مقــدمة :
إن المؤسسات المعاصرة عبارة عن نظم اجتماعية يجري عليها ما يجري على الكائنات البشرية فهي تنمو وتتطور وتتقدم وتواجه التحديات ، وتصارع وتتكيف ، ومن ثم فإن التغيير يصبح ظاهرة طبيعية تعيشها كل مؤسسة .
والمؤسسات لا تتغير من أجل التغيير نفسه ، بل تتغير لأنها جزء من عملية تطوير واسعة ، ولأنها يجب عليها أن تتفاعل مع التغييرات والمتطلبات والضرورات والفرص في البيئة التي تعمل بها .
ومؤسسات الاتصالات مجبرة أن تتكيف وتتأقلم مع البيئة التي تتواجد فيها ، والأكثر من ذلك فأنها تولد تغيرات في البيئة المحيطة عن طريق تطوير وتقديم منتجات جديدة ، مستخدمة التقنيات الحديثة التي أصبحت مهيمنة ومقبولة بشكل واسع من قبل مستخدمي الخدمات ، وبهذه الطريقة فانها تعمل على تغيير البيئات الوطنية والعالمية .
تهدف هذه الورقة لاستعراض بعض المفاهيم والقضايا حول التغيير ، وأثر ذلك على العنصر البشري ، ودور هذا العنصر في إحداث التغيير نفسه ، إضافة لاستعراض واقع التغيير في الإدارة الفلسطينية .
أولاً : التغيير : قضايا أساسية :
1. تعريف التغيير وأسبابه .
1.1. تعريف التغيير :
- التغيير ظاهرة طبيعية تقوم على عمليات إدارية متعمدة ، ينتج عنها إدخال تطوير بدرجة ما على عنصر أو أكثر ، ويمكن رؤيته كسلسلة من المراحل التي من خلالها يتم الانتقال من الوضع الحالي الى الوضع الجديد ، أي أن التغيير هو تحول من نقطة التوازن الحالية الى نقطة التوازن المستهدفة .
- ويهدف التغيير للتكيف مع البيئة الاجتماعية الخارجية بطريقة أفضل ، وتطوير الأنماط السلوكية للعاملين .
1.2. أربعة متغيرات تفرض التغيير :
- درجة المعاناة من قسوة الوضع الحالي .
- مدى وضوح الفوائد والمزايا التي سيحققها التغيير .
- مدى اقتناع وإيمان الإدارة العليا بضرورة التغيير .
- مدى التأثير في المؤسسة بأكملها .
1.3. العوامل المسببة للتغيير :
- عوامل خاصة بالبيئة الخارجية : سياسية ، اقتصادية ، تكنولوجية ، اجتماعية ، قانونية، ثقافية.
- عوامل خاصة بالبيئة الداخلية : تغيير مجال النشاط أو تنويعة ، تغيير الرسالة ، تغيير الأهداف ، تغيير الهيكل ، تغييرات سلوكية ، تغييرات قيمية ثقافية .
2- أنواع التغيير ومستوياته :
.1.2 أنواع التغيير :
- التغييرات غير المخططة : وتحدث نتيجة التطور والنمو الطبيعي في المؤسسة ، واضطرارها للتعامل مع المتغيرات .
- التغييرات المخططة : وتحدث من أجل أن تعد المؤسسة نفسها لمجابهة التغييرات المتوقعة .
- التغييرات المفروضة : تفرض جبراً على العاملين ، وتسبب الإحباط وقد تزول بزوال الشخص الذي فرضها .
- التغييرات بالمشاركة : تتم بمشاركة العاملين في التخطيط للتغيير وتنفيذه وهي أكثر استمرارية .
ويمكن تقسيم المؤسسات في تعاملها مع التغيير من حيث النوع إلى ثلاثة أصناف .
- إدارة تعايش التغيير
- إدارة تتوقع التغيير وتستعد له
- إدارة تصنع التغيير
.2.2 مستويات ومجالات التغيير :
.1.2.2 مستويات التغيير :
- التغيير في المعرفة .
- التغيير في المواقف .
- التغيير في سلوك الأفراد .
- التغيير في سلوك المجموعات أو سلوك المؤسسة بشكل عام .
.2.2.2 مجالات التغيير :
1. التغيرات في طبيعة وأسس المؤسسة .
2. التغيرات في التقنية المستخدمة .
3. التغيرات في البيئة والعمليات .
4. التغيرات في المهام والنشاطات .
5. التغيرات في ثقافة وحضارة المؤسسة .
6. التغيرات في الأفراد .
7. التغيرات في الأداء .
3- مقاومة التغيير :
مقاومة التغيير تعبير ظاهري أو باطني لردود الفعل الرافضة للتغيير ، وهي ظاهرة طبيعية شأنها شأن التغيير نفسه .
