"كشف ممثل السعودية لدى السوق الخليجية المشتركة عبد الرحمن الدباسي أن 13 ألفا و 564 سعوديا وسعودية يعملون في القطاع الحكومي والخاص في دول مجلس التعاون متوقعا ارتفاع الطلب على العمالة السعودية في المنطقة! وأضاف الدباسي في تصريح صحافي نقلته صحيفة "الوطن" الكويتية في عددها الثلاثاء الماضي أن العمال السعوديين يحصلون على أفضلية في الوظائف في دول الخليج مشيرا إلى أن هناك فرصا وظيفية عديدة وجار التنسيق بين مسؤولي العمل في دول المجلس لتبادل قوائم الانتظار، واقترح فتح مكاتب توظيف أهلية بالتنسيق مع مكاتب العمل في مختلف المناطق للتعرف على الفرص الوظيفية المتاحة".
يبدو لي من التصريح السابق أن زمن تصدير العمالة السعودية الماهرة للخارج قد بدأ فعلاً في وقت يوجد فيه على أرض السعودية أكثر من سبعة ملايين عامل أجنبي في تناقض غريب وعجيب لا أجد تفسيرا منطقيا له، ومع هذا الخبر لن أستغرب الأخبار المتواترة التي تصل إلينا حول تقدم مئات السعوديات للعمل في الكويت وقطر في وظائف تعليمية في وقت توظف فيه المدارس الأهلية زوجات المقيمين كمعلمات.
وزارة العمل التي أمضت عقودا من الزمن منشغلة بمنح التأشيرات للعمالة الأجنبية لا تستطيع اليوم أن توجد أو تنسق الفرص الوظيفية لأبنائنا وبناتنا داخل السعودية وهو ما جعلهم يبحثون عن فرص وظيفية في الخارج وربما تفتتح الوزارة مكاتب خاصة لتصدير العمالة السعودية في المستقبل مع جمودها في التعاطي مع هذا الملف على الأقل من وجهة نظري الشخصية.
تذكر الإحصاءات أن لم تخني الذاكرة أن نسبة البطالة بين الإناث تصل إلى 25 في المائة معظمهن مؤهلات للعمل في وظائف تعليمية لكن الوزارة لم تبادر لفتح مجالات عمل جديدة لهن و لم تقم حتى اليوم بأي جهد يذكر في سعودة أو توطين الوظائف التعليمية في القطاع الخاص وتحديد حد أدني لأجور السعوديين والسعوديات في هذا القطاع. ولا أعرف هل تمتلك الوزارة إحصاءات للموظفات السعوديات في هذا القطاع أم لا ؟ ولا أعرف هل تمتلك إحصاءات عن عدد غير السعوديات العاملات في هذا القطاع أم لا ؟ ولا أعرف هل نسقت مع مؤسسة التأمينات الاجتماعية لضم السعوديات العاملات حاليا لنظام التأمينات الاجتماعية أم لا ؟ ولا أعرف هل أجبرت المدارس الأهلية على ضم العاملات غير السعوديات لفرع الأخطار المهنية أم لا ؟ ولا أعلم هل تخطط الوزارة لفتح مجالات للعمل النسوي في غير قطاع التعليم والصحة أم لا ؟ ولا أعلم هل ما زالت الوزارة مصرة على أن ألف ريال أو 1500 راتب عادل للسعودي والسعودية في قطاع التعليم الأهلي أم لا؟
السعودة أو التوطين تحتاج إلى عمل دؤوب على الأرض وفرق عمل لا تمنيات أو قرارات مستعجلة غير مدروسة ولا سيما في ظل احتجاجات القطاع الخاص الذي لا يلام في بعض الأحيان، فهناك فرق بين أن أسعى لسعودة وظيفة عامل بناء أو حلاق وبين وظيفة معلم أو معلمة وهناك فرق بين سعودة عامل نظافة وسعودة وظيفة ممرض أو ممرضة، ولقد سبق أن تطرقت لمثل هذا من قبل، وقلت إن السعودة ينبغي أن تتم على مراحل وشددت على سعودة الوظائف التي يرغب فيها السعوديون أولاً مثل الوظائف التعليمية والصحية والمكتبية والفنية المتوسطة ومن ثم أسعود أو أوطن ما دونها من الوظائف.
أن ننشغل نحن ككتاب أو مسؤولي الوزارة بالتنظير والافتراضات شيء وأن نعايش الواقع شيء آخر، فالواقع يقول إن مهن السباكة والحلاقة والبناء لن تتم سعودتها حتى لو نجحنا في توظيف عدد قليل من السعوديين فيها، لكننا سننجح في سعودة وظائف يقبلها السعوديون والسعوديات في هذه المرحلة كما ذكرت سابقا، ولعلي أتساءل: لماذا نجحت سعودة كبائن الاتصالات ولم تنجح سعودة مهن السمكرة والسباكة والدهان التي تخرج المراكز المهنية المئات من المؤهلين فيها منذ عقود؟
هناك فرق أراه بين أن نخنق القطاع الخاص بالتضييق عليه في موضوع الاستقدام وبين جهود السعودة والتوطين المثمرة، فلو كنت مسؤولا لشجعت القطاع الخاص على افتتاح المزيد من المشاريع عن طريق دعمه بالعمالة السعودية المؤهلة إن كانت متوافرة وبالتأشيرات إن لم تكن متوافرة، ولبادرت فورا ببرنامج وطني للتوطين يأخذ في الحسبان نوع الوظيفة المراد توطينها وحددت راتبا أدنى لها.