تعرف الإدارة بأنها تشمل القيادة، التخطيط، التنظيم، والمراقبة. لكن العمل الحديث للقيادة بدأ يميز القيادة كشيء أكثر من ذلك، أنها جودة تلهم وتحفز الناس لأكثر من أدائهم الطبيعي، إننا نعيش في زمان يحتاج للقيادة أكثر من أي وقت مضى، بيئة اليوم مضطربة، والمنظمات تحتاج إلى تغيير اتجاهها بسرعة للمواكبة، يحتاج القادة في العديد من المنشآت إلى صياغة مفاهيم معظم الجوانب في أعمالهم لتلبية احتياجات العميل السريعة، بالإضافة إلى المحافظة على طموح ورضى العاملين، والبقاء منافسين في بيئة عالمية متقلبة.
البحوث وجدت أن بعض المناهج والأساليب القيادية أكثر فاعلية من الأخرى في إحداث تغيير في المنظمات. نوعان من القيادة لها أثر جوهري الكاريزمية والتحويلية. هذه الأنواع من القيادة يمكن لنا استيعابها وفهمها من خلال المقارنة مع قادة المعاملات. والمقصود بـTransactionalleadersالقائد الذي يوضح لأتباعه أدوارهم ومتطلبات مهامهم، ويباشر الهيكلة، ويوفر المكافآت، ويبدي اهتمامه وعنايته بأتباعه. يمتاز قادة المعاملات بقدرة إشباع وإرضاء موظفيهم لتحسين الانتاجية، كما أنهم يبرعون في وظائف الإدارة: القيادة، التخطيط، التنظيم، المراقبة.
القيادة الكاريزمية تذهب إلى أبعد من تقنيات القيادة التعاملية. الكارزما تعرف كنار توقد طاقة الاتباع والتزامهم وتنتج نتائج أعلى وأبعد ما يمكن نسميه نداء الواجب، والقائد الكارزمي له قدرات في تشجيع الاتباع لتجاوز أدائهم المتوقع.
إنه يلهم ويحفز الناس لعمل أكبر مما يتوقع منهم طبيعيًا بالرغم من العقبات والتضحيات الشخصية. والموظفون يتخطون اهتماماتهم الذاتية لأجل الفريق، القسم، والمنظمة. إن أثر القائد الكارزمي - الذي أسماه العقاد العبقري، ولذلك خرجت عبقرياته كنوع من التوطين للمصطلح وإلباسه زيًا عربيًا وإسلاميًا، وهذا يؤكد ما ذهب إليه معالي الشيخ صالح الحصين فيما سماه الرق الثقافي – الطبيعي أولاً: من بيان رؤيته العالية لمستقبل متخيل يكون العاملون مدركين لكل تفاصيله، ثانيًا: صياغة نظام قيم المؤسسة كمتطلب ومعيار للجميع، ثالثًا: الثقة في العاملين وكسب ثقتهم.
ولذلك القائد العبقري يميل إلى أن يكون أقل من المتنبأ به من القائد التعاملي. هم يخلقون بيئة التغيير وربما يكون هاجسهم الأفكار الخيالية المثيرة والمحفزة والتي تدفع الناس للعمل الشاق.
الزعيم أو القائد التحويلي مشابه للعبقري، لكنه يتميز عنه بقدرة خاصة لإحداث إبداع وتغيير من خلال معرفة حاجات واهتمامات أتباعه ومساعدتهم في النظر للمشاكل القديمة بطرق مختلفة، وتشجيعهم لمناقشة الوضع الراهن. القائد التحويلي يلهم الأتباع ليس فقط في الاعتقاد في الزعيم شخصيًا، بل في قدراتهم الذاتية لتصور وخلق مستقبل أفضل للمنظمة.
لديهم القدرة لقيادة التغيير في رسالة المنظمة، وخططها الاستراتيجية والريادية، هيكلتها، ثقافتها بالإضافة إلى رفع الإبداع في المنتجات والتكنولوجيا. القائد التحويلي لا يعتمد على أنظمة وأحكام ملموسة فقط وحوافز لإحكام صفقات محددة مع أتباعهم.
إنهم يركزون على جودة ملموسة، قيم مشتركة، وأفكار لبناء علاقات، منح النشاط التنوعي معنى أكبر والبحث عن أرض مشتركة لانخراط الأتباع في عملية التغيير.
الدراسات الحديثة تؤكد على أثر القيادة التحويلية LeadershipTransformationalالإيجابي في تنمية العاملين وأدائهم، علاوة على ذلك قابلية تعلم هذه المهارات القيادية. بالإضافة إلى أن القائد التحويلي مستقر عاطفيًا، ومتفاعل مع من حوله، ولديه قدرة كبيرة لإدراك وفهم مشاعر الآخرين.
هذه الخصائص ليست مفاجئة فيما يتعلق بأن القادة يحققون التغيير من خلال بناء شبكات من العلاقات الإيجابية. الحقيقة أن الكلام يطول حول القيادة وأثرها في إحداث التغيير. عباس محمود العقاد كتب سلسلة من عبقرياته بدأها بعبقرية محمد صلى الله عليه وسلم ثم أبي بكر، عمر، عثمان، علي وخالد رضي الله عنهم أجمعين. والتي كتبت ليست نصرة للإسلام وأهله بقدر ما كانت انتصارًا لنظرية الكارزما وتوطينًا للثقافة الغالبة والمهيمنة. ولذلك تساؤل معالي الشيخ صالح الحصين عن إمكانية التحرر من الرق الثقافي؟ يدفعنا لفك الأغلال التي قيدت كثيرًا منا حتى أصبح مستلبًا يتلقى الأفكار معلبة وجاهزة للاستهلاك والتسويق محليًا مثلما يستهلك الشوكلاته أو السيارة، فنحن في عالمنا العربي سوق مفتوح للمنتجات الفكرية والمنتجات المادية لأننا تحولنا إلى مستهلكين شرهين لكل ما تدفعه لنا المطابع والمصانع الغربية. مع تزهيد وقمع لكل منتج وطني ماديًا أو فكريًا لأن الثقافة الغالبة العالمية تسحق وتقزم المحلي.

بقلم: د. عبدالرحيم المالكي