تتعرض المملكة العربية السعودية وباقي دول الخليج إلى انتقادات دولية واسعة بسبب نظام الكفيل الذي تعده منظمات حقوق الإنسان العالمية والولايات المتحدة نوعاً من المتاجرة في البشر.
ودفع الضغط الإعلامي العالمي الذي زاد في السنوات الأخيرة، الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في السعودية لتقديم دراسة للملك السعودي تنتقد فيها وبشدة نظام الكفيل الذي تعتبره إنتهاكاً لحقوق الإنسان المتعارف عليها دولياً والتي كفلها له الإسلام.
وعقد رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بندر حجار بمقر الجمعية بالرياض صباح يوم أمس الأحد مؤتمرا صحفياً سلط خلاله الضوء على الدراسة التي أصدرتها عن إلغاء الكفالة وتصحيح العلاقة بين صاحب العمل والعامل الوافد.
وتحدث الحجار في المؤتمر الصحفي عن العديد من عيوب نظام الكفالة ودعا إلى إلغاء كل الممارسات الإستعبادية واللاإنسانية التي يمارسها النظام على العامل الوافد، ولكن الدراسة التي تقدمت بها الجمعية الوطنية هي مجرد مطالبات بمثاليات معروفة لدى الكل بدون تقديم بدائل حقيقية وواقعية لتوفير نظام بديل أفضل من النظام الحالي.
وبالنسبة للحجار، فإن من أشد عيوب نظام الكفالة المعمول به حالياً في السعودية هو تشويه سمعة المملكة على المستوى الدولي بما لا يليق بمكانتها في العالم الإسلامي. بالإضافة إلى أن هذا النظام هو سبب عزوف العمالة الماهرة عن القدوم للعمل في المملكة.
ولفت رئيس الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في حديثه لوسائل الإعلام السعودية إلى أن بعض تطبيقات أحكام الكفالة الحالية مخالفة لقواعد الشريعة الإسلامية، كما أن العديد من هذه التطبيقات بوضعها الراهن تصطدم مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان.
وارتكز الحجار في إنتقاداته على بعض العيوب الأساسية للنظام والتي لا يجد لها مبرراً مثل احتجاز جواز سفر العامل من قبل الكفيل، وصعوبة نقل كفالة العامل من كفيل إلى أخر، بالإضافة إلى أمور أخرى كالتحكم في العديد من قرارات العامل فيما يختص بإحضاره لأسرته أو حتى خروجه من البلاد وعودته إليها.
وشدد الحجار على أنه لا بد من إلغاء أية مسؤولية شخصية على الكفيل بسبب تصرفات العامل الوافد خارج إطار العمل.
وأوضح الحجار أن احتجاز جواز سفر العامل هو أسوأ عيوب النظام الحالي وأكد أن هذا الإجراء مخالف لقرار مجلس الوزراء رقم "166"، وأضاف إلى أن إحتجاز جواز السفر لا ينسجم مع نظام الإقامة والقانون الدولي والتزامات المملكة الدولية.
وتعتبر وزارة الخارجية الأمريكية إحتجاز العمال في بلد من أجل إجبارهم على العمل عن طريق مصادرة وثائق سفرهم، جوازات سفرهم، أو بطاقات هويتهم وتذاكر الطيران، صورة من صور الإتجار في البشر.
وأضافت الخارجية الأمريكية في تقريرها السنوي السابع للإتجار في البشر لعام 2007: "وبدون هذه الوثائق الحيوية، يكون المهاجرون عرضة للاعتقال، والمعاقبة و/أو الترحيل. ويستعمل المتاجرون أو المستخدمون المستغلون هذه العقوبات كشكل من أشكال الإكراه القانوني أو سوء استخدام النظام القانوني."
