نوبل للسلام تذهب للبنغالي محمد يونس وبنكه «غرامين»
قال إنه سيتبرع بالجائزة لأعمال خيرية
نيودلهي ـ لندن: «الشرق الأوسط»
فاز محمد يونس وبنك غرامين بجائزة نوبل للسلام، لعملهما في تأسيس نظام للقروض الصغيرة، يساعد الناس على التخلص من الفقر. وفي نفس الوقت أعلن يونس انه سيتبرع بالجائزة البالغة قيمتها 1.4 مليون دولار لأعمال خيرية.
ومنذ سنوات ترشح يونس للفوز بجائزة نوبل في الاقتصاد، لكنه اليوم، وفي مفاجئة من العيار الثقيل، أعلن عن فوزه بجائزة نوبل للسلام. بالنسبة له كرجل ربما فعل أكثر من أي شخص آخر لمساعدة أناس على التغلب على الفقر، ولا يعتذر محمد يونس عن عدم اعطائه أي شيء للمتسولين. غير أن فلسفة يونس تقوم على مساعدة الفقراء على مساعدة أنفسهم على غرار المثل القائل.. «أعط رجلا سمكة تطعمه يوما ولكن علمه صيد السمك تطعمه مدى الحياة». لذلك فلم يرد يونس أبدا على متسول كفيف أو أعرج أو أم تهدهد طفلها عندما يمدون أياديهم للحصول على أموال.
وقال متحدث باسم كوفي انان الذي فاز نفسه بجائزة نوبل للسلام إن انان «سعيد بمنح جائزة نوبل للسلام لعام 2006 للبروفيسور محمد يونس وبنك غرامين في بنغلاديش فهم رواد حركة القروض الصغيرة وحلفاء الأمم المتحدة في سبيل تنمية وتعزيز دور المرأة».
وقال عنان إنه بفضل يونس والبنك الذي أنشأه أثبتت القروض الصغيرة «قيمتها كوسيلة للعائلات ذات الدخول البسيطة لكسر دائرة الفقر حتى تنمو الشركات المنتجة وتعيش المجتمعات في رخاء.
يذكر أن معظم المحللين كانوا متفقين على أن المرشّح الأبرز للعام الجاري هو الرئيس الفلندي السابق مارتي أهتيساري. فقد ساعد أهتيساري في وساطة السلام بين الحكومة الاندونيسية والمتمردين من حركة «غام» في محافظة أتشيه العام الماضي. وقد أشار بعض المعلقين إلى أن تلك هي عملية السلام الوحيدة التي نجحت في السنوات الأخيرة. في المقابل قال البعض إن الوقت قد حان لتنال سيّدة مسلمة من آسيا الجائزة. واعتبرت المنشقة الصينية ربيعة قدير الأكثر ملائمة لهذه المواصفات. فقد ناصرت بقوة حقوق المجموعة الاثنية المسلمة «يوغور» غرب الصين، كما أنها واحدة من أكبر المدافعين عن حقوق المرأة. في تخمين آخر، تحدّث البعض عن «مجموعة الأزمات الدولية» وهي منظمة غير حكومية تنشط ميدانيا وعلى المستوى الدبلوماسي من أجل حل النزاعات عبر العالم، باعتبارها مرشّحا محتملا أيضا للجائزة، إلى جانب رئيسها وزير الخارجية الأوسترالي السابق غاريت إيفنز. وكان يونس قال لرويترز في مقابلة بالمكتب الرئيسي في غرامين في عام 2004 «أشعر بالأسف.. وأحيانا اشهر بالفزع.. لأنني أرفض منح الشخص. لكنني أكبح نفسي. لا أعطيهم «أي شيء». وأضاف «أفضل حل المشكلة بدلا من مجرد منحهم مساعدة ورعايتهم لمدة يوم».
وقال أستاذ الاقتصاد الذي فاز بجائزة نوبل للسلام لعام 2006 بالاشتراك مع بنك غرامين الذي أسسه انه يحاول حل المشكلة منذ عام 1976 عندما أقرض ما يعادل 27 دولارا لنحو 42 امرأة في قرية قرب منزله في مدينة تشيتاجونج الساحلية بجنوب بنغلاديش.
ووقعت النسوة فريسة للمقرضين الذين يفرضون رسوما باهظة وكان الهدف الاولي ليونس مجرد اقناع مدير بنك محلي بالتقدم ومنحهن سلفا بشكل قانوني. لكن مدير البنك قال ان ذلك مستحيل دون تقديم ضمانات. وفعل اخرون الامر نفسه. وبدأ يونس رحلته ليثبت أنهم مخطئون ولم ينظر وراءه على الاطلاق.
ويوزع غرامين وهي كلمة تعني قرية باللغة البنغالية عشرات الملايين من الدولارات شهريا لنحو 6.6 مليون مقترض 96 في المائة من بينهم من النساء.
وقال يونس «أنا سعيد للغاية لأنني واصلت ولأنه نما وتحول الى مؤسسة واثبت جدارته بالفعل». واضاف «لقد فعلنا شيئا وضع علامة استفهام كبيرة أمام النظام المصرفي بالكامل. النظام البنكي لن يكون نفسه مرة أخرى».
وقال لالان جوليس الذي شارك في اعداد كتاب عن حياته بعنوان «المصرفي النابغة» في مقال عام 1996 ونشرته صحيفة اندبندنت البريطانية «بينما كان الناس يموتون جوعا بالشوارع.. كنت أدرس نظريات اقتصادية رائعة». وقال «بدأت أكره نفسي.. وعجرفة التظاهر بأن لدي اجابات».
وأضاف «كنا جميعا كأساتذة بالجامعة أذكياء للغاية، ولكننا لم نكن نعرف شيئا على الاطلاق بشأن الفقر المحيط بنا». ومضى يقول «قررت أن الفقراء أنفسهم سيكونون معلمي».
ويشعر يونس بالفخار لأن مشروعات التمويل الصغير انطلقت في أنحاء العالم. ويقول انه اذا منح الفقراء امكانية الوصول الى القروض مثل الاغنياء فسوف ينجحون.
وقال لرويترز«دع الأمر للناس». واضاف «يمكنهم الاعتناء بأنفسهم. لا يتعين عليك أن تسكب الدموع من أجلهم. انهم بارعون بشدة». ويسترد بنك غرامين نحو 99 في المائة من القروض التي يقدمها رغم أن المقترضين ليسوا ملزمين بتقديم ضمانات ويدفعون فائدة تبلغ 20 في المائة على القروض المدرة للدخل والتي تكون دائما لمدة عام واحد.
ويبدأ سداد المبلغ في الاسبوع الثاني من أخذ القرض الذي يعفي المقترض من جزء من المبلغ في نهاية العام. وتجرى جميع التعاملات خلال اجتماعات علنية أسبوعيا في بلد يتفشى فيه الفساد.
ويمنح غرامين قروضا معفاة من الفوائد للاشخاص الاشد فقرا. ويتساءل يونس «لماذا ينبغي أن يحرم الفقراء من الخدمات المالية.. لماذا تكون تكنولوجيا المعلومات امتيازا محصورا على الاغنياء.. لماذا لا يمكننا تصميم أشياء لصالح الفقراء».
ويمتلك مقترضون من بنك غرامين 96 في المائة من الاسهم العادية للبنك بينما تمتلك حكومة بنغلاديش النسبة الباقية. ويتحدى يونس المنتقدين الذين يقولون ان البنك الذي أسسه يقدم قروضا صغيرة للغاية، ومكلفة جدا ويصر على أنه لا يشن حربا على الاغنياء وانما يساعد الفقراء فحسب.
ويقول «لا يهمني اذا ازداد الاغنياء غنى. ذلك لا يضايقني. ينبغي أن يصبحوا أكثر غنى. انني قلق بشأن أن يزداد الفقراء فقرا وليس غنى».
ويضيف «اذا كان هناك عدد من الاشخاص على غرار بيل غيتس في البلاد.. فلا يهم ذلك. انتشال قاع المجتمع هو الاكثر أهمية».