مدير الشركة: هل توصلت إلى أسباب سوء جودة المنتج؟
مدير الإنتاج: نعم توصلنا إلى أن 90% من عيوب المنتج يكون سببها عيوب بالخامة و بضبط الماكينة و أن 5% تكون نتيجة أخطاء في عملية النقل
مدير الشركة: و ما هي الخطوة التالية؟
مدير الإنتاج: نحن ندرس كيفية منع حدوث هذه المشاكل و سوف أقدم تقريرا بذلك خلال أيام
مدير الشركة: أنت تتحدث عن سبب 95% من العيوب و ماذا عن الخمسة الباقية؟
مدير الإنتاج: لا نعرف أسبابها تحديدا فنحن الآن نركز على الأسباب الرئيسية
مدير الشركة: أنت مدير إنتاج و لا تعرف أسباب المشكلة؟ يجب أن نحدد جميع الأسباب و نجد حل لها جميعا. ماذا لو حدث عيب في المنتج نتيجة للسبب الذي لا نعرفه. هل تضمن ألا يحدث هذا؟ ثم إنك تقول أن هذه هي أسباب 95% من المشاكل و لكن التقرير يقول أن هذه أسباب 89.7% + 4.7. إذن فالمجموع هو 94.4% وليس 95%..أنت أهملت 0.6%..أين الدقة؟؟ أنا أريد أن أعرف جميع أسباب الـ 5.6% و أريد توضيح النسبة المئوية حتى ثاني رقم عشري في التقرير…يجب أن تُعلم المهندسين الدقة
لعلك قد مررت بتجربة مشابهة من قبل. هذا الحوار يوضح مشكلتين
أولا: عدم استخدام الأولويات. هل نبدأ بالقضاء على الأسباب الرئيسية أم نبحث عن الأسباب التي تُسبب 6.5% من العيوب؟ ما هو الوقت الذي نحتاجه للوصول إلى هذه الأسباب؟ هل هذه هي أولويتنا الآن؟ هناك نظرية تقول أن 80% من العيوب يكون سببها 20% من الأسباب. هل نقضي على 80% من العيوب أم نبحث عن السبب الذي يسبب 0.12% من العيوب و السبب الذي يسبب0.03% و هكذا. لاحظ أننا بعد أ نقضي على 95% من العيوب سوف نبدأ في تحليل أسباب العيوب و نحاول القضاء على الأسباب المسببة لمعظم العيوب المتبقية لأنها سوف تكون أولويتنا حينئذ. تحديد الأولويات والمحافظة عليها أمر أساسي في الإدارة لأن الهدف هو استغلال الأمثل للموارد و ليس استغلال الموارد فقط.
ثانيأ: فقدان التناسب: تناسب الدقة مع الاحتياجات. الدقة تساوي استهلاك وقت واستهلاك موارد وإن كان عائد هذه الدقة لا يساوي الموارد المستهلكة للوصول إليها فلا داعي لها. الدقة التي تحتاجها في حسابات تصميم ماكينة تختلف عن الدقة التي تحتاجها في حسابات مصاريف معيشتك. ما هو المجهود الذي تحتاجه لحصر 80% من مصاريف المعيشة الشهرية؟ ما هو المجهود الذي تحتاجه لحصر 90% من مصاريف المعيشة؟ ما هو المجهود الذي تحتاجه لحصر 100% من مصاريفك الشهرية؟ لا شك أن حصر 80% يسير جدا و أن حصر 100% صعب جدا و قد يجعلك تشعر بالملل و تُشعر من يعيش معك بالعذاب. ما قيمة أن تعرف أن مصاريف عصير البرتقال هذا الشهر زادت عن مصاريف عصير الليمون؟ أو أنك تكلفت في شراء البسكويت 3.77 ريال زيادة عن الشهر الماضي؟ بالطبع يمكن أن ترسم رسومات بيانية لمصاريف البطاطس و الطماطم و لكن من الذي يستفيد من ذلك و إن كانت هناك فائدة فهل هي تساوي المجهود المبذول.
التناسب شيء هام وعام في الإدارة فمثلا يجب أن يتناسب
مواصفات المنتج مع رغبات المستهلك
القرارات مع الاستراتيجية
الاستراتيجية مع ظروف السوق الحالية والمتوقعة و مع قدراتنا الحالية و الممكنة
الإنتاج مع احتياجات السوق
الإنفاق على التسويق مع القدرة على تلبية الاحتياجات المتوقعة
النفقات مع عائد البيع ومع السيولة المتوفرة
الاستثمارات مع توقعات السوق
اللامركزية مع طبيعة العمل و المؤثرات الخارجية
الهيكل التنظيمي مع الاستراتيجية و طبيعة العمل و حجم المنشأة و المؤثرات الخارجية
الدقة مع طبيعة الموقف
طول التقرير مع العرف ووقت القارئ و أهمية الموضوع
أنظمة المعلومات مع احتياجات العمل
تناسب كل ما يتم في أي إدارة في المؤسسة مع ما يتم في كل الإدارات الأخرى وكل هذا مع استراتيجية الشركة
يحدث أحيانا أن نكون حريصين على وجود هذا التناسب و لكن نخطئ أحيانا في تحديد المُتناسَب معه –إن صح التعبير- فمثلا
نصمم منتج يناسب مع ذوق من صممه وليس مع ذوق المستهلك
نستخدم الدقة التي تسعدنا وليس الدقة التي يحتاجها العمل
نجعل المركزية تتناسب مع ما نحبه وليس مع طبيعة العمل و المؤثرات الخارجية
نبني أنظمة معلومات متقدمة جدا تُرضي كبريائنا ولا يكون لها العائد المناسب
لا نبني أنظمة معلومات لأننا لا نستمتع باستخدام الحاسب على الرغم من أن العمل سيتقدم بأنظمة المعلومات
نجعل العمل يتناسب معنا و ليس العكس
نَستفيض في تفاصيل الأمور التي نجيدها و ليس في الأمور المهمة للعمل
نُعد دراسات ممتعة لنا و ليس الدراسات الهامة للعمل
ختاما، فلابد من ربط الأولويات بالتناسب فما هو أولوية لغيرنا قد يكون ليس من أولوياتنا فمثلا المؤسسة التي تريد أن تقدم مستوى خدمة عالية و بسعر عال لها أولويات تختلف عن تلك التي تستهدف محدودي الدخل. ولو فكرنا قليلا لوجدنا أن الأولويات تحدد بما يتناسب مع طبيعة الموقف.