هي دراسة ميدانية قام بها كل من الدكتور عبد المحسن بن صالح الحيدر والأستاذ إبراهيم عمر بن طالب، بعنوان "الرضا الوظيفي لدى العاملين في القطاع الصحي في مدينة الرياض".
إن القطاع الصحي من أهم القطاعات في أي دولة من دول العالم ومن هذا المنطلق فإنه من الضروري العمل على توطين العمالة في هذا القطاع حيث ليس من المنطقي الاعتماد على العمالة الوافدة في قطاع حيوي وضروري كقطاع الصحة وعليه فإن عملية توطين تلك الوظائف قد تتطلب التعرف على أهم العناصر التي يمكن من خلالها رفع مستوى الرضا الوظيفي، وتشجيع دخول القوى العاملة الوطنية فيها، أو خفض مستوى الرضا في هذه المهن، وذلك لمحاولة التغلب على أهم المعوقات أو العوامل التي قد تؤثر سلباً في رضاهم الوظيفي مما قد يسبب إهمالهم في أداء أعمالهم وقلة إنتاجيتهم وهو ما يسمى بالتسيب الوظيفي ومن ثم تؤدي إلى تركهم للعمل أو ما يسمى بالتسرب الوظيفي.
ولقد هدفت الدراسة إلى التعرف على مستوى الرضا الوظيفي لدى العاملين بالقطاع الصحي بمدينة الرياض وذلك من خلال التعرف على أبعاد الرضا الوظيفي لدى العاملين في القطاع الصحي في مدينة الرياض، والتعرف على مستوى الرضا الوظيفي لديهم وفقاً لأبعاد الرضا المختلفة، والتعرف على احتمال وجود اختلافات في مستوى الرضا الوظيفي باختلاف خصائصهم الشخصية، وتحديد جوهرية العلاقة بين أبعاد الرضا الوظيفي والمتغيرات الشخصية، وأخيرا التعرف على أكثر عناصر الرضا تأثيراً في أبعاده المختلفة.
وقد طرح الباحث عدة تساؤلات(أسئلة البحث) هي كما يلي:
1. ما هو مستوى الرضا الوظيفي لدى العاملين في القطاع الصحي في مدينة الرياض؟
2. ما هي أهم أبعاد الرضا الوظيفي لدى العاملين في القطاع الصحي؟
3. هل هناك فروقات ذات دلالة إحصائية في مستوى الرضا الوظيفي باختلاف الخصائص الشخصية للعاملين في القطاع الصحي بمدينة الرياض؟
4. هل هناك علاقة جوهرية في مستوى الرضا الوظيفي لدى العاملين بالقطاع الصحي بمدينة الرياض وخصائصهم الشخصية؟
5. ما هي أكثر عناصر الرضا تأثيراً في أبعاده المختلفة؟
واستخدم الباحثان أسلوب المنهج الوصفي المسحي في دراستهما لتناسبه مع أعراض البحث ، وكان مجتمع البحث هو جميع العاملين بالقطاع الصحي بمدينة الرياض، وعينة البحث سُحبت عشوائياً من المستشفيات وبلغ عددها (10) كمرحلة أولى، وفي المرحلة الثانية تم سحب عينة عشوائية من كل مستشفى ، وتم استخدام الاستبانة كأداة بحث.
وقد أتضح من خلال النتائج أن عناصر الرضا ذات العلاقة بما يمكن أن نسميه المكافأة المعنوية مثل إمكانية توجيه الآخرين بما يجب القيام به، إمكانية عمل ما يستخدم قدراتي، إمكانية بروزي في المجتمع، إمكانية عمل الأشياء للآخرين، وإمكانية القيام بأعمال مختلفة من وقت لآخر، كانت من أكثر العناصر التي تؤدي إلى رضا العاملين بالقطاع الصحي . ويلاحظ أن أقل العناصر تحقيق للرضا من وجهة نظر العاملين بالقطاع الصحي كان الجوانب المتعلقة بما يمكن أن نسميه عبء العمل مثل العمل خلال العطلات نهاية الأسبوع ، والعمل في مناوبات مسائية وأخرى ليلية، وأخيرا (كانت أمكانية التعرض للعدوى من العناصر التي تودي إلى تدني رضا الموظفين في القطاع الصحي في مدينة الرياض).
