شروط تولى الوظائف العامه فى الاسلام
مبدأ المساواة من المبادئ الاساسيه التى يقوم عليها النظام الاسلامى ويقصد بالمساواة بين البشر جميعا فى الحقوق والواجبات لأن الجميع خلق من نفس واحدة ((يا ايها الناس اتقوا ربكم الذى خلقكم من نفس واحدة وبث منهما رجالا كثيرا ونساء )).
كما اوضح الرسول الكريم ((ص)) فى خطبته يوم فتح مكه : يا معشر قريش ان الله قد اذهب عنكم نخوه الجاهليه وتعظيمها بالاباء , الناس من آدم وآدم من تراب )) , ثم قرأ قول المولى سبحانه وتعالى (يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ).
كما أكد الرسول ((ص))- هذا المعني في حجة الوداع قوله (ايها الناس ان ربكم واحد, وان اباكم واحد, كلكم لآدم من تراب, ان اكرمكم عند الله اتقاكم لا فضل لعربي علي اعجمي ولا لأعجمي علي عربي الا بالتقوي).
ومن الحقوق الاساسيه التى يجب ان يتساوى فيها جميع الافراد . حق تولى الوظائف العامه .ولكن ذلك لايعنى مساواة الجميع مساواه مطلقه فى تولى الوظائف العامه, وانما المقصود هو المساواه بين الافراد الذين تتوافر فيهم شروط شغل الوظائف .وهنا نتساءل ما هى الشروط التى يجب ان تتوافر فى الاشخاص لشغل الوظائف .
ان الشرط الاساسى لتولى الوظيفه العامه فى الاسلام هو الصلاحيه لشغلها , ويقصد بالصلاحيه الفدره على تحمل اعباء الوظيفه .
وترتكز الصلاحيه علي عنصرين هما :القوة والأمانه, وذلك بقول الحق سبحانه وتعالي( ان خير من استأجرت القوي الأمين )) وقوله سبحانه وتعالي: (( انك اليوم لدينا مكين امين )) ويقول عم من قائل في وصف جبريل ((انه لقول رسول كريم ذي قرة عند ذي العرش مكين مطاع ثم امين ))
ونوضح فيما يلي هذين العنصرين :
اولا : القوة :
القوة هي التعبير المادي للصلاحيه , ويقصد بها القوة في تدبير شئون الأمه وصالح الأفراد . ولكي يكون الشخص قويا في مفهوم الاسلام يجب ان تتوافر فيه الأمور الآتية :
1- قوة الايمان : يجب ان يكون الموظف العام في الدوله الأسلاميه
مومناً بعقيدة الأسلام الشامله لكي يستطيع ان يعمل علي تحقيقها من خلال وظيفتة بأعتباره مظهر الدوله ويدها المنفذة.
2- القدرات العقلية والمهارات الفكرية :وذلك حتي يتمكن الشخص من ادراك حقائق الأشياء والوقائع المختلفة والربط بينها ربطاً يتماشي منطق الأسلام ومنهجه . وقد اهتم الاسلام بالعقل وهو وسيلة العلم وبني عليه التكالف الشرعية , فالشخص لا يسأل حال غياب العقل , كما حض الأسلام علي العلم كوسيلة لتنمية المهارات الفكرية , ففى الحديث الشريف طلب العلم فريضة علي كل مسلم.
3- المقدره البدنية : لكي يكون الشخص قوياً علي آداء متطلبات الوظيفة ويستطيع ان ينهض بأعبائها يجب ان تتوافر في المقدرة البدنية والمقصد من ذاك ألا يكون في الشخص علة او اصابة تؤثر في مقدرته علي ابداء الرائ السليم أو تحول بينه وبين القيام بمتطلبات الوظيفة وتستلزم المقدرة البدنية ان يكون الشخص قد بلغ سناً معيناً تؤهله لممارسة اعباء الوظيفه . ولهذا فأن بعض الفقهاء ذهب الي عدم جواز تولية الشخص الوظيفة العامة الا اذا كان قد بلغ سناً معيناً, وهي خمسة عشر عاماً استناداً لما روى عن ابن عمر عن نافع قال عرضت علي رسول الله( صلي الله عليه وسلم) في جيش وانا ابن اربعة عشر فلم يقبلني , ثم عرضت عليه وانا ابن خمسة عشر فقبلني فحدثت عمر ابن عبد العزيز فقال: (( هذا حد بين الصغير والكبير )).
ثانياً : الأمانة :
وتتعلق الأمانة بالجانب الأخلاقي للصلاحية , وترجع كما يذهب (الأمام بن تيمية ) الي خشية الله دائما والأعتصام اليه والتزام الحق والعدل وحسن الآداء والتضحيه فى سبيل الخير العام.وتستلزم ان يكون الشخص متسما بالعداله والعدل . فالحق سبحانه وتعالى يقول : ((أن الله يأمركم ان تؤدوا الامانات الى اهلها واذا حكمتم بين الناس ان تحكموا بالعدلوالاحسان )) والعداله ملكه فى النفس تحول دون اقتراف الاثم.
فيجب فى الموظف العام ان يعدل فيمن جعلهم الله تحت ولايته من الموظفين أو الافراد وأن يساوى بينهم فى الحقوق وتحمل الواجبات ولا يظلمهم حقوقهم .
وهكذا بتكامل عنصر القوة والامانه تتحقق الصلاحية المطلقه لشغل الوظيفة العامة , ويلاحظ ان اجتماع القوة والامانة قد لايتوافران دائما, فهل يعنى ذللك تعطيل مصالح الافراد , وعدم تعيين من يشغل الوظائف العامة؟
أجاب علي ذلك الأمام ابن تيميه بقوله : (( اجتماع القوة والأمانة قليل , ولهذا كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول (اللهم اشكو اليك جلد الفاجر وعجز الثقة ). فالواجب في كل ولاية الأصلح ,فاذا تعين رجلان احدهما عاظم امانة والآخر اعظم قوة قدم انفعهما لتلك الولاية واقلهما ضرراً فيها ,فيقدم في امارة الحروب الرجل القوي الشجاع وان كان فيه فجور , عن الرجل الضعيف العاجز وان كان اميناً, كما سأل الأمام احمد عن الرجلين يكونان اميرين في الغزو واحدهما قوي فاجر , والآخر صالح ضعيف, مع ايهما يغزى ؟ فقال : اما الفاجر القوي فقوته للمسلمين, وفجوره علي نفسه وأما الصالح الضعيف, فصلاحه لنفسه وضعفه علي المسلمين , يغزي مع القوي الفاجر .
ولقد كان النبي صلي الله عليه وسلم , يستعمل خالد بن الوليد علي الحرب , منذ اسلم ويقول: ((ان خالدا سيف الله علي المشركين )) مع انه احياناً كان يعمل ماينكره النبي صلي الله عليه وسلم حتي انه مرة رفع يده الي السماء ((وقال اللهم انس ابرأ اليك مما فعل خالد )). لما ارسله الي بني جذيمه فقالتلهم وأخذ اموالهم بنوع شبهه ولم يكن يجوز ذلك وانكر عليه بعض من الصحابة وداهم النبيصلي الله عليه وسلم وضمن اموالهم,ومع ذلك يقدمه في امارة الحرب , لانه كان اصلح في ذلك من غيره , وفعل مافعله بنوع تأويل
المصدر :
المبادئ الأساسية للوظيفة العامة فى الاسلام
دكتور محمد أنس قاسم جعفر