تمثل الموارد البشرية المؤهلة الثروة الحقيقية للأمم والمجتمعات باعتبارها المورد المتجدد وغير قابل للنضوب خلافاً للموارد المادية الأخرى.
فمع ظهور ثورة الاتصالات وتوجه الدول نحو تحقيق المجتمع المعلوماتي وتحول الاقتصاديات المعاصرة إلى ما يعرف باقتصاد المعرفة.. الخ، تطور هذا المفهوم إلى ما يعرف اليوم بمصطلح رأس المال البشري.
والحقيقة أن الاهتمام بالموارد البشرية في المملكة قد جاء مواكباً لهذه التطورات من حيث البُعد التخطيطي على الأقل، وأصبح هذا المورد في مقدمة أولويات خطط التنمية نظرياً، واستحوذت مقولة أن الإنسان هو وسيلة التنمية وغايتها على كل العناوين في مجلدات خطط التنمية المتعاقبة.
وتبعاً لذلك فقد أرتفع الإنفاق على هذه الموارد من 21% إلى 57% خلال الخطط الخمسية من الأولى إلى الثامنة وإذا ما أضيف إليه الإنفاق على الخدمات الاجتماعية والصحية باعتبارها إنفاقاً على هذه الموارد في الأساس، فإن إجمالي الإنفاق سوف يصل إلى نسبة هائلة تبلغ 76% من الإنفاق العام.
وبالرغم من أن هذا الإنفاق الكبير قد تضاعف 50 مرة في الخطة الثامنة عن نظيره في الخطة الأولى في الوقت الذي لم يتضاعف الإنفاق على الموارد الاقتصادية أو البنية التحتية مثلاً إلا بـ 7.5 مرات و5.6 مرات على التوالي، إلا أن النتائج المتحققة قد جاءت مخالفة للتوقعات ومتباعدة تماماً عن الأهداف التي حفلت بها هذه الخطط، وذلك وفقاً للدراسات المحايدة التي رصدت هذه الفجوة الكبيرة بالأرقام وآخرها الدراسة التي عُرضت في منتدى الرياض الاقتصادي الأخير.
فإذا كانت منظومة هذه الأهداف تمحورت حول زيادة تفاعل التعليم مع الاحتياجات الاقتصادية وزيادة عرض الموارد البشرية المؤهلة والقادرة على المنافسة مع الأجنبي، وتقليل معدلات البطالة وتخفيض نسب استقدام العمالة.. الخ، فقد جاءت معظم هذه النتائج مخيبة للآمال وفقاً للأرقام الرسمية على أقل تقدير.