نواجه في بعض الأوقات مطبات تعيق طريقة سيرنا، فبدلًا من أخذ الطريق السريع نضطر إلى التوجُّهِ إلى طريق أطول، يشعرنا بالملل بسبب منعطفاته ومنحدراته، ربما قد يكون هذا المطب عبارة عن حجر أو عبارة عن بشر.
من قالَ أنَّ البشر لا يخطئون فقد أخطأ، إنَّ الإنسان الذكي هو الذي يتعلم من خطأه، ألم تسمع أو ألم ترَ مكفوفًا يقرأ من ورقة وهو يتلمسها؟ أرأيت تلك الطائرة التي في السماء؟ وذلك الطفل الذي يركب دراجة بأربعة عجلات؟ ألم تسأل نفسك يومًا من صنع هذا المحمول الذي بين يديك؟ إن طريقة بريل للمكفوفين والطائرة الحديدية في الهواء والسفينة التي وزنها أطنانًا والسيارة السريعة المذهلة، والمحركات السريعة التي صنعت الكثير والهواتف التي أنقذت الكثير من الناس من أعمالٍ شاقَّة، والحاسوب الذي ينهي أعمالنا كلها، وكلُّ شيئ بين أيدينا الآن، كان حلمُ مُخترعه! ثم تحوَّل إلى فكرة ثم إلى حلم ثم إلى أرض الواقع والتنفيذ.
لقد قرأت مرة أن توماس أديسون فشل أكثر من 999 مرة، وعندما نجح في تشغيل المصباح الذي لولاه لكنا على ضوء الشمع أو القنديل إلى اليوم، سأله أحد الصحافيين "ألم تمل من فشلك لأكثر من 999 مرة" فابتسم أديسون وقال "لماذا مُصِّر على أنَّه فشل؟ أنا تعلَّمت 999 طريقة لا يضيئ بها المصباح".
الذكي من تعلم من خطأه، وحاول أن يصنع الفارق بسبب ما اكتسب من خبرات وتجارب، يُروى أن فلاحًا يحرث أرضه يوميًا عند أول بزوغ الشمس وكانت أرضه تنتج له ما يكفيه لثلاث سنوات في السنة ولكن هذا لم يدم فأتت عاصفة في يوم قارس ودمرت له محصوله كله، فدمعت عينه على ما أنزل به من مصيبة ولكنه كان قويا جدا فقال إن القوي هو الذي يقوى على الشدائد ليس من يقوى عند الرخاء، فعاد في اليوم الثاني من هدوء العاصفة ليحرث أرضه وما إن انتهى حتى أهلكت عاصفة جديدة أرضه، وظلَّ يعيد المحاولة إلى أن ماتَ في سكتة قلبية حزنًا على تعبه الذي يذهب في لمح البصر.
مثل هذا الفلاح القوي، الكثير الكثير من الناس، فكم من رجل لا تهزه الجبال وقع في فخ "عدم التعلم" من التجارب، إن الذكي هو الذي يتعلم من خطأه ثم يصلحه فكم من مجدٍّ يجتهد لأجل مصلحته لكنه يفشل فلا يعيد التجربة لأنه يخاف من تجربة جديدة تعيد عليه نفس المشاكل والفشل، إنها الحياة، إن لم تعشها بذكاء فستخسر ولن يفوز فيها إلا كل متعلم من خطأه، الحياة مدرسة! صحيح، لكن هل كل الطلاب ينجحون؟
بقلم عمر الفاكهاني