الإعلام والمسؤولية الإجتماعية
تقديم: د.علي عبدالله آل إبراهيم
ورقة عمل للمؤتمر الثاني للمسؤولية الإجتماعية- السودان
يتنامى الحديث اليوم عن المسؤولية الاجتماعية للأعمال التجارية خصوصا بعد سيادة قيم الربحية في تهميش متفاقم للقيم المجتمعية، زاده حدة وصول العالم إلى أزمة مالية ذريعة قادت المجتمعات إلى انهيارات اقتصادية نظرا لعدم تصرف قطاع الأعمال على نحو مسؤول وعدم الالتزام بما يعرف بالمبادئ الأخلاقية للعمل التجاري. وقدعرّف مجلس الأعمال للتنمية المستدامة المسؤولية الاجتماعية على أنها "الإلتزام المستمر من قبل شركات الأعمال بالتصرف أخلاقياً والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والعمل على تحسين نوعية الظروف المعيشية للقوى العاملة وعائلاتهم، والمجتمع المحلي والمجتمع ككل." ونظرا لعالمية توجه هذا المؤتمر الذي يدعو إلى ضرورة ألا تتعلق الأعمال بتحقيق الأرباح رغم مشروعية ذلك، ولكن بوضع الأهداف الكلية للمجتمع نصب العين، خصوصا وإن المسؤولية الاجتماعية تستند في جوهرها إلى المبادئ العشرة لأخلاقيات العمل التجاري التي أقرتها الأمم المتحدة قبل نحو خمس سنوات والتي تدعو من خلالها الشركات والمنظمات التجارية إلى الالتزام بمبادئ في العمل التجاري تأخذ في الحسبان الحفاظ على البيئة وحقوق الإنسان ومكافحة الفساد وتحسين نوعية الحياة للمحيط الذي تعمل فيه الشركات . وتتلخص فلسفة الاتفاق العالمي في بيان شفافية المؤسسات في تعاملاتها وتوضيح حقيقة مصلحة هذه المؤسسات في تعاونها مع القوى العاملة ومؤسسات المجتمع المدني في العمل معا من أجل تحقيق المبادىء والأسس الإنسانية والمجتمعية. كم أتمنى أن تمتد رسالة هذا المؤتمر لتشمل تلك المبادىء العالمية العشرة في القطاع التجاري، قطاع الفضائيات الخاصة التي لم تعد عملا إعلاميا بحتا بقدر ما هي متاجرة ربحية بالمال (أي شركات تجارية) كثير منها يشق رخصته - لا رسالته- لتحقيق أرباح تنتهك أخلاق المجتمع دون أدنى نسبة من تحقيق المسؤولية الاجتماعية التي هي في الإعلام أحد أهم نظرياته. تقول الكاتبة القطرية مريم الخاطر في مقالها الشهير ، والذي يحمل عنوان " المسؤولية الإجتماعية والإعلام " بأنه قد ظهرت نظرية المسؤولية الاجتماعية Social Responsibility Theory في مجال الإعلام في الولايات المتحدة الأمريكية من خلال تقرير نشر عام 1947 بواسطة لجنة هوتشينز بهدف وضع ضوابط أخلاقية للصحافة والتوفيق بين حرية الإعلام والمسؤولية الاجتماعية في المجتمعات الليبرالية بسبب الاستخدام الخاطئ لمفهوم الحرية، في وسائل الإعلام .. سواء كان من قبل ملاّك تلك الوسائل أو من قبل ( الإعلاميين ) أنفسهم. فقد أفرطت نظرية الحرية الإعلامية Freedom Theory