استكمالاً لما تم طرحه سابقاً عن بعض الأنماط الإدارية الشائعة في عالمنا العربي التي هي وللأسف مزدهرة في واقعنا المعاصر، آخذة مصطلحات ومسميات جديدة ومتعددة أفرزتها البيئة والظروف المحيطة بها، بعضها شائع وبعضها الآخر مازال مجهولا

والتي كان آخرها الإدارة بالتسلط، والتي تعني القرارات التعسفية والظلم والوجه العبوس حيث إن العمل في تلك الإدارات يكون غالباً تحت وطأة التطفيش والتوتر والتهديد والتخويف من العقاب والإنذار والحسم من الراتب وعدم الترقية والحرمان من العلاوة والانتدابات...إلخ، فأصحاب هذه الإدارة يمارسون أشكالا متنوعة من الضعوط والتخويف على من يعمل تحت إدارتهم من موظفين وعمال...إلخ. ومن نماذج الإدارة الإدارة المتسلطة نستعرض التالي:

الإدارة بالاستبداد

في هذا النوع من الإدارة المتسلطة يرى المدير نفسه بأنه هو وحده الذي يعرف ويعلم ويفهم في كل الأمور صغيرها وكبيرها، لذا تراه يعظم آراءه ويبجلها، فلا يرى أهمية لأحد من العاملين معه، ويعامل موظفيه على أنهم جهال عديمو الذكاء والفهم، لايفقهون ولايعرفون شئياً، فلا يشاركهم في رأي أو مشورة ولا يقبل لهم خاطرة أو فكرة، ويرى أن جميع العاملين معه بحاجة إلى ذكائه وتوجيهاته وخبرته وتجاربه لذا فهو يقود العاملين في إدارته بنوع من العلو والتسلط والاستبداد، وينظر لنفسه بأنه وحده القادر على إصلاح الحال أما غيره ممن يعملون معه فهم كقطيع الماشية يأمرهم فيطيعون وينهاهم فيستسلمون، لذا لابد من وضع أهداف لهم يؤدونها ومهام ينفذونها من دون تفكير أو رأي فهم كالآلات، ليس لهم الحق أن يسألوا لماذا يعملون كذا أو يتركون كذا؟ فهم يؤدون ما عليهم من واجب، ولا يستحقون أي تشجيع أو حوافز مادية أو معنوية.

الإدارة بالعمل الشاق

في النوع الثاني من الإدارة المتسلطة يرى المدير أن جميع العاملين يجب تكليفهم بما لا يطيقونه من أعمال بدون شفقة أو رحمة، انطلاقاً من مبدئه الذي يؤمن به ويرى فيه بأن العاملين في الإدارة إن لم تثقلهم بالأعمال الشاقة والمهام أثقلوك بالاستئذان والإجازات وغيرها، فالعمل مع المدير في الإدارة يكون دائماً في استمرار وبدون توقف، والأفراد مسخرون فقط لأداء العمل الموكل إليهم، ويرى أنه لا داعي لاستخدام وسائل التقنية الحديثة والحاسب الآلي لإنجاز الأعمال الإدارية بسهولة بل يشجع على العمل اليدوي التقليدي حتى يثقل كاهل العاملين معه، وهذا المدير المتسلط يتبجح بالكيف ويهتم بالكم ولايشرك موظفيه في نجاحاته لأجل أن يرتقي على أكتافهم، كما لايهتم بتطوير وتدريب العاملين في إدارته، ويرى أن خروج الموظف للتدريب إنما هو تهرب من العمل لأجل الحصول على الراحة والاستجمام.

الإدارة بالشلة (المحسوبية)

في النوع الثالث من الإدارة المتسلطة يكون حول المدير مجموعة من العاملين معه يكونون شلة أو مجموعة يساعدونه على أداء مهامه وإنجاز أعمال الإدارة، وهذه المجموعة بحسب مرئيات الإدارة هي التي تخطط وترسم وتقترح وتنفذ، وهي المجموعة المسموعة والمقربة من قبل المدير ليس لأنهم أفضل أو أكفأ العاملين في الإدارة بل لأنهم من مجموعة المدير والمحسوبين عليه، أما باقي العاملين فهم لا قيمة لهم في الإدارة حسب وجهة نظر المدير المتسلط، حتى ولو كان فيهم الخبير والمختص...إلخ.

ومما سبق عرضه من نماذج إدارية متسلطة نجد أن الأسلوب المتسلط نمط من السلوك الإداري الذي يعمي القلوب ويمرض النفوس ويوغر صدور الموظفين بالحقد والكراهية ويميت الضمائر فتختل موازين العدل وتسيطر الأنانية وحب الذات بين العاملين في الإدارة الواحدة، ويؤدي إلى التوتر والإحباط والكآبة وانخفاض الروح المعنوية والبطالة المقنعة وزيادة أعداد الكفاءات والخبرات البشرية المعطلة، ويعوق من تقدم وتطورالمنظمات، وحتى يتم القضاء على هذه النماذج من الإدارة المتسلطة من وجهة نظري فلابد من القيام بعملية تدوير المناصب الإدارية كل فترة زمنية خاصة حينما تظهر أعراض هذا المرض في أي إدارة بسبب مديرها الذي لديه نزعة وميول لأي نموذج من نماذج الإدارة المتسلطة السابق ذكرها لذا فلا بد من وضع أهداف واضحة للمديرين والعاملين من قبل لإدارة العليا يتطلب تنفيذها، ويكون دور المدير في الإدارة موجهاً ومعلماً وقدوة للعاملين معه، أفعاله أكثر من كلامه، والمعلومات متاحة للجميع إذ لا سرية في المعلومات، وهذا سوف يعمل على إدخال التجديد في أعمال المنظمة وإدراتها ويرفع الروح المعنوية ويوفر المناخ السلوكي السليم للموظفين ويطور علاقات الود والاحترام والثقة والتعاون بين جميع الموظفين مما يؤدي لرفع مستوى الأداء وزيادة الإنتاجية، والجميع حريص على إنجاز العمل الموكل إليهم بكل أخلاص وتفان فالإدارة هي أساس نجاح وفشل المنظمة، ووراء كل إدارة متسلطة مدير فاشل!