مواقف من حياة أبى حنيفة
· جاءته امرأة تبيع له ثوبامن الحرير وطلبت ثمنا له مائة.. وعندما فحص الثوب قال لها "هو خير من ذلك". فزادت مائة.. ثم زادت حتى طلبت أربعمائة، فقال لها: «هو خير من ذلك». فقالت: أتهزأ بي؟،فقال لها: «هاتي رجلا يقومه» فجاءت برجل فقومه بخمسمائة.. .
· وذهب إلى حلقة العلم يوما، وترك شريكه في المتجر، وأعلمه أن ثوبا معينا من الحرير به عيب خفي، وأن عليه أن يوضح العيب لمن يشتريه. أما الشريك فباع الثوب دون أن يوضح العيب!..

وظل أبو حنيفةيبحث عن المشتري ليدله على العيب، ويرد إليه بعض الثمن، ولكنه لم يجده، فتصدق بثمن الثوب كله، وانفصل عن شريكه..
· كان له جار يسكر في الليل ويرفع عقيرته بالغناء:

ليوم كريهة وسداد ثغرأضاعوني وأي فتى أضاعوا
وكان صوت الجار يفسد الليل على أبي حنيفة.. حتى إذا كانت ليلة سكت فيهاصوت الجار السكير، فلما أصبح الصباح سأله عنه فعلم أنه في السجن متهما بالسكر؛ فركب أبو حنيفة الى الوالي فأطلق سراح السكير.

وعندما عادا معا سأله أبو حنيفة: يا فتى هل أضعناك؟ فقال له: بل حفظتني رعاك الله.وما زال به أبو حنيفةحتى أقلع عن الخمر، وأصبح من رواد حلقات العلم ثم تفقه وصار من فقهاء الكوفة.
· ولقد كان في حرصه على إرضاءأمه؛ يحملها على دابة، ويسير بها الأميال، لتصلي خلف أحد الفقهاء يرى هو نفسه أنأبا حنيفة أفضل منه، لأن الأم كانت تعتقد بفضل ذلك الفقيه!

وكانت الأم لاترضى بفتوى ابنها أحيانا، فتأمره أن يحملها إلى أحد الوعاظ، فيقودها إليه عن طيب خاطر.. ولقد قال لها الواعظ يوما: كيف أفتيك ومعك فقيه الكوفة؟
ومع ذلك فقد ظل أبو حنيفة حريصة على إرضائها، لا يرد لها طلبا، حتى إذا عذب في سبيل رأيه،طلبت منه أمه أن يتفرغ للتجارة وينصرف عن الفقه وقالت له: ما خير علم يصيبك بهذاالضياع؟. فقال لها: إنهم يريدونني على الدنيا وأنا أريد الآخرة وإنني أختارعذابهم على عذاب الله.




ولكم تحمل أبو حنيفة من عذاب!!!



«من يعذرني من أبي حنيف حيا وميتا؟»




و كان هناك عصبة معادية لأبي حنيفة في قصر الخليفة زينت للخليفة أن يقهر أباحنيفة على قبول ما يعرضه عليه من مناصب، فإذا أبى فقد امتنع عن أداء واجب شرعي فحق عليه العقاب، ووجب أن يشهر به في الأمة، لأنه يتخلى عن خدمتها . واقترحواعلى الخليفة أن يبدأ فيمتحن ولاءه، فيرسل إليه هدية. وكانوا يعرفون سلفا أنالإمام أبا حنيفة لن يقبل الهدية..! وأرسل له الخليفة مالا كثيرا وجارية.. فرد الهدية شاكرا.




ثم أرسل الخليفة المنصور إليه يلح عليه في ولاية القضاء فرفض... فاستدعاه الخليفة وسأله: أترغب عما نحن فيه؟ فأجابه : أصلح الله الأمير انى لا أصلح للقضاء. فقال له : كذبت! فأجابه الشيخ الإمام بهدوء: قد حكمت بأني لا أصلح للقضاء فقد نسبتني للكذب، فإن كنت كاذبا فلست أصلح للقضاء وإن كنت صادقا فقد أخبرت الخليفة بأني لا أصلح له من قبل.
وسأله الخليفة عن سبب رفض هداياه.. فقال له أبو حنيفة إنها من بيت مال المسلمين ولا حق في بيت المال إلا للمقاتلين أو الفقراء أو العاملين في الدولة بأجر وهو ليس واحدا من هؤلاء! فأمر الخليفة بحبسه.




وهاهو شيخ في السبعين أثقلته المعارك والدسائس والهموم، ومكابدة الفقه والعلم والتحرج.. هاهو ذا يضرب، ويظل يضرب بالسياط في قبو سجن مظلم، ورسل الخليفةيعرضون عليه هدايا الخليفة، ومنصب القضاء والإفتاء.. وهو يرفض.. فيعاد إلى السجن ليعذب من جديد.. ويكررون العرض، وهو يكرر الرفض داعيا الله "اللهم أبعد عني شرهم بقدرتك"




وظل في سجنه يعرضون عليه الجاه والمنصب والمال فيأبى.. ويعذب من جديد!
وتدهورت صحته، وأشرف على الهلاك، وخشي معذبوه أن يخرج فيروي للناس ما قاسى في السجن، فيثور الناس!. فقرروا أن يتخلصوا منه فدسوا له السم،وأخرجوه وهو يعاني سكرات الموت، وما عاد يستطيع أن يروي لأحد شيئابعد!!




وحين شعر بأنها النهاية أوصى بأن يدفن في أرض طيبة لم يغتصبهاالخليفة أو أحد رجاله...وهكذا مات فارس الرأي الذي عرف في السنوات الأخيرة من حياته باسم الإمام الأعظم.
وشيعه خمسون ألفا من أهل العراق واضطر الخليفة أن يصلي على الإمام الذي استقر إلى الأبد في ركن هادئ من الدنيا لم يشبه غضب، والخليفةيهمهم: "من يعذرني من أبي حنيفة حيا وميتا؟".

عليه و على أمثاله رضوان الله و رحمته و سلامه
قالوا عنه
يقول عنه الشافعي: "الناس عيال في الفقه على أبي حنيفة".

وقال عنه النضر بن شميل: كان الناس نيامًا في الفقه حتى أيقظهم أبو حنيفة.
وقال عنه ابن المبارك: ما رأيت في الفقه مثل أبي حنيفة.
وقال عنه يزيد بن هارون: ما رأيت أحدًا أحلم من أبي حنيفة