وكان الباحثان توصلا إلى التوصيات التالية:
1. العمل على تشجيع السعوديين في الدخول في حقل الرعاية الصحيحة من خلال توفير التعليم والتدريب اللازمين، حيث أن نصف العاملين في هذا المجال الحيوي هم من غير السعوديين.
2. العمل على رفع مستوى الرضا عن العمل خلال عطلات نهاية الأسبوع والعمل في مناوبات مسائية وليلية وذلك بإتاحة المجال للراغبين في العمل في هذه الظروف مقابل حوافز أو زيادة رصيد الإجازات مقابل العمل في المناوبات غير المرغوب فيها.
3. العمل على زيادة العوامل التي تؤدي إلى الرضا الوظيفي لدى العاملين في القطاع الصحي مثل جوانب قيمة (العمل) المتمثلة في الإحساس بالإنجاز الذي سيناله من علمه والثناء الذي ينالونه عند أداء عمل جيد، وجوانب المكافأة المعنوية من العمل مثل إمكانية توجيه الآخرين بما يجب القيام به وإمكانية عمل ما يستخدم قدراتي وغيرها من الأمور المعنوية المحفزة.
4. العمل على زيادة فرص الترقية للعاملين في المرافق الصحية ، ورفع مستوى المرتبات لتتماشى مع كمية العمل المتوقع.
5. العمل على تنسيق فرق العمل لإتاحة الفرصة لمن يرغب من العاملين في المرافق الصحية في العمل في بيئة غير مختلطة ما أمكن ذلك.
6. العمل على تشجيع الإناث على الدخول في مجال العمل في الرعاية الصحية من خلال توفير التعليم والتدريب اللازمين، حيث كان ثلث القوى الصحية فقط من النساء ولا يشكل السعوديات إلا نسبة ضئيلة منها.
7. العمل على رفع مستوى رضا الإناث العاملات في المرافق الصحية إضافة إلى التوصية بالعمل على مساواة مرتبات النساء بمرتبات الرجال الذين يردون نفس العمل.
8. العمل على تخفيف عامل "عبء العمل" على الإناث خصوصاً في عنصر العمل خلال عطلات نهاية الأسبوع "عنصر" العمل في مناوبات مسائية وأخرى ليلية.
9. العمل على زيادة الاحتياطات للحد من تعرض العاملين في المرافق الصحية للعدوى ورفع مستوى السلامة المهنية.
أما فيما يخص الدراسة من جوانب نقدية فيمكننا التعرض لها فيما يلي:
1. الجوانب الإيجابية في خطة الدراسة:
إن الدراسة في مجملها على قدر عالي من الإجادة والحرفية في التنفيذ حيث استوفى الباحثان جميع الجوانب الشكلية والموضوعية المطلوبة في البحث العلمي متمثل في الآتي:
أ. قام الباحثان بعمل مقدمة ممتازة تعرضا فيها لعملية الرضا الوظيفي وأبعادها المختلفة بالإضافة إلى التعرض لآثار عدم توفر الرضا الوظيفي لدى العاملين والتي من أهمها التسيب الوظيفي والتسرب الوظيفي.
ب. قام الباحثان بصياغة مشكلة البحث صياغة جيدة مدعمة بالإحصاءات اللازمة وبعض النسب المئوية المفيدة لتوضح حجم المشكلة وأبعادها.
ج. قام الباحثان بصياغة أهداف للبحث حددت الإطار العام لخطة عمل البحث بشكل دقيق.
د. قام الباحثان بشرح بيان أهمية البحث بشكل جيد يبين أهمية الدراسة النابعة من أهمية الرضا الوظيفي وأثره على العاملين وبالتالي أثره على خطة التنمية بشكل عام.
هـ. فيما يخص تساؤلات البحث فقد تمت صياغة التساؤلات بشكل جيد حيث جاءت أسئلة البحث في صميم الموضوع وتناول جميع جوانبه.
