقات الاجتماعية من دون النظر إلى المعايير الأساسية في الاختيار، كمعايير الخبرة والمستوى الدراسي والكفاءة والقدرات، مما يؤدى ذلك قطعاً إلى سوء الاختيار والوقوع بالمحظور. ويشير إلى أن أعطاء الموظفين الثقة والمساحات الكافية للإبداع هو الطريق نحو اكتشاف طاقاتهم وقدراتهم الكامنة. ويضيف العجمي ان الترقيات ليست هي الوسيلة الصحيحة لمكافأة الموظف، بل ان هناك طرقاً أخرى كثيرة كالامتيازات وزيادة الرواتب وإعطاء قدر من المسؤولية للموظف. وفي ما يلي نص الحوار:
• هل أصبحت الشركات الكويتية تعي أن الموارد البشرية تشكل اليوم العمود الفقري لأي مؤسسة؟
انصب اهتمام الكثير من الشركات في السنوات الماضية على جوانب عدة، منها التسويق والمبيعات والتكنولوجيا، ولكن بدأت الشركات الكويتية الكبيرة منها والصغيرة أخيراً تتجه إلى الاهتمام بالعنصر البشرى إيماناً منها بأن هذا العنصر يحقق النجاح المنشود أو يسبب الفشل غير المقصود في أي منظمة، ومهما كانت الاستراتيجية ناجحة للشركة وعلى مستوى عال من التخطيط فلا يتحقق النجاح إلا بوجود هذا العنصر المؤهل لتنفيذ الإستراتيجيات وخطط العمل.
• هل تطلعوننا على آخر التطبيقات في عالم الموارد البشرية التي تعملون على تنفيذها؟
- الإدارة بالأهداف من احدث النظم والأساليب لإدارة المؤسسات، كما أصبحت الشركات تهتم بأن تكون لها رؤية واستراتيجية وثقافة تعكس روح الشركة وأهدافها، مما يسهل عملية انتقاء الكوادر البشرية التي تتلاءم مع تلك الأهداف، كما ان هناك معايير دقيقة في تصنيف وتقييم الأعمال المنوطة بالإدارات المختلفة والافراد وذلك بوجود توصيف وظيفي دقيق لكل إدارة ووظيفة، بالإضافة إلى معايير واضحة لتقييم أداء كل وظيفة ومعايير لتقييم أداء كل موظف.
اكتشاف الطاقات
• كيف تعملون على اكتشاف الطاقات البشرية الكامنة وما أفضل الطرق في ذلك؟
- اكتشاف هذه الطاقات يكون عن طريق إعطاء ومنح الفرص للكوادر البشرية وتشجيعها وتدريبها بشكل صحيح، وعادة ما تكتشف طاقات الموظف الكامنة بإعطاء الثقة للموظف وإعطائه المساحة المطلوبة للإبداع حتى وان كانت هناك أخطاء محتملة، فبهذه الطريقة نعطي الموظفين الثقة بالنفس ونشجعهم على الإبداع والابتكار المستمرين.
• كثير من الشركات تعاني مشكلة الاختيار الوظيفي المناسب، فما هي أفضل الطرق لتفادي الوقوع في هذا المطب؟
- للأسف، تقوم بعض الشركات باختيار موظفيها بناء على بعض العلاقات الاجتماعية المختلفة دون النظر إلى المعايير الأساسية في الاختيار كمعايير الخبرة والمستوى الدراسي والكفاءة والقدرات، ما يؤدي قطعاً إلى سوء الاختيار والوقوع بالمحظور. ومن المؤكد انه للوصول إلى أفضل النتائج يجب أن تكون عملية التوظيف موضوعية ومبنية على أسس صحيحة، وان يكون الأشخاص الذين يقومون بعملية المقابلة الشخصية مؤهلين لذلك العمل عبر التحاقهم ببرامج ودورات تعمل على صقلهم في هذا الجانب الذي يعتبر هو الأهم في الاختيار، بالإضافة إلى انه من الضروري عمل اختبارات متخصصة قبل التوظيف تسلط الضوء على بعض السمات الشخصية والسلوكية والمهارية، ليأتي من بعدها دور التقييم الجيد والمنصف للأداء خلال فترة الاختبار الأولى للموظف التي تسبق التثبيت الفعلي له، حيث يجب أن يتم متابعة الموظف متابعة دقيقة وتقييم أدائه باستمرار وان يكون الشخص القائم بالتقييم على دراية وخبرة كافيتين للقيام بهذا الدور قبل أن يتم تثبيت الموظف على رأس عمله بصفة دائمة.
