لا يؤمن الرواد بفكرة "انتظار الفرص"، فالانتظار قيمة سلبية ولا يتناسب وفكرة "المبادرة". كما حتى الفكرة وحدها لا تكفي، إذ لا تولد الأعمال ثم تنمو من فراغ، بل إنها تحتاج إلى خطة متكاملة تنتظم ضمن خطوات وقرارات واضحة ودقيقة.
فما هي الاستراتيجية الأنسب لجذب الفرص؟
إن المدخل (الاستراتيجية) هو المنهج المتبع لاستدراج وتقييم الفرص الجذابة، مع الاستمرار في تحسين فاعلية وكفاءة العملية. وقد يغريك تقييم كل الفرص التي تلوح أمامك تقييماً عميقاً، خوفاً من تفويت ما تظنه مجدياً منها. غير أن فعل ذلك مع كل فرصة تلوح أمامك يكلف الوقت والمال، ولا يجدي نفعاً. وبدلاً من ذلك، فكر بالفرص المتاحة كما تفكر في استراتيجية المبيعات؛ إذ لا بد من حصر عدد معين من الاحتمالات في كل مرحلة، وانتخاب الأفضل من بينها.
ولعل أهم سؤالين يطرحهما رائد الأعمال الناجح على نفسه في هذه المرحلة: هل تعزز تلك الفرصة القيم الأساسية والثوابت التي أتبناها؟ وهل الاستثمار المطلوب في هذه الفرصة في حدود إمكاناتي وقدراتي؟ كذلك عرّف وصنّف وقدّر تكلفة كل خطوة من خطوات عملية التقييم، وحدد عدد الفرص التي يمكنك مراجعتها لكل خطوة. عندها يمكنك تقدير الكلفة العامة للمدخل (الاستراتيجية) الذي شرعت بتحديده وبنائه. وبعبارة أخرى: تكلفة كل خطوة مضروبة بعدد الفرص التي يمكنك مراجعتها في كل خطوة، يحدد لك كلفة الاستراتيجية العامة للأعمال.
وبمجرد إتمام هذه العملية بنفسك أو عن طريق فريق العمل، وفهم انعكاسات الكلفة الناتجة عنها، يمكنك معرفة حجم المسؤولية الشخصية وأهميتها لكل خطوة. لكن عليك أيضاً تقبل حقيقة الفشل المحتمل خلال أي مرحلة من المراحل. ولا تنسَ تقدير كلفة الاستغناء عن مشروع ما في أي مرحلة، لتقليل الخسائر قدر الإمكان.
إن المسار الشائع والمتبع في تأسيس الأعمال التجارية هو امتلاك فكرة متميزة وإطلاقها، ثم تنميتها بما يؤهل صاحبها الحصول على التمويل، ثم الاستمرار في النمو إلى أن يمكن تحويلها إلى شركة مساهمة عامة. كذلك جذب عروض الاستحواذ والشراء التي تقود إلى بيع الشركة في نهاية المطاف، مقابل تحقيق الثراء والنفوذ.
بينما تكمن القيمة الحقيقية لنماذج الأعمال، في الرغبة بخوض التجارب وتحمل المخاطر المحسوبة والمدروسة. كما أن بناء استراتيجية ذكية للفرص المتاحة سيساعدك على تقييمها سريعاً، واستثمار أفضلها لتحقيق العوائد. ومدى الاستفادة من تلك الاستراتيجية، هو ما يحدد أفضلية الفرص المتاحة من حولك.
إن أكثر رواد الأعمال نجاحاً لا يعتمدون على الحظ، وهم بكل تأكيد لا يعولون على أول فرصة تلوح لهم في الأفق.