تنتزع السوق السعودية إعجاب أي رجل أعمال تنفيذي؛ لمكانتها العالمية وسجلها الحافل في جذب المؤسسات التجارية. وباحتلالها المرتبة الـ 23 بين أكبر اقتصاديات العالم، فالمملكة هي واحدة من بين ثلاث دول ذات أكثرية مسلمة في مجموعة G-20 وعضو في منظمة التجارة العالمية، وهي تحتل المرتبة الـ 11 بين أكثر الدول ذات اقتصاد تنافسي في العالم، وفق تقرير البنك الدولي لعام 2011 عن ''نشاط الأعمال''. ووفقا للتقرير نفسه، صنفت المملكة العربية السعودية كأفضل مكان للقيام بالأعمال في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي، للسنة الخامسة على التوالي. والمملكة هي أيضا الدولة العاشرة بين الدول التي تتمتع بديون سيادية آمنة، كما ورد في تقرير حديث صدر عن مؤسسة ''رؤيا تحليل ائتمان الأسواق'' اللندنية، واضعا المملكة في نفس فئة ألمانيا القوة الاقتصادية الأوربية التاسعة.

ولا يمكن للمملكة والذين يرغبون في دخول نشاطات تجارية فيها لا يمكنهم طلب تقييم واعد أكثر من هذا. وما هو أكثر تشجيعا من هذا، هو أن خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، يعوّل على موهبة الشعب السعودي الكبيرة ويسير بالمملكة تجاه اقتصاد قائم على المعرفة.

وللنجاح في تلبية متطلبات هذا القرن، الـ 21، ومثل دول كثيرة ذات تضخم سكاني في فئة الشباب، فإن المملكة تعمل على توفير ثلاثة ملايين فرصة وظيفية جديدة في العقد المقبل. وهذه مهمة كبيرة، لكنها ضرورية للسيطرة على البطالة وتقديم مستقبل مشرق ومنتج لـ 50 في المائة من السكان الذين هم تحت سن الـ 20. كما يتطلب هذا جذب تكنولوجيا واستثمارات جديدة للمملكة. ومع أن المملكة اتخذت خطوات كبيرة لتحسين مناخ الاستثمار فيها لجذب الاستثمار الأجنبي المباشر، فإن خطوات إضافية قد تساعد المملكة في تحقيق إمكانياتها الحقيقية. فعلى سبيل المثال، طبقا لتقرير البنك الدولي ''لنشاط الأعمال'' لعام 2011، جاءت المملكة رقم 140 من بين 183 دولة بالنسبة لتنفيذ العقود. وبالمثل، فإن نجاح السياسات الحكومية في التوظيف سيعتمد كثيرا على آليات السيطرة على البطالة ووضع حد أدنى للأجور. وسيساعد النجاح في هذه المجالات في توفير فرص وظيفية جاذبة للمواطنين السعوديين وتقليص اعتماد القطاع الخاص على العمالة الأجنبية.

وكما ذكرت وزيرة الخارجية كلينتون في منتدى المستقبل في أوائل هذا الشهر في الدوحة، قطر، فإن ''منطقة الشرق الأوسط تطفح بالمواهب. وأنعم الله عليها بالموارد، وزاخرة بتقاليد أسرية وإيمانية راسخة. وهذا الجيل الصاعد من الشباب لديه إمكانات لإنجاز الكثير، ومن واجبنا أن نمنحهم الفرصة لتحقيق ذلك''.

