هذا السؤال الذي تختلف إجابته من شخص لأخر . فبناء على اختلاف التعريف يختلف أسلوب كل شخص في تحفيز موظفيه . و لكن في النهاية نتفق على أن التحفيز هو وصول العاملين في مؤسسة ما إلى حالة الشغف و التلهّف و السرور بأعمالهم . أي تحريك العاملين لأداء العمل ذاتياً . و التحفيز يأتي من أعماق النفس . و عملية التحفيز من أهم أركان صناعة القائد و على قدر نجاحنا في تحفيز الآخرين . سنكسب احترامهم و ثقتهم و حبّهم و ولائهم و إنتاجهم .
و هناك العديد من النظريات الحديثة لتحفيز الأتباع . و لكن أفضلها في ظننا ما احتوى على المواصفات التالية : توضيح الرؤية البعيدة و اقتناعهم بها ، توضيح الهدف و مساعدتهم في فهمه و تشكيله و دورهم في تحقيقه ، مشاركتهم و مشاورتهم في القرارات التي تؤثر عليهم و إعلامهم بتطوّر الأحداث ، احترامهم و تقديرهم و مراعاة احتياجاتهم و الانفتاح معهم ، اعطائهم صلاحيات واسعة لأدا المهام المكلّفين بها . و الثّقة بهم عند الأداء أي جعل المنفذ مسؤولاً عن نتائجه ، و أن يكون القائد قدوة لهم ، صادقاً معهم ، خلوقاً و عادلاً في تعامله مع من حوله و متواضعاً بينهم ، بالإضافة إلى تحويل نقاط ضّعف الأفراد نقاط قوة .
كما تتفاوت طبيعة الأفراد من حيث استجابتهم إلى العوامل التي تؤثر على حافزيتهم أو دافعيتهم للعمل من فرد لآخر و من مؤسسة لأخرى ، فبعض الموظفين يمكن حفزهم عن طريق الألفاظ المهنية لأن فيها تحفيز دائم . و بعضهم عن طريق إلهاب الحماس بالرؤيا المستقبلية .. و هكذا . فالقيادة هي تحريك الناس نحو الهدف . و القائد الفعّال من يحسن عملية التحريك باستعمال المفتاح المناسب للأتباع . و لذلك نجد النبي صلّ الله عليه و سلّم يوجّه كل شخص من الصحابة رضي الله عنهم إلى ما يناسبه من مهارات و قدرات ، و ذلك من خلال معرفة المفتاح المناسب له . فيقول صلّ الله عليه و سلّم : " أرحم أمتي بأمتي أبو بكر و أشدّهم في أمر الله عمر و أشدّهم حياء عثمان و أقضاهم علي و أعلمهم بالحلال و الحرام معاذ بن جبل و أقرضهم زيد بن ثابت و أقرؤهم أبيّ بن كعب و لكل قوم أمين و أمين هذه الأمة أبي عبيدة بن الجرّاح " .
و يستعمل الرسول صلّ الله عليه و سلم مع كل شخص ما يناسبه من عوامل التحفيز حتى إنه استعمل الحوافز المادية مع بعضهم كما جاء في توزيع غنائم حنين . و استعمل الحوافز المعنوية كما ذكر مع جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه فقال : " ما أدري بأيهما أنا أفرح بفتح خيبر أم بقدوم جعفر " و استعمال الفخر و الشهرة مع أبي سفيان رضي الله عنه في فتح مكة فقال : " من دخل دار أبي سفيان فهو آمن " .
و من أهم نظريات التحفيز التي حاولت أن تفسر الدوافع التي تدفع الإنسان إلى العمل و الإنتاج منها نظرية (الاحتياجات الإنسانية maslow) و هي تقوم على أن السلوك يتحرك بسبب وجود حاجات خمس و هي : ( تحقيق الذات – التقدير – الاجتماعية – الأمن و السلامة – الفيزلوجية ) و هي غير مشبعة فعن إشباع بعضها يندفع الفرد إلى إشباع أخرى أعلى منها إذ أن حاجات الإنسان تحدث في تسلسل هرمي . و يمكن أن نقول إن هرم maslow يمكن أن يكون أداة مفيدة للمشرفين لتحليل مصادر الدوافع و مشكلاتها على أن يكونوا حذرين في أخذ الفروق الفردية بعين الاعتبار ، و أن يكونوا على يقين بأن الحلول المقترحة لإشباع حاجات معينة تختلف بين الأشخاص .
و هناك أيضاً ( نظرية التوازن ) التي لخصت في أربع احتياجات ( الجسد – الروح – العقل – العاطفة ) و يؤكد على ضرورة احداث التوازن في تلبية احتياجات هذه المراكز الأربعة تحت شعار : أن أعيش و أحب و أتعلّم و أترك ورائي أثراً طيباً .
و المفتاح الأساسي لإشباع هذه الحاجات هو : التوازن و التفاعل و إعطاء كل ذي حق حقّه . و يؤكد covey أن الإنسان يملك قدرات أربع : ( إدراك الذات " قوة الشخصية " – الضمير الحي " قوة الإيمان " – الإدارة المستقلة " قوة الاستجابة " – الخيال المبدع " قوة العقل " ) . و يؤكدcovey أن التوازن المطلوب ليس فقط بين الحاجات الأربع و إنما أيضاً بين القدرات الأربع للإنسان . و أن نظام الحوافز في أ مؤسسة خاصة أو عامة لابد أن يراعي تحقيق هذا التوازن المنشود من أجل تحقيق قدر كبير من الدافعية و التحفيز . و بالتالي مستوى عل من الأداء و الانتاجية .