أوصى المشاركون في ختام فعاليات الدورة الثالثة من منتدى التوطين بتغيير فلسفة الشركات والمؤسسات لتتبنى فكرة الاستثمار في الموارد البشرية، محذرين الشركات من اللجوء إلى فرض ضغوط أو عقوبات مادية على الموظفين الذين استثمرت في تدريبهم.
وأشار المشاركون إلى أن الشركات التي تحرص على تعليم وتدريب موظفيها وتطوير مهاراتهم الوظيفية وتوفير مختلف الاحتياجات التي تلبي طموحاتهم وتتناسب مع أهداف الشركة تضمن ترسيخ روح الولاء والانتماء لها في نفوس هؤلاء الموظفين.
وحذر المشاركون في ختام فعاليات الدورة الثالثة من "منتدى التوطين" الذي نظمته مجموعة جامعة أبوظبي للمعارف تحت شعار " تنمية وتطوير المواطنين لدعم بناء الوطن" من اتجاه بعض الشركات إلى فرض ضغوط أو عقوبات مادية على الموظفين الذين استثمرت في تدريبهم في حال قرروا الانتقال إلى جهة عمل أخرى يفقد تلك الشركات مصداقيتها ويدفع بباقي موظفيها إلى البحث عن جهة عمل أخرى تحرص على تنمية الموظفين وتطويرهم بما يخدم الصالح العام ويسهم في عملة التنمية البشرية التي تشهدها الدولة، حيث استقطب المؤتمر نخبة من المتحدثين من صناع القرار والمدراء التنفيذيين وخبراء التوطين ومتخصصي الموارد البشرية من القطاعين الحكومي والخاص.
وأوصوا بربط المناهج التعليمية ومنح الدراسات العليا بالتخصصات التي تتوافق مع احتياجات سوق العمل المستقبلية.

تجارب ناجحة
وعرض الخبراء المشاركون في المنتدى على مدى يومين أبرز التجارب الناجحة في مجال التدريب والتوطين في المؤسسات الحكومية والخاصة واكدوا ضرورة اجراء تغيير جذري في تطوير رأس المال البشري، لافتين إلى أن الحفاظ على مواهب وخبرات الموارد البشرية في أي شركة أو مؤسسة لم يعد رهناً بضمان الاستمرارية والاستقرار الوظيفي والحافز المادي فقط بل أصبح يتأثر بعوامل عديدة في مقدمتها طبيعة العمل ومشاركة الموظفين في اتخاذ القرارات وتحقيق طموحاتهم المستقبلية، مؤكدين ضرورة ان تبتكر المؤسسات أساليب جديدة للاحتفاظ بكوادرها المتخصصة.
وأشار محمود عبيد، الباحث الأول في إدارة الدراسات في دائرة التنمية الاقتصادية في أبوظبي الى أن رؤية أبوظبي الاقتصادية 2030 تبنت العديد من الاستراتيجيات والخطط التي تم تحديدها كإحدى أولويات حكومة أبوظبي الاقتصادية ومن أهمها الارتقاء بالكفاءات في سوق العمل وإنتاج قوة عاملة ذات مهارات عالمية وإنتاجية كبيرة.
ونوه الى أن رؤية أبوظبي 2030 حددت بوضوح هدفاً رئيسياً يتمثل في ضرورة خفض نسبة البطالة بين مواطني دولة الإمارات العربية المتحدة لتصل إلى 5 % فقط بحلول عام 2030 كما تبنت استراتيجية متكاملة لتحقيق التنوع والنمو الاقتصادي بالتركيز على 10 قطاعات من الأعمال من المتوقع أن تشكل المحرك الرئيسي لنمو الاقتصاد بالإمارة.
وقال إن رؤية أبوظبي 2030 تسعى أيضاً إلى خلق فرص متميزة في الإمارة لجذب الشركات المحلية والعالمية العاملة في القطاع الخاص وابتكار فرص توظيف جديدة لمواطني الدولة في المستقبل .

