من بين أسباب عدة تعمل على تفاقم مشكلة البطالة في السعودية، تبرز مشكلة المتاجرة بالتأشيرات، أو "تجار الشنطة" كما يطلق عليهم.

وتاجر التأشيرات هو شخص يتمتع بنفوذ غيرعادي يحصل على عدد من التأشيرات مقابل مبلغ لايتجاوز الألف ريال لكل تأشيرة، لكنه يقوم ببيعها بمبالغ تصل لأكثر من عشرة آلاف ريال لكل تأشيرة.

ويقول أحد المسؤولين إن تجار الشنطة يحصلون على تأشيرات بأعداد كبيرة لاتعكس حاجاتهم الحقيقية، ولكن القضية هي أقرب ماتكون بالمتاجرة.

ورغم وجود أكثر من تسعة ملايين أجنبي داخل سوق العمل السعودية، تعلَّم غالبيتهم المهن والحرف بعد وصولهم للمملكة, فإن الطلب على الاستقدام لايزال مستمرا في غالبية المهن.

ويرى أمين عام مجلس الغرف التجارية أن مسألة المتاجرة بالتأشيرات تحتاج لإعادة هيكلة سوق العمل بشكل يوازي بين العرض والطلب, وبشكل يتيح التأكد من أن ما يتم إصداره من تأشيرات يعكس الحاجة الفعلية للسوق.

ومع أن المملكة، حاولت التغلب على تلك المشكلة منذ خمسة أعوام من خلال تطبيق سياسة "سعودة" أو توطين الوظائف فإن المشكلة لاتزال قائمة. ولايزال تاجر الشنطة هو الكاسب الأبرز من وراء ذلك الخلل.

وخلال مقابلة مع قناة "العربية" قال الدكتور عبدالله الكعيد الكاتب بجريدة الرياض، إن المشكلة لها أسباب مختلفة وإن الجهات المختصة تشارك في هذه الأمر، وضرب مثلا على ذلك بأن الشركات التي تقوم بنتفيذ مشروعات تتقدم بطلب لوزارة العمل لتأمين احتياجاتها من العمالة المطلوبة للقيام بهذا المشروع، وغالبا ما توافق الوزارة على عدد أقل من العمالة، فلا يكون أمام صاحب الشركة غير اللجوء لتدبير هذا النقص من خلال فائض العمالة السائبة في السوق ممن حصلوا على تأشيرات دون أن يكون لهم عمل حقيقي.

ويقول الكعيد إن هناك من يتربح من وراء ذلك العمل، ويحصل على أعداد كبيرة من التأشيرات، وغالبا ما يتصرف فيها بطريقتين، إما البيع مباشرة وتحقيق مكسب سريع، أو يجلب العمالة فعلا ويتركها في السوق لتعمل ويحصل على جزء من أجورها ومكاسبها.

ونوه الكعيد إلى أن هناك مشكلة أخرى في السيطرة على موضوع التأشيرات لأن المملكة بحكم مكانتها الدينية، فإن غالبية المسلمين في كل أنحاء العالم يرغبون في دخولها من أجل أداء المناسك، وأن بعض هؤلاء يلتحق بعمل ويبقى داخل المملكة حتى يكون بمقدروه زيارة المشاعر الدينية كلما رغب في ذلك, بالتالي فالمشكلة متشعبة وتحتاج لتضافر جهود عديدة لحلها.