بعض أساليب حل المشكلات

جلسة حل المشكلات

مقدمة:
جلسة حل المشكلات عبارة عن اجتماع شبه منظم يقدم فيه رئيس الجلسة الإطار البنائي العام للجلسة ويقوم أعضاء المجموعة بالمشاركة في اقتراح الآراء لحل المشكلة. وعلى الرغم من أن جلسات حل المشكلات تأخذ أشكالا متعددة إلا أنه سيقتصر هنا على إيراد بعض الخطوات الأساسية الضرورية لنجاح هذا الأسلوب في معالجة المشكلات وحلها.

الخطوات الأساسية

الخطوة الأولى: تهيئة المناخ:
تظهر هنا أهمية دور القيادة سـواء قام به الرئيس الذي اختارته المجموعة أو أي من أعضاء المجموعة. والغرض من هذه الخطوة هو تنمية فهم المجموعة لما يهدف إليه الاجتماع. ما هي الأسباب التي دعت لعقده؟ وإن كانت هناك مشكلة قد حددت مسبقاً بواسطة جهة ما فينبغي مناقشتها. ويتوجب على المجموعة أن تعرف أين تقف بالنسبة لهذه المشكلة. وان كانت هناك حدود لسلطة المجموعة فينبغي أن يكون أعضاء المجموعة على علم بطبيعة هذه الحدود. وينبغي هنا أن يتم الاتفاق بين أعضاء المجموعة على مدى التزامهم بخطوات الحل.

الخطوة الثانية: عرض المشكلة:
يتركز دور رئيس المجموعة هنا في توجيه أنظار المجموعة للمشكلة المراد حلها، ويتم ذلك عن طريق كتابة المشكلة على السبورة أو على الورقة. فللطريقة التي تعرض بها المشكلة أثر على نفسية أفراد المجموعة، فعرض المشكلة في شكل السؤال التالي: "كيف نستطيع إنجاز مشروعنا في الوقت المحدد؟" ربما ينمي في أفراد المجموعة الشعور بالرهبة وهو أمر غير مرغوب. وربما نجد أن نفس المشكلة يمكن أن تطرح في شكل سؤال ذو طابع مختلف، وذو أثر إيجابي على أفراد المجموعة، ومثال ذلك، "ما هي في اعتقادكم الإجراءات الإضافية التي يمكننا اتخاذها حتى نتمكن من تنفيذ مشروعنا في الموعد المحدد؟" لذلك يستحسن الانتباه إلى الاعتبارين التاليين عند عرض المشكلة:
(1) أن يقتصر السؤال المطروح على:
(أ ) أغراض المجموعة
(ب) إمكاناتها
(ج) الزمن المتاح للنقاش
(2) إذا لم تؤخذ العناصر الثلاثة المذكورة أعلاه في الاعتبار فربما يكون الناتج توجيه خاطئ لجهود المجموعة مما قد يؤدي إلى الاستياء أو اللامبالاة من جانب المجموعة. ويتطلب هذا من قائد المجموعة أن يضع السـؤال المطروح للنقاش بطريقة تمكن كل فرد من أعضاء المجموعة من استكشاف مراحل المشكلة المطروحة. والسؤال هنا يجب أن يوضع بالصورة التي تساعد على:-

(أ ) تشجيع النقاش:
في وضع أي سؤال لحل مشكلة يستحسن أن يكون السؤال مفتوحاً ليساعد على إثارة النقاش المثمر، ومن المستحسن أيضاً تجنب الأسئلة المغلقة والتي تكون الإجابة عليها (لا) أو (نعم).
(ب) الإيجابية:
وتعني تجنب استعمال الكلمات ذات الدلالات السلبية مثلا (لماذا لا نستطيع) وليأخذ السؤال صيغة (كيف نستطيع).
(ج) الذاتية:
السؤال التجريدي يثير في العادة قدراً أقل من الحماس والنقاش والإحساس بالمشكلة من السؤال الذي يخاطب المشاركين ذاتيا ومباشرة.
( د ) البساطة:
وتعني تجنب التعقيد في طرح السؤال أو استعمال الألفاظ الغامضة أو التي تعطي أكثر من معنى. وعدم استعمال الألفاظ المبسطة ربما يؤدي إلى أن يوجه أفراد المجموعة انتباههم إلى أشياء ثانوية أخرى وهي النقاش حـول المعاني والتحريف للألفاظ المستعملة مما يهدر الوقت والجهد وربما يؤدي إلى تعقيد المشكلة أكثر.
(هـ) الإيجـاز:
ويعني وضع السؤال بصورة موجزة تجعل من اليسير على أفراد المجموعة إدراكه وفهمه كما أنها تجنب المجموعة ضياع الوقت في الحديث المطروح عديم الجدوى.

