لا تتعجب هذه ليست وصفة من برنامج لكي يا سيدتي، ولا هي تفريغ لإحدى حلقات الشيف سرحان، إنما هو مقال عن المعذبين في الأرض .. انك تقابلهم كل يوم ولا تلقي لهم بالا، انك تمر عليهم ولا تقف حتى لتسأل ولتتعجب هل هم أحياء أم أشباه أحياء أم هم أموات ولكنها قدرة الله على جعلهم يبدون كالأحياء؟، ولا تتسائل حتى كيف يقضون أيامهم؟، ولعلك لست مخطئاً في هذا الأمر إما لأنك واحد منهم أو لأنك تحلم بأن تكون واحد منهم أو لأنك قررت فجأة التوقف عن التفكير أساسا .. هل انت متشوق الآن لتعرف من هم؟، لا تكون عجولا - من العجلة وليس من العجل - حتى لا يفهمني البعض خطأً وأجد نفسي متهم بإزدراء الأديان وأقف بين القضبان مناديا باسم العدالة يحيا العدل يحيا العدل.
اني اتحدث عن انسان يحمل في بطاقته كلمة "النوع ذكر" .. ولد صغيرا ليرى أباه من هؤلاء المعذبون، وأدرك بفطرته السوية أن كونه سيصبح من هؤلاء أمرا حتميا، لا مجال لأن يقي نفسه شر هذا اليوم، ولا مفر من الوقوع في نفس الحفرة .. ويا لها من حفرة ليس لها من قرار، حينما ترى انسانا واجما وان ضحك، فقيرا ولو كان معه مال قارون، حزينا وان رقص، غبيا ولو كان عالما .. فأعلم انك أمام أحد هؤلاء المعذبون بشحمه ولحمه، ولكن ما الذي أوصل هذا الانسان الى هذه المرحلة وهل كان هذا باختياره ام انه ألقي فيها دونما إرادة؟.
أكاد أجزم وأقسم انه لا أحد يستطيع ان يجيبك اجابة صادقة ودقيقة عن هذا السؤال انه صلب الفلسفة، وقلب نظرية النسبية النابض، لا أحد يستطيع ان يؤكد بما لا يدع مجالا للشك الكتكوت جاء أولا أم الفرخة، كذلك ليس هناك رجلا محتفظا بكمال عقله يستطيع ان يجيبك هل اختار هذا العذاب .. أم أنه دفع إليه دفعا؟
انها الحيرة الأبدية يا صديقي والتي عمرها من عمر البشرية .. فهل اختار آدم وجود حواء في حياته أم أنها عطية من الله أراد ان يختبر بها صبر آدم؟ .. ولم لا والمؤمن مصاب، أي ان المصيبة قد تكون علامة من علامات الإيمان .. ولا يشترط ان تكون حواء هدية أعطاها الله آدم مكافئة له على طاعته .. فكان يكفيه الجنة وما فيها وكان يكفيه قربه من عرش الرحمن .. ولكن وبحسب خيالي - المريض - لقد قدر الله أنه يجب ان تدخل الإثارة حياة أدم فخلق له حواء لكي تكون اختبار لصبر آدم على الابتلاء، وقدرته على التعامل معه وكيف سيتعامل مع هذا الاختبار الصعب.
وقد أثبتت الأيام ان هذا الأختبار كان أصعب من ان يصمد أمامه أدم بكل إيمانه .. فوقع في الخطيئة والتي كانت سببا في خروجه من الجنة .. أٌقصد حواء طبعا وليست الخطيئة.
ولم يتعظ ابناء آدم من بعده فرزق الله آدم البنين والبنات فقتل قابيل هابيل لماذا؟ آليس من أجل البنات أيضا .. فلا تختبر صبري الآن وتقول لي ان ادم وذريته الذكورية هي السبب. ودعني أذكرك بما انت تعرفه يقينا .. لولا وجود حواء لكنا الآن في الجنة .. ولولا وجود بنات حواء ما تعلمنا القتل قط.