• يعانى السوق الكويتي من شح في الكفاءات خصوصاً في المناصب العليا، ما السبب وراء ذلك؟
- هذا يعود إلى ان سوق العمل الكويتي، كان في السابق متمركزاً بشكل كبير في القطاع الحكومي، وما حدث في السنوات الأخيرة يعتبر طفرة وانفتاحاً كبيراً على سوق العمل في القطاع الخاص لأسباب عديدة منها قرار نسبة الكويتيين العاملين في القطاع الخاص ولكن لم تتم مراعاة توفر الكفاءات والمهارات التي يتطلبها القطاع الخاص التي تختلف عن متطلبات القطاع الحكومي. وقد بدأ السوق بالانتباه إلى هذه النقطة المهمة وبدأت المؤسسات التعليمية والجامعات بالاهتمام بمخرجات التعليم وتأهيل هذه المخرجات للعمل في القطاع الخاص بعد دراسة مستفيضة لحاجة السوق، ومتطلباته مما سيؤدي في المستقبل إلى وفرة في الكفاءات الملائمة للعمل في القطاع الخاص.
الصفوف الثانية
• هل تعي تهيئة الصفوف الثانية على عاتق الإدارة العليا أم قسم الموارد البشرية؟ وكيف تهيئ هذه الصفوف؟
- ليس من السهل تهيئة صف ثان من دون تعاون كامل بين الإدارة العليا والموارد البشرية والإدارات المعنية، حيث يجب أن تكون الإدارة العليا مؤمنة تماماً بتهيئة صف ثانٍ وان يكون هذا الصف قادراً تماماً على القيام بجميع المهام المطلوبة لأي سبب من الأسباب ويجب على مديري الإدارات التعاون في هذا الجانب عن طريق توفير جميع المعلومات والتدريب والمتابعة اللازمة لتحقيق هذا الهدف دون التخوف «وأحيانا يكون هذا هو الواقع» من أن يكون هذا الشخص بديلاً دائماً للمدير وأنه يمكن الاستغناء عن المدير في أي لحظة لوجود بديل، فهذا فكر خاطئ ويجب أن نتحرر من مثل هذه الأفكار وهنا يأتي دور الموارد البشرية بأن تكون هناك توعية لأهمية هذا الدور وإيصال الرسالة المطلوبة بالشكل الصحيح وبطريقة تعطي لجميع العاملين في الشركة الإحساس بالأمن والاستقرار الوظيفي.
• كيف تحددون احتياجاتكم من الموظفين، وما أفضل الطرق التي يجب أن تتبع؟
- عندما نعمل على تقدير احتياجاتنا من الموظفين كل عام نأخذ في الحسبان عدة أمور، منها الوصف الوظيفي الذي يبين المهام الرئيسية للوظيفة، كما أن هذه الاحتياجات تكون مرتبطة بالخطة السنوية التوسعية للشركة، كما ان تقييم الأداء الحالي للموظف هو من الأمور المهمة في هذه القضية لإعطاء صورة واضحة عن تلك الاحتياجات بعيداً عن العشوائية في تحديد الاحتياجات للكوادر البشرية.
التفريق بين المرشحين
• كيف تفرقون بين مرشح للوظيفة يحمل الرغبة والشغف وآخر لا يحمل هذه الاندفاعية؟
- في الواقع، لا يوجد هناك معيار معين لمثل هذه الأمور الشخصية التي لا يتم قياسها بسهولة، وإنما ممكن ان تقاس عن طريق الخبرة والممارسة التي تكشف في كثير من الأحيان مدى جدية المتقدم لطلب الوظيفة، فإلمام المرشح بطبيعة عمل الشركة وقيامه بتوجيه بعض الأسئلة عن الشركة وأنشطتها ونوع العمل المطلوب هما دليلان على حب الوظيفة والشغف نحوها، أما في حال ان كان المتقدم للوظيفة مثلا قد جاوب بأنه محتاج «أي وظيفة» أو أنه لا يملك المعرفة الكافية عن الشركة وطبيعة الوظيفة، فهذا دليل على عدم وضوح الرؤية لديه وأنه شخص غير جاد تماماً.
