دعا خبراء إلى استحداث هيئة جديدة لإدارة الموارد البشرية في مصر بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير يكون منوطا بها تطوير أداء الموظفين ورفع كفاءتهم حتى يكونوا على المستوى المهني المطلوب وقادرين على الإنتاج والمنافسة.
جاء ذلك في سياق ندوة نظمها واستضافها الأربعاء مركز دراسات واستشارات الإدارة العامة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة حول مشروع قانون الوظيفة العامة الجديد قبل وبعد ثورة الخامس والعشرين من يناير.
وأشارت الدكتورة آية ماهر مدرس الموارد البشرية بالجامعة الأمريكية إلى أن القانون رقم 47 لسنة 1978 والخاص بالعاملين في الجهاز الإداري للدولة لم يعد مواكبا للمتغيرات والفكر الإداري التحديثي.
ونوهت إلى أن الإدارة من أهم المشكلات في مصر ولا بد من تشريع جديد لتنظيمها إلا أنها لفتت إلى أن هناك مشكلة أخطر وهي عدم تفعيل القوانين الموجودة والتي لا تطبق على النحو المطلوب.
وقالت إن من أهم البنود المطلوب مراجعتها في هذا القانون تدني مستوى أجور الموظفين فالحد الأدنى للأجر 400 جنيه لا يكفي ويزيد من الرشوة والفساد ولا يقضي عليهما فضلا عن تدني مستوى الخدمات الحكومية عموما كالمستشفيات والمدارس وغيرها.
ونبهت إلى أن الهيئة المطلوب إنشاؤها تقوم على فكر الموارد البشرية الحديث وتختص برسم رؤية شاملة بناء على توفير البيانات لها عن جميع القطاعات في الاقتصاد لمعرفة المجالات المطلوب تشجيعها والتي بها عجز مثل التعليم الفني في مقابل مجالات أخرى بها فائض مثل خريجي كليات التجارة.
وقالت الدكتورة آية ماهر مدرس الموارد البشرية بالجامعة الأمريكية إن بعض العاملين في مؤسسات حكومية مصرية يتقاضى 170 جنيها في حين يتقاضى آخرون ما يصل إلى 200 ألف جنيه في نفس المؤسسة بما يؤكد ضرورة إعادة النظر في هياكل الأجور.
وشددت على الأهمية الحيوية للتدريب بالنسبة لتطوير الجهاز الوظيفي وأن يكون تدريبا فعليا وبناء على احتياج حقيقي في ظل مراقبة الممارسات الإدارية على أن يكون لدى إدارة الموارد البشرية فكر استراتيجي للاستفادة من الكوادر لا أن يكون عملها قاصرا على مجرد متابعة العملية الإدارية كالغياب والحضور والجزاءات وغير ذلك.
وقالت إن الجهاز الإداري المترهل في مصر يصل إلى 6 ملايين موظف بما يجعل نسبة الموظفين في مصر بالنسبة للمواطنين تصل إلى نحو موظف لكل 12 مواطنا بينما في الكثير من الدول الأخرى تكون هذه النسبة هي موظف لكل 40 مواطنا وهو ما يشير إلى مدى تضخم حجم العمالة الحكومية بمصر وتحول الكثير منها إلى بطالة مقنعة.
واستعرضت ماهر مشكلات عدم تثبيت المتعاقدين والرسوب الوظيفي مضيفة أنها أجرت دراسة كشفت عن أن 95% من موظفي الدولة يحصلون على تقييم ممتاز لكنه يكون تقييما غير حقيقي ومعيبا ولا يسمح بمعرفة مدى احتياج الموظف لتطوير مهاراته وتدريبه في أية جهة.
ونبهت إلى أنها أجرت كذلك دراسة أخرى للمقارنة بين المؤسسات العامة في مصر وبريطانيا فكشفت عن أن مصر بها هيئات رقابية لكنها خاضعة للحكومة وليست مستقلة بينما في بريطانيا توجد هيئات رقابية حكومية وهيئات أخرى رقابية لا تخضع للإشراف الحكومي.
من جانبه أشار الدكتور سامي السيد مدير مركز دراسات واستشارات الإدارة العامة بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة إلى أن هذه الندوة تأتي في إطار الاهتمام بمتابعة ومناقشة تطورات السياسات العامة والمستجدات التي طرأت على البلاد بعد الثورة.
وأضاف أن الندوة استهدفت مناقشة وتحليل أهم بنود مشروع قانون الوظيفة العامة الجديد والذي يهدف إلى التطوير والارتقاء بالوظيفة العامة وخلق وسائل ونظم جديدة لمحاسبة المقصرين والمفسدين، علاوة على مناقشة أوجه الاعتراضات على مشروع القانون وأهم الثغرات الموجودة فيه وإمكانية تطبيق هذا القانون في ظل المفاهيم الجديدة بعد ثورة يناير.
وفي مداخلات للحاضرين نبه البعض إلى مشكلات احتكار القرار الإداري في المؤسسات الحكومية فالموظف لا دور له في القرارات التي تصاغ بشأنه كما أنه كثيرا ما لا يكون له علم بالقانون الذي سينظم عمله، وقال أحدهم "لقد خضعنا للاحتلال البريطاني 70 سنة ومع ذلك وللأسف لم نستفد منه في تجربته الإدارية".
ولفتت مداخلات أخرى إلى أن الحكومة باتت أشد استبدادا من القطاع الخاص في تعاملها مع العاملين لديها من حيث تسعى إلى إنكار حقوق الموظفين في تثبيتهم بعد سنوات من العمل لديها عن طريق سياسة "فصل التعاقد ووصله" وغيرها من الآليات الاستبدادية الأخرى.
كما أكد البعض أن الكثير من الدول المتخلفة سبقت مصر في الاهتمام بتدريب موظفيها ورفع كفاءتهم كما نبهوا لضرورة إعادة النظر في سبل تحقيق الرضاء المادي والنفسي للموظف الذي يقدم الخدمة وليس فقط المواطن الذي تقدم إليه الخدمة.