كشف تقرير التنمية البشرية فشل نظام التعليم في مصر في تحقيق التوافق بين مخرجات التعليم ومتطلبات سوق العمل بعد رصد أعلي معدل للبطالة بين خريجي الجامعة والتعليم الفني .واوضح التقرير الصادر عن البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة ان تكدس الطلاب وعدم تاهل المعلمين والمناهج التقليدية التي لا تنمي القدرة علي حل المشكلات ادت إلي تخريج شباب غير معد بشكل كاف لمتطلبات سوق العمل في عالم تسوده المنافسة في ظل العولمة وأشار التقرير الي ان الشباب يقضون فترة طويلة في طوابير البطالة..
ويعيشون خلالها مع آبائهم ويكونون عاجزين ماليا عن الزواج أو امتلاك مسكن مستقل.

عجز التعليم بمصر عن الوفاء بمتطلبات السوق و90% من المتعطلين يقل عمرهم عن 30 عاما

وقال الدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء الاحد -في كلمته خلال الاحتفال باعلان التقرير الحادي عشر للتنمية البشرية عن مصر تحت عنوان "الشباب في مصر : بناة المستقبل"- إن الحكومة تسعي الي تحقيق رؤية تنموية شاملة تتضمن العمل علي تحقيق 8 أهداف إستراتيجية هي الحفاظ علي معدلات مرتفعة للنمو والتشغيل وبلوغ مستويات مرتفعة من التنمية البشرية المتكاملة وتطوير البنية التحتية لخدمة المواطن وتحسين مستوي معيشته وضمان مستويات أعلي من العدالة الاجتماعية.
كما تتضمن الأهداف أيضا مكافحة الفقر وتنمية القدرة التنافسية للمنتج المصري في كل من السوق المحلي والأسواق الدولية وتقوية المشاركة السياسية وتحديث المنظومة الثقافية والحفاظ علي الأمن القومي وتأمين حق الأجيال القادمة في جني ثمار التنمية.
وشدد التقرير علي الحاجة إلي التغلب علي فشل نظام التعليم وتطوير التعليم الفني، لافتا الي أن الشباب يمكن أن يمثلوا قوة هائلة من أجل تحقيق التنمية، إذا ما توافرت الظروف لإقامة مجتمع شامل للكافة يشعر من خلاله جميع شباب مصر بقيمتهم ويوفر الفرص الجيدة للتعليم ولإيجاد العمل اللائق وللانخراط بشكل فعال في المجتمع.
ولفت التقرير إلي أن حوالي 90% من المتعطلين يقل عمرهم عن 30 عاما، كما يتأثر عدد أكبر بالبطالة الجزئية مضيفا أن الزواج المبكر تعد ظاهرة ريفية بالدرجة الأولي في مصر حيث أن أكثر من 70% من الإناث في الفئة العمرية '15-21 سنة' تزوجن في سن ال18 بينما يعيش 93% من الذكور المتزوجين من نفس الفئة العمرية في المناطق الريفية.
ونوه بأن الشابات هن أكثر الفئات تأثرا حيث بلغت نسبة مشاركتهن في سوق العمل أقل من 20% لأول مرة خلال عشر سنوات وهذه الفئة بأكملها من الإناث المتعلمات، إما خرجن من سوق العمل أو لم يدخلنه قط بسبب ظروف العمل السيئة بما في ذلك انخفاض الأجور وطول ساعات العمل.
وأضاف التقرير أن الشباب في الفئة العمرية ما بين 18 إلي 29 عاما يشكلون ربع سكان مصر وسوف تؤثر المهام التي تواجههم في هذه الفترة الحاسمة من حياتهم وانجازاتهم علي رفاهية الأمة بأكملها، باعتبارهم الجيل القادم الذي سيقود عملية التنمية سواء علي مستوي الأسر أو الحكومات وفي سوق العمل ومؤسسات المجتمع المختلفة.
وطالب التقرير بوضع استراتيجية متكاملة للنمو وخلق فرص عمل وتوفير الضمان الاجتماعي بجانب استهداف تدخلات تعليمية لمساعدة الشباب علي التغلب علي العوائق المتعلقة بمهارات مهنية معينة والتي تواجههم عند دخولهم سوق العمل والبقاء فيه.
وذكر تقرير التنمية البشرية عن مصر أن انتقال الفقر بين الأجيال هو العامل الرئيسي في وجود دائرة الفقر، حيث أن الشباب الفقير ينشأ ويستمر فقيرا، خاصة في المناطق الريفية، ويظل غير مؤهل لاقتناص الفرص أو الحصول علي عمل دائم، مما يؤكد علي الحاجة إلي كسر الحلقة المفرغة للحرمان من خلال التعليم وتوليد الدخل وتطوير الخدمات التي ترتقي بالظروف المعيشية والصحية .