عندما يطرح السؤال على المجموعة فان هذا يعني بداية لمرحلة جديدة في النقاش. وعلى رئيس المجموعة هنا واجب محدد ينبغي عليه القيام به وهو كتابة السؤال بوضوح وتكراره حتى يتأكد أن الكل قد استوعبه، ثم انتظار ردود فعل المجموعة وآرائها ومقترحاتها.
الخطوة الثالثة: جمع المعلومات:

في جلسة حل المشكلات ينبغي توجيه المجموعة إلى جمع المعلومات والحقائق المتعلقة بالمشكلة قبل الخوض في اقتراح سلسلة من الحلول. وهنا ينبغي على رئيس المجموعة أن يقوم بتسجيل الآراء والحقائق التي يدلي بها أعضاء المجموعة بدون نقد أو تعليق أو تقييم، وحتى يكون كل فرد من أعضاء المجموعة ملماً بما ورد من آراء وحقائق يفضل أن تكتب الآراء المطروحة على أوراق من الحجم الكبير (سبورة ورقية) توضع في أماكن مرئية للجميع.

وإذا كانت المشكلة على درجة كبيرة من الأهمية فمن الأفضل استعمال أسلوب تحليل ميدان القوى (القوى الدافعة والقوى الطاردة) بدلاً من الحقائق المستخلصة من جمع المعلومات، أي الوقوف والتعرف على القوى الدافعة التي يساعد وجودها على حل المشكلة المطروحة، والقوى الطاردة التي يعرقل وجودها حل المشكلة. أما إذا كانت المشكلة على درجة كبيرة من التعقيد وتحيط بها ظروف من عدم التأكد فيستحسن استخدام أسلوب دلفاي (Delphi) في جمع المعلومات والوصول إلى رأي يتسم بدرجة عالية من الاجتهاد.
الخطوة الرابعة: تنمية البدائل العملية:
بعد تسجيل الأفكار والمعلومات التي تعتقد المجموعة أنها كافية للتوصل لحل المشكلة يقوم قائد المجموعة بتذكير الأعضاء أنه قد آن الأوان للبدء في تطوير البدائل والخيارات العملية لحل المشكلة. وفي هذه المرحلة - وبناء على تحليل المعلومات المطروحة - يقوم أعضاء المجموعة بالتقدم بمقترحاتهم لحل المشكلة وتسجل هذه المقترحات أيضاً كما وردت دون تقويم أو نقد أو تعديل.
الخطوة الخامسة: الموازنة والاختيار بين البدائل:

ودور قائد المجموعة في هذه الخطوة دور إجرائي يتم التركيز فيه على مساعدة المجموعة لوضع أولويات الحلول. ويتطلب ذلك أولاً إتاحة الفرصة لأعضاء المجموعة لموازنة أفكارهم ومشاعرهم تجاه الأولويات، فيطلب من كل فرد أن يختار البدائل الثلاث الأولى والتي يرى أنها هي الأنسب والأكثر واقعية وعملية، وبهذه الطريقة يمكن تضييق نطاق الخيارات. وبعد ذلك يطلب من المجموعة تحديد أسبقيتها الأولى من ضمن الخيارات المطروحة، وإذا لم يتم الاتفاق على هذه الأسبقية فان مهمة قائد المجموعة هي إبراز أوجه الخلاف والعمل على دفع المجموعة للوصول لتقارب في وجهات النظر. وفي المسائل ذات الأهمية القصوى يفضل ويحبذ إجراء تحليل ميدان القوى أو دلفاي عند تناول كل خيار عملي. والطريقة المثلى أن تتم مناقشة المشكلة بطريقة مستفيضة والوصول لإجماع آراء المجموعة بدلاً من حسم الموضوع بالتصويت.
الخطوة السادسة: خطة العمل:

تتطلب هذه الخطوة قرارات من جانب المجموعة حول الشيء الذي ينبغي القيام به ومن سيقوم به، وأين سيتم، وأي نوع من نظام المردود سيعمل على تنميته لتحديد مدى الجودة التي ينجز بها العمل. ويتم وضع هذا في خطة تجري بعدئذ جدولتها ليصار إلى تنفيذها وحل المشكلة التي تصدت لها المجموعة.

خاتمة:
يعتبر هذا الأسلوب من أكثر الأساليب شيوعاً في معالجة المشكلات. ولا شك أن دور قائد المجموعة مركزي في إدارة النقاش وتوجيه الحوار نحو الحل المناسب، كما أن مؤهلات وخبرات أعضاء المجموعة مهمة أيضاً. وغالباً ما تصل جلسات حل المشكلات إلى حلول أو نتائج توفيقية.

