قامت شركة مايكروسوفت بتأكيد الأخبار والشائعات التي امتدت لأشهر طويلة عن نيتها الاستحواذ على شركة ياهو وذلك بتقديم عرض مغر يقدر بأكثر من 44 مليار دولار أي بقيمة تزيد بنسبة 60 في المائة من سعر إغلاق سهم "ياهو" يوم الخميس الماضي، هذه الأخبار هي لتأكيد نية "مايكروسوفت" للاستحواذ على "ياهو" وليست أخبارا عن إتمام الصفقة والتي بلا شك ينتظرها الكثير والكثير من الإجراءات والتحقيقات حتى نستطيع القول إنها استحواذ.
ولكن ماذا يعني أن تستحوذ "مايكروسوفت" على "ياهو"؟
في سوق محركات البحث و الإعلان على شبكة الإنترنت فإن هناك ثلاثة لاعبين رئيسين يسيطرون على أكثر من 90 في المائة من تلك الصناعة، جوجل تتصدر تلك القائمة بأكثر من 50 في المائة من تلك الصناعة يليها "ياهو" بنحو 20 في المائة و"مايكروسوفت" بنحو 10 في المائة. وهذا التحول في صناعة المحركات البحثية جعل من "جوجل" يسيطر على شريحة كبيرة من السوق في فتره قليلة وخلال نمو مستمر على حساب المحركات الأخرى وبذلك فإن لها نصيب الأسد من إعلانات الإنترنت التي تعد الموجة الجديدة من صناعة الإعلان. ولعل هذا السبب هو ما يدعو "مايكروسوفت" إلى تقديم ذلك العرض المغري للاستحواذ على "ياهو" الشركة الثانية في الترتيب والأقرب لقبول العرض بالنظر إلى ما تعانيه الشركة من منافسة ليست في مصلحتها خصوصا في سوق تعاني أصلا من نسبة عالية من التركز كون ثلاثة شركات تستحوذ على السواد الأعظم من السوق وهو في حد ذاته علامة استفهام في قاموس المنافسة الكاملة.
وهذا يعني أن يتم تقليص عدد الشركات في صناعة المحركات البحثية إلى لاعبين فقط، ويقلل من فرص المنافسة أمام الشركات الأخرى ويزيد نسبة التركز في الصناعة وبالتالي هناك احتمالات يجب على الجهات التشريعية للمحافظة على المنافسة ومكافحة الاحتكار النظر إلى العواقب التي يمكن أن يخلفها مثل هذا الاستحواذ، على الجهة الأخرى قد يكون هذا الاستحواذ من دوافع المنافسة بوجود لاعب منافس على وزن أكبر لـ "جوجل" مما يزيد من المنافسة داخل هذا القطاع.
جميع التفسيرات لصفقة "مايكروسوفت" – "ياهو" مفتوحة أمام الجميع، ولكن من وجهة نظري أن الجهات المسؤولة عن مكافحة الاحتكار تنظر بعين المحافظة على مستويات أقل من الاحتكار بغض النظر عن فوائد الاستحواذ الهادفة إلى رفع مستوى المنافسة، ومن ذلك تأثير ذلك الاحتكار في عملاء ذلك القطاع سواء على مستوى الأفراد أو مستوى قطاع الأعمال.
من جهة أخرى، إن وجود "مايكروسوفت" كأحد الأطراف وهي التي تواجه الكثير من قضايا الاحتكار حول العالم ولذلك فإن وجود محرك البحث "ياهو" قد يكون جزءا من محرك التشغيل ويندوز؟ هل ممكن أن تؤثر هذه الصفقة في صناعة البرمجيات؟ من يعلم إلى مدى قد يصل الاحتكار؟ والكثير من الأسئلة التي من الطبيعي طرحها عند النظر لقضايا المنافسة.
إن قضية صفقة استحواذ "مايكروسوفت" على "ياهو" كأحد الأمثلة الحية العالمية على أهمية وجود تشريعات تضمن ممارسات تنافسية عادلة في الأسواق المحلية والعالمية خصوصا ونحن نعيش عولمة اقتصادية غير مسبوقة تحتاج إلى الكثير من الجهد إلى ضمان المنافسة العادلة والكاملة والحد قدر المستطاع من الممارسات الاحتكارية على جميع الأصعدة.
ولذلك فإن الفصول المقبلة لهذه الصفقة ستكون أكثر إثارة على مستوى الجهات الرقابية لقوانين المنافسة ومحاربة الاحتكار، وستكون لها أبعاد أخرى على مستوى قطاع الأعمال ككل وعلى قطاع تقنية المعلومات وخصوصا على مستوى الشركات الثلاث ذات العلاقة المباشرة بالصفقة "مايكروسوفت" – "ياهو" إضافة إلى المنافس "جوجل".