وتعتبر الولايات المتحدة مصادرة وثائق لإجبار آخرين على العمل أمر غير شرعي. وتشجع الحكومات الأجنبية على تجريم مصادرة أو سحب وثائق السفر من المهاجرين كوسيلة لتقييد المهاجر أو ابقائه في شكل من العمل أو الخدمة.
وأستطرد الحجار في إنتقاداته لنظام الكفالة السعودي والتي طالت نقاط أعتبرها مخالفة للشريعة الإسلامية وطالب بإلغائها. ومن هذه النقاط التي يجب إلغائها: موافقة الكفيل على استقدام العامل المكفول لأسرته، وكذلك موافقة الكفيل لحصول العامل على تصريح لأداء فريضة الحج، وموافقة الكفيل على زواج مكفوله أو موافقة الكفيل على زيارة العامل لأحد أقربائه في المملكة. وأعتبر الحجار كل هذه الممارسات ضد الشريعة الإسلامية.
وأضاف حجار أنه اقترح خلال الدراسة بعض المقترحات بشأن اشتراط موافقة صاحب العمل على حصول العامل على تأشيرة خروج وعودة مؤكدا أن هذا الإجراء مخالفة للاتفاقيات الدولية وذكر من المقترحات إمكانية أن يكتفى بإخطار " الكفيل: صاحب العمل دون اشتراط موافقته وإذا كان لديه حق عند العامل فعليه إشعار الجهة المعنية خلال فترة الإخطار التي ينبغي ألا تتجاوز فترة محدودة.
كما يمكن التغاضي عن الموافقة في فترة إجازات الأعياد أو خلال الإجازة السنوية للعامل الوافد الذي يستطيع أن يثبتها من خلال عقد العمل، وبرر أن خروجه من المملكة خلال هذه الفترات هو حق نظامي له لا يجوز تعطيله أو توقيفه على موافقة صاحب العمل أو ما يسمى بالكفيل لأن في ذلك مساعدة لصاحب العمل أو الكفيل على مخالفة النظام.
وبين الحجار أن الدراسة قدمت حلولا مقترحة بشأن مشاكل نقل الكفالة مشيرا إلى أنها أصبحت من أكبر مشكلات أحكام الكفالة على الإطلاق، وبين أن معظم الشكاوى التي ترد على الجمعية من العمالة الوافدة تتعلق بموضوع نقل الكفالة، مبيناً أن الكفيل قد يتعسف في استخدام السلطة بقبول أو رفض نقل الكفالة وقد يستخدمها كوسيلة ضغط على العامل ليحرمه شيئا من حقوقه.
وطالبت الدراسة بإنشاء هيئة حكومية ذات شخصية اعتبارية للإشراف على جميع أوضاع وشؤون العمالة الوافدة لإلغاء أي دور للكفيل التقليدي.
ولاقت حكومات دول الخليج إنتقاداً واسعاً من وزارة الخارجية الأمريكية في تقريرها السنوي الخاص (بالتجارة في البشر لعام 2007) بسبب نظام الكفالة. وصنف التقرير السعودية على أنها من ضمن دول الفئة الثالثة وهي الدول التي لا تمتثل حكوماتها كليا للحد الأدنى من المعايير التي تحد من الإتجار في البشر ولا تبذل جهودا قصوى لإيقاف الإتجار في البشر.
وكان مجلس الوزراء السعودي قد أصدر قراراً برقم 166 في عام 1421 هجرية ينص على تنظيم العلاقة بين صاحب العمل والعامل الوافد في إطار عقد العمل المبرم بينهما وليس في إطار أحكام الكفالة. كما نص القرار على اتخاذ الإجراءات النظامية اللازمة لإحلال عبارة "عقد عمل " و"صاحب عمل" محل كلمة "كفالة " و"كفيل" في نظام الإقامة ونظام العمل والعمال.
وعلى الرغم من مرور ثماني سنوات على صدور هذا القرار إلا أنه لم يطبق ولم تلتزم العديد من الجهات الحكومية بالعديد من النصوص التي وردت فيه.