لا ينبغي أن يكون ضغط العمل مسوغ للتفلت من الالتزامات الأخرى ، ولا مدعاة للتحرر من جملة المسئوليات التي تقع على عاتق كل إنسان .

فنحن نجد هناك خلل واضح في تنشأة أطفالنا التنشئة الصحية النفسية والجسمية السليمة .. هذه الأجيال التي ستتحمل مسئولية نهضة ونماء مجتماعتنا في المستقبل، والمبرر هو ضغوط الحياة وعلى رأسها ضغط العمل .

نحن نجد هناك تفريط كبير في الجانب الروحي في حياتنا ، وطغيان الجانب المادي على كل ركن من أركانها ، فنفقد ونخسر في المقابل متعة الحياة وصفاء الروح ونقاءها .

نحن نجد هناك قصور كبير في الجانب الاجتماعي وحسن التقارب والجوار بين أبناء الأسرة الواحدة فضلاً عن أبناء الحي وأبناء القرية والبلد الواحد ، والسبب هو ترك ممراتنا وبواباتنا مفتوحة على مصراعيها لتنهمر علينا ضغوطات العمل .

نحن نجد تدني الاهتمام والإهمال الواضح بالجانب الفكري وغذاء العقل .. فهو أمر مؤجل لقطاع عريض من الناس ، لحين إيجاد الوقت المناسب والبيئة المناسبة ، فتقصر نظرتنا ، ويتقلص علمنا ، وتتحدد رؤانا ، وتضعف مداركنا بالعالم من حولنا ، فينخفض مستوى وعي الأمة إلى أدنى درجاته ، ويتخلف من وراءنا أجيال وأجيال ، فنظل قابعين في قيعان المحيط .

نحن في النهاية نجد هناك مهادنة واضحة في قضية الصراع الطويل بين النفس وأهواءها وشهواتها المادية التي تلح على تلبية احتياجاتها الضرروية التي فطرت عليها . وبين الروح والعقل اللذان لا سبيل لتجاهلهما أو مقاومتهما لوقت طويل وإلا فالنتيجة ستكون كما نرى .. أمراض مزمنة ، وسمنة مفرطة ، وتخلف عن ركب العلم والحضارة .

قضية التوازن ما زالت غائبة عن حسنا ، ونريد أن نوقظها من جديد ، وندرك أهميتها بقليل من العمل وكثير من الصبر والمثابرة ، ورغبة صادقة في التغيير للأفضل. مع نشأة جديدة للتصور حول الحياة وأهدافها وغايتها .

فلنقف وقفة مع الذات ، ثم نعود .... وللحديث بقية .