وأضاف أن المناخ مازال غير موات لانتقال الشباب إلي مرحلة الرشد، حيث أن هذه القيود غالبا ما تكون متشابكة ويظل فيها الشباب منتظر توفر الظروف التي تمكنهم من بدء حياة مستقلة.
شارك في الاحتفال الدكتور عثمان محمد عثمان وزير الدولة للتنمية الاقتصادية، وجميس راولي المنسق المقيم للأمم المتحدة في مصر، وعدد من كبار المسئولين وممثلين عن مجلسي الشعب والشوري ووكالات الأمم المتحدة المانحة.
ونبه التقرير إلي أن 27 % من الشباب في الفئة العمرية '18-29 سنة' لم يستكملوا التعليم الأساسي ' 17 % تسربوا من المدرسة قبل أن ينهوا التعليم الأساسي و10% لم يلتحقوا قط بالتعليم' وبشكل عام لم يحدث أي تحسن كبير في كافة مراحل التعليم من حيث الجودة، علي الرغم من أن مصر خطت خطوات واسعة نحو تحقيق أحد الأهداف الإنمائية للألفية الذي يتعلق بالتحاق جميع التلاميذ الملزمين بالتعليم الأساسي .
وقد استخدم تقرير التنمية البشرية لمصر عام 2010 عددا كبيرا من المسوح التي أجريت حديثا لإبراز أوضاع الشباب في مصر في الفئة العمرية 18-29 عاما وخصائصهم وقيمهم فضلا عن المسح العالمي للقيم الذي أظهر أن مصر تأتي في مرتبة متأخرة بالنسبة لجدارة الشباب والانجاز في عملهم إذا ما قورنت بالدول الأخري التي لها نفس الظروف الاجتماعية والاقتصادية والثقافية .
وأضاف التقرير أن الإنترنت قد يكون أداة مفيدة لقياس الاتجاهات السياسية والاجتماعية والاقتصادية , وتكمن أهمية الإنترنت في حقيقة أنها الوسيلة الإلكترونية الوحيدة المتاحة لقياس المشاركة السياسية للشباب , وقد أصبحت في مصر وسيلة لها وزنها في الدعوة لاتخاذ نشاط جماعي معين .
ويقترح التقرير عدة مجالات يجب التعامل معها ليصبح الشباب في وضع أفضل علي المستوي الشخصي والاجتماعي، حيث لفت الي أن العمل الحر وريادة الأعمال سوف يكونا من بين الحلول الفعالة لمواجهة البطالة بين الشباب، خاصة مع تقديم حوافز مثل تعليم الفرصة الثانية والتعليم الفني والتدريب المهني المتطور لزيادة قابلية الشباب للتوظف.
وأكد علي أهمية كسر دائرة الفقر من خلال حزمة من التدخلات، تشمل التدريب من خلال العمل ومحو الأمية، والمشروعات الصغيرة المدرة للدخل، وإعطاء الشباب دور أساسي من خلال العمل التطوعي في المشروعات القومية الهادفة لإجتثاث الفقر مثل المشروع القومي لتنمية الألف قرية الأكثر فقرا مطالبا بخلق وظائف آمنة ومجزية وحقيقية في الجهاز الإداري للدولة.
وطالب تقرير التنمية البشرية بالعمل علي القضاء علي التمييز المرتبط بالنوع الاجتماعي، وتعزيز مشاركة الشباب " في ممارسة السلطة المستجيبة " بما يؤدي إلي تحسين الأداء الحكومي ودعم وتنظيم عمليات الهجرة من خلال منهج شامل، يرتكز علي دراسة هيكل الموارد البشرية الحالي في مصر، والتوقعات المستقبلية للطلب علي العمالة في أسواق العمل في أوروبا، وبتقدم سكانها في السن، وكذلك في أسواق العمل في الاقتصادات البترولية الصاعدة حتي يمكن توفير احتياجات هذه الأسواق من خلال برامج التعليم وتكوين المهارات في مصر.
وشدد التقرير علي أهمية التركيز علي الثقافة من خلال تنشيط ثقافة الابتكار والإبداع لدي الشباب بما يسمح بإيجاد حلول جديدة ومبتكرة للمشاكل الحالية, فضلا عن استعادة ثقافة التسامح واحترام الآخرين والانفتاح علي الثقافات العالمية.