تحفيز التنمية
وأوضح عبيد أن دائرة التنمية الاقتصادية وفي اطار ترجمة سياسة حكومة أبوظبي قامت وبالتعاون مع مجلس أبوظبي للتوطين ومجلس تنمية المنطقة الغربية ولجنة تنمية المنطقة الشرقية وبلدية العين ومؤسسة التنمية الأسرية بتنفيذ دراسة علمية حول تحفيز التنمية في المناطق النائية لخلق فرص عمل للمواطنين قدمت من خلالها نظرة واضحة لأوضاع الباحثين عن عمل في الدولة كما سلطت الضوء على التحديات والعقبات التي تواجههم.
ونوه إلى أن الدراسة خلصت إلى عدد من النتائج أهمها قصور المهارات ونقص الخبرة بين 80 % من الباحثين عن العمل المسجلين حاليا لدى مجلس أبوظبي للتوطين الامر الذي يعد التحدي الرئيسي الذي يواجه قضية التوطين حيث إن 83 % من الباحثين عن عمل يحملون شهادة الثانوية وما دونها كما أن هناك تبايناً كبيراً بين مؤهلات الباحثين عن عمل ومتطلبات سوق العمل فضلا عن ان معظم الشباب الباحثين عن عمل متمركزون في المنطقة الشرقية.
واضاف ان قرار الفريق أول سمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة بالمباشرة بتعيين ستة آلاف مواطن ومواطنة في الدوائر والمؤسسات والشركات المملوكة لحكومة أبوظبي جاء ليساهم في خفض نسبة البطالة بين المواطنين إلى نحو 5 بالمئة بحلول نهاية هذا العام.
التخطيط والإعداد
من جانبها دعت عائشة الشريف المديرة التنفيذية لإدارة الموارد والمواهب البشرية في مجموعة "هيومن كابيتال" التابعة لدبي القابضة إلى ضرورة التخطيط والإعداد لتطوير مهارات الإماراتيين لتولي المناصب القيادية الأمر الذي سيساهم كثيراً في زيادة نسب التوطين في مختلف الهيئات والمؤسسات خاصة في القطاع الخاص.
وتضمن برنامج عمل ختام " منتدى التوطين" حلقة نقاش حول آليات جذب الخريجين الجدد إلى الوظائف غير التقليدية وورشتي عمل حول كيفية تعزيز أداء الشركات في الموارد البشرية للحفاظ على مواردها من الكوادر الوطنية وتقنيات وأدوات تحفيز الموظفين للمساهمة في نجاح العمل.

قاعدة من الكوادر الوطنية

أوضح الدكتور رفيق مكي مدير مكتب التخطيط والشؤون الاستراتيجية بمجلس أبوظبي للتعليم أن أحد أهم التحديات التي تواجه دولة الإمارات العربية المتحدة هو بناء قاعدة من الكوادر الوطنية المتخصصة التي تساهم في عملية التنمية الاقتصادية بالدولة، مشيراً إلى أن بناء هذه القاعدة يواجه عدة عوائق تشمل انحصار معظم نسب البطالة في حاملي شهادات الثانوية العامة وما دونها وارتفاع اعداد النشء الذين يتركون المدرسة لسبب أو لآخر بنسبة تصل إلى 11 % من دون وجود برامج لتعزيز التعليم المستمر بما يحفزهم للعودة الى الدراسة بالإضافة إلى المساهمة المتواضعة من شركات القطاع الخاص في توفير فرص وظيفية ووجود خلل في عملية العرض والطلب في سوق العمل.
وقال مكي ان هناك عدة عوامل في العملية التعليمية تؤثر على نسب التوطين في شركات ومؤسسات القطاعين العام والخاص والتي تتلخص في قلة نظم التوجيه المهني والوظيفي في مرحلة الثانوية العامة الأمر الذي يؤدي إلى تخرج الطالب من دون توجه أو فكرة واقعية حول مستقبله المهني.