يوسف القبلان
من المعروف في ادبيات الادارة وجود فرق بين صناعة القرار، وبين اتخاذه. صناعة القرار هي المرحلة التي تسبق اتخاذ القرار ويتم فيها تشخيص المشكلة، وتحديد الاهداف، وتحديد البدائل وتقييم هذه البدائل من كافة الزوايا بما في ذلك زاوية آلية التنفيذ.
اما اتخاذ القرار فهو المرحلة التالية لصناعة القرار أي بعد ان تكون كافة المعلومات ذات العلاقة امام المسؤول الذي يتعين عليه اتخاذ القرار.
ومن هذه المعلومات المطلوبة الى جانب وضوح آلية التنفيذ، التعرف مبكراً على ردود الأفعال، والتوقعات، وما سيؤدي اليه القرار من نتائج، وهل يتضمن القرار تغييراً يقود الى مقاومة وكيف سيتم التعامل مع وضع مقاومة التغيير بل هل تم وضع خطة مسبقة للوقاية من المقاومة الحادة من خلال المشاركة، ووضوح اهداف التغيير، ووضوح نتائجه وحيثياته؟ ان المرحلة التي تسبق اتخاذ القرار مرحلة في غاية الاهمية فهي تتضمن عمليات كثيرة ويعتمد عليها متخذ القرار عندما يختار البديل من بين عدة بدائل.
ما يحصل احياناً هو القفز الى مرحلة اتخاذ القرار دون ان يكون هذا القرار جاهزاً بمعطياته، وحيثياته، وايجابياته، وسلبياته، وآليات تنفيذه، بل ايضاً دون وجود خطوات وقائية تساعد في عملية التنفيذ.
ان القول بأن اتخاذ القرار هو جوهر الادارة قول صحيح دون ان نغفل المرحلة الاعدادية التي تساعد على اتخاذ القرار المناسب.
من هنا يستعين المسؤول بالمختصين والمستشارين، وبالدراسات، والبحث حتى يستند القرار الى ارضية صلبة.
من المهم بعد ذلك ان نتذكر انه حتى مع الاعداد الجيد للقرار، وحتى مع اتاحة الفرصة للمشاركة فإن القرار لن يحقق رضا الجميع، ومن الصعب التوصل الى قرار يتفق عليه الجميع، او قرار ليست له سلبيات.
وينتج عن ذلك مقاومة التغيير، وهذا موضوع تكتب فيه المؤلفات، وتقام من اجله الدورات التدريبية ويصعب تجاهله في مرحلة اعداد القرارات او في مرحلة اتخاذها وتنفيذها.
الخبراء ينصحون بالتعامل الايجابي مع مقاومة التغيير عن طريق المشاركة، والوضوح في الاهداف والآليات، والتمهيد للتغيير من خلال الندوات والوسائل الإعلامية، وورش العمل.
هناك مقولة بهذا الشأن تقول ان النجاح هو الحل السحري الذي يعالج مشكلات المنظمة المزمنة الناتجة عن التغيير.
وتفسير ذلك ان العبرة بالنتائج، واذا كان هناك جوانب معنوية فلابد من اخذها في الاعتبار عند اتخاذ قرارات التغيير مثل المعنوية، والثقة، والاخلاص، والالتزام او الانتماء بحكم انها تؤثر بشكل مباشر على السلوك، فإن على المسؤول ان يهتم بها ولكن ليس على حساب النتائج المستهدفة.
وبمعنى آخر فإن تلك الجونب المعنوية او العاطفية قد تصل الى درجة منخفضة نتيجة اسباب او مشكلات معينة وعندما نتعامل معها يتعين ان ننظر لها كأعراض وبالتالي فإن معالجتها تتم بمعالجة المشكلات التي قادت اليها. والانسان اذا اصيب بالحمى، او الصداع، او الغثيان، لا يكفي لمعالجتها تناول اقراص معينة وانما لا بد من معرفة الاسباب التي ادت الى ذلك.
الملاحظ في موضوع قرارات التغيير ضعف الدور الذي تقوم به ادارات العلاقات العامة في ربط المنظمة بالمجتمع، والتعريف بالمستجدات والأهم من ذلك عدم وجود دراسات بحثية تستطلع انطباعات الرأي العام وتوقعاته، وتطلعاته.
هذا الدور الضعيف ادى الى ان تقوم الصحافة بمسؤولياتها في المتابعة، وان تكون جسراً بين المنظمات وبين المجتمع يعتمد عليها المسؤولون في المنظمات في التعرف على جوانب القصور، وعلى احتياجات المجتمع، كما يعتمدون عليها في قرارات التغيير.
واظن انه لا بد ان يكون للعلاقات العامة دور مؤثر في عملية صناعة القرارات في كافة المراحل وهذا يتطلب قناعة المسؤولين بهذا الدور وبعد ذلك دعمها بالامكانات المادية والبشرية التي تمكنها من القيام بذلك.