في إعلاء حرية الفرد على حساب مصلحة المجتمع، وتحول الإعلام إلى صناعة وسلعة تضحي بقيم المجتمع. للفرد حق، وللمجتمع أيضاً حقوق، ، والمؤسسة الإعلامية مثلها مثل المؤسسات الاجتماعية، لا بد أن تسعى لخدمة الصالح العام وتضطلع بمهام و وظائف اجتماعية جوهرية في حياة الناس.. ولها دور تربوي وتثقيفي، فلابد من أن تضع مستويات مهنية للصدق والموضوعية والتوازن وتجنب أي شيء يؤدي إلى الفوضى ، كما ينبغي أن تكون تعددية تعكس تنوع الآراء والأفكار في المجتمع فهناك خيط رفيع بين الحرية والفوضى الأخلاقية فللفرد الحق في أن يكتب، وينشر، ويبث ما يريد بشرط المحافظة على قيم المجتمع ومصلحته وأمنه.. وتؤكد بأنه من الضروري عدم التضحية بأخلاق المجتمع في سبيل تحقيق الربحية من الفضائيات التي أصبحت في عرف عالم اليوم (شركات تجارية ) تمنح ترخيصا لمرابحين وتجار في سوق حرة دون معايير أخلاقية لما يقدم من غث أو سمين. وتدعو الكاتبة الخاطر إلى تعميم جائزة أخلاقية عالمية تنافسية محمودة في مجال شركات الأقمار والمدن الإعلامية والقنوات الفضائية الحكومية خصوصا وإن الأمم المتحدة وضعت وناقشت المبادىء العشرة لأخلاقيات سوق السلع، دون أن تضع أو تناقش سوق الفضائيات ذات المزاد الربحي المقتات على الأخلاق". سعداء اليوم بالتوأمة الحاصلة بين النظريتين في الاقتصاد والتجارة و في الإعلام، ولكن المحزن أن نظريات المسؤولية الاجتماعية لا تصل لها المجتمعات إلا بعد الأزمات. درس الأزمة المالية في مجا ل الاقتصاد مفيد، وفي الإعلام تجدر الوقاية قبل العلاج. كذلك يجدر الإشارة بأن للإعلام دور مهم وحيوي في إبراز الأنشطة والبرامج التي تقوم بها مؤسسات القطاعالخاص والمتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية، لكن تبقى هذه الأنشطة حبيسة تقارير مؤسساتالقطاع الخاص ولايعرف عنها المواطن أو المقيم. يقول الكاتب السعودي الدكتورعبدالرحمن بن عبدالله الصبيحي بأنه "تتبادل المؤسسات الإعلامية ومؤسسات القطاعالخاص التهم وإلقاء المسؤولية كل على الآخر لعدم نشر أخبار تلك البرامج والأنشطة،وكذا عدم انتشار ثقافة المسؤولية الاجتماعية للمواطن العادي، لأن من المهم أن يكونالمواطن على علم بدور مؤسسات القطاع الخاص في خدمة المجتمع المحلي.
فيرىالمسؤولون في القطاع الخاص أن الإعلام بجميع وسائله لا يولي اهتماما لبرامجالمسؤولية الاجتماعية التي تقوم بها مؤسساتهم، في حين أن الإعلاميين يعتبون علىمؤسسات القطاع الخاص لعدم دعوتهم للاطلاع على تلك البرامج، أو عدم تعاون تلكالمؤسسات والمسؤولين فيها مع مراسلي الصحف في الإدلاء بالمعلومات والبياناتالمتعلقة بدورهم في خدمة المجتمع من خلال برامج المسؤولية الاجتماعية التي يقومونبها".

