مقابلة مع مسئول / لجنة من المسئولين: المقابلة الشخصية قد يحضرها مسئول واحد من المؤسسة الباحثة عن موظف، وقد يحضرها لجنة من المسئولين Panel. المقابلة مع شخص واحد تعطي بعض الارتياح للمرشح، فتقلل من توتر، وهو ما قد يساهم في الحصول على صورة صحيحة للمرشح، ويساعد المرشح على طرح بعض الأسئلة في نهاية المقابلة، ولكن قيام مسئول واحد بتقييم المرشح قد يشوبه كثير من التحيز غير المقصود أو التحيز المتعمد. على الجانب الآخر فإن اشتراك عدد من المسئولين (اثنين أو ثلاثة أو أربعة) يقلل من التحيز ويساعد على رؤية المرشح من وجهات نظر مختلفة وهو ما يساعد على اختيار المرشح المناسب.
ويعيب المقابلة مع لجنة من المسئولين أن المرشح قد يشعر ببعض التوتر، فهُم يراقبونه وهو يتحدث، وهذا أمرٌ مختلف عن التحاور مع شخص واحد، وهناك عقبة كبيرة أمام نجاح عمل هذه اللجان وهو التنسيق والتعاون بين أعضائها فقد يُسيطر أحدهم على عمل اللجنة، وقد يكون بين أفرادها بعض الضغائن التي تجعلهم لا يقومون بعمل جماعي ناجح. فمثلا قد يقوم أحد أعضاء اللجنة بالتحيز ضد المرشح فيعامله بطريقة سيئة، وهو ما يؤثر على أداء المرشح طوال المقابلة، فيظهر المرشح بمظهر سيء أمام باقي الأعضاء، وقد يأخذ بعض أعضاء اللجنة وقتا طويلا فلا يتيح للباقين فرصة كافية لطرح الأسئلة، وقد يتعمد أحدهم رفض مرشح لأن أحد الأعضاء الآخرين قد رفض مرشحا قد استحسنه هو وهكذا. ومع كل هذا فإن اشتراك أكثر من شخص في عملية الاختيار هو أمر مفيد بشرط توفر التنسيق والإعداد المناسب.
مقابلة واحدة / مقابلات متعددة: قد يمر المرشح بمقابلة شخصية واحدة مع مسئول واحد وهو ما قد يعرضنا للعيوب التي ذكرناها وأهمها التحيز المقصود وغير المقصود، وهناك طريقة أخرى لتقليل التحيز وتحسين عملية الاختيار وهي أن يتم عقد عدد من المقابلات المتتابعة أي أن يتم عقد مقابلة بين المرشح وأحد المسئولين ثم بينه وبين مسئول آخر، فمثلا قد يتقابل المرشح مع المدير المباشر ثم مع مسئول الموارد البشرية، وقدد تتعدد المقابلات كلما ارتفع المركز الوظيفي فقد تكون هناك مقابلة أخرى مع مسئول رفيع المستوى أو مدير آخر في المؤسسة. فهو أسلوب شبيه بالمقابلة مع لجنة من المسئولين ولكن هذا يتم هنا بالتتابع أي يلتقي هذا ثم ذاك وهكذا.
يتميز هذا الأسلوب بأن كل مسئول يلتقي المرشح منفردا وهو ما يحجب تأثير باقي المسئولين، فلو كان أحدهم متحيزا مع أو ضد المرشح فإن هذا لن يؤثر على مقابلات المرشح مع المسئولين الآخرين. ويتميز كذلك بتوفير فرصة أكبر لتعرف المرشح على المؤسسة بلقائه بعدد أكبر من المسئولين في لقاءات ثنائية تتيح التحدث بقدرٍ من الحرية. المقابلات المتعددة أوالمتسلسلة تحتاج وقتا أطول لإجرائها فبدلا من أن يحضر المرشح لمقابلة مدتها نصف ساعة أو ساعة فإنه قد يحضر لمقابلات مدة كل منها ثلث ساعة، وقد يضطر للانتظار قبل كل مقابلة، وقد يحتاج المرشح للحضور أكثر من مرة، وهي كذلك تستهلك وقتا من المسئولين عن المقابلات. ويعيب هذا الأسلوب أيضا أن المرشح يضطر لإعادة الكثير من المعلومات في كل مقابلة وهو ما قد يُشعِره بالملل أو الإرهاق وبالتالي يؤثر على تقييم المسئولين له. ولذلك فإننا لو فضَّلنا استخدام هذا الأسلوب فينبغي ألا نبالغ فنطلب من المرشح أن يحضر عدة مرات أو أن يحضر أربع مقابلات متتالية مدة كل منها ساعة، ولكن ربما نطلب منه حضور مقابلتين أو ثلاثا في نفس اليوم بحيث تكون مدة كل مقابلة في حدود نصف ساعة وبحيث تكون فترات الانتظار بينهما قصيرة (10 دقائق أو 15 دقيقة).
مقابلة منظمة / حرة Structured / Unstructured Interview: المقابلة المنظمة هي مقابلة يتم تحديد مسارها سلفا وبحيث يتشابه – مسارها – تماما بين كل المرشحين. أما المقابلة الحرة أو غير المنظمة فإن المسئول أو المسئولين يُسَيِّرونها حسب ما يتراءى لهم أثناء المقابلة. المقابلة الموجهة أو المنظمة تبدو أكثر عدلا لأن كل مرشح يتعرض لنفس الأسئلة، ولا يمكن لمرشح أن يجذب المسئول للحوار في النقاط التي يحبها المرشح أو يتميز فيها. المقابلة الحرة تتميز بالتفاعل مع الحوار فقد نحتاج أن نسأل مرشحا عن أمور لا نحتاج أن نسأل الآخرين عنها وقد تطرأ الحاجة لسؤال بناء على ما يقوله المرشح أثناء المقابلة. ولذلك فقد تكون المقابلة نصف منظمة (أو نصف موجهة) للجمع بين مميزات المقابلة المنظمة والمقابلة الحرة وهذا يعني أن يكون هناك تحديد عام لمسار المقابلة ولكن يكون هناك سماح ببعض التفاعل مع الحوار في حدود لا تخرج بالمقابلة عن الهيكل العام المحدد مسبقا.
المقابلة المنظمة أو نصف المنظمة هي الأسلوب الحديث للمقابلات فهي تضمن أن يحصل المسئول على المعلومات التي يريدها بدلا من أن يتحدث مع مرشح في موضوع ومع الآخر في موضوع آخر. المقابلة المنظمة تساعد المسئول أو المسئولين على استخدام الوقت استخداما فعالا وعادلا في آن واحد. وقد أظهرت الدراسات أن المقابلات المنظمة (أو الموجهة) هي أكثر صحة (مطابقة للحقيقة) من المقابلات الحرة (أو غير المنظمة). ففي المقابلات الحرة قد يجذب المرشحُ المسئولَ للحديث عن زيارة قام بها لبلد ما أو عن نقطة فنية يتقنها المرشح والمسئول أو عن أي مواضيع غير مؤثرة في اختيار المرشح، وقد تختلف الأسئلة اختلافا بيِّنا فيتعرض أحد المرشحين لسؤال صعب والآخر لسؤال سهل، وقد يكون توزيع الوقت غير متماثل بين المرشحين فيتم سؤال هذا عن الجوانب الفنية لمدة 15 دقيقة بينما يتم سؤال الآخر عن الجوانب الفنية لمدة 5 دقائق، وبما أنه لا يوجد نظام ثابت للمقابلة فمن الطبيعي أن تكون عملية التقييم مُعتلة ومُتأثرة بالأهواء.
في المقابلة نصف المنظمة يكون الإطار العام محددا بمعنى أن تكون هناك بنود أساسية للمقابلة محددة بزمن تقريبي فمثلا: الترحيب (2 دقيقة)، أسئلة خاصة بمعلومات غير واضحة في السيرة الذاتية (4 دقائق)، أسئلة فنية (12 دقيقة)، أسئلة خاصة بالسمات الشخصية (6 دقائق)، السماح للمرشح بطرح أسئلة (3 دقائق)، الختام ( 2 دقيقة). وفي هذه المقابلات يتم تحديد أسئلة واجبة الطرح لكل المرشحين وبعض الأسئلة التي قد تُطرح وقد لا تُطرح أي أن هناك قائمة بالأسئلة. وهذه الأسئلة يتم إعدادها بناء على وصف الوظيفة المطلوبة. ويتم كذلك تجهيز نموذج لكي يستخدمه كل مسئول لكتابة ملاحظاته وتقييمه لكل مهارة من المهارات المطلوبة. المقابلات المنظمة جدا تشمل كل ما سبق ولكن تكون الأمور أكثر صرامة فيتم طرح نفس الأسئلة بالضبط دون إضافة أي سؤال. كما ترى فإن المقابلات نصف المنظمة هي الأسلوب السليم للمقابلات وأما المقابلات الحرة فقد ينتج عنها أخطاء كثيرة. إن كنت قد مررت بتجربة مقابلة منظمة فإنك ولاشك شعرتَ بأثر هذا النوع منا لمقابلات، وقد مررتُ – أنا – بتجربة مماثلة منذ سنين ومازلتُ أذكر هذه المقابلة وأصفها لزملائي بمقابلة محترمة لأنني علمتُ أن كل المرشحين تعرضوا لنفس الأسئلة تقريبا فشعرت بعدالة وجدية المقابلة.
مقابلة سلوكية Behavioral Interview: وهو أسلوب يعتمد على سؤال المرشح عن تصرفه في مواقف صعبة مرت عليه من قبل، ثم يقوم المسئول بمحاولة تقييم تصرف المرشح في ذلك الموقف. والفكرة هنا أن نستخدم سلوك وأداء الموظف السابق لتوقع أداءه في المستقبل. وهذا الأسلوب يعطينا معلومات أكثر تفصيلا عن المرشح، كما أنه يعطينا معلومات أكثر صدقا فلو سألت المرشح هل أنت صبور وحازم ومثابر فإنه قد يجيب بنعم وهو ليس كذلك، أما عندما تسأله عن موقف صعب تعرض له واحتاج أن يتخذ قرارا حازما أو يقنع غيره بأمر ما فإن الكذب هنا يكون أصعب، كما أن التفاصيل التي يرويها تبين مدى عمق هذه الصفات والمهارات عند المرشح.
المواقف التي يتم السؤال عنها لابد أن تهدف لقياس مهارات مرتبطة بالوظيفة المطلوبة فمثلا لو كانت الوظيفة هي وظيفة خدمة مبيعات فإنك قد تطلب من المرشح أن يذكر لك موقفا تعامل فيه مع عميل صعب ، من المرشح أن يذكر لك موقفا وجد فيه أن البيانات المسجلة فيها خطأ محاسبي. ولو كانت الوظيفة هي وظيفة مدير لعدد كبير من الموظفين فقد تسأل المرشح قائلا: اذكر لي موقفا تعاملت فيه مع مرؤوس كاره للعمل. اذكر لي موقفا تعاملت فيه مع غياب عدد كبير من العاملين.
مقابلة ظرفية (قياس القدرة على التصرف) Situational Interview: وهو سؤال المرشح عن تصرفه لو تعرض لموقف محدد. وهذه الطريقة تستدعي تحضيرا جيدا لمواقف محددة وكذلك تحديدا لأسلوب التقييم. وهذه الطريقة تشبه السؤال عن مواقف حقيقية سابقة ولكننا هنا نفترض مواقف ونسأل المرشح عن تصرفه فيها، وهذه المواقف لابد أن تنبع من طبيعة الوظيفة واحتياجاتها. ومن أمثلة هذه الأسئلة: صف لي ماذا تفعل لو طلب منك مديرك أعمالا لا تقدر على أدائها؟ ماذا تفعل لو جاءك موظف يشكو من إدارة المؤسسة؟ ماذا تفعل لو وجدت أن مرؤوسيك لا يؤدون العمل بكفاءة؟ ماذا تفعل لإقناع الآخرين بفكرة جديدة؟ وهذه مجرد أمثلة بسيطة ولكن من المفضل أن يكون السؤال أكثر تحديدا مثل: أنت تعمل في وظيفة كذا وتريد أن تقترح أسلوبا للعمل هو كذا وكذا ومديرك اعترض قائلا كذا وزملائك يرون كذا، ماذا تفعل؟
هذا الأسلوب يعطينا بعض التصور عن سلوك الموظف في العمل ولكن ليس هناك ضمان أن ما يقوله الموظف سوف يُنفذه بالفعل فبعض الناس لديه قدرة رائعة على الحديث وقدرة ضعيفة على التنفيذ. ولكنها مع ذلك وسيلة مفيدة، وخاصة وأننا نفترض الصدق في المرشحين. ويتميز هذا الأسلوب عن سؤال الموظف عن مواقف تعرض لها من قبل في أن الموظف – في الحالة الأخيرة - قد يكون مستعدا بمواقف أبدع فيها واتخذ قرارات صعبة وقد تكون تلك المواقف هي مواقف سمعها من غيره ولم يشترك فيها بالفعل، بينما في الحالة الأولى يفاجأ المرشح بالسؤال بدون استعداد مسبق. ومن جهة أخرى فإن الأسئلة الافتراضية تُعطي ردودا افتراضية بينما السؤال عن ما مر به المرشح من قبل فإنه يعطي ردا مبنيا على الواقع. ولذلك فإن طرح سؤال أو اثنين عن المواقف السابقة وطرح سؤال أو اثنين عن مواقف افتراضية يجمع لنا بين مميزات الأسلوبين.
مقابلة الإجهاد (الضغط) Stress Interview: وهي مقابلة يتم فيها تعريض المرشح لنوع من الضغط بهدف التعرف على قدرته على التعامل مع ضغوط العمل ومثال ذلك أن يتكلم معه المسئول بطريقة استفزازية، أو أن يدخل معه في حوار جدلي جدا، أو أن يتركه ينتظر المقابلة لفترة طويل، أو غير ذلك من التصرفات التي قد تثير أعصاب المرشح. وهذا الأسلوب له عيوب كثيرة منها أن المرشح قد يحكم على المؤسسة بناء على هذه المقابلة ويقرر ألا يقبل هذه الوظيفة، ومنها أن هذا قد يؤثر على المقابلة كلها بمعنى أنك قد تستثير المرشح في بداية المقابلة لتختبر تحمله ثم تبدأ في سؤاله عن بعض أمور العمل وخبراته السابقة فيؤثر توتر جو المقابلة على إجابات المرشح.
وهذا الأسلوب يحيط به العديد من الشكوك أولها أن المرشح الخبيث قد ينجح بينما يفشل الموظف المحترم لأن الخبيث قد يتظاهر بهدوء الأعصاب بينما المحترم قد يتصرف بطبيعته وبما تمليه عليه كرامته. ثانيها أن هذا النوع من الضغط يختلف تماما عن ضغوط العمل في أكثر الأحيان فنحن لا نريد موظفا يتحمل الإهانة ولكننا نريد موظفا يتحمل العمل لعدة ساعات أو يتحمل أن يُطلب منه عدة مهام في وقت ضيق أو يتحمل اتخاذ قرارات حاسمة في وقت قصير وكل هذه الضغوط لا علاقة لها بمعاملة المرشح بتكبر أو سخرية.
ولو أردنا فعلا قياس تحمل الموظف لضغوط العمل لوجدنا أساليب عديدة أكثر فائدة وأقل ضررا منها: اختبار تحريري يحتوي على أسئلة تخص العمل وبحيث يكون وقت الاختبار قصيرا جدا، وهذا يشبه اختبارات GRE و GMAT ولكن الاختبار هنا قد يكون عبارة عن أسئلة فنية أو مواقف ينبغي أن يتخذ فيها المرشح قرارا وهذا يتوقف على طبيعة العمل، اختبار عملي مثل أن يُطلب من المرشح أن يحاول إقناع المسئول بشراء منتج ما غير مميز وهذا مناسب لمندوبي المبيعات، سؤال المرشح عن عدة مواقف قد يتعرض لها في العمل حيث تكون الموارد المتاحة للتنفيذ قليلة. فهذه الأساليب تحاكي ضغط العمل ولا ينتج عنها توتر لعلاقة المرشح بالمؤسسة التي تقدَّم لها. ويبقى أن بعض الأعمال قد يكون الضغط فيه في التعامل مع نوعيات صعبة من الناس أو التعرض لمواقف عصيبة، وهذه أمور محدودة في بعض الأعمال وأرى أنه لو أردنا في هذه الحالة استخدام هذا الأسلوب أن يكون ذلك في مقابلة منفصلة وأن يكون المرشح على علم مسبقا بإمكانية تعرضه لبعض الضغوط أثناء المقابلات كنوع من الاختبار. فهذا يقلل من التأثير السلبي لهذا الأسلوب ويجعل الأمر أخلاقيا إلى حد كبير ويجعلنا لا نفقد ثقة المرشح في المؤسسة وفي معاملتها لموظفيها.
ماذا نفعل؟
ذكرنا أنواعا كثيرة من المقابلات فماذا نفعل؟ أولا: في أكثر الأحيان يفضل إما أن تكون المقابلة مع لجنة من ثلاثة أو أربعة مسئولين أوأن تكون هناك أكثر من مقابلة مع مسئول واحد في كل مقابلة. وأظن أن المقابلة مع لجنة هي أيسر وأنسب من المقابلات المتتابعة. ثانيا: لابد من اتباع أسلوب المقابلات المنظمة وأرى أن اتباع أسلوب المقابلات المنظمة تماما أنسب لعالمنا العربي لأنه مع بعض الحيود ستكون المقابلة نصف منظمة، ولكن لوقلنا – من البداية – نصف منظمة فمع بعض الحيود ستصبح غير منظمة (حرة) ونعود من حيث بدأنا. ثالثا:أسلوبا المقابلات السلوكية والظرفية هما أسلوبان يفضل استخدامهما كأدوات أثناء المقابلة، ولاحظ أن هذا لا يعني أن تكون جميع الأسئلة من هذا النوع. ويراعي إعداد هذه الأسئلة بعناية وتحديد أسلوب تقييم الإجابة مسبقا. رابعا: أسلوب إجهاد المرشح هو أسلوب غير فعال في أكثر الأحيان ولا يُنصح به وينبغي أن نبحث عن طرق أخرى لمحاكاة ضغط العمل.