الأخلاق... ثم القانون

فوجئنا بهجوم من أفراد ومؤسسات ينشرون مطبوعاتنا على الإنترنت ويتيحونها لغير المشتركين دون وجه حق! كان معظم هؤلاء الأفراد من أصحاب المدونات، وقد فعلوا ذلك بنوايا حسنة؛ في حين عمدت بعض المؤسسات التي تدعي المعرفة وتتظاهر بخدمة المجتمع إلى نشر المحتوى الغني لبنك "شعاع" الإداري على مواقعها، مع سبق الإصرار والترصد! مما دفعنا لاستخدام القانون كسلاح رادع للدفاع عن حقنا.

نعرف أن قراءنا الرائعين يعرفون بأن لشركة "شعاع" ثقافة ورسالة وشخصية وبصمة بارزة على الإدارة العربية، وأن إبداعنا كان مخاضا لرؤية لا وليدا لصدفة، وأن تركيزنا على القيم وأخلاق العمل ليس قذفا للحجارة في آبار خاوية أو صراخا في وديان نائية، بل هو انعكاس لإيماننا بأن الثقة والقيم هي أساس تقدم المجتمعات وازدهار المؤسسات. ولذلك ندعو عملاءنا وقراءنا المخلصين والتواقين لدعم مشروعنا ونشر رسالتنا إلى الإبلاغ عن أي مخالفات لاستخدام أو نشر أو توزيع منتجاتنا دون علمنا، لأن في ذلك انتهاكا لحقوقنا وحقوقهم، واعتداء على ممتلكاتنا وممتلكاتهم.

نشرنا عام 1996 خلاصة كتاب (الثقة) لـ "فوكوياما"، وأبرزنا قوله: "عندما تزدهر القيم، يتصرف الأفراد انطلاقا من أخلاقيات تعتبر أساسا لبناء الثقة بينهم، وتجعل التضامن هدفا في ذاته، بغض النظر عن المصالح الذاتية. ويؤدي غياب الثقة والتضامن إلى فقدان فرص التقدم الاقتصادي، بسبب ما يطلق عليه علماء الاجتماع: العجز في "رأس المال الاجتماعي"، وهو أخطر من العجز في ميزان المدفوعات وأرصدة المؤسسات!"

الثقة تنبع من الأمانة والالتزام، وهي تظهر على مستوى الأسرة والأمة. ولأن الصراع سيبقى قائما بين المنفعة الخاصة والقانون العام، فلا بد من الأخلاق لبناء مجتمعات ومنظمات فعالة وقادرة على المنافسة على المدى الطويل. مجتمعات الثقة العالية لا تعتمد على القانون فقط لتنظيم علاقاتها، لأن الأخلاق تعطيها أسسا للتعامل والتبادل والتكامل بثقة، فتكون الأعمال فيها أقل تكلفة عنها في مجتمعات تفتقر للثقة، حيث تحتاج إلى المزيد من القوانين التي تؤدي كثرتها إلى الإلزام لا الالتزام، ومن ثم زيادة التكاليف وإعاقة العمل وغياب الأمل.

وتزداد قيمة الثقة مع تحول المنظمات إلى شبكات أعمال مرنة؛ فالمجتمعات التي تسودها الثقة والمسؤولية الاجتماعية – مثل اليابان - بدأت عصر شبكات الأعمال قبل الإنترنت وتقنيات الاتصال؛ بينما عجزت المجتمعات المفلسة أخلاقيا والعاجزة قيميا عن التطور المتكامل حتى بوجود التقنية والقانون! فقد تطورت ماديا ولم تتطور نفسيا، فزادت شروخ الثقة في شخصيتها، واتسع الرتق على الراتق، وبدأت أزماتها تتسع أيضا.

نتوقع من قرائنا أن يدافعوا عنا ويبلغونا بأي اعتداء يقع على حقوقنا، لتبقى الأخلاق مرجعنا وأساس تعاملنا، ونقيم ذلك التوازن العنيف والنظيف بين تقديرنا للآخر وبين شجاعتنا في الدفاع عن أنفسنا.


نسيم الصمادي

[مشاهدة الروابط متاحة فقط لأعضاء المنتدى .. ]