بدأت الاستثمارات الضخمة في قطـاع الضيافة والسفر الإقليمي، المقدرة بنحو 3.4 تريليون دولار، تصطدم بعقبة النمو القياسي السريع في المنطقة الذي ولّد عجزاً فادحاً في توافر الموارد البشرية المدرّبة، في ظل غياب شبه كلي لأكاديميات ومؤسسات تعليمية فندقية راقية، على غرار تلك الموجودة في دول غربية.
واعتبر خبراء في أحاديث مع «الحياة»، قضية الموارد البشرية «التحدّي الأكبر الذي يواجه نمو القطاع، وليس الإغراق أو تغلّب العرض على الطلب، في ظل العدد الهائل من الفنادق قيد الإنشاء حالياً، أو حتى الأسعار المرتفعة للإقامة في فنادق المنطقة التي فاقت نظيراتها الأميركية والأوروبية».
وأفادت دراسة تعرض نتائجها في «سوق السفر العa من الشهر الجاري، أن 90 في المئة من العاملين في القــطاــع الفـندقي الإقليمي يغيّرون أماكن عملهم في ظل الطلب القوي على الخبرات من جانب المجموعات والمنشآت الفندقية، ما يشير إلى أزمة حقيقة يجب التــنبه لتفادي تداعياتها السلبية.
ودعا الخبير الفندقي المدير الإقليمي لمجموعة «ستاروود» العالمية، أحمد عبد الباقي، حكومات المنطقة ومؤسساتها الكبرى، إلى «المسارعة في انشاء مؤسسات تعليمية فندقية راقية، على غرار تلك الموجودة في سويسرا ودول أخرى، لمواجهة الطلب المتنامي على الخبرات الفندقية». واعتبر ان «عجز الموارد البشرية هو التحدي الأكبر الذي يواجه القطاع في المنطقة»، وأكد أن الفنادق ستتضاعف عدداً خلال السنوات الثلاث المقبلة، وأن كل علامة فندقية جديدة تأتي إلى المنطقة وتريد النجاح والربح السريع، تلجأ إلى استقطاب خبرات جاهزة، إذ ليس لديها الوقت لتدريب متخرجين جدد.
وتدير «ستاروود»، التي تضــم سلسلة فنـــادق «شيراتون» و «مـــيريديان» و10 علامات فنـــدقية بارزة أخرى، أكثر من 52 فنـــدقـــاً في المنــطـــقة تضم 11500 غرفة، ويتـــوقع تضاعف عــددها إلى نحو 100 فـــندق وإلى 20 ألف غرفة فندقية خلال السنوات الثلاث المقبلة. ووقعت عقوداً في الإمارات والسعودية وقطر، التي تتصدر النمو في هذا القطاع.
وقلل عبد الباقي من «خطر حدوث إغراق بسبب العدد الهائل من الفنادق الجديدة»، وأشار إلى أن منطقة الشرق الأوسط باتت أكثر الوجهات السياحية تنوعاً واستقطاباً للسياح في العالم «بفضل قطاع الطيران وجرأته في وجهات سفر جديدة، تمثل رصيداً متواصلاً لقطاع الضيافة الإقليمي».
واضاف ان «إطلاق شركات طيران جديدة، فضلاً عن زيادة عدد الوجهات، فتح أبواباً سياحية جديدة». وأشار إلى «نمو متوقع في كل أنواع السياحة، من البحرية إلى البرّية والتاريخية، والمؤتمرات والمعارض».
وجهات سياحية جديدة
تستحوذ الإمارات على حصّة الأســد من الاستثمارات في القطاع، وتبني دبي حالياً أطول شارع فندقي في العالم، بطول 10 كيلومترات واستثمارات تقدر بنحو 60 بليون دولار، ويتوقع لها أن تضيف أكثر من 70 ألف غرفة فندقية. وتأتي السعودية بعد الإمارات في حجم الاستثمارات الفندقية وضخامة السوق السياحية، تليها قطر.
وأفاد المدير الإقليمي للتسويق في «ستاروود» إن إنشاء أسواق سياحية جديدة في المنطقة، مثل مسندم وصلالة في عُمان والفجيرة في الإمارات، يعزز نمو القطاع. وأضاف أن معدل الإشغال الحالي في الفنادق لا يشير إلى حصول أي حركة تصحيح قريبة، وهو «فاق أعلى معدلات النمو المسجلة عالمياً، المقدرة بين 60 و70 في المئة. وسجّلت المنطقة أكثر من 90 في المئة متوسط إشغال فندقي سنوي، وهو أعلى من معدل مدينة مثل نيويورك». وأشار إلى نمو الحجوزات الإلكترونية إلى 31 في المئة من حجوزات «ستاروود» الإجمالية.
وأفاد مدير مبيعات «كايترير غلوبال» (التي أجرت الدراسة) بيتر ويليس أن النمو في أسواق الهند والصين والشرق الأوسط، عزز طلباً كبيراً على المهارات والكوادر المؤهلة، حيث أبدى 61 في المئة من المستطلعين فيها رغبتهم في مواصلة العمل في منطقة الشرق الأوسط.
ويستضيف «سوق السفر العربي - الملتقى 2008»، الذي يمثل بورصة سنوية للسياحة الإقليمية، 15 ندوة وورشة عمل تقام للمرة الأولى لمناقشة تطورات القطاع وتوجهاته، منها سوق الموارد البشرية واستراتيجيات التوظيف ومبادرات السياحة العلاجية، ومستقبل وكلاء السفر ومنصّات حجز الرحلات الجوّية إلكترونياً وتقنيات التسويق عبر الإنترنت.