تعتبر الحكومات على مستوى العالم مسئولة عن العديد من النشاطات في مجتمعاتها مسئولية كاملة من حيث تحديد الأهداف المطلوب تحقيقها من وراء هذه الأنشطة، ووضع الخطط اللازمة لتحقيق هذه الأهداف، وتوفير الموارد المالية اللازمة لذلك، وهي في سبيل تحقيق ذلك تحاول أن توفر الأموال اللازمة لتحقيق هذه الأغراض والتي يتم تخصيصها على وزاراتها وهيئاتها بالنسب التي تتفق مع الأدوار التي تُسند إلى تلك الوزارات والهيئات، بحيث تقوم الحكومة بأعداد الموازنة العامة لها والتي تكون عبارة عن " خطة مالية للدولة تتضمن تقديرات للنفقات والإيرادات العامة لسنة مالية مقبلة، وتجاز بواسطة السلطة التشريعية قبل تنفيذها، وتعكس الأهداف الاقتصادية والاجتماعية التي تتبناها الدولة " (عصفور، 1428هـ : 4).
ومن خلال تعريف الموازنة العامة للدولة نجد أنها عبارة عن خطة مالية تقديرية مستقبلية لعام قادم من خلال إجازة السلطة التشريعية لها، والجدير بالذكر أن هذه الإجازة في الصرف لا تعني وجوب صرف كل ما خصص من خلال الموازنة من اعتمادات لوزارة من الوزارات أو هيئة من الهيئات، ولكنها تعني إمكانية إنفاق هذه الأموال حسب حاجة كل جهة وذلك ضمن الأنظمة والتعليمات المالية الموضحة لهذا الغرض، كما يجب التأكيد على أن الأرقام التي ترد في الموازنة على أنها نفقات تعتبر الحد الأقصى المتوقع الذي يجب أن لا تتجاوزه الوزارات والمصالح الحكومية عند الصرف، كما أن الأرقام أو المبالغ التي ترد في الموازنة على أنها إيرادات تمثل الحد الأدنى المتوقع من الإيرادات والتي من الممكن أن تزيد حسب الأحوال الاقتصادية وحاجات البلاد. وتحاول الحكومات أن توازن بين إيراداتها ونفقاتها حتى تستطيع القيام بتنفيذ خططها التنموية، ولكن في بعض الأحيان لا يتحقق هذا التوازن بالشكل الذي تريده الحكومة، ويظهر ما يسمي بعجز الموازنة والذي يعني أن إيرادات الدولة لا تستطيع أن تلبي نفقاتها.
وترشيد الإنفاق في معناه الاصطلاحي مشتق من كلمة الرشد الاقتصادي، والرشد الاقتصادي في مفهومه الإسلامي هو حسن التعامل مع الأموال كسباً وأنفاقاً، بمعني ترشيد الإنفاق العام وترشيد الإيرادات العامة. وبذلك عندما نعرف الرشد الاقتصادي في الإنفاق فهو حسن تصرف الحكومة في إنفاق الأموال، والرشد يضاده السفه، كما أنه يتنافى مع التبذير من جهة، والتقتير من جهة أخرى، بمعنى أن الزيادة أو النقص عن وضع الاعتدال هي عدم رشد أو سفه، كما يتضمن ترشيد الإنفاق إتباع مبدأ الأهميات النسبية والترتيب التفاضلي السليم، بحيث يقدم الأهم على المهم. (دنيا، 1993م : 332).
وذكر عصفور بأن "ترشيد الإنفاق يتضمن ضبط النفقات، وإحكام الرقابة عليها، والوصول بالتبذير والإسراف إلى الحد الأدنى، وتلافي النفقات غير الضرورية، وزيادة الكفاية الإنتاجية، ومحاولة الاستفادة القصوى من الموارد الاقتصادية والبشرية المتوفرة" (1328هـ : 399).