• كيف تحددون إن كان مرشح للوظيفة قد يتأقلم مع ثقافاتكم وآخر لا؟
- أحب ان أشير هنا إلى ان الثقافة العامة للشركة يجب أن يتم نشرها بين جميع الموظفين من خلال عمل دورات توعية خاصة قبل كل شيء ليتعرف عبرها الموظفون على طبيعة هذه الثقافة . ومن المؤكد هناك كثير من الحالات تكتشف بأنها لا تتلاءم مع الثقافة الخاصة بالمؤسسة وهنا يأتي دور إدارة الموارد البشرية التي يقع على عاتقها اكتشاف الأسباب وراء عدم تقبل البعض لتلك الثقافة، وتحديد ان كان العيب في الثقافة نفسها أم في الموظفين الذين لم يتأقلموا معها، ومن ثم يبدأ العمل على حل تلك الاختلافات لكي يتم التوصل إلى أفضل النتائج.
نظم الترقيات
• ما النظم التي تتبعونها في الترقيات والمكافآت والعقوبات؟
- الترقيات والمكافآت لدينا تتم عن طريق دراسة شاملة متقنة لأداء كل موظف، وقد لا تكون الترقيات هي الوسيلة الصحيحة لمكافأة الموظف، بل إن هناك طرقاً أخرى كثيرة كالامتيازات وزيادة الرواتب وإعطاء قدر من المسؤولية للموظف، وقد أخذت شركة بيت الاستثمار الخليجي على عاتقها القيام بعمل دراسة سنوية لمستوى الرواتب والمميزات عن طريق شركات متخصصة في ذلك لمواكبة الطفرة الكبيرة في قطاع شركات الاستثمار والبنوك والعقار، حتى تكون هناك عدالة وإنصاف للعاملين في الشركة أسوة بالعاملين بباقي الشركات، أما في ما يتعلق بالعقاب فقانون العمل في القطاع الأهلي حدد الآليات المتبعة في هذه الحالات وكل الشركات تقوم باتباع تلك القوانين لما فيها من مصلحة للشركة والموظف، علما بأنه من الضروري أن تتم مراجعة العديد من البنود التي احتواها لقدمها وعدم مواكبتها للتطور الذي حصل في السنوات الأخيرة، حيث إن هذا القانون صدر في عام 1964 وجرت عليه بعض التعديلات منذ ذلك الحين، ولا اعتقد أن تلك التعديلات تلائم الوضع الحالي والمستقبلي، خاصة في ظل التوجه الكبير لجعل الكويت مركزاً مالياً واقتصادياً، وهناك بعض القرارات التي تعيق العمل والتي تجب إعادة النظر بها. واقترح تشكيل لجنة تقوم بدراسة كل القرارات المتعلقة بسوق العمل من جميع وزارات وإدارات الدولة المعنية وصياغة تلك القوانين بما يتناسب مع الرؤية المستقبلية للبلد.
أيها المدير.. لا تجامل
يقول العجمي ان وظيفة المدير تتطلب اليوم منه أن يتميز بالشفافية والحكمة والقدرة على اتخاذ القرار، والقدرة على المواجهة، حيث أن الكثير يتجنب مواجهة الآخرين بأخطائهم وسلبياتهم، وذلك يعود إلى أن المجتمع الكويتي توضع فيه اعتبارات كثيرة يغلب فيها أحياناً الطابع الشخصي أو الاجتماعي على المصلحة العامة وان تكون مديراً لا يعنى بالضرورة السلطة فقط، وإنما العدل والتفكير مراراً قبل اصدرا أي قرار حتى لا يقع أي ظلم أو إجحاف تجاه الموظف أو المؤسسة، كما انه عليه أن يكون ملماً بالجوانب الفنية للإدارة، التي يرأسها، وذلك لكي يتمكن من متابعة وتقييم الأداء بشكل صحيح.
الحس الابداعي
يشير العجمي إلى أن المنافسة الحالية في سوق العمل لم تعد مقتصرة على الشهادات أو إمكانية أداء الأعمال بشكل صحيح فقط، ولكن الحس الإبداعي أصبح مطلوباً للتمييز بين الموظف المتفوق، فاليوم كثير من الشركات أصبحت تضع هذه النقطة في الحسبان عند تقييم أداء الموظف، وأصبح التقييم يحتوى على عدة درجات منها مستوى الأداء المطلوب بالإضافة إلى أعلى من المستوى المطلوب، ولكي يتم تقييم الموظف بأعلى من المستوى المطلوب، عليه أن يكون مبدعاً في عمله وان يكون قد قام بأشياء تتعدى الوصف الوظيفي المطلوب منه.الحس الإبداعي