من هذا المنطلق ولوجود هذه الإشكالية فهناك مسببات تعوق تحقيقالأهداف التي يسعى لها الطرفان المتناحران كل حسب اهتماماته وتوجهاته، حيث يعتقدالدكتور الصبيحي" أن أهم سببين لاستمرار هذه الإشكالية يرجع إلى:

1
ـ عدمإدراك وسائل الإعلام أهمية المسؤولية الاجتماعية ودورها المهم والمؤثر والنافعللمجتمع، وذلك بسبب انشغال تلك الوسائل بقضايا أخرى ترى أنها ذات أولوية بالنسبةلها، في حين أن كثيرا مما تنشره وسائل الإعلام لا يعد ذا أهمية بقدر المسؤوليةالاجتماعية التي تعد جديدة على المجتمع السعودي، لذا فإن التركيز على برامجها يعدفي غاية الأهمية، وهي ما يحتاج إليه القارئ لتقدم له المعلومة التي تفيده في هذاالمجال.

2
ـ إغفال مؤسسات القطاع الخاص إشراك وسائل الإعلام في المناسباتالمتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية، ومد تلك الوسائل بالمعلومات والبيانات التي تساعدعلى نشر أخبار أنشطتها في هذا المجال، وهذا الإغفال ناتج عن عدم قناعة المسؤول عنالمسؤولية الاجتماعية في المؤسسة بدور الإعلام في نشر هذه البرامج، في حين أنالمديرين العامين والتنفيذيين يهمهم أن يطلع المجتمع على ما تقوم به مؤسساتهم فيهذا المجال.
الإعلام والمسؤولية الإجتماعية
تقديم: د.علي عبدالله آل إبراهيم
ورقة عمل للمؤتمر الثاني للمسؤولية الإجتماعية- السودان
يتنامى الحديث اليوم عن المسؤولية الاجتماعية للأعمال التجارية خصوصا بعد سيادة قيم الربحية في تهميش متفاقم للقيم المجتمعية، زاده حدة وصول العالم إلى أزمة مالية ذريعة قادت المجتمعات إلى انهيارات اقتصادية نظرا لعدم تصرف قطاع الأعمال على نحو مسؤول وعدم الالتزام بما يعرف بالمبادئ الأخلاقية للعمل التجاري.
وقدعرّف مجلس الأعمال للتنمية المستدامة المسؤولية الاجتماعية على أنها "الإلتزام المستمر من قبل شركات الأعمال بالتصرف أخلاقياً والمساهمة في تحقيق التنمية الاقتصادية والعمل على تحسين نوعية الظروف المعيشية للقوى العاملة وعائلاتهم، والمجتمع المحلي والمجتمع ككل."
ونظرا لعالمية توجه هذا المؤتمر الذي يدعو إلى ضرورة ألا تتعلق الأعمال بتحقيق الأرباح رغم مشروعية ذلك، ولكن بوضع الأهداف الكلية للمجتمع نصب العين، خصوصا وإن المسؤولية الاجتماعية تستند في جوهرها إلى المبادئ العشرة لأخلاقيات العمل التجاري التي أقرتها الأمم المتحدة قبل نحو خمس سنوات والتي تدعو من خلالها الشركات والمنظمات التجارية إلى الالتزام بمبادئ في العمل التجاري تأخذ في الحسبان الحفاظ على البيئة وحقوق الإنسان ومكافحة الفساد وتحسين نوعية الحياة للمحيط الذي تعمل فيه الشركات .
وتتلخص فلسفة الاتفاق العالمي في بيان شفافية المؤسسات في تعاملاتها وتوضيح حقيقة مصلحة هذه المؤسسات في تعاونها مع القوى العاملة ومؤسسات المجتمع المدني في العمل معا من أجل تحقيق المبادىء والأسس الإنسانية والمجتمعية.
كم أتمنى أن تمتد رسالة هذا المؤتمر لتشمل تلك المبادىء العالمية العشرة في القطاع التجاري، قطاع الفضائيات الخاصة التي لم تعد عملا إعلاميا بحتا بقدر ما هي متاجرة ربحية بالمال (أي شركات تجارية) كثير منها يشق رخصته - لا رسالته- لتحقيق أرباح تنتهك أخلاق المجتمع دون أدنى نسبة من تحقيق المسؤولية الاجتماعية التي هي في الإعلام أحد أهم نظرياته.
تقول الكاتبة القطرية مريم الخاطر في مقالها الشهير ، والذي يحمل عنوان " المسؤولية الإجتماعية والإعلام " بأنه قد ظهرت نظرية المسؤولية الاجتماعية Social Responsibility Theory في مجال الإعلام في الولايات المتحدة الأمريكية من خلال تقرير نشر عام 1947 بواسطة لجنة هوتشينز بهدف وضع ضوابط أخلاقية للصحافة والتوفيق بين حرية الإعلام والمسؤولية الاجتماعية في المجتمعات الليبرالية بسبب الاستخدام الخاطئ لمفهوم الحرية، في وسائل الإعلام .. سواء كان من قبل ملاّك تلك الوسائل أو من قبل ( الإعلاميين ) أنفسهم. فقد أفرطت نظرية الحرية الإعلامية Freedom Theory في إعلاء حرية الفرد على حساب مصلحة المجتمع، وتحول الإعلام إلى صناعة وسلعة تضحي بقيم المجتمع.
للفرد حق، وللمجتمع أيضاً حقوق، ، والمؤسسة الإعلامية مثلها مثل المؤسسات الاجتماعية، لا بد أن تسعى لخدمة الصالح العام وتضطلع بمهام و وظائف اجتماعية جوهرية في حياة الناس.. ولها دور تربوي وتثقيفي، فلابد من أن تضع مستويات مهنية للصدق والموضوعية والتوازن وتجنب أي شيء يؤدي إلى الفوضى ، كما ينبغي أن تكون تعددية تعكس تنوع الآراء والأفكار في المجتمع فهناك خيط رفيع بين الحرية والفوضى الأخلاقية فللفرد الحق في أن يكتب، وينشر، ويبث ما يريد بشرط المحافظة على قيم المجتمع ومصلحته وأمنه..
وتؤكد بأنه من الضروري عدم التضحية بأخلاق المجتمع في سبيل تحقيق الربحية من الفضائيات التي أصبحت في عرف عالم اليوم (شركات تجارية ) تمنح ترخيصا لمرابحين وتجار في سوق حرة دون معايير أخلاقية لما يقدم من غث أو سمين.
وتدعو الكاتبة الخاطر إلى تعميم جائزة أخلاقية عالمية تنافسية محمودة في مجال شركات الأقمار والمدن الإعلامية والقنوات الفضائية الحكومية خصوصا وإن الأمم المتحدة وضعت وناقشت المبادىء العشرة لأخلاقيات سوق السلع، دون أن تضع أو تناقش سوق الفضائيات ذات المزاد الربحي المقتات على الأخلاق".

