كان الاعتقاد السائد إلى وقت قريب أن الثروات تتكون من الأصول الملموسة مثل الأراضي و المباني أو المعدات فقط ولم يفكر أحد في مدى تأثير العنصر البشري على تكوين تلك الثروات. ولكن بدخول عصر التكنولوجيا و المعرفة أصبح العنصر البشري هو المؤثر الحقيقي في نجاح المنظمات، وتغيرت المفاهيم الاقتصادية التقليدية وبدأت في الظهور مفاهيم اقتصادية جديدة تعتمد على المعرفة، وأن الاهتمام بالعنصر البشري يؤدي مع الأصول الرأسمالية بالمنظمة إلى زيادة قيمة الناتج النهائي. وأصبح واضحا أنه كما أن رأس المال يزداد عن طريق الاستثمار، فإن الموارد البشرية تزداد عن طريق الاستثمار الإنساني.(1)
ورأس المال البشري هو مفهوم اقتصادي وضع من طرف ثيودور شلتز ([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]) ثم ضبط من طرف جاري بيكر ([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]) يهدف إلى تفسير النتائج الاقتصادية لتراكم المعارف و الكفاءات من طرف فرد أو منظمة.(2)
ورغم الاهتمام البالغ بتأثير العنصر البشري على إحراز النتائج إلا أنه لم يقابله اهتمام مماثل بكيفية قياس هذا التأثير، وذلك لصعوبة قابلية ذلك العنصر للتقييم و التطويع و الإدارة بالمقارنة بباقي العناصر لذلك كان يتم تقييم قوة العمل بكمية الإنتاج دون الاهتمام بكيفية الأداء أو مدى إشباع العمل لاحتياجات الأفراد كبشر.
وقد ظهرت مؤخرا الكثير من الدراسات و الأبحاث الجادة حول كيفية قياس القيمة المضافة لرأس المال البشري، وبناء عليه تم التوصل إلى مجموعة من القياسات الكمية التي بدأ تطبيقها منذ التسعينات وزاد من أهمية تلك القياسات النقص الواضح في المهارات و المواهب في سوق العمل على مستوى العالم مما دفع الكثير من المنظمات إلى عدم الاهتمام فقط بتحليل البيانات الخاصة بالتكلفة، ولكن إلى بذل الجهد لتطوير العنصر البشري لتعويض الانخفاض في أعداد العمالة الماهرة على كل المستويات، وللحفاظ على ميزة تنافسية في أسواق القرن الواحد و العشرين، ولإيجاد أساليب لزيادة فعالية رأس المال البشري من خلال توافر بيانات صحيحة يعتمد عليها في كيفية الاستثمار في طاقات البشر الإنتاجية، واعتبر أن هذا هو الممر الوحيد و العملي لحل مشكلة نقص الكفاءات و المهارات البشرية وزيادة القيمة الاقتصادية المضافة للمنظمات.
.....................................

(1) عبد الله عبد الدائم وآخرون، تنمية الموارد البشرية: بحوث ومناقشات ندوة تنمية الموارد البشرية في الوطن العربي، الكويت، دار الرازي، نوفمبر 1987، ص231.
(2) site web de l’encyclopédie libre WIKIPEDIA ([مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]).