إن المنشآت السعودية الكبيرة النشطة والمنشآت الصغيرة والمتوسطة هي أيضا عناصر حيوية في المساعدة في تحقيق هذه المطالب الاقتصادية وتوفير فرص التوظيف والخبرة. وعلى نطاق العالم، فإن 99 في المائة من الأعمال التجارية هي صغيرة أو متوسطة الحجم، وهي المحرك في إنتاج 50 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وأنا سعيد بأن الحكومة السعودية قد طورت برامج مبتكرة لمساعدة المنشآت وأصحاب الأعمال الجديدة للحصول على رأس المال الاستثماري لبدء نشاطهم - إن برنامج صندوق التنمية الصناعي السعودي لضمان قروض المنشآت الصغيرة والمتوسطة وبرنامج ''بادر'' لحاضنات التكنولوجيا تلبي حاجة المشاريع في القطاع الصناعي. وترحب الولايات المتحدة بفرصة مشاطرة خبرتها في المساعدة في تنمية المنشآت الصغيرة والمتوسطة ونجاحها في المملكة. وعلى سبيل المثال، ففي الولايات المتحدة، أحد أقدم البرامج التي تم تأسيسها لمساعدة المنشآت الصغيرة في الفوز بالعقود الحكومية هو برنامج ''ادخار جزء من العقود الحكومية جانبا للمنشآت الصغيرة'' (سبسا، SBSA). وتساعد ''سبسا'' في ضمان أن المنشآت الصغيرة تحظى بنصيب وافر من العقود الحكومية، وذلك بإفراد عقود حكومية معينة لمساهمة الأعمال الصغيرة بصفة خاصة.

والولايات المتحدة هي كذلك شريك جاهز، لتقديم خبرتها في المشاريع التجارية لرجال وسيدات الأعمال السعوديين. وقد استضاف الرئيس أوباما تسعة أشخاص سعوديين مميزين ومبدعين في مجال الأعمال في قمة المبادرات التجارية لعام 2010. وسنواصل عملنا في دعم تطوير قاعدة أعمال تلبي احتياجات الاقتصاد السعودي.

وتقوم المملكة العربية السعودية بتعليم شبابها وتحضيرهم للعمل في ظل اقتصاد عالمي قائم على المعرفة. ومشروع الملك عبد الله لتطوير التعليم العام يقوم بتوسيع تدريس مواد الرياضيات والدراسات الاجتماعية، كما تقوي مناهج المرحلة المتوسطة. ويقوم برنامج الملك عبد الله للابتعاث بإيفاد عشرات الآلاف من الطلاب للدراسة في الخارج وكسب المهارات والخبرات لازمة لتحويل اقتصاد المملكة. والولايات المتحدة فخورة بأنها تسهم بنصيب في تعليم الجيل القادم هذا. فلدينا أكثر من 32 ألف طالب سعودي في الولايات المتحدة حاليا، يقومون بتوسيع معارفهم بالعالم واكتساب مهارات يمكن تسخيرها عند عودتهم.

ولا يقود الشباب فقط التطور المستقبلي للمملكة، بل كذلك سيقود هذا التطور أعداد كبيرة من الشابات. ويشكل حاليا الشابات 60 في المائة من خريجي الجامعات في المملكة، وهي موارد اقتصادية غير مستغلة حاليا. وزيادة مشاركتهن في القوة العاملة ستكون لها آثار مضاعفة، التي بدورها يمكن زيادة الإنتاجية الإجمالية للبلاد. وسيقود التطور الاقتصادي السعودي المستقبلي المجتمعات من البحر الأحمر إلى الخليج، في الفنون والعلوم ومن المرأة والرجل.

وعندما طرح الرئيس أوباما رؤية لمستقبل علاقاتنا مع العالم الإسلامي، شدد على أن هذه العلاقة ينبغي لها أن ترتكز على أسس الاحترام المتبادل والمصالح والمسؤولية المشتركة. وبالنسبة لي، هذا يعني - إلى حد ما - أن الحكومة الأمريكية ستعمل مع الحكومة السعودية معا لتلبية أهداف التطور الاقتصادي السعودي. وهي تصب في المصلحة الاستراتجية لبلدينا، ونحن على أهبة الاستعداد للقيام بكل ما في وسعنا للمساعدة في تنمية القوى البشرية الحيوية لمستقبل شعبينا. نفتح أبواب مدارسنا ومراكز تدريبنا وعقولنا لمساعدة المملكة في تحقيق هذه الأهداف والاستفادة الكاملة من مواردها.

وكما ذكر لي أصدقائي السعوديون مرارا، فإن الموارد البشرية السعودية يعوّل عليها كثيرا في تحقيق رؤية الملك عبد الله أكثر من كل أصولها في حقول البترول أو في الحسابات البنكية. وتبقى الولايات المتحدة، شريكا وصديقا، ملتزمة بالمساعدة في تحقيق هذه الرؤية العظيمة.

قام بهذا الطرح سفير الولايات المتحدة الأمريكية في المملكة العربية السعودية .. جيمس سميث