سعداء اليوم بالتوأمة الحاصلة بين النظريتين في الاقتصاد والتجارة و في الإعلام، ولكن المحزن أن نظريات المسؤولية الاجتماعية لا تصل لها المجتمعات إلا بعد الأزمات. درس الأزمة المالية في مجا ل الاقتصاد مفيد، وفي الإعلام تجدر الوقاية قبل العلاج.
كذلك يجدر الإشارة بأن للإعلام دور مهم وحيوي في إبراز الأنشطة والبرامج التي تقوم بها مؤسسات القطاع الخاص والمتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية، لكن تبقى هذه الأنشطة حبيسة تقارير مؤسسات القطاع الخاص ولايعرف عنها المواطن أو المقيم. يقول الكاتب السعودي الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله الصبيحي بأنه "تتبادل المؤسسات الإعلامية ومؤسسات القطاع الخاص التهم وإلقاء المسؤولية كل على الآخر لعدم نشر أخبار تلك البرامج والأنشطة، وكذا عدم انتشار ثقافة المسؤولية الاجتماعية للمواطن العادي، لأن من المهم أن يكون المواطن على علم بدور مؤسسات القطاع الخاص في خدمة المجتمع المحلي.
فيرى المسؤولون في القطاع الخاص أن الإعلام بجميع وسائله لا يولي اهتماما لبرامج المسؤولية الاجتماعية التي تقوم بها مؤسساتهم، في حين أن الإعلاميين يعتبون على مؤسسات القطاع الخاص لعدم دعوتهم للاطلاع على تلك البرامج، أو عدم تعاون تلك المؤسسات والمسؤولين فيها مع مراسلي الصحف في الإدلاء بالمعلومات والبيانات المتعلقة بدورهم في خدمة المجتمع من خلال برامج المسؤولية الاجتماعية التي يقومون بها".

من هذا المنطلق ولوجود هذه الإشكالية فهناك مسببات تعوق تحقيق الأهداف التي يسعى لها الطرفان المتناحران كل حسب اهتماماته وتوجهاته، حيث يعتقد الدكتور الصبيحي" أن أهم سببين لاستمرار هذه الإشكالية يرجع إلى:

1
ـ عدم إدراك وسائل الإعلام أهمية المسؤولية الاجتماعية ودورها المهم والمؤثر والنافع للمجتمع، وذلك بسبب انشغال تلك الوسائل بقضايا أخرى ترى أنها ذات أولوية بالنسبة لها، في حين أن كثيرا مما تنشره وسائل الإعلام لا يعد ذا أهمية بقدر المسؤولية الاجتماعية التي تعد جديدة على المجتمع السعودي، لذا فإن التركيز على برامجها يعد في غاية الأهمية، وهي ما يحتاج إليه القارئ لتقدم له المعلومة التي تفيده في هذا المجال.

2
ـ إغفال مؤسسات القطاع الخاص إشراك وسائل الإعلام في المناسبات المتعلقة بالمسؤولية الاجتماعية، ومد تلك الوسائل بالمعلومات والبيانات التي تساعد على نشر أخبار أنشطتها في هذا المجال، وهذا الإغفال ناتج عن عدم قناعة المسؤول عن المسؤولية الاجتماعية في المؤسسة بدور الإعلام في نشر هذه البرامج، في حين أن المديرين العامين والتنفيذيين يهمهم أن يطلع المجتمع على ما تقوم به مؤسساتهم في هذا المجال.