و. نتائج البحث فقد جاءت لتجيب بوضوح على تساؤلات الباحثان الموضوعة في بداية البحث.
2. الجوانب الإيجابية في أدبيات الدراسة:
قدم الباحثان أدبيات الدراسة بشكل ممتاز حيث تعرضا إلى عملية الرضا الوظيفي من منظور تاريخي حيث عرضا في البداية مفهوم الرضا الوظيفي وتطوره وكذلك قدما شرحاً وافياً لكل من أبعاد الرضا الوظيفي وأهميته بالإضافة إلى كيفية قياس الرضا الوظيفي ومعرفة نتائجه وكذلك قدما عرضا لنظريات الرضا الوظيفي المختلفة، ومن الأهمية القول أن الباحثان قد تعرضا للدراسات السابقة من الرضا الوظيفي من خلال النظرة التاريخية للرضا الوظيفي.
3. الجوانب الإيجابية في منهج الدراسة:
لقد استخدم الباحثان المنهج الوصفي (المسحي) وهو منهج مناسب جداً للتحقق من الإغراض التي تهدف إليها الدراسة وهو عموماً منهجاً مناسباً للبحوث الخاصة بالنواحي السلوكية والاجتماعية كما قام الباحث بالتحديد الجيد لمجتمع وعينه البحث، أما عملية استخدام الباحثان لأداة الدراسة فقد استخدما مقياس (مينيسوتا للرضا الوظيفي) وهو مقياس جيد، ولقد بذل الباحثان مجهودا في ترجمة هذا المقياس إلى العربية يشكران عليه كما استخدم الباحثان وسائل للتحقيق من صدق وثبات أداة البحث بداية من صياغة الاستبانة وأخذ رأي المتخصصين الإداريين منها، وحتى استخدام معامل الثبات (لكرونباخ).
4 ــ فيما يخص عرض نتائج الدراسة:
تم عرض نتائج الدراسة بشكل واضح ومفصل حيث بدأ الباحثان بعرض وتحليل وصفي للبيانات مثل البيانات الشخصية للعينة، كالعمر والحالة الاجتماعية والجنس وطبيعة العمل والخبرة وجهة العمل والجنسية والمؤهل العملي والدخل الشهري، وذلك عن طريق جداول منظمة، كما تم عرض الجوانب المتعلقة بالرضا الوظيفي في جداول تبين الأعداد والنسب والمتوسطات والانحراف المعياري.
وعموما فإن عرض نتائج الدراسة تم بشكل ممتاز، تناولت كافة أبعاد الموضوع واختبار جوهرية الفروقات حول أبعاد الرضا الوظيفي كما تم صياغة النتائج على هيئة نقاط معتمدة على ما توصل إليه البحث وكذلك تم صياغة التوصيات بأسلوب جيد ودقيق ومبني على النتائج.
5. الجوانب السلبية:
أ. لم يقدم الباحثان افتراضات للدراسة واكتفيا بصياغة أسئلة حول موضوع البحث وكان من المفترض أن يتم صياغة افتراضات محددة للدراسة حتى تكون الدراسة محددة الإطار وأن يتم التحقق من هذه الفرضيات من خلال البحث.
ب. لم يقدم الباحثان الدراسات السابقة في شكل مفصل ولكنهما قدماها من خلال النظرة التاريخية مما جعلهما لا يقومان ما توصلت إليه الدراسات السابقة بشيء من التفصيل والتحديد وكذلك لم يقدما الدراسات من خلال النظرة التاريخية بشكل منظم.
ج. أسهبت الدراسة في الجانب النظري الخاص بالرضا الوظيفي وعوامله وأبعاده وتم عرض وجهات النظر المختلفة للرضا الوظيفي وكان من المفيد أن يتم تجميع هذه الآراء في نقاط محددة واختصار هذا الإسهاب.

وعموماً فالدراسة في مجملها ممتازة وتتبع الأسلوب العلمي السليم وهي دراسة قيمة وتوصلت إلى نتائج قيمة ومفيدة لصانعي القرار الإداري في القطاع الصحي عموماً.