شـحذ الأفكار Brainstorming

يعتبر شحذ الأفكار أحد الأساليب الفعالة التي تركز على إيجاد الحلول المبتكرة والخلاقة للمشكلات التي تواجه أي جماعة من الجماعات، خاصة في الظروف التي تواجه فيها هذه الجماعة بحتمية العمل على تنمية الأفكار الجدية الخلاقة للمشكلة التنظيمية – وتشمل عملية شحذ الأفكار أيضاً على العديد من الخطوات وهي:-
الخطوة الأولى:
يقوم قائد المجموعة بكتابة المشكلة المراد إيجاد الحلول لها على السبورة أو الورق على أن يكون السؤال محدداً ومختصراً ومثيراً.
الخطوة الثالثة:
يوضح قائد المجموعة لأفرادها الأسباب التي جعلت هذه المشكلة مثار اهتمام الجماعة أو التنظيم ويقوم قائد الجماعة أو أي فرد مكلف من أفرادها بتزويد أعضاء المجموعة بكل المعلومات الضرورية، المتعلقة بخلفية المشكلة، كما يوضح أيضاً الكيفية التي ستستغل بها المعلومات التي يتم الحصول عليها من جلسة شحذ الأفكار.
الخطوة الثانية:
في هذه المرحة يوضح قائد المجموعة القواعد التي تحكم العملية عملية شحذ الأفكار والتي تتلخص في:-
1. كل فكرة تطرح تعتبر فكرة مقبولة حتى ولو ظهرت كفكرة سخيفة.
2. لا يسمح بتقويم الأفكار التي تطرح خلال فترة شحذ الأفكار ويشمل هذا التقييم أو إبداء أي شعور أو حركة، تنم على قبول الفكرة أو عدم قبولها.
3. أن كمية الأفكار هي الغرض الأساسي في هذه المرحلة – وأن النوعية تجيء عادة في مرحة مقبلة.
4. يشجع البناء على الأفكار التي طرحت إذ ظهر أن العديد من المقترحات البناءة التي تطرح تنتج عن الأفكار التي طرحت بواسطة آخر أو أخرين.
5. يشجع أعضاء الفريق على طرح الأفكار.
6. تحديد فترة زمنية لمرحلة شحذ الأفكار.
الخطوة الرابعة:
يسجل قائد الجماعة كل فكرة وبسرعة على الورقة بدون أي تردد وكما هو معروف فأن جلسة شحذ الأفكار تبدأ بتدفق العديد من الأفكار ولكن هذه الأفكار تبدأ في التناقص تدريجياً حينما تصل المجموعة لهذه المرحلة يستحسن أن تتاح الفرصة للتفكير في المشكلة والأفكار التي طرحت حتى نتمكن من بداية طرح أفكار جديدة.
الخطوة الخامسة:
مرحلة التقويم والتحليل:-
تبدأ الجماعة في هذه المرحلة بتقويم الأفكار والمقترحات التي تم طرحها ويمكن أن تنقسم المجموعة إلى مجموعات صغيرة تتناول كل مجموعة منها تحليل وتقويم عدد محدد من الأفكار والمقترحات التي طرحت، وحينما تنتهي كل مجموعة من عملها تقدم ما توصلت إليها للمجموعة الكبيرة.
وحينما تنتهي المجموعات الصغيرة من عرض النتائج التي توصلت إليها تخضع هذه النتائج للنقاش والتحليل والتقويم في المجموعة الكبيرة التي تقوم باختيار البدائل العملية والواقعية وتضعها في شكل أولويات ومن ثم تبدأ مرحلة التطبيق العملي.
يلاحظ أن شحذ الأفكار أسلوب مفيد جداً في العديد من الأوضاع كفريق العمل – اجتماعات العاملين – حل المشكلات – والاجتماعات التطبيقية والتنظيمية التي تهدف لاستكشاف البدائل التي يمكن أن تحدد المسار المستقبلي للتنظيم – وهو أسلوب مفيد أيضاً لتشجيع العاملين للتقدم بمقترحاتهم وآرائهم ولمشاركة أعضاء المجموعة في اتخاذ القرار.

خلاصة:
تعتبر مهارات التعامل مع مشكلات المرؤوسين على المستوى المهني والشخصي ومعالجتها بشكل فعال من المهارات الأساسية للقائد الإداري الناجح. وتزداد أهمية هذه المهارة مع تعدد المشكلات وتنوعها وتعقيدها حيث يصعب التوصل إلى حلول نمطية لها. وعملية تحليل ومعالجة المشكلات عملية مستمرة، فالمشكلات يتداخل بعضها مع بعض بحيث لا تكاد تنتهي مشكلة حتى تبدأ مشكلة أخرى، وفي الغالب تبرز مشكلة جديدة أثناء معالجة مشكلات قائمة أو نتيجة لها.
ولعل من المفيد ملاحظته انه كلما ارتقى القائد الإداري في المستوى التنظيمي كلما ازدادت المشكلات التي تواجهه من حيث درجة تعقيدها وأهمية الآثار التي تترتب عنها. ومع ازدياد المشـكلات تزداد خبرة القائد الإداري في التعامل معها ومهارته في التصدي لها. والقائد الإداري الفعال ليس هو الذي يوفق في التغلب على مشكلة معينة بعينها، ربما يكون قد واتاه الحظ في إيجاد حل مناسب لها، بل هو الذي يطور أسلوبه في تحليل المشكلات وينمي مهاراته في التصدي لها على أسس سليمة.