قضية الساعة
إصلاح التعليم.. ومقاومة التغيير
بقلم : د. حسين رمزي كاظم
احتلت قضية اصلاح التعليم في مصر حيزا كبيرا من اهتمام الدولة خلال السنوات الماضية, سعيا للانطلاق نحو اعداد نوعية متميزة من التعليم تسهم في تكوين جيل جديد من الشباب مزود بالمعارف والمهارات التي تتناسب ومتطلبات هذا العصر, وباعتبار ان تطوير التعليم هو خيار استراتيجي لا بديل عنه في ظل طبيعة التحديات المحلية والدولية, وعصر الانفتاح الثقافي والتعليمي علي جميع دول العالم بفضل تكنولوجيا المعلومات والاتصالات.
ولقد كان لتلك التحديات تأثير واضح علي جميع السياسات, خاصة سياسة التعليم الأمر الذي تطلب مواجهة تلك التحديات ووضع استراتيجية شاملة لتطوير التعليم في مصر, حيث أكد الرئيس محمد حسني مبارك أن التعليم هو المشروع القومي الكبير الذي يعد ركيزة أساسية للأمن القومي, وتحقيق السلام الاجتماعي لجميع فئات الشعب.
إن أهداف الاستراتيجية تتمثل ـ بصفة عامة ـ في تحديد الأهداف طويلة الأجل المطلوب تحقيقها لأي نشاط من الأنشطة, ووفق الأولويات والأهمية النسبية لكل هدف, ومن ثم فإن من أهم أهداف استراتيجيات المنظمات الحكومية الخدمية هو تقديم الخدمة المتميزة للمواطنين والعمل علي رضاء المتعاملين والمستفيدين منها, وحصول المواطن علي الخدمة بكل سهولة ويسر.
وفي هذا الصدد فإن هناك مبدأين مهمين مرتبطين بإعداد الاستراتيجية, أولهما هي نقاط القوة اللازمة لانجاح تلك الاستراتيجية, والتي تتمثل في القوي الدافعة لها, الدعم والتأييد السياسي والشعبي لها, والرغبة القوية من المجتمع في تحقيق الأهداف المحددة له, وثانيهما التحديات والمصاعب وضغوط المجتمع التي قد تهدد وتعوق تحقيق تلك الأهداف, ومدي تبني الإدارة لمجموعة من الإجراءات التي تجعلها قادرة علي مواجهتها والتعامل معها.
ولقد واجهت أجهزة التعليم في مصر تلك التحديات بكل قوة وصلابة, ونجحت الدولة في وضع استراتيجية طموح لتطوير التعليم, كما وكيفا لتحقيق هذا الهدف القومي, حيث تحقق خلال السنوات الماضية العديد من الإنجازات في مجال إصلاح وتطوير العملية التعليمية, بفضل رعاية كاملة وجهد مشكور من السيدة الفاضلة سوزان مبارك, وكان من أهم تلك الإنجازات.. تحسين الأوضاع المادية والوظيفية للمعلمين, تطوير مستمر للمناهج, تطوير الكتاب المدرسي, توسع كمي للأبنية التعليمية, توسع في برامج محو الأمية, تدريب للمعلمين ومديري المدارس في الداخل والخارج, إدخال التكنولوجيا الحديثة في التعليم, تحمل موازنة الدولة أعباء مالية للإنفاق علي العملية التعليمية بلغت22.4 مليار جنيه سنويا, وغيرها من المجالات والجهود لدعم البنية الأساسية ورفع مستوي كفاءة العملية التعليمية.
وعلي الرغم من أن جميع عناصر ومحاور ومراحل عملية التطوير كانت محل دراسة متعمقة ومتأنية من الأجهزة المعنية بتطوير التعليم في مصر, في إطار علمي منهجي وبالمشاركة الشعبية والحوار الهادف من جميع الفئات, باعتبار أن التعليم مسئولية مجتمعية.. إلا أن الأمر يتطلب أن يثق كل مواطن بأن عملية التطوير, وبناء استراتيجية مستقبلية للتعليم, إنما هي عملية مستمرة تهدف المصلحة العامة للوطن والمواطن, وأنه ينبغي علي كل فرد أن يقوم بجهد كبير لكي يسهم في تحقيق الأهداف المرجوة من التطوير, والتي لن تتحقق إلا بجهود كل مواطن, وكل أسرة وبجهود المجتمع ككل.
ونجد لزاما التنويه إلي أن ثمار الإصلاح لتطوير سياسة التعليم في مصر سواء التعليم قبل الجامعي أو العالي والجامعي, لن تظهر نتائجها في يوم وليلة, ولكنها سوف تستغرق أعواما,, وعلينا أن نساند هذا التطوير المستمر من خلال المشاركة بالرأي والرأي الآخر الذي يعتمد علي تقديم آراء وأفكار جديدة, وليس بالرفض لكل ما هو فكر جديد أو لمجرد مقاومة للتغيبير.
الأهرام – الثلاثاء – 25 فبراير - 2003م - العدد 126