هل يستطيع احد منكم ان ينكر هذا؟ .. وإن انكر هل يستطيع ان يأتي لنا بأفضل من هذا ولو كان أعلم أهل الأرض؟.
أظنكم علمتم الآن بلا شك من هم المعذبون .. انهم الرجال المتزوجون .. تأمل معي حالهم رجل يجتهد نهارا ليأتي بالرزق الذي تأخذه منه زوجته ليلا لتنفقه على أشياء كثيرة من بينها طعامه وشرابه .. ليس هذا فحسب فإذا عانى نهارا من السخرة ومن تسلط رئيسه في العمل ومن الاستبداد والاستغلال والمكائد ومن غباء مرؤوسيه .. عاد ليواجه هذا كله مجتمعا في شخص امرأة جاءت لتهنيه ساعة وتهينة ثلاثة وعشرين .. ولا أعني هنا الإهانة اللفظية فهي أقلها ولكنها إهانة نفسية وإهانة معنوية وفرض سلطة وحصار ومراقبة وفرض التزامات وواجبات واعطاء تعليمات وتوجيهات ... إلخ.
لا أنكر ان هناك منهن العاقلات المتفتحات العالمات بأسرار السعادة وكوامنها ويسيرون إليها حاملين أعبائها مقدرين مشقتها، لهم أولويات مختلفة بعيدة كل البعد عن السيطرة والهيمنة على عقل الرجل وقلبه .. انما هدفهم خلق حياة حقيقية قائمة على التضحية والنظر فقط للواجبات دون انتظار النتائج والبحث عن الأفعال وعدم الوقوف عند ردود الأفعال .. نعم هناك منهن من تستحق ان تكون ملكة متوجة حتى وان واجهت الصعاب حين يلعب الزوج في حياتها مكان الزوجة الطبيعي فيفرض سيطرته عليها ويحاصرها ويهينها أحيانا .. ولكنها قد اختارت واحسنت .. فقد اختارت الآخرة أم انكن نسيتموها معشر النساء .. ألا تعلمن أنكن مطالبين بالاجتهاد ولكن ليس عليكن ادراك النجاح .. ان محاولة إدراك النجاح هو الدور الآلهي والذي تحاولن لعبه بشتى السبل .. ولكن كم منكن حملن الشعلة والراية لتكون ملكة في الحياة .. ومن يضمن لي ان اجد احداكن فأفرض على نفسي عناء الانتظار حتى أقابل أحدى هذه الملكات.
ستسألني صديقي سؤالا بديهيا .. ولم الانتظار ولم العناء ولم كل هذا .. فدرء المفسدة أفضل من جلب المنفعة .. فلا تتزوج!!.
أقول لك ببساطة لو استطعت .. ما كنت كتبت وما كتب غيري عن العذاب والهوان والضعف والمرارة والأسى الذي يعيشه الرجل .. من يسأل هذا السؤال ليس فليسوفا وليس مفكرا انما هو شخصا مجادلا يحاول ان يفرز حلا لمشكلة المشكلات .. والتي لم يجد لها أشد العقلاء عقلا حلا لها.
سيسأل سائلا - وكم اتمنى ان أقابل هذا السائل الذي لا يكف عن الأسئلة حتى أعرف هل تزوج من قبل أم لا - ما علاقة هذا المقال كله بقرص الأومليت؟
وأخيرا، هذا سؤالا منطقيا يعطيني الفرصة لكي أتكلم سريعا قبل ان تحدث الكبسة المعتادة .. سأقول لك ببساطة انه عندما تكون في أجازة عيد الأضحى المبارك - بالمناسبة كل عام وانتم بخير - وتستيقط ثاني ايامها مستبشرا، سعيدا، فرحا ثم يأتي من يسألك ببساطة هل تريد أن تأكل قرص أومليت .. حينها تستيقظ على حقيقة واحدة انه لم يكن كابوسا .. اني متزوج فعلا!!!.
بقلم: أحمد نبيل فرحات


لمتابعة المقال على الفيس بوك:
https://www.facebook.com/note.php?no...02817009790591