رغم أنني تابعت قضية التفريق بين الدكتور نصر حامد أبوزيد وزوجته الدكتورة ابتهال يونس منذ بدايتها وكتبت عنها أكثر من مرة في نفس المكان بل ونشرتها بالتفصيل في كتابي "الملحدون الجدد" الصادر عام 2001 إلا أنني رفضت اكتب كلمة واحدة ضده عقب وفاته بل دعوت المولي عز وجل أن يكون قد أعلن توبته إلي الله عن أفكاره الغريبة التي أتاها في العديد من مؤلفاته.. وما دفعني للكتابة هذه المرة رغم مرور أكثر من أسبوعين علي الوفاة تلك الزفة البلدي التي أعقبت الوفاة.. ففجأة وبدون مقدمات وبقدرة قادر تحول نصر أبوزيد إلي شهيد الأمة الإسلامية ومفكر إسلامي لم يسبق له مثيل ومناضل وطني وفيلسوف عصره وحكيم زمانه وأوانه.. العديد من الصحف أفردت صفحات كاملة للإشادة به والحديث عن انجازاته الكثيرة في حياته وكأنه وراء بناء السد العالي مثلا وزعمت تلك الصحف أن سيادته تعرض للظلم الشديد من خفافيش الظلام حسب تعبير بعض الأقلام الأمر الذي جعله يهاجر إلي هولندا ويقضي فيها فترة طويلة.

وأقول لهؤلاء: إن قضية التفريق بين الدكتور نصر حامد أبوزيد وزوجته الدكتورة ابتهال يونس بدأت في 9 مارس عام 1993 عندما رفض مجلس جامعة القاهرة برئاسة الدكتور مأمون سلامة ترقية أبوزيد لدرجة أستاذ لضعف انتاجه العلمي وهذا شيء طبيعي يحدث كثيرا في معظم الجامعات المصرية ولكن الشيء غير الطبيعي أن تنتقل المعركة من داخل أسوار الجامعة إلي وسائل الإعلام وتحدث ضجة إعلامية كبري وحملة إعلامية شرسة ضد الدكتور عبدالصبور شاهين رئيس اللجنة العلمية التي رفضت ترقية أبوزيد.. وانتهز التيار العلماني الفرصة للهجوم علي كل ما هو إسلامي.. استخدموا نفس السلاح الذي يدعون مقاومته وهو الإرهاب الفكري.

إذا كان التيار العلماني وراء نقل قضية أبوزيد من الجامعة إلي وسائل الإعلام فهو كذلك مسئول عن نقل المعركة إلي ساحات المحاكم.. فعندما أثارت الصحف القضية اهتم بها الرأي العام فما كان من أحد المحامين المعروفين وهو المستشار محمد صميدة عبدالصمد.. رحمه الله إلا إقامة دعوي التفريق بعد أن اطلع علي مؤلفات أبوزيد وهالة ما فيها من كفر وارتداد عن الإسلام خاصة أن ذلك الكفر يدرس لطلاب قسم اللغة العربية بكلية الآداب حسبما جاء في عريضة دعواه.. بالطبع أحالت المحكمة مؤلفات أبوزيد إلي مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف الذي أعد ثلاثة تقارير عنها طالب فيها بحجبها عن القراء حفاظا علي عقيدتهم وصونا لدينهم وتجنبا لهم من قراءة التطاول علي الصحابة وأئمة المسلمين وكذلك حجبها عن الطلاب الذين يدرسونها وإبعاد مؤلفها عن تلقين سمومه للطلاب بالجامعات والمعاهد العلمية.

ووصف مجمع البحوث الإسلامية مؤلفات نصر أبوزيد وهي "نقد الخطاب الديني" و"مفهوم النص" والإمام الشافعي وتأسيس الايديولوجية الوسطية بأنها من أشد الكتب عداوة للإسلام وأكثر ضراوة علي القرآن.. أما محكمة استئناف الأحوال الشخصية التي قضت بالتفريق بين أبوزيد وزوجته فأكدت في أسباب حكمها أنه كذب كتاب الله تعالي بإنكاره لبعض المخلوقات التي وردت بالآيات القرآنية ذات الدلالة القاطعة في إثبات خلق الله تعالي لها وجودها كالعرش والملائكة والجن والشياطين.. ورد الايات الكثيرة الواردة في شأنها وسخر من بعض الآيات القرآنية الكريمة كما كذب الآيات الكريمة. فيما تدل عليه بشأن الجنة والنار ومشاهد القيامة ويرميها بالاسطورية.. وذكرت المحكمة كذلك أن أبوزيد كذب الآيات القرآنية التي تنص علي أن القرآن الكريم كلام الله وأشارت إلي أن هذه الأقوال بإجماع علماء المسلمين وأئمتهم إذا أتاها المسلم وهو عالم بها يكون مرتدا عن دين الله فإذا كان داعية لها فإن بعض العلماء يسميه زنديقا فيكون أشد سوءا من المرتد.

يا سادة: ما فعله نصر أبوزيد وأمثاله لا يجب السكوت عليه.. نعم لا يجب السكوت علي من يهاجمون الإسلام ويتطاولون علي الذات الإلهية ويعتدون علي الأنبياء والرسل ويسخرون من المقدسات الإسلامية بعد انتشار هذه التطاولات والاعتداءات في الفترة الأخيرة بصورة كبيرة ومرعبة بل وتحولت إلي ظاهرة خطيرة تحتاج إلي الدراسة والتحليل لمواجهتها والتصدي لها حفاظا علي ديننا الإسلامي وعقيدتنا الإسلامية خاصة بعد أن أتخذ دعاة التنوير من حرية الرأي والتعبير ذريعة لهذه الاعتداءات.

اذكر أن المستشار محمد صميدة عبدالصمد الذي أقام دعوي التفريق بين أبوزيد وزوجته قال لي بعد الحكم بالتفريق أنه لا يهمه التفريق الجسدي. لكن ما يهمه هو إثبات كفر وردة أبوزيد حتي يتم ابعاده عن التدريس لطلاب الجامعة لأن مؤلفاته تحوي كفرا وإلحادا.. رحم الله المستشار محمد صميدة عبدالصمد.

بقلم: جمال عبد الرحيم