.1.3 مصادر وأسباب مقاومة التغيير :
أ – مصادر مرتبطة بالشخصية :
- الخوف من المجهول
- تفضيل الاستقرار
- فهم انتقائي لما سيحدث
- القلق والاضطراب في العلاقات والعادات والممارسات
ب – مصادر مرتبطة بطريقة أحداث التغيير :
- الوقت والموارد المتوفرة للتكيف
- احترام الأفراد والمهارات
- مصداقية عامل التغيير
ج- مصادر مرتبطة بالنظام الاجتماعي :
- الانسجام مع المبادئ ( القناعات )
- تماسك النظام
- الفوائد والحقوق
- الطبيعة المقدسة لأشياء معينة
- رفض غير المألوف
.2.3 التغلب على أسباب مقاومة التغيير :
يجب تحليل المعلومات المتعلقة بأسباب مقاومة التغيير ، فشدة المقاومة مثلاً تكشف النقاب عن : ـ
- درجة تقبل التغيير
- أين تكمن حساسية المرء
- عوامل شاملة أو آثار مهملة
وبصفة عامة يمكن التغلب على أسباب مقاومة التغيير بما يلي :
اعتراف الإدارة العليا بالمشكلة .
بناء الثقة بين العاملين والإدارة العليا .
توسيع قاعدة المشاركة لأحداث التغيير .
عدم طلب المستحيل ( التأكد أن التغييرات المستهدفة معقولة وممكنة ) .
تقديم الحوافز من أجل التغيير .
استخدام الدوافع الإنسانية مثل دوافع الإنجاز والتفوق والانتماء من أجل التغيير .
اختيار الوقت المناسب لتطبيق خطة التغيير .
4- عوامل نجاح التغيير :
هناك العديد من العناصر التي يجب أخذها في الاعتبار لضمان نجاح الجهود المبذولة في التطبيق
خلق رؤية عامة مشتركة في كل المؤسسة ( دور الإدارة العليا )
إدارة عملية التغيير ( دور المسئول عن إحداث التغيير )
تحديد العلاقة بين المخططين والمنفذين
بناء وتوطيد العلاقات القوية الفعالة بين الفنيين والإداريين
التطبيق على مراحل
التدريب وتشجيع الأفكار الإبتكارية
المحافظة على استمرارية جهود التغيير وتشجيع ودعم النتائج
التحفيز والمكافأة
5- خطوات وإجراءات التغيير :
• معرفة واجب التغيير الإداري في المنظمة
• درجة مقاومة التغير داخل المنظمة وخارجها وتحديد أنواعها ومصادرها
• قياس مدى رغبة العاملين في التغيير
• تحديد الوقت لإنهاء عملية التغيير
• تحديد الخبراء والمسئولين عن عملية إجراء التغيير
• مسح آثار عملية التغيير والعوامل الفنية التي تضمن نجاحه
ثانياً : الموارد البشرية في عملية التغيير :
تتأثر عملية التغيير بمستوى الموارد البشرية ومهاراتها وقناعاتها واستعدادها لعملية التغيير ، وهي في ذات الوقت تؤثر في تنمية وتطوير مهارات هذه الموارد البشرية كجزء من عملية التغيير نفسها ، وفيما يلي مناقشة لكلا الجانبين .
1- دور الموارد البشرية في التغيير :
إن عملية التغيير تنجح إذا اعتمدت إضافة إلى توفير التصميم المناسب والمؤسسة المناسبة على المشاركة الفعالة من قبل الفريق القادر على إدارة العملية بفعالية ومقدرة ، وقيام هذا الفريق بعملية التقويم الذاتي ، وإشراكه للعاملين ، وشرح الرؤيا المتوقعة من عملية التغيير .
وفيما يلي استعراض لبعض القضايا التي تساهم في تعزيز دور المورد البشري لإنجاح عملية التغيير
أ – الرؤية الواضحة والقيم والعوامل الأساسية لنجاح المؤسسة :
• تحديد الرؤية الواضحة والمفهومة للجميع توضح الهدف النهائي الذي تود المؤسسة الوصول إليه وتصبح هذه الرؤية هي الدليل الذي يهتدي به الجميع لتحقيق أهداف المؤسسة .
• تعتبر القيم التي تؤمن بها المؤسسة للوصول إلى أهدافها بنجاح هامة جداً لأن القيم تمثل الرغبة الداخلية في التطوير وتحقيق الأهداف والسلاح القوي للتنفيذ .
ب – الاختيار والترقية والتقدم الوظيفي :
• لا بد من وجود عملية متطورة لتحديد المهارات المطلوبة للوظائف الجديدة المصممة نتيجة عملية التغيير من خلال نظم اختيار وترقية تعكس هذه المهارات والكفاءات الجديدة .
• لا بد كذلك من إعادة التفكير في نظم الترقيات الحالية ، بحيث تعتمد الكفاءة والاستعداد والقدرة على التعلم كفريق معياراً للاختيار.
ج- العمل بروح الفريق :
يقصد بذلك العمل في ظل فرق عمل تتحلى بالقدرة على الإدارة الذاتية ، ويتصف هذا الفريق
بما يلي :
• التمتع بروح عالية من المسئولية في عرض وتحليل المشكلات واتخاذ القرار
• تحديد دور كل عضو في الفريق وتوقعاته من زملائه
• تشمل الفرق كافة الإدارات والأقسام والذين يرتبطون بعمل يؤثر كل في الآخر .
• المهارات المتعددة للموظف حيث يتم إدماج بعض الوظائف والمهام مع بعضها البعض .
د – بناء القيادة الرائدة : ـ
• ضرورة توفر قيادة واعية وبصفات مميزة ، إذ أن قناعة واستعداد القيادة يعتبر خطوة أساسية نحو التغيير، ولا بد من تعزيز القيادة .
• القدرة على بناء الثقة بين العاملين .
• القدرة والشعور بالانتماء
• مفهوم الكل شريك
• تقديم النصح للعاملين وتدريبهم وتنمية قدراتهم .
هـ - إدارة وتقييم الأداء :
- إن التغييرات المطلوبة في البنود السابقة تترجم جميعاً إلى مسئوليات جديدة ومهارات جديدة ، ونظام فعال لإدارة وتقييم الأداء في المؤسسة ، الأمر الذي يساعد على ترجمة خطط التغيير إلى خطط عمل حقيقية وواقع عملي ومسؤوليات واضحة .
- لذلك المطلوب تغيير مفاهيم نظام تقييم الأداء القديم الذي يعتمد على موعد سنوي محدد لتقييم أداء العاملين والذي يتم بواسطة المدير الذي يعمل معهم مباشرة .
- في ظل التغيير ، حيث يقوم العاملون بالعمل مع مختلف المتخصصين وأعضاء فرق عمل مختلفة داخل وخارج المؤسسة ، لابد أن تتم عملية التقييم من خلال مختلف المصادر ، ويلعب المدير في ظل هذا الوضع الجديد دوراً أقل من دوره في الماضي لتقييم العاملين ، فهو يساعدهم في فهم وترجمة ماهية تقييم الأداء .
- لا بد في ظل هذا المنهج أن يؤكد نظام إدارة وتقييم الأداء الجديد على المهارات والسلوكيات وأنماط الإدارة .
2- دور التغييرات في تعديل خلفيات الموارد البشرية :
• من المهم أن تقوم عملية التغيير بتعديل خلفيات الموارد البشرية ، وتغيير الثقافات التنظيمية ، وتلبية احتياجاتهم للمعارف والمهارات الجديدة ، وتطوير إمكانياتهم والملكات القيادية لديهم ، وكذلك تصميم خطط واضحة وجديدة وتطوير برامج تدريبية مطورة تعمل على : ـ
• تطوير أفكار المتدربين وتهيئتها لاستخدام طرق جديدة في التدريب مثل التعلم عن بعد .
• تسهيل الوصول إلى التكنولوجيا من خلال العملية التدريبية .
• تعزيز المسئولية لدى العاملين من أجل القدرة على التطوير الذاتي .
• تغيير سلوكيات الموارد البشرية في المؤسسة بما يتوائم مع المتغيرات الخارجية من حيث طرق العمل والإستراتيجيات المتبعة والممارسات والأنظمة الإدارية .
وبصفة عامة يجب أن تركز جهود التغيير في دوائر التدريب على :
- الاستخدام الأقصى للتسهيلات التقنية لتقليل وقت التدريب ، وزيادة الإنتاجية ، وتقليل التكلفة ، وتحسين نتائج عملية التعلم .
- استغلال الطرق الأفضل التي توصلت إليها معاهد الاتصالات الأخرى ومراكز التدريب .
- خلق نظام دعم الكتروني لمساعدة الموظفين في عملهم لاستخدامها في مكاتبهم .
ثالثاً : التغيير في الإدارة الفلسطينية :
1- مجالات التغيير :
في إطار التغييرات الوطنية المتعلقة بالإصلاحات الإدارية والسياسية في السلطة الوطنية الفلسطينية واستجابة للتغييرات العالمية في مجال تكنولوجيا المعلومات ، فإن الإدارة الفلسطينية شهدت بعض التغييرات العامة في مجال عملها ، وهذه التغييرات تمثلت في :
أ – تعديل اسم الوزارة إلى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات ، الأمر الذي يعني إلقاء المسؤولية الرئيسية للإشراف على تنمية مجتمع المعلومات في فلسطين على عاتق الوزارة ، ومن ثم زيادة مهامها واتساعها .
ب- ضم مركز الحاسوب الحكومي في السلطة الوطنية الفلسطينية إلى الوزارة ، ومركز الحاسوب يقدم الخدمات الآتية : ـ
- تنمية مهارات موظفي السلطة في مجال الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات سواء كانت للمتخصصين في الحاسوب أو الموظفين العاديين .
- إدارة وتشغيل الشبكة الحكومية المحوسبة والتي تربط معظم الوزارات .
- إعداد البرمجيات المختلفة لمؤسسات السلطة .
ج- قرار مجلس الوزراء الفلسطيني بالإعداد والتحضير لإنشاء هيئة تنظيم الاتصالات .
2- خطط وإجراءات الوزارة للتكيف مع التغييرات الجديدة :
1.2. إجراءات عامة :
قامت الوزارة بالإجراءات الآتية للتكيف مع التغييرات الجديدة:
- تعديل في الرؤية والرسالة لتشمل إبراز دور الوزارة في تنمية وتطوير مجتمع المعلومات في فلسطين .
- تعديل في الهيكل التنظيمي حيث تضمن الهيكل الجديد إدارات ودوائر تغطي الأنشطة الجديدة .
- تكوين فرق عمل إدارية وفنية .
2.2. الخطط والدراسات :
للتكيف أيضاً مع التغييرات التي حدثت ، قامت الوزارة بإعداد الخطط والدراسات الآتية :
- الدراسات الفنية لإنجاز الشبكة الحكومية المحوسبة وتشغيل مراكز الحاسوب .
- الخطة الخمسية للحكومة الالكترونية .
- الاستراتيجية الوطنية لتكنولوجيا المعلومات في فلسطين .
- نظام هيئة تنظيم قطاع الاتصالات .
3.2. إجراءات خاصة بالموارد البشرية والتدريب:
إن الموارد البشرية كما أشرنا في الإطار النظري تعتبر أكثر المجالات تأثيراً وتأثراً ، لذلك أولت الوزارة أهمية خاصة للموارد البشرية حيث تم إنجاز ما يلي : ـ
أ - إعداد خطة التدريب الوطنية لمراكز الحاسوب ، وفيما يلي بعض عناصرها : ـ
الأهـــداف:
- المساهمة في تنمية مجتمع المعلومات في فلسطين .
- تطوير المهارات الأساسية والمتخصصة في مجال الحاسوب وتكنولوجيا المعلومات .
- القضاء على أمية الحاسوب وتعزيز ثقافة التعامل مع الحاسوب في كافة المجالات .
- تحسين إنتاجية موظفي السلطة وضمان التنمية الذاتية .
- تمكين الموظفين من ممارسة وتنفيذ أعمالهم بالأساليب المتطورة من خلال مهارات الحاسوب .
- تهيئة المناخ العام لانتشار التعليم والتدريب عن بعد وكافة تطبيقات تكنولوجيا المعلومـات الأخرى .
أهم الآليــــات :
- تحديد الاحتياجات التدريبية .
- توفير فريق مدربين مؤهلين ، حيث تم رفد المركز بمدربين ملتزمين ومتطوعين من الوزارات الأخرى وكذلك مدربين على بند البطالة .
- إنشاء شبكة مراكز الحاسوب الحكومية ( 14 مركز حاسوب ) خـلال الفترة ( 2004 ـ 2006 ) تضم ( 52 ) قاعة تدريب .
أهم المشكـــلات:
- عدم توفر التمويل اللازم .
- نقص المدربين .
- نقص الكوادر البشرية من حملة المؤهلات العليا لوجود مجالات أفضل في القطاع الخاص والخارج .
ب - تأهيل الكوادر البشرية بالوزارة للمهام الجديدة من خلال إلحاقهم بدورات تدريب متخصصة، وما زال برنامج التأهيل مستمراً ، ومدعوماً بتكثيف مشاركة هذه الكوادر في الإجتماعات والمؤتمرات الدولية والإقليمية للاستفادة من خبرات الدول المختلفة .
ج – عقدت فرق العمل جلسات عمل وورش من أجل مناقشة التغييرات واستيعابها .
د – أعدت إدارة التدريب نظام تدريب سريع لإدارة التدريب بالحاسوب الحكومي يتكون من العناصر الآتية : ـ
توفير برامج التدريب .
إعداد الدورات التدريبية .
إدارة العملية التدريبية ( الإجراءات ) .
قواعد بيانات خاصة